سر القاضي الذي صار أديباً
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
سر القاضي الذي صار أديباً
صلاح الدين محسن
10-12-2015
قصة قصيرة
حدثت بالفعل في سلطنة عسكران .
--------
حدثت بالفعل في سلطنة عسكران .
--------
( تليفون من القاضي شرف. لزميل له ) شرف : آلو . شريف بيك .. كيف الحال . هل سنراك الليلة في الاحتفال بعيد ميلاد زميلنا أشرف بك ؟
القاضي شريف : نعم . ذكرتني . لقد دعاني للحضور . توا صاحي من النوم . لكني لم أعرف أين سيكون اللقاء ؟ عنده في البيت ؟
القاضي شرف : لا بل في النادي . نشوفك هناك ..
القاضي شريف : نشوفك أكيد . نذهب مبكراً ولو ساعة . ليس بالضرورة الساعة 7 مساء بالضبط .
نتقابل الساعة 6 مساءً . معقول ؟
شريف : معقول . نراك هناك . سلام
شرف : سلام
....
في النادي ..
التقوا في السادسة مساء . حول مائدة بصالة الكافيتريا . خمسة من القضاة – شرف . شريف . مشرف . مشرفي . عشم الله
شريف ( يسأل ) : أشرف بيك لم يأت بعد !؟
شرف : الميعاد الساعة 7
مشرف – مخاطباً شريف : مرة تانية عندما تتكلم عن أشرف بيك . تقول الأديب الكبير
( الجميع يضحكون )
- عامل البوفيه يحضر , حاملاً المشروبات التي أوصوا بها عند دخولهم -
مشرفي ( يتساءل ) صحيح أهو أديب ؟
شرف – نعم .. ألا تعرف !؟ له رواية مرشحة لنيل جائزة هامة
مشرف : ماشاء الله ما شاء الله . ولكن كيف له ذلك !؟
شريف : بل قل من أين له ذلك !؟
شرف : - في شبه استنكار لما يقال – موهبة يا أخي . عنده موهبة الأدب ..
شريف ( يضحك ) : عمره ما كان له علاقة بالأدب . كان زميلي في الكلية . وقبلها كنا زملاء في الثانوية
مشرف : فكيف جاءته له تلك الحالة .. أتراه هو نابغة بني ذبيان !؟
شريف : لا نابغة بني ذبيان ولا بني عبس
شرف – هناك سر .؟ اذا تعرف السر قل لنا عليه
شريف : السر بسيط خالص : كان قد اشتغل في البداية بنيابة أمن الدولة - وكيل نيابة .
شرف : وما علاقة عمل نيابة أمن الدولة . بقاضي صار أديباً !؟
شريف : هو حكي لي . بس لا تقولوا له . حتي لا يزعل
مشرف : ايه السر ؟
شريف : في نيابة أمن الدولة كان له نشاط كبير لصالح عصر الحاكم الديكتاتور .
شرف : أنا عارف انه كوكيل بنيابة أمن الدولة العليا , أبلي بلاء حسناً لصالح نظام الحاكم الديكتاتور السابق . في تدبير وتخطيط عمليات تقجير الأحزاب المعارضة للنظام . من داخلها . باثارة الفتن بين قيادات تلك الأحزاب . بواسطة عملاء الأمن بداخلها . بما ينتهي باغلاقها واغلاق صحفها واحالتهم للتوهان بين ردهات المحاكم ..
شريف : وكان له نشاط كبيرلصالح النظام . ضد الحريات وحقوق الانسان . والنشطاء السياسين – لخدمة النظام
مشرف : وكان يطالب القاضي دائما – كوكيل نيابة بأمن الدولة . وبطريقة ناعمة وغير مباشرة – بتوقيع أقصي عقوبة . علي متهمي ممارسة المعارضة السياسية وأصحاب الفكر والرأي من الأدباء والشعراء .
شريف ( وهو يضحك ) ثم صار أديباً ..! , علي فكرة , له كتاب عنوانه " سرقات مشروعة " .. ( يضحك .. ) هل يوجد شيء اسمه سرقات مشروعة ..ّ!؟ حتي لو توجد , فكتاب كهذا لا يؤلفه رجل قانون . وانما لص متقاعد , ويقدم خدمة ودليل لشباب اللصوص ..
( يضحكون ... ) .
مشرف : وأعرف كاتباً . استأنف أشرف بك . ضد حكم المحكمة عليه ب 6 شهور مع الايقاف عام 2000 . وخرج أشرف بك من الجلسة ليقول للاعلام " سأستأنف ضد الحكم " وطلب اعادة محاكمته . وواصل ضده حتي حكم علي الكاتب ب 3 سنوات سجن ! هل يمكن أن نسأله عن مسرحية - مخطوط - لهذا الكاتب عنوانها " أؤمر يا قمر " .. استولي عليها جهاز الأمن . وضمن ما جرفوه من منزل ذاك الكاتب . وسلموها لأشرف بيك .. أين هي المسرحية , وكيف تم التصرف فيها بعد الاستيلاء عليها . وكانت النسخة الوحيدة لدي الكاتب !!؟
مشرف ( ضاحكاً ) ثم صار حضرته : القاضي الأديب !
شريف : هذا الكاتب واحد .. من كثيرين
شرف : أعرف قصة ذاك الكاتب . ومن افتراء أخينا أشرف بيك. مع الأسف . أن ذاك الكاتب . عندما خرج من السجن . كانت له أمانات . سلمتها المباحث لأشرف بيك . كوكيل للنيابة . وقام بأطللاع الكاتب علي الحرز الذي به الأمانة المالية وقال له . هذه أمانتك المالية . وبعد خروجك من السجن . سوف تجدها محفوظة باسمك في المحكمة وتصرفها . وعندما خرج الكاتب بعد 3 سنوات من السجن . كان في حاجة ماسه لنقوده . بحث عنها بالمحكمة فلم يجدها , ذهب من يسأل أشرف بك عن أمانات الكاتب .. أنكر علمه بالأمانات . واحالهم لضابط مباحث أمن الدولة . الذي أرسله له ورقة تؤكد تسليم النقود الأمانة لأشرف بيك . في حرز بتاريخ محدد . هنا زاغ أشرف بيك . وقال : ايه يعني 3 أو 4 آلاف جنيه !؟
( الجميع يضحكون )
مشرف : وهل هذا رد قانوني , يرد به وكيل نيابة عند طلب تسليم أمانات طرفه !؟
شرف ( يواصل ) : طلب الكاتب من المحامي التدخل لصرف نقوده . حاول المحامي ولم يفلح .
فقال المحامي للكاتب : هذا المبلغ استعوضه عند الله لأنه عند ناس لا نقدر علي الوقوف أمامهم - نيابة أمن الدولة -
شريف : هذه حالة عرفناها . أكيد هناك حالات أخري
شرف ( مخاطباً شريف ) ولكنك لم تقل لنا كيف صار أديباً . هذا هو الموضوع
شريف : أقول لك .. مباحث أمن الدولة عندما يهجمون علي مسكن أديب . لمصادرة كتاب مبلغ عنه . لا يبحثون عن الكتاب المبلغ عنه فقط . بل ينزحون كل ما في بيته من كتب وأية أوراق ولو مستندات خاصة به .. وبعد ذلك يسلمون كل شيء لوكيل نيابة أمن الدولة .
مشرف : وماذا بعد ؟
شريف - كثيرا ما يكون ضمن أوراق الأديب . مخطوط لرواية أو روايات لم تنشر بعد ..
شرف ( يضحك ) فهمت .. ممكن لوكيل النيابة . أن يأخذ الرواية وينشرها باسمه . ويعمل نفسه أديب ( يضحك ) هكذا وضحت
مشرفي - ولكن هناك طرقا أخري . شراء روايات من الأدباء الخونة - عملاء جهاز أمن الدولة
شرف : كيف يشتري وكيل النيابة رواية من أديب ؟! يدفع له ثمنها من جيبه . تقصد ؟
شريف : لا .. لا يدفع من جيبه . بل علي حساب الدولة
شرف : كيف يشتري وكيل نيابة رواية من أديب عميل للأمن . والدولة تدفع الثمن !؟
مشرفي : اتفاق اذعاني صامت بين الطرفين - وكيل النيابة والأديب - صاحب الرواية - .. وبأن يأمر بطباعة رواية أخري لنفس الأديب . لدي احدي الجهات الحكومية . متخطياً الدور . . وبمكافأة عالية مجزية . تعويضاً عن الرواية التي لطشها سعادة وكيل نيابة أمن الدولة .
شريف : أو يأمر مخرج مسلسلات ولو تافهة . بان يكلف الأديب الخائن بكتابة سيناريو مسلسل وبمكافأة مجزية جداً . أو يخرج له قصة .. كلها علي حساب الدولة . ولكن وكيل تيابة الأمن . لا يدفع من جيبه ثمن الرواية التي لهفها لنفسه
مشرف : هل الأديب يكون عارفاً ان سعادة وكيل النيابة سيستولي علي الرواية !؟
شريف : لا طبعاً . في البداية . باعتبار الأديب عميلاً للأمن . عشمان في مساعدة . فيقول لوكيل النيابة " يا باشا . عندي رواية أريد أنشرها تبع الدولة . لكن أخشي أن تمضي في الأدراج لمدة عشر سنوات . انتظاراً للدور . وأتعشم مساعدتي في نشرها بسرعة .ومنحي مكافأة جيدة علها تساعدني " . هنا تظهر شهامة وكيل النيابة . وبرحب بتقديم الخدمة للأديب عميل الأمن . ويطلب منه احضارالرواية .. ثم يمضي الوقت شهراً وراء شهر . والأديب يسأل عن روايته . ووكيل النيابة يقول له سأبحث عنها . وبعدما يتأكد انها النسخة الوحيدة لدي المؤلف . ويكون قد عرضها علي ناقد أدبي عميل للأمن وأخذ رأيه في الرواية وتأكد من انها رواية تستحق أن يغتنمها لنفسه . ويلمح للأديب المغدور به . بانه لا يزال يبحث عن الرواية عنده .. فان لم يجدها فسوف يعوضه عنها خيرعوض .. بأن يوظفه باحدي الوزارات . ان كان بحاجة لوظيفة .. أو ينشر له رواية أخري بسرعة وبعائد ضخم .
شرف : أو يعينه اعلامياً يقدم برنامج باحدي الفضائيات , فيحصل عل أجر بالآلاف المؤلفة , وربما بالملايين .
مشرف : وأحياناً .. جهاز الأمن يمنح الأدباء والنقاد الخونة عملاء الأمن , جوائز الدولة التقديرية أو التشجيعية . دون من هم أحق وأولي منهم بالجوائز . مكافأة لهم عن عمالتهم . أو تعويضاً عن رواية سرقها وكيل نيابة أمن الدولة لنفسه - أو لقريب له - . ليضع اسمه عليها ويصير أديباً .
شريف : نعم نعم .. وأحيانا يوعز الأمن للسلطات الثقافية بعمل مسابقات , خصيصاً ليفوز فيها أحد أو بعض الأدباء أو الشعراء عملاء الأمن . كمكافأة عن عمالتهم , أو كتعويض لهم عن شيء من ذاك النوع , يعني رواية سرقها وكيل نيابة لنفسه أو لأحد أقاربه .
شرف : أوليس العيب هنا في الأدباء الذين يقبلون أن يكونوا عملاء لجهاز الأمن ؟
شريف : بعضهم خونة . وبعضهم بدفعهم الأمن ارغاماً علي هذا العمل . وغالبية المرغمين . هم من فقراء الأدباء . ويصل الأمر لحد تهديدهم عن طريق ضباط مباحث أمن الدولة . ان لم يتعاونوا معهم . فيخافوا وينصاعوا , لعلمهم بقدرة جهاز الأمن علي تدمير مستقبلهم الأدبي . تدميراً تاماً . ولكن هؤلاء في الأصل ليسوا خونة بالطبيعة كغيرهم . ( ثم يضيف وهو يضحك قائلاً ) : مجبر أخوك لا عميل ..
شرف : ( موجها حديثه لمشرف ) أتذكر يا مشرف بك . انك قد عملت من قبل بنيابة أمن الدولة ..
مشرف : نعم . زمان في بداية عملي في سلك النيابة .
شرف : لماذا لم تصبح أنت أيضا : القاضي الأديب . كأخينا أشرف بيك ؟
مشرف : ( بابتسامة ممتعضة ) لا يارجل . أعوذ بالله . ( بصوت هامس . ولكنه مسموع ) : هذه اسمها سرقة واحتيال ونصب . وتبديد , وعبث بأموال دولة, واستغلال نفوذ , وافساد للحياة الثقافية - والسياسية - للوطن - مع احترامي لزميلي وحبيبي " أشرف بيك " فهو زميل عزيز - .
شريف : معلوم يا مشرف بيك . انت لا تفعل تلك الأشياء . انها سرقة .
مشرف : زمان كان عندنا بالأرياف من يسرق ذكر بط . كان يتفضح ويتجرس . ويزفوه حول البلدة راكباً حماراً بالمقلوب .
( الجميع يضحكون )
شريف : كل ذلك لأجل سرقة ذكر بط .. !؟ .. أنا لم أعش بالريف ..
مشرف : نعم هكذا كانت عقوبة سارق ذكر البط . فما فوق .. . بالريف ذكر البط , هو جزء من ثروة وممتلكات البسطاء الفقراء. ومطمع للصوص من أبناء تلك الطبقة
شريف : ان سرقة عرق سواعد الناس . أسهل وأهون شأناً من سرقة عصارة عقولهم .. ان الرواية والشعر والفكر .. أشياء هي عرق وعصارة عقول .. أغلي بكثير من عرق السواعد والأبدان
مشرف : أنا ملاحظ ان زميلنا عشم الله بك . لم يشارك في الحديث البتة .
شريف :عشم الله بيك , وأشرف بيك أصدقاء جداً جداً ..
عشم الله : أنا فضلت الاستماع لخبايا . من الواضح انكم أدري مني بها .
شريف : نحن لم نقل شيئاً في حق الرجل . كلها حقائق وأوضاع عامة وأحوال أجهزة وأوضاع دولة بحالها . لكن أشرف بيك صديق وزميلي وأنا أحبه
شرف : وأنا والله أحبه جداً . وهو زميل قديم من الزملاء الذين أعتز بهم . لكن كما قلت . ان حديثنا في شأن عام . أكثر بكثير من أن يكون خاصاً
مشرف : أشرف بيك . صديق عزيز وشهم ومجامل , وأخ فاضل .
- عامل الكافيتريا يحضر , ويتناول الأكواب الفارغة التي أمامهم فوق المنضدة
( الجميع يصيحون في نفس واحد مهللين ) : وصل أشرف بيك . وصل ..
مشرف : أهلا سعادة القاضي الأديب
شرف : أهلا بالأديب الكبير
القاضي شريف : نعم . ذكرتني . لقد دعاني للحضور . توا صاحي من النوم . لكني لم أعرف أين سيكون اللقاء ؟ عنده في البيت ؟
القاضي شرف : لا بل في النادي . نشوفك هناك ..
القاضي شريف : نشوفك أكيد . نذهب مبكراً ولو ساعة . ليس بالضرورة الساعة 7 مساء بالضبط .
نتقابل الساعة 6 مساءً . معقول ؟
شريف : معقول . نراك هناك . سلام
شرف : سلام
....
في النادي ..
التقوا في السادسة مساء . حول مائدة بصالة الكافيتريا . خمسة من القضاة – شرف . شريف . مشرف . مشرفي . عشم الله
شريف ( يسأل ) : أشرف بيك لم يأت بعد !؟
شرف : الميعاد الساعة 7
مشرف – مخاطباً شريف : مرة تانية عندما تتكلم عن أشرف بيك . تقول الأديب الكبير
( الجميع يضحكون )
- عامل البوفيه يحضر , حاملاً المشروبات التي أوصوا بها عند دخولهم -
مشرفي ( يتساءل ) صحيح أهو أديب ؟
شرف – نعم .. ألا تعرف !؟ له رواية مرشحة لنيل جائزة هامة
مشرف : ماشاء الله ما شاء الله . ولكن كيف له ذلك !؟
شريف : بل قل من أين له ذلك !؟
شرف : - في شبه استنكار لما يقال – موهبة يا أخي . عنده موهبة الأدب ..
شريف ( يضحك ) : عمره ما كان له علاقة بالأدب . كان زميلي في الكلية . وقبلها كنا زملاء في الثانوية
مشرف : فكيف جاءته له تلك الحالة .. أتراه هو نابغة بني ذبيان !؟
شريف : لا نابغة بني ذبيان ولا بني عبس
شرف – هناك سر .؟ اذا تعرف السر قل لنا عليه
شريف : السر بسيط خالص : كان قد اشتغل في البداية بنيابة أمن الدولة - وكيل نيابة .
شرف : وما علاقة عمل نيابة أمن الدولة . بقاضي صار أديباً !؟
شريف : هو حكي لي . بس لا تقولوا له . حتي لا يزعل
مشرف : ايه السر ؟
شريف : في نيابة أمن الدولة كان له نشاط كبير لصالح عصر الحاكم الديكتاتور .
شرف : أنا عارف انه كوكيل بنيابة أمن الدولة العليا , أبلي بلاء حسناً لصالح نظام الحاكم الديكتاتور السابق . في تدبير وتخطيط عمليات تقجير الأحزاب المعارضة للنظام . من داخلها . باثارة الفتن بين قيادات تلك الأحزاب . بواسطة عملاء الأمن بداخلها . بما ينتهي باغلاقها واغلاق صحفها واحالتهم للتوهان بين ردهات المحاكم ..
شريف : وكان له نشاط كبيرلصالح النظام . ضد الحريات وحقوق الانسان . والنشطاء السياسين – لخدمة النظام
مشرف : وكان يطالب القاضي دائما – كوكيل نيابة بأمن الدولة . وبطريقة ناعمة وغير مباشرة – بتوقيع أقصي عقوبة . علي متهمي ممارسة المعارضة السياسية وأصحاب الفكر والرأي من الأدباء والشعراء .
شريف ( وهو يضحك ) ثم صار أديباً ..! , علي فكرة , له كتاب عنوانه " سرقات مشروعة " .. ( يضحك .. ) هل يوجد شيء اسمه سرقات مشروعة ..ّ!؟ حتي لو توجد , فكتاب كهذا لا يؤلفه رجل قانون . وانما لص متقاعد , ويقدم خدمة ودليل لشباب اللصوص ..
( يضحكون ... ) .
مشرف : وأعرف كاتباً . استأنف أشرف بك . ضد حكم المحكمة عليه ب 6 شهور مع الايقاف عام 2000 . وخرج أشرف بك من الجلسة ليقول للاعلام " سأستأنف ضد الحكم " وطلب اعادة محاكمته . وواصل ضده حتي حكم علي الكاتب ب 3 سنوات سجن ! هل يمكن أن نسأله عن مسرحية - مخطوط - لهذا الكاتب عنوانها " أؤمر يا قمر " .. استولي عليها جهاز الأمن . وضمن ما جرفوه من منزل ذاك الكاتب . وسلموها لأشرف بيك .. أين هي المسرحية , وكيف تم التصرف فيها بعد الاستيلاء عليها . وكانت النسخة الوحيدة لدي الكاتب !!؟
مشرف ( ضاحكاً ) ثم صار حضرته : القاضي الأديب !
شريف : هذا الكاتب واحد .. من كثيرين
شرف : أعرف قصة ذاك الكاتب . ومن افتراء أخينا أشرف بيك. مع الأسف . أن ذاك الكاتب . عندما خرج من السجن . كانت له أمانات . سلمتها المباحث لأشرف بيك . كوكيل للنيابة . وقام بأطللاع الكاتب علي الحرز الذي به الأمانة المالية وقال له . هذه أمانتك المالية . وبعد خروجك من السجن . سوف تجدها محفوظة باسمك في المحكمة وتصرفها . وعندما خرج الكاتب بعد 3 سنوات من السجن . كان في حاجة ماسه لنقوده . بحث عنها بالمحكمة فلم يجدها , ذهب من يسأل أشرف بك عن أمانات الكاتب .. أنكر علمه بالأمانات . واحالهم لضابط مباحث أمن الدولة . الذي أرسله له ورقة تؤكد تسليم النقود الأمانة لأشرف بيك . في حرز بتاريخ محدد . هنا زاغ أشرف بيك . وقال : ايه يعني 3 أو 4 آلاف جنيه !؟
( الجميع يضحكون )
مشرف : وهل هذا رد قانوني , يرد به وكيل نيابة عند طلب تسليم أمانات طرفه !؟
شرف ( يواصل ) : طلب الكاتب من المحامي التدخل لصرف نقوده . حاول المحامي ولم يفلح .
فقال المحامي للكاتب : هذا المبلغ استعوضه عند الله لأنه عند ناس لا نقدر علي الوقوف أمامهم - نيابة أمن الدولة -
شريف : هذه حالة عرفناها . أكيد هناك حالات أخري
شرف ( مخاطباً شريف ) ولكنك لم تقل لنا كيف صار أديباً . هذا هو الموضوع
شريف : أقول لك .. مباحث أمن الدولة عندما يهجمون علي مسكن أديب . لمصادرة كتاب مبلغ عنه . لا يبحثون عن الكتاب المبلغ عنه فقط . بل ينزحون كل ما في بيته من كتب وأية أوراق ولو مستندات خاصة به .. وبعد ذلك يسلمون كل شيء لوكيل نيابة أمن الدولة .
مشرف : وماذا بعد ؟
شريف - كثيرا ما يكون ضمن أوراق الأديب . مخطوط لرواية أو روايات لم تنشر بعد ..
شرف ( يضحك ) فهمت .. ممكن لوكيل النيابة . أن يأخذ الرواية وينشرها باسمه . ويعمل نفسه أديب ( يضحك ) هكذا وضحت
مشرفي - ولكن هناك طرقا أخري . شراء روايات من الأدباء الخونة - عملاء جهاز أمن الدولة
شرف : كيف يشتري وكيل النيابة رواية من أديب ؟! يدفع له ثمنها من جيبه . تقصد ؟
شريف : لا .. لا يدفع من جيبه . بل علي حساب الدولة
شرف : كيف يشتري وكيل نيابة رواية من أديب عميل للأمن . والدولة تدفع الثمن !؟
مشرفي : اتفاق اذعاني صامت بين الطرفين - وكيل النيابة والأديب - صاحب الرواية - .. وبأن يأمر بطباعة رواية أخري لنفس الأديب . لدي احدي الجهات الحكومية . متخطياً الدور . . وبمكافأة عالية مجزية . تعويضاً عن الرواية التي لطشها سعادة وكيل نيابة أمن الدولة .
شريف : أو يأمر مخرج مسلسلات ولو تافهة . بان يكلف الأديب الخائن بكتابة سيناريو مسلسل وبمكافأة مجزية جداً . أو يخرج له قصة .. كلها علي حساب الدولة . ولكن وكيل تيابة الأمن . لا يدفع من جيبه ثمن الرواية التي لهفها لنفسه
مشرف : هل الأديب يكون عارفاً ان سعادة وكيل النيابة سيستولي علي الرواية !؟
شريف : لا طبعاً . في البداية . باعتبار الأديب عميلاً للأمن . عشمان في مساعدة . فيقول لوكيل النيابة " يا باشا . عندي رواية أريد أنشرها تبع الدولة . لكن أخشي أن تمضي في الأدراج لمدة عشر سنوات . انتظاراً للدور . وأتعشم مساعدتي في نشرها بسرعة .ومنحي مكافأة جيدة علها تساعدني " . هنا تظهر شهامة وكيل النيابة . وبرحب بتقديم الخدمة للأديب عميل الأمن . ويطلب منه احضارالرواية .. ثم يمضي الوقت شهراً وراء شهر . والأديب يسأل عن روايته . ووكيل النيابة يقول له سأبحث عنها . وبعدما يتأكد انها النسخة الوحيدة لدي المؤلف . ويكون قد عرضها علي ناقد أدبي عميل للأمن وأخذ رأيه في الرواية وتأكد من انها رواية تستحق أن يغتنمها لنفسه . ويلمح للأديب المغدور به . بانه لا يزال يبحث عن الرواية عنده .. فان لم يجدها فسوف يعوضه عنها خيرعوض .. بأن يوظفه باحدي الوزارات . ان كان بحاجة لوظيفة .. أو ينشر له رواية أخري بسرعة وبعائد ضخم .
شرف : أو يعينه اعلامياً يقدم برنامج باحدي الفضائيات , فيحصل عل أجر بالآلاف المؤلفة , وربما بالملايين .
مشرف : وأحياناً .. جهاز الأمن يمنح الأدباء والنقاد الخونة عملاء الأمن , جوائز الدولة التقديرية أو التشجيعية . دون من هم أحق وأولي منهم بالجوائز . مكافأة لهم عن عمالتهم . أو تعويضاً عن رواية سرقها وكيل نيابة أمن الدولة لنفسه - أو لقريب له - . ليضع اسمه عليها ويصير أديباً .
شريف : نعم نعم .. وأحيانا يوعز الأمن للسلطات الثقافية بعمل مسابقات , خصيصاً ليفوز فيها أحد أو بعض الأدباء أو الشعراء عملاء الأمن . كمكافأة عن عمالتهم , أو كتعويض لهم عن شيء من ذاك النوع , يعني رواية سرقها وكيل نيابة لنفسه أو لأحد أقاربه .
شرف : أوليس العيب هنا في الأدباء الذين يقبلون أن يكونوا عملاء لجهاز الأمن ؟
شريف : بعضهم خونة . وبعضهم بدفعهم الأمن ارغاماً علي هذا العمل . وغالبية المرغمين . هم من فقراء الأدباء . ويصل الأمر لحد تهديدهم عن طريق ضباط مباحث أمن الدولة . ان لم يتعاونوا معهم . فيخافوا وينصاعوا , لعلمهم بقدرة جهاز الأمن علي تدمير مستقبلهم الأدبي . تدميراً تاماً . ولكن هؤلاء في الأصل ليسوا خونة بالطبيعة كغيرهم . ( ثم يضيف وهو يضحك قائلاً ) : مجبر أخوك لا عميل ..
شرف : ( موجها حديثه لمشرف ) أتذكر يا مشرف بك . انك قد عملت من قبل بنيابة أمن الدولة ..
مشرف : نعم . زمان في بداية عملي في سلك النيابة .
شرف : لماذا لم تصبح أنت أيضا : القاضي الأديب . كأخينا أشرف بيك ؟
مشرف : ( بابتسامة ممتعضة ) لا يارجل . أعوذ بالله . ( بصوت هامس . ولكنه مسموع ) : هذه اسمها سرقة واحتيال ونصب . وتبديد , وعبث بأموال دولة, واستغلال نفوذ , وافساد للحياة الثقافية - والسياسية - للوطن - مع احترامي لزميلي وحبيبي " أشرف بيك " فهو زميل عزيز - .
شريف : معلوم يا مشرف بيك . انت لا تفعل تلك الأشياء . انها سرقة .
مشرف : زمان كان عندنا بالأرياف من يسرق ذكر بط . كان يتفضح ويتجرس . ويزفوه حول البلدة راكباً حماراً بالمقلوب .
( الجميع يضحكون )
شريف : كل ذلك لأجل سرقة ذكر بط .. !؟ .. أنا لم أعش بالريف ..
مشرف : نعم هكذا كانت عقوبة سارق ذكر البط . فما فوق .. . بالريف ذكر البط , هو جزء من ثروة وممتلكات البسطاء الفقراء. ومطمع للصوص من أبناء تلك الطبقة
شريف : ان سرقة عرق سواعد الناس . أسهل وأهون شأناً من سرقة عصارة عقولهم .. ان الرواية والشعر والفكر .. أشياء هي عرق وعصارة عقول .. أغلي بكثير من عرق السواعد والأبدان
مشرف : أنا ملاحظ ان زميلنا عشم الله بك . لم يشارك في الحديث البتة .
شريف :عشم الله بيك , وأشرف بيك أصدقاء جداً جداً ..
عشم الله : أنا فضلت الاستماع لخبايا . من الواضح انكم أدري مني بها .
شريف : نحن لم نقل شيئاً في حق الرجل . كلها حقائق وأوضاع عامة وأحوال أجهزة وأوضاع دولة بحالها . لكن أشرف بيك صديق وزميلي وأنا أحبه
شرف : وأنا والله أحبه جداً . وهو زميل قديم من الزملاء الذين أعتز بهم . لكن كما قلت . ان حديثنا في شأن عام . أكثر بكثير من أن يكون خاصاً
مشرف : أشرف بيك . صديق عزيز وشهم ومجامل , وأخ فاضل .
- عامل الكافيتريا يحضر , ويتناول الأكواب الفارغة التي أمامهم فوق المنضدة
( الجميع يصيحون في نفس واحد مهللين ) : وصل أشرف بيك . وصل ..
مشرف : أهلا سعادة القاضي الأديب
شرف : أهلا بالأديب الكبير
شريف : أهلا بأديب القضاة , وقاضي الأدباء .
( يتوالي وصول عدد آخر من القضاة الزملاء .. ويبدأ الاحتفال بالمناسبة ) .
( يتوالي وصول عدد آخر من القضاة الزملاء .. ويبدأ الاحتفال بالمناسبة ) .
--------------
سبق النشر بموقع الحوار المتمدن-العدد: 4280 - 2013 / 11 / 19
----------------
تعليقات
إرسال تعليق