مواهب فنية
هذا الشيء هو طفلة صغيرة , نحيلة , ضئيلة الوزن . شاحبة خجولة بعض الشيء .
أوقفها علي المسرح في المكان الذي يقف فيه النجوم
لمواجهة الجمهور . ولكي يشد من أزرها ويثبت أقدامها , طبع علي خدها قبلة عجولة
وخجولة !
ثم تحول لليمين , حيث كانت الفرقة الموسيقية في وضع
الاستعداد , واتضح انه هو المايسترو . وتبين فيما بعد أنها ابنة ذاك المايسترو .
وقفت الطفلة الصغيرة , وفي مقابلها لجنة تحكيم فني . تضم
اناس من ألمع نجوم الغناء والتمثيل المشهورين ..
سألتها المطربة الفنانة – عضو لجنة التحكيم – "
نجوي كرم " : كيف حالك ؟
فردت عليها : مليحة ( يبدو أن أحداً ممن يقفون خلفها –
أمها وبعض أقاربها . قد لقنها تلك الكلمة اللبنانية غير المتداولة في مصر "
مليحة " .
عادت " نجوي كرم " لتسألها : من وين- من أين ؟
أجابت : من مصر
نجوي كرم : شو اسمك ؟
الطفلة : نووور ( نور )
نجوي كرم ( بمودة الأم , ولطف فنانة رقيقة ) : أهلا نور
نجوي كرم : شو جاية تقدمي ؟
الطفلة : أغني
نجوي كرم – باللهجة اللبنانية – عم تغني منيح ( هل تحسني
الغناء) ؟
الطفلة – لا
تتكلم , بل تهز رأسها بعلامة الايجاب ..
نجوي كرم : ( برقة ) يالله نشوف
( أشار المايسترو للموسيقي , عزفت لحنا جميلاً ظريفاً
ينطوي علي هزل ومرح خفيفين .. )
الطفلة نور ( راحت تغني كما فنانة قديرة . وبتمكن
الفنانات المتمرسات الكبيرات !!
الصوت واضح , بليغ , يصل للأذن بسرعة وسهولة . دون تكلف
أو عناء , والنطق سليم مفهوم ... وعندما بدأت في اندماج الممثلين لتعبر بذراعيها
ووجهها وعينيها عما تحمله كلمات الأغنية من المعاني .. شهق كل أعضاء لجنة التحكيم
, وانفغرت أفواههم , واتسعت حدقات أعينهم , مذهولين ومنبهرين في آن واحد , من
الاقتدار غير العادي . في الغناء وفي التمثيل أيضاً. لتلك الطفلة الخجولة النحيلة
, هزيلة الحجم .. !!
وفي نهاية الغناء ختمت باضافة من عندها – خارج النص !
– عبارة عن صيحة كوميدية , فجرت الجميع بالضحك ..
وكان هذا الضحك , الذي زاد علي اقتدارها في الغناء
والتمثل . قد جعل الفنانة المطربة " نجوي كرم " تصيح فيها وهي تكرر :
يخرب بيتك .. يخرب بيتك .. !
والطفلة نور , تضحك بسعادة .
تحدث النجم المصري المحبوب أحمد حلمي . فقال لها . انتي مدهشة .. تجمعين 3 قدرات فنية مختلفة معاً – كما لو كان راكبك
عفريت .
( ازدادت ضحكات الطفلة , وتعاظم سرورها )
خلفها بمسافة ليست بكبيرة . كانت تقف سيدة , من الواضح
انها الأم . كنت حريصاً من وقت لأخر , علي أن ألقي نظرة سريعة علي وجه الأم لأقرأ
ماذا يحمل .. فأري تعابير ومشاعر وأحاسيس .. استنتجت منها أن الأم بداخلها ممثلة .
وأن الطفلة الفنانة نور , قد أخذت عنها ملكة التمثيل ,, بينما أخذت الحس الغنائي
عن والدها – المايسترو عثمان - .
بعدما حصلت الفنانة الصغيرة " نور عثمان " علي
أكبر باقات الثناء والاعجاب بمواهبها . من أعضاء لجنة التحكيم الأربع .. وحكمهم
بانها مشروع نجمة كبيرة ..
هنا .. اكتمل الدور , وحان وقت مغادرتها للمسرح .. فالتفتت "
نور " خلفها للانصراف مغمورة بالسعادة .. واذا بأمرأة قمحية اللون ( حنطية )
, مستديرة الوجه , واسعة
العينين , قوية البنية فارعة ممتلئة الجسد . مصريتها تشع من وجهها . انها : أم نور
- ذراعاها تمتدان للابنة , فقفزت تلك
الفنانة الكبيرة . كأي طفلة من
نفس عمرها , لتلتقطها ذراعا أمها .
واذا بها – بعدما هزت المسرح – وأحدثت ضجيجاً هائلاً بعظيم فنها – نراها
أمامنا مجرد طفلة تعتلي صدر والدتها .. مثلها مثل أية طفلة صغيرة ... !!!! .
فيديو الطفلة الفنانة " نور عثمان " :
---- صلاح الدين محسن 25 ديسمبر 2015
------
تعليقات
إرسال تعليق