كتابات
- الحصول على الرابط
- X
- بريد إلكتروني
- التطبيقات الأخرى
تداعيات حفل تنصيب الرئيس .
عندما نقل السادة القواد العظام سلطة الحكم للسيد الدكتور المهندس الرئيس الجديد المنتخب محمد مرسي بقاعة الاحتفالات الكبرى لجامعة القاهرة كان يجلس في الصفوف الامامية ..مدرس الالعاب الرياضية الفتوة محدود الذكاء و القدرات المرشد السابق للجماعة مهدى عاكف الشهير بأنه قال (( طظ في مصر و أهل مصر )) ثم أتحفنا بعد فترة بأن (( الشارع المصرى أهبل ..يقوده الاعلام )) ..نفس الشارع .. الذى إنتخب جماعته بنسبة ضئيلة وجعله يجلس متقدما علي عقلاء القوم معبرا عن حجم تعديل موازين القوى بعد يناير 2011.
تداعيات هذه اللقطة .. أربع ملاحظات:-
الاولي ..أن الذى نقل السلطة و سلمها للإخوان كانت النخبة العسكرية من أعضاء المجلس الاعلي للقوات المسلحة الذى فشل حكمهم في تحقيق نهضة أو تغيير ، وأدى إلي الإستسلام لقوى ضغط التيارات الاسلامية حتي لو كان معلوما لديهم أن هدفها هو نفي وجود مصر(وطظ فيها ) لصالح الخلافة.
الثانية .. مدى فقر الناتج عندما زاولنا ديموقراطية الصناديق ..بحيث نعت رئيس الحزب الفائز الناخبين ( بالهبل) عند أول موقف معارضة له و لجماعته منهم ....فهل المصريون يعانون من (الهبل ) فعلا و يقتاتون علي خرافات و اكاذيب الدعاية الساذجة التي يبثها إعلام حكامهم يوميا ..و أنه بالتالي من حق الضباط كبارهم و صغارهم فرض الوصاية عليهم؟؟
الثالثة .. أن هذا الاحتفال الذى تم في جامعة القاهرة أول جامعة مصرية تم إنشاؤها لمواجهة التعليم الازهرى و نقل مصر حضاريا أثبت فشل حكم الذين جاءوا من خلفيات عسكرية منذ إنقلاب 1952 في تحقيق هذه النقلة وأدى لضمور في القيم المعاصرة للعودة إلي آليات حياة القرن الثامن عشر .
الرابعة .. أن المصرى (الاهبل في عرفهم) لا حول له و لا قوة و لا زال يحرث في البحر منفذا مصالح غاصبيه مهما كان شذوذها .. كما لو كان هذا الشعب قد تم إحتلاله بواسطة الضباط المنتصرين علي الملك فاروق الاول منذ سبعين سنة .
أولا :- عندما تمر من أمام الكلية الحربية في مثل هذه الايام المفترجة .. ستجد تجمعا ضخما من الطلاب الذين قدموا من كل محافظات مصر .. يجلسون هم و أهلهم في الحديقة المواجهه للكلية .. سيدات يرتدين ملابس الفلاحات أوالاحياء الشعبية .. و رجال توشي ملابسهم بموطنهم الاصلي الذى قدموا منه (سواء كان الصعيد أو بحرى ) و شباب يتصرفون بإرتباك امام سيل العربات القادمة من المطار أو ذاهبة له .. وزجاجات مياة تملأ من حنفيات رى النجيلة مع الأكل الريفي ..
إنه نفس الشارع المصرى .. الذى أخرج منذ بدايات القرن الماضي .. إبن البوسطجي و إبن حاجب المحكمة .. و إبن الفلاح .. أو تاجر المناطق الشعبية ..و جعل منهم ضباطا عظاما .. يضرب من أجلهم البورى و تؤدى كتيبة الحراسة سلام سلاح عندما تظهر ملامح عرباتهم .
أغلب أهل مصر إن لم يكونوا فلاحين فعلي الاقل هم من أصول فلاحية .. نحن مزارعون حتي لو لبس أحدهم الاوفرول أو البدلة الميرى ..فإنه يرتديها فوق جلباب الفلاح
إن هؤلاء الشبان الذين يقفون أمام أسوار الكلية الحربية اليوم يحلم كل منهم بعصا المارشلية .. و كرسي الرئاسة .. لا يختلفون في شيء من حيث الأصول و التربية عن القواد العظام الذين نقلوا سلطة الحكم للدكتور المهندس محمد مرسي .. إنهم أبناء الفلاحين و نتاج له.. رغم أن أى منهم بعدما إرتدى الكاب المحلي بأغصان الغار .. تصور أنه لم تلد النساء من هو مثله .
ما الذى حول إبن الجنايني الواقف أمام الكلية الحربية يأمل ، ليصبح ، هذا الجبار المليونير أو الملياردير ، لقد كان واحدا منا منذ عقدين أو ثلاثة ..فما الذى حدث ؟..هل لان الشارع الاهبل أحبه و دعمة .. و قدم له ما بيده فرد إليه الحب سخرية و عنجهية و غرور و عنف.
فلنسأل بطريقة أخرى..هل ضباط الجيش الذين حكموا مصرمنذ 1954 كانوا يمثلون صفوة ما ..مثل مماليك الازمنة الغابرة تجعلهم يفرضون الوصاية علي المصريين .. و تجعل المصريون يدينون لهم بولاء من أحسنوا إليهم و أنقذوهم من هجوم التتار و الفرنجة و مخاطر أخرى محيطة .. أم أن هؤلاء الاوصياء (كاسرين عينا ) بعد أن قدموا لقومنا طريقا للخلاص و المجد مثل الاسكندر و نابليون و لينين و هوشي منه ومنديلا .
أنهم أبناء لا يختلفون من حيث الصفات الشخصية و الخلقية و التربوية عن باقي أفراد الشعب ... بل قد تنقصهم خبرات من تعلموا في الجامعات و حصلوا علي درجات علمية متفوقة و نهلوا من علوم العصر وخاضوا تجارب سياسية و إقتصادية أغنت خبرتهم .
لا أريد في هذه العجالة أن أقيم أداء ضباط مثل صلاح و جمال سالم أو البغدادى أو زكريا محي الدين ..فضلا عن السادات و عبد الناصر .. لقد كانوا في البداية من الشباب المتحمس المفتقد للتجربة وبعضهم جاء من ضيق إقتصادى .. و وجد أنه قد دخل مغارة الكنز من أوسع أبوابها .. فلم يتوقف عن السلب و النهب...ثم التعالي حتي علي أقرب الاقرباء .
فلنتقدم خطوة هل المنقلبون من ضباط مولانا الملك المعظم فاروق الاول يختلفون عن أبناء جيش المشير عامر .. لقد كنت أحد أبناء جيش عامر و أستطيع أن أرصد ما كان يحدث حولي منذ ستينيات القرن الماضي حتي نهاية سبعينياته .. حيث خضنا حروبا في اليمن و سيناء و فقدناها (اى سيناء ).. وخضنا حربا طويلة إستنزف فيها جيشنا وقدم ضحايا بالمئات قبل أن يستنزف العدو .. و تدربنا عشرات المرات علي العبور .. و عبرنا .. ثم تقهقرنا حتي أصبحت قوات العدو علي بعد أقل من مائة كيلومتر من العاصمة و أنقذنا فك الاشتباك الاول ثم الثاني .. و ذهاب السادات حاملا كفنه للقدس ثم كامب دافيد ثم الركوع الكامل لإرادة أمريكا و إسرائيل .
ضباط الستينيات و السبعينيات كانوا من ابناء الشعب الكادح..يعيشون في تعب وكد و يبذلون الجهد الكثيف من أجل الغد ولايختلف و لا يتميز أى منا عن الاخوة والاصدقاء خارج المنظومة العسكرية في شيء إلا بقليل من الجنيهات التي تزيد عن مرتباتهم و لكنها لا تكفي ألا نستدين في أخر الشهر و لا تسمح بتعالي أى منا علي قريبه ...فماذا حدث و جعل بعض منهم مليونيرات يسكنون في قصور .. و جعل أغلبهم من الذين يوكل لهم أصعب المهام بزعم تفوقهم علي المدنيين الكسالي .
أريد أن أقف هنا عند ثلاثة مفاصل نتج بعدها هذا التحول وكان لها أثرها علي أداء و تكوين جيش النصف الاخير من القرن العشرين و عقدين من القرن التالي .
الاول مع إنهيارالقوات في اليمن و سيناء لسوء القيادة و التدريب وتغلب الكم علي الكيف .. و الاخر أثناء الاعداد لمعركة إسترداد الارض و حجم حماس المشتركين مع الاصرارعلي التفوق المصاحب للأداء بعد تطعيم الجنود بحملة الشهادات العليا .. و الثالث عندما رفعت الاعلام المصرية علي مدن سيناء و طابا و تغيير العقيدة القتالية لتميل نحو السلم .
في الاولي ظهر مدى الفقر الفكرى والخططي و التدريبي للقيادة و إنشغالها بالهم الداخلي عن الاعداد لمعركة .. و في الثانية تفرغ ضباط الجيش و جنوده للتدريب و التجهيز والانجاز في فترة تعتبر الاعلي و الارقي في تاريخ القوات المسلحة حيث إهتمت القوات بمهامها فقط بعيدا عن هموم السياسة و الاقتصاد ..و في الثالثة زمن الاسترخاء و التخصص في تطوير فنون و أساليب حماية الريس .. تم الانشغال بالتجارة و المشاريع الاقتصادية و جني الاموال و توزيعها علي القيادات .. ليصبح لدينا الضابط المليونير و الملياردير .. ثم القائد البزينيس مان .
من هؤلاء المسعدون بالثروة و النفوذ جاءت نخبة عسكرية قدمت مصر علي طبق من فضة لمرشد (طظ في مصر و أهل مصر ).
لقد أحب المصريون رجال جيشهم .. و تعاملوا برفق مع أخطاؤهم .. بل لقد غفروا لهم هزائمهم المتتالية .. و مع أحداث 73 لم يعوا إلا فترة العبور ..و جعلوا منها نصرا و أسطورة..و تجاهلوا ما تلاه من سقطات .. فلقد كان الجيش دائما بجنودة و قواده منهم ..من الابناء و الاخوة ..الذين يعانون كما يعانوا و لا يبخلون بالجهد و الدم و النفس فداء للوطن ..و كان المصريون يدفنون شهدائهم و يظلون يذكرون تضحياتهم .. مهما مر من زمن سواء كانوا قادة أو من الضباط و الصف و الجنود
ثم إنتهت أخر الحروب (كما قال السادات ) حول 74 ..و إستلم الجيش (مصر) من مبارك 2011 أى بعد 37 سنة سكون في ميادين القتال .. لم نكن نسمع فيها عن القوات المسلحة إلا عندما تحدث كارثة فتهب للنجدة ..أو عندما ينتصرأحد فرقها الاربعة التي تلعب في الدورى ..
السادة أعضاء المجلس العسكرى الذى إستلم إدارة مصر عام 2011 لم يكن يزيد عمر أى منهم عن 55 سنة أى كان في عام نهاية الحروب لم يصل بعد إلي سن الثامنة عشر و بالتالي فكل أعضاء المجلس عدا عضو أو إثنين تعدوا الستين لم يخوضوا حربا أو يستعدوا لخوض حرب أو يمارسوا حياة عسكرية خطرة مثل تلك التي عاشها ضباط الستينيات و السبعينيات
ماذا كانت تفعل القوات المسلحة خلال تللك العقود الاربعة السابقة لتخلي المبارك عن الحكم
في البداية قام السادات ومن خلفة بالتخلص من منافسة كبار الضباط الذين خططوا وخاضوا الحرب..و تعلموا منها ..وذلك إما بالاحالة للمعاش أو بالاتهام و المحاكمة أو بالانتداب لاعمال مدنية و ساعدتهما الظروف بالوفاة المفاجئة لعدد منهم في الواحات أو علي متن طائرة أسقطتها الاسلحة الامريكية قرب حدودها
وهكذا فجيش المشير محمد حسين طنطاوى الذى إنتهي حكم مجلسة الاعلي بتنصيب مرشح الاخوان كان قد أعيد تشكيلة بحيث يصبح قليل العدد حسن التدريب يمتلك أسلحة أمريكية ويتميز ضباطة بعدد من الصفات المؤهلة لترقيتهم للصفوف الاولي .. أهمها أن يكون رجلا طيبا ورعا من بتوع ربنا .. يحج و يعمر و لا يفوته فرض (الاقباط يمتنعون )..ثم أن يعرف كيف ينحني للعاصفة و يتحرك مع الموجه الصاعدة ..و يظهر بوضوح لا يقبل الشك ولاءة للسيد الرئيس محمد حسني مبارك و عائلته الكريمة .. ثم أن يرضي علية مدربية من الامريكان ويوصون به و يثنون علي تفهمة لإسلوب الحياة الامريكية وآليات السوق الحرة و( النيو ليبراليزم) .. مع علاقة طيبة بإسرائيل و قاداتها و التطبيع معهم بصفتهم من الجيران المسالمين ...ومن كان يخرج عن الصف يستبعد حول رتب لا تزيد عن عقيد
جيش المشيرطنطاوى المرفه لم يرتدى فقط الملابس الامريكية ولكنه تطبع بالعقيدة الامريكية في القتال .. و إسلوب حياتهم هناك
وهكذا رجال جيش طنطاوى الذين لم يصل التراب إلي (بوتاتهم ) اللامعة .. تصاعدت مرتباتهم بصورة واضحة تميزهم عن باقي افراد الشعب ..ثم أصابته حمي البزينيس و الكسب.. بدأت بما حاولة المشير أبوغزالة بعمل إكتفاء ذاتي لاحتياجات قواته .. ثم زاد عليها من تولي بعده بتكوين فرق كرة تنافس في الدورى وإنشاء اندية ترفيهية .. ثم أصبحت هذة (الدور ) الاندية مصدر دخل مناسب للبعض .. و أضيف لها محطات الوقود .. و مزارع الدواجن وانتاج اللحوم و الالبان و الاسماك والجمبرى .. ثم إمتد النشاط لمشاريع إنشائية وطرق و مساكن و مدن و مقاولات .. و أصبحت القوات المسلحة تدير بزينيس ذو حجم ليس قليلا .. معفي من الضرائب و التأمينات ولا تراجع ميزانيته بواسطة عناصر حكومية (مثل الجهازالمركزى للمحاسبات ) أوحجم إنفاقه بواسطة السلطة الرقابية البرلمانية و يستخدم عمالة مجندة رخيصة .. و أصبح لدينا ( نحمدك يا رب ) ضباط من الذين يمتلكون أرصدة تزيد أصفارها علي اليمين عن ستة أصفار و قوات مسلحة تتبرع للحكومة بمليار جنية في وقت الزنقة
هؤلاء الضباط (الباشاوات المليونيرات ) هم الذين سلموا التيارات الاسلامية مفاتيح الشارع و دواوين الحكومة رغم أنه كان معلوما لديهم أن كبيرهم الذى علمهم السحر يقول (طظ في مصر و أهل مصر )
ثانيا :- ما السبب في تحول الجماعة المحظورة لتصبح جماعة منظورة .. والسماح للسلفيين الجهاديين التائهين في بلاد الاسلام بالعودة لمصر في سلام!!.
لاشك في أن درجة وعي القادة العظام الذين أوكل لهم مبارك حماية و رعاية مصر كان يتوافق ويميل بصورة مناسبة تجاة الافكار الوهابية السائدة في مجتمع 2011 حيث (القاعدة و داعش ) غير مجرمة بواسطة الازهر ... لهذا فكما قهر السادات الحركة الطلابية بواسطة أصحاب المطاوى و الجنازير سار خلفاؤه علي نفس المنوال
الدعاية الواسعه التي بثتها كوادر الاخوان عن الظلم الذى حاق بهم منذ زمن عبد الناصر جعل هناك حالة من التعاطف الانساني معهم علي أساس أنهم فصيل وطني مقهور رغم أنهم ((قادمون بالخير لمصر)) .. وكان للمعلومات غير الدقيقة عن مقدار إمتلاك السلفيين و الاخوان للشارع المصرى التي تبناها مسئولي الولايات المتحدة الامريكية إنعكاسها علي متخذ القرار المصرى ... فإذا أضفنا لهذا الخوف التقليدى من الشعارات اليسارية التي أطلقها المنتفضون فربما يكون هذا هو السبب الذى جعل الضباط يفاوضون كوادر المحظورة طلبا للمشورة والدعم
و كما إستعان الضباط الاوائل بسيد قطب الاخواني لرسم خريطة حركتهم ،و أنور السادات بعثمان أحمد عثمان ، إستعان الجدد بطارق البشرى السلفي و صبحي صالح الاخواني لنفس الهدف فوجهوا القيادة و الشارع نحو لعبة الصناديق الانتخابية التي إعتبرها بعد ذلك البعض منهم غزوة يعقبها غزوات
ولان في الحرب يمكن إستخدام كل الوسائل غير المشروعه بما في ذلك الكذب و الرشوة (بالسكر و الزيت و البقشيش) أو تأجير كل من أعدهم النظام السابق كموردى أنفارللجان والصناديق أوالاستعانة ببلطجية الانتخابات( نساء و رجال) لترويع الناخبين ..لذلك جاءت النتيجة كما خططوا لها وهدفوا ..بإختفاء اليسار و شعاراته ،إضعاف قيادات 2011 و تهميشهم ..وأجهضت التجربة الوليدة للديموقراطية لتنتج فقرا في الممارسة ،تبدى في ..تعديلات البشرى للدستور و برلمان أم أيمن السلفي الموجه ضد الحداثة و حزب حاكم ينعت رئيسه الناخبين ( بالهبل) عند أول موقف معارضة له و لجماعته و مليشيات تحمي قصر الاتحادية ومقر الجماعة و تدير معارك بالمطاوى و الجنازير والاشاعات و التحريض
ثم جاء صوت خفي يهمس بين الناس اليس هذا ما كنتم تطلبون عندما إنتفضتم!!..ثم بدأ يصيح ..اليس هذا ما حذركم منه الرئيس مبارك ..!! ثم بلوم وتأنيب ..ذوقوا نتائج صراخكم .... و .بعدما تأزم الوضع و تبني البعض منهج من أعادوا إحتلال مصر وبدأوا في فرض الجزية علي سكانها الكفرة خصوصا من أهل الصعيد ..بدأ يندب بتشفي عاينوا تصرفات من إخترتم
و كجزاء سنمار .. يحال القائد و نائبة للمعاش .. مع منحهما أنواط و نياشين و إمتيازات .. و يصعد وجه جديد لا تفارقه النظارة السوداء تخفي ما تبديه العيون .. فيصبح هو الامل.. لكل الاطراف ..الاخوان و السلفيين و الاقباط و الليبراليين والخليجيين و السعوديين والامريكان وقادة الجيش و الشرطة وصبايا الشعب و لكل أسبابه التي تختلف عن الاخرين
الصراع مع الاخوان بدأ سريعا بسبب الرغبة في الاستحواذ علي السوق ...تجار الاخوان (الشاطرون ) وأرباب التجارة الميرى بعد أن توسعت و تضخمت و إمتدت أنشطتهم خلال زمن البلبلة التي صاحبت هوجة المصريين خصوصا حول نشاطات (الريال ستيت ) ..
ثم توالت الخلافات بين الفسطاطين عندما لجأ احدهم (لقطر) طلبا للعون التمويلي و إحتمي الاخر بالخليج و السعودية كثقل مالي يوازن كفتي الميزان ..ثم تصاعد حتي إقترب من المواجهه عندما حاول كل طرف إقناع البيت الابيض و البانتجون أنه من يمتلك الشارع و يسيطر عليه
الذين يتصورون أن حكام أمريكا (جمهورى أو ديموقراطي ) ملائكة .. ارسلتهم السماء من أجل خير البشرية و مساعدة المكروبين ..إما ساذج أو لم يقرأ التاريخ و الواقع جيدا أو (من غير زعل ) مستفيد
فنظم الحكم في هذه البلاد .. لها إستراتيجية لا يختلف في تنفيذها الرئيس أوباما من الرئيس ترامب ..تم وضعها للحفاظ علي مصالح (تجار السلاح و البترول وميليارديرات الميديا) و تنفذها البنوك ..تستنزف ثروات الشعوب ..وتعلي من قيمة إسرائيل .. و تخضع كل القرارات الخاصة بجيرانها لصالحها
إستراتيجية أمريكا في المنطقة منذ كامب دافيد حتي اليوم .. ترى أن وجود حكم يعتمد إعتمادا كليا علي الالة الاقتصادية (المالتي ناشونال) التي يديرها رجال البنوك الامريكان و يتحكمون بها في الشعوب تحت مسمي (النيوليبراليزم ) هي الضمان الوحيد لنجاح هذه السياسة ..
((تدعو "النيوليبرالية" إلى تبني سياسة اقتصادية تقلل من دور الدولة وتزيد من دور القطاع الخاص قدر المستطاع، وتسعى لتحويل السيطرة على الاقتصاد بعيدا عن الحكومة بدعوى أن ذلك يزيد من كفاءتها ويحسن الحالة الاقتصادية للبلد..و هي لذلك تسعي إلي تقليص القطاع العام حتي أدنى حد والسماح بأقصى حرية في السوق)).
و لهذا كان مقياس تقييم أداء الرؤساء (السادات ، مبارك ، مرسي ثم السيسي ) لدى المسئولين الامريكان يتحدد في مدى رضا البنك الدولي عن الاداء الاقتصادى لحكوماتهم المتعاقبة .. و يبدو أن النظام الحالي كان الاكثر توافقا وفهما (للنيوليبراليزم) فحاز علي الضوء الاخضر
تفاصيل هذا الصراع رغم أهميتها ليست موضوعنا .. و إن كان علي من يعلم أكثر أن يطرقه في يوم ما .. و لكنه إنتهي بعاصفة شعبية أخرى بعد مرور سنة علي حكم الرئيس محمد مرسي ..يقودها ضباط الجيش العظام مقنعين العالم بأن لهم اليد العليا في تحريك الجماهير ومعبرين عن أن الشارع المصري المدعي عليه (بالهبل ) .. قادر علي الإزاحة و تعديل الموازين وأن أبناء هذا الشارع (علي الرغم من كونهم يقتاتون علي الخرافات و الاكاذيب و الدعاية الساذجة التي يبثها حكامهم يوميا) ..إلا أنهم يستطيعون إذا أرادوا التغيير
ما حدث بعد ذلك .. كان تحولا جذريا في حياة الناس .. لقد راى كبار الضباط أن خروج الملايين للشوارع و الميادين إستجابة لنداء وجهه سيادة الوزير ..هو تفويض بالوصاية علي الشعب ومنحهم الحق في حمل صولجان الحكم دون غيرهم ، ليبدأ الاعداد لتمكين الجمهورية الثالثة للضباط .. وليطرح في نفس الوقت علي العقلاء السؤال المعضلة هل أصبح هكذا من حق الضباط كبارهم(اليوم ) و شبابهم (1952 ) فرض وصاية مستمرة لا تتوقف علي المصريين ؟؟
ثالثا :- هل جمال عبد الناصر هو الذى سمح لإبن الجنايني ..أن يصبح ضابطا كما يدعون .. قد يكون هذا الحديث منطقيا لو كان سيادته إبن الباشا الذى لم يمنع إبن سائق عربه والده أن يلتحق بالكلية الحربية .. و لكننا نعلم أن سيادته تم رفضه بسبب أصولة الطبقية و أنه ظل طالبا في كلية الحقوق لسنتين ..حتي قرر الانجليز و حكومة الوفد إعداد جيش يمكنه الدفاع عن قناة السويس .
في ذلك الزمن كانت كلية الحقوق هي مفرخة الباشاوات و المدافعين عن الاستقلال وعلمانية التعليم في مواجهه مع التعليم الازهرى الذى إنتقده و وصف مشاكلة الشيخ طة حسين بعد أن إلتحق بالجامعة و حصل علي درجة الدكتوراه من فرنسا ثم أصبح وزيرا للمعارف ينادى بعدم خضوع تعليم الابناء لوضع الاسرة المادى .
أغلب ما سمي بإنجازات يوليو ..طرحة المجتمع المدني علي طاولة البحث قبل عقد أو إثنين من إنقلاب العسكر .. و كادت إصلاحاته أن تتحقق بصورة أكثر وعيا و فهما .. بما في ذلك قانون الاصلاح الزراعي .. وتمصير الصناعة المصرية.. وإقامة السد العالي وإنشاء جيش وطني قوى
السادة الضباط الذين تاهوا علينا فخرا بأياديهم البيضاء .. كانوا إفرازا لوسط ثقافي متنوع و غني كان قد بدأ في التحول نحو الحرية و الاشتراكية و الوحدة .. إفحصوا .. ما كانت علية الحياة الفكرية و الثقافية و السياسية في مصر و الشام مع بدايات القرن العشرين .. لتسقط أوهام أن رجال يوليو كانوا فلته ومعجزة زمنهم وهدية السماء لشعب محتل عسكريا و محكوم ملكيا بواسطة ملك غير متعلم و غيرمؤهل للحكم .
إعلام ما بعد 52 الموجه بواسطة الرقيب العسكرى ..صور لنا نحن الشباب (في هذا الوقت ) أن بداية التاريخ المصرى المعاصر كانت عندما تولي عبد الناصر بعد أن خرج في مارس 54 الشارع (الاهبل ) المدعوم برشوة قيادات عمال النقل العام يهتف تسقط الديموقراطية .. ثم أثبتت الوثائق و الاحداث أن كفاح المصرى من أجل الحرية والامن دام لعشرات القرون .. وأن قدرته علي صنع الحضارة لم تتوقف حتي في أحلك الظروف وبعد أصعب الهزائم .و أن هذا لا دخل له بيوليو و رجال يوليو.
إن هذا الاحتفال الذى تم في جامعة القاهرة أول جامعة مصرية تم إنشاؤها لمواجهة التعليم الازهرى و نقل مصر حضاريا ( رغم الصعوبات والعوائق التي وضعها المحتل و أعوانه لإجهاض الفكرة ) .. أثبت فشل حكم هؤلاء الذين جاءوا من خلفيات عسكرية منذ إنقلاب 1952 في تحقيق هذه النقلة ، وأدى لإجهاض الحركة الثورية النشطه في المجتمع ، ولضمور القيم المعاصرة لنعود إلي آليات حياة القرن الثامن عشر .
ومع ذلك فالصراع لم يكن بين فسطاطين واضحين .. فالافكار والقيم لا تنتصر و تهزم بشكل كامل ... إذ نجد في منتصف القرن العشرين أن التعليم الازهرى لم يكن قد دحركما تصور البعض أمام جامعات فؤاد وفاروق و إبراهيم و كلية الفنون الجميلة و مئات المدارس الثانوية و الابتدائية .. و كانت له قواته المتمترسة في الشارع المصرى و تضم أعضاء جمعية الشبان المسلمين .. و جماعة الاخوان المسلمين .. و لها جذور قوية في عقول الضباط و المخبرين ..بحيث إسترد التعليم الديني قدراته و نفوذه سريعا وإمتد في الزمن الناصرى ليشمل الالاف من الشباب و الصبايا خصوصا مع تحويل الازهر إلي جامعة تدرس بجوار العلوم الشرعية علوما دنيوية فإذا أضفنا لذلك إنشاء مدينة البعوث (مجمع للوافدين للتعلم الديني التبشيرى ) وتنشيط دورمصر في المؤتمرالاسلامي وتسجيل تلاوة القرآن الكريم بالكامل علي عشرات الشرائط و إفراد إذاعة لة تبث علي مدار الساعة مع تخصيص ميزانية غير محدودة تعد بالمليارات لنشر الفكر الاسلامي في إفريقيا و أسيا نجد أن إنقلاب العسكر وإنحيازهم للتعليم الديني كان بمثابة قبلة الحياة للازهر ولإسلوب تعليمه .
و هكذا بمجرد وفاة عبد الناصر كان الموقف معد للإنقلاب علي ما تبقي من إنجازات عصر سابق علي 52.. و قادنا الرئيس المؤمن أفواجا و فرادى إلي واحة الايمان التي جذبت ملايين الريالات و الدولارات خصصت لتحويل مصربأيدى أبناءها إلي مستعمرة وهابية يحكمها إخواني يتوج في عقر دار العلمانية ،قاعة الاحتفلات الكبرى لجامعة فؤاد الاول.
رابعا :- عندما خرجت الملايين تحت حماية القوات المسلحة و الطيران ترفض حكم الاخوان .. لم يكن أى منهم يتصور سيناريو ما بعد إسقاط المرشد وبطانته ..لقد إنتشرت بوسترات ضخمة كاشفة لوجه نظر مبدعها تصورجندى شاب
(ممثلا للجيش ) يحمل طفلا (ممثلا للشعب ) يحمية و (( الجيش و الشعب إيد واحدة ))..و ساد شعوربين المواطنين بأن قوات الشعب المسلحة ستكفيهم عناء الصراع وستحميهم من غيلان (الشاطر و مرسي ) و جماعتهما .
لقد ظلت مليشات الاخوان و من يدعمهم من بلطجية و شبيحة ..يمثلون كابوسا غير قابل للتخلص منه لدى رجل الشارع المصرى .. .يظهر في الوقت المناسب و يختفي عندما لا تكون هناك حاجة للتذكير به .
لقد كان البعض يريد الخلاص السريع من الرمضاء مهما كانت النتائج ،حتي لو وقعوا في آتون ( النيوليبراليزم) التي تعلم أصولها ضباطنا العظام ضمن دوراتهم التدريبية في أمريكا.
إن المصرى عندما خرجت جموعه بالملايين لتسقط الاخوان لم يكن في ذلك كما وصفوه لقد كان ينقصه فقط قيادة رشيدة يتم تصعيدها من بين الجماهير تدل و تفسر و تشرح أن الخلاص من الاخوان ليس معناه تكرار حكم القادمون من خلفيات عسكرية ..و أن الفرصة أصبحت متاحة لإقامة حياة ديموقراطية تتسم بالحرية و الشفافية و تصون حقوق المواطنة ، ففي ذلك الزمن كانت الجماهير قد وثقت في نفسها و في قدرتها بعد إسقاط رئيسين في شهور معدوده .. وكانت النغمة السائدة أن ميدان التحرير لن يبرح مكانه .. وأن الجموع ستعود لتملأه لو إستجد ما يستدعي ذلك .. بمعني أنه عندما خاطر الناس و إحتشدوا دعما للضباط مخلصيهم و إلتفوا حول المدرعات و عربات الجنود بحب ،كانوا يأملون إعتمادا علي قوة الشارع بأن يعود مرتدى الكاكي بعد أداء المهمة إلي معسكراتهم و مهامهم الاساسية للحفاظ علي أمن الوطن ولايسمحوا بتكرار ما حدث في منتصف القرن السابق .
الذين روجوا لهذا المنطق من مثقفين و نشروه بين الناس بحسن نية أو سوءها .. في الغالب كانوا يعلمون أن شعب بدون قيادة واعية يصبح مجموعات من الافراد لا حول لهم و لا قوة ..مجموعات معرضه للإنتكاسة وأنه لن تتكررعفوية تجربة يناير 2011 بعد أن تعلمت السلطة دروسها و أعدت عدتها .. و أنه بدون حزب قائد سيظلون يحرثون هم و قومهم في البحر منفذين مصالح المتحكمين فيهم مهما كان شذوذها وقسوتها فالحكام الذين أصبحوا يملكون السلطة والقدرة علي مراقبه أحاديث الغاضبين من اليساريين و اليمينين و ما بينهما ((حتي لو كانت همسا)) ..كان بإمكانهم إصدار القوانين التي تجعل أغلب الشعب في حالة إدانه بجريمة البكاء والانين ..وترزية التشريعات متوفرين بكثرة عند الباشا رئيس البرلمان .
المصريون الذين خرجوا من أجل تغيير الموازين لصالحهم .. لم يجنوا بعد سنوات خمس إلا عثرات نفس النظام و تخبطه في إقرار و تنفيذ سياسات موحيا بها من قوى خارجية .. لكن بخطاب.. لا يتجمل أو يدارى بل يقول في المواجهه ما كان يقال من قبل سرا و يفعل ما تحرج عن فعله السابقون ..(( إدفع لتعيش )) ..كما لو كان هذا الشعب قد كتب عليه طاعة و تمجيد كل من يستلمون الصولجان جيل بعد جيل حتي يوم بعيد لن يشهده أبناءهوجة 2011 .
اليوم معظم من كانوا يجلسون في الصفوف الاولي بقاعة إلاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة .. يعيشون في زنزانات السجون .. بعيدا ..عن كراسي السلطة ..و من كانوا يحرسون القاعة و يحوطونها ..يتمتعون بالثروة و النفوذ .. إنه درس من دروس الصراع بين حلفاء الامس أعداء اليوم ..الذى لا يمل التاريخ من تكراره .. و لا نمل نحن من الاستسلام لاوامره .
الاولي ..أن الذى نقل السلطة و سلمها للإخوان كانت النخبة العسكرية من أعضاء المجلس الاعلي للقوات المسلحة الذى فشل حكمهم في تحقيق نهضة أو تغيير ، وأدى إلي الإستسلام لقوى ضغط التيارات الاسلامية حتي لو كان معلوما لديهم أن هدفها هو نفي وجود مصر(وطظ فيها ) لصالح الخلافة.
الثانية .. مدى فقر الناتج عندما زاولنا ديموقراطية الصناديق ..بحيث نعت رئيس الحزب الفائز الناخبين ( بالهبل) عند أول موقف معارضة له و لجماعته منهم ....فهل المصريون يعانون من (الهبل ) فعلا و يقتاتون علي خرافات و اكاذيب الدعاية الساذجة التي يبثها إعلام حكامهم يوميا ..و أنه بالتالي من حق الضباط كبارهم و صغارهم فرض الوصاية عليهم؟؟
الثالثة .. أن هذا الاحتفال الذى تم في جامعة القاهرة أول جامعة مصرية تم إنشاؤها لمواجهة التعليم الازهرى و نقل مصر حضاريا أثبت فشل حكم الذين جاءوا من خلفيات عسكرية منذ إنقلاب 1952 في تحقيق هذه النقلة وأدى لضمور في القيم المعاصرة للعودة إلي آليات حياة القرن الثامن عشر .
الرابعة .. أن المصرى (الاهبل في عرفهم) لا حول له و لا قوة و لا زال يحرث في البحر منفذا مصالح غاصبيه مهما كان شذوذها .. كما لو كان هذا الشعب قد تم إحتلاله بواسطة الضباط المنتصرين علي الملك فاروق الاول منذ سبعين سنة .
أولا :- عندما تمر من أمام الكلية الحربية في مثل هذه الايام المفترجة .. ستجد تجمعا ضخما من الطلاب الذين قدموا من كل محافظات مصر .. يجلسون هم و أهلهم في الحديقة المواجهه للكلية .. سيدات يرتدين ملابس الفلاحات أوالاحياء الشعبية .. و رجال توشي ملابسهم بموطنهم الاصلي الذى قدموا منه (سواء كان الصعيد أو بحرى ) و شباب يتصرفون بإرتباك امام سيل العربات القادمة من المطار أو ذاهبة له .. وزجاجات مياة تملأ من حنفيات رى النجيلة مع الأكل الريفي ..
إنه نفس الشارع المصرى .. الذى أخرج منذ بدايات القرن الماضي .. إبن البوسطجي و إبن حاجب المحكمة .. و إبن الفلاح .. أو تاجر المناطق الشعبية ..و جعل منهم ضباطا عظاما .. يضرب من أجلهم البورى و تؤدى كتيبة الحراسة سلام سلاح عندما تظهر ملامح عرباتهم .
أغلب أهل مصر إن لم يكونوا فلاحين فعلي الاقل هم من أصول فلاحية .. نحن مزارعون حتي لو لبس أحدهم الاوفرول أو البدلة الميرى ..فإنه يرتديها فوق جلباب الفلاح
إن هؤلاء الشبان الذين يقفون أمام أسوار الكلية الحربية اليوم يحلم كل منهم بعصا المارشلية .. و كرسي الرئاسة .. لا يختلفون في شيء من حيث الأصول و التربية عن القواد العظام الذين نقلوا سلطة الحكم للدكتور المهندس محمد مرسي .. إنهم أبناء الفلاحين و نتاج له.. رغم أن أى منهم بعدما إرتدى الكاب المحلي بأغصان الغار .. تصور أنه لم تلد النساء من هو مثله .
ما الذى حول إبن الجنايني الواقف أمام الكلية الحربية يأمل ، ليصبح ، هذا الجبار المليونير أو الملياردير ، لقد كان واحدا منا منذ عقدين أو ثلاثة ..فما الذى حدث ؟..هل لان الشارع الاهبل أحبه و دعمة .. و قدم له ما بيده فرد إليه الحب سخرية و عنجهية و غرور و عنف.
فلنسأل بطريقة أخرى..هل ضباط الجيش الذين حكموا مصرمنذ 1954 كانوا يمثلون صفوة ما ..مثل مماليك الازمنة الغابرة تجعلهم يفرضون الوصاية علي المصريين .. و تجعل المصريون يدينون لهم بولاء من أحسنوا إليهم و أنقذوهم من هجوم التتار و الفرنجة و مخاطر أخرى محيطة .. أم أن هؤلاء الاوصياء (كاسرين عينا ) بعد أن قدموا لقومنا طريقا للخلاص و المجد مثل الاسكندر و نابليون و لينين و هوشي منه ومنديلا .
أنهم أبناء لا يختلفون من حيث الصفات الشخصية و الخلقية و التربوية عن باقي أفراد الشعب ... بل قد تنقصهم خبرات من تعلموا في الجامعات و حصلوا علي درجات علمية متفوقة و نهلوا من علوم العصر وخاضوا تجارب سياسية و إقتصادية أغنت خبرتهم .
لا أريد في هذه العجالة أن أقيم أداء ضباط مثل صلاح و جمال سالم أو البغدادى أو زكريا محي الدين ..فضلا عن السادات و عبد الناصر .. لقد كانوا في البداية من الشباب المتحمس المفتقد للتجربة وبعضهم جاء من ضيق إقتصادى .. و وجد أنه قد دخل مغارة الكنز من أوسع أبوابها .. فلم يتوقف عن السلب و النهب...ثم التعالي حتي علي أقرب الاقرباء .
فلنتقدم خطوة هل المنقلبون من ضباط مولانا الملك المعظم فاروق الاول يختلفون عن أبناء جيش المشير عامر .. لقد كنت أحد أبناء جيش عامر و أستطيع أن أرصد ما كان يحدث حولي منذ ستينيات القرن الماضي حتي نهاية سبعينياته .. حيث خضنا حروبا في اليمن و سيناء و فقدناها (اى سيناء ).. وخضنا حربا طويلة إستنزف فيها جيشنا وقدم ضحايا بالمئات قبل أن يستنزف العدو .. و تدربنا عشرات المرات علي العبور .. و عبرنا .. ثم تقهقرنا حتي أصبحت قوات العدو علي بعد أقل من مائة كيلومتر من العاصمة و أنقذنا فك الاشتباك الاول ثم الثاني .. و ذهاب السادات حاملا كفنه للقدس ثم كامب دافيد ثم الركوع الكامل لإرادة أمريكا و إسرائيل .
ضباط الستينيات و السبعينيات كانوا من ابناء الشعب الكادح..يعيشون في تعب وكد و يبذلون الجهد الكثيف من أجل الغد ولايختلف و لا يتميز أى منا عن الاخوة والاصدقاء خارج المنظومة العسكرية في شيء إلا بقليل من الجنيهات التي تزيد عن مرتباتهم و لكنها لا تكفي ألا نستدين في أخر الشهر و لا تسمح بتعالي أى منا علي قريبه ...فماذا حدث و جعل بعض منهم مليونيرات يسكنون في قصور .. و جعل أغلبهم من الذين يوكل لهم أصعب المهام بزعم تفوقهم علي المدنيين الكسالي .
أريد أن أقف هنا عند ثلاثة مفاصل نتج بعدها هذا التحول وكان لها أثرها علي أداء و تكوين جيش النصف الاخير من القرن العشرين و عقدين من القرن التالي .
الاول مع إنهيارالقوات في اليمن و سيناء لسوء القيادة و التدريب وتغلب الكم علي الكيف .. و الاخر أثناء الاعداد لمعركة إسترداد الارض و حجم حماس المشتركين مع الاصرارعلي التفوق المصاحب للأداء بعد تطعيم الجنود بحملة الشهادات العليا .. و الثالث عندما رفعت الاعلام المصرية علي مدن سيناء و طابا و تغيير العقيدة القتالية لتميل نحو السلم .
في الاولي ظهر مدى الفقر الفكرى والخططي و التدريبي للقيادة و إنشغالها بالهم الداخلي عن الاعداد لمعركة .. و في الثانية تفرغ ضباط الجيش و جنوده للتدريب و التجهيز والانجاز في فترة تعتبر الاعلي و الارقي في تاريخ القوات المسلحة حيث إهتمت القوات بمهامها فقط بعيدا عن هموم السياسة و الاقتصاد ..و في الثالثة زمن الاسترخاء و التخصص في تطوير فنون و أساليب حماية الريس .. تم الانشغال بالتجارة و المشاريع الاقتصادية و جني الاموال و توزيعها علي القيادات .. ليصبح لدينا الضابط المليونير و الملياردير .. ثم القائد البزينيس مان .
من هؤلاء المسعدون بالثروة و النفوذ جاءت نخبة عسكرية قدمت مصر علي طبق من فضة لمرشد (طظ في مصر و أهل مصر ).
لقد أحب المصريون رجال جيشهم .. و تعاملوا برفق مع أخطاؤهم .. بل لقد غفروا لهم هزائمهم المتتالية .. و مع أحداث 73 لم يعوا إلا فترة العبور ..و جعلوا منها نصرا و أسطورة..و تجاهلوا ما تلاه من سقطات .. فلقد كان الجيش دائما بجنودة و قواده منهم ..من الابناء و الاخوة ..الذين يعانون كما يعانوا و لا يبخلون بالجهد و الدم و النفس فداء للوطن ..و كان المصريون يدفنون شهدائهم و يظلون يذكرون تضحياتهم .. مهما مر من زمن سواء كانوا قادة أو من الضباط و الصف و الجنود
ثم إنتهت أخر الحروب (كما قال السادات ) حول 74 ..و إستلم الجيش (مصر) من مبارك 2011 أى بعد 37 سنة سكون في ميادين القتال .. لم نكن نسمع فيها عن القوات المسلحة إلا عندما تحدث كارثة فتهب للنجدة ..أو عندما ينتصرأحد فرقها الاربعة التي تلعب في الدورى ..
السادة أعضاء المجلس العسكرى الذى إستلم إدارة مصر عام 2011 لم يكن يزيد عمر أى منهم عن 55 سنة أى كان في عام نهاية الحروب لم يصل بعد إلي سن الثامنة عشر و بالتالي فكل أعضاء المجلس عدا عضو أو إثنين تعدوا الستين لم يخوضوا حربا أو يستعدوا لخوض حرب أو يمارسوا حياة عسكرية خطرة مثل تلك التي عاشها ضباط الستينيات و السبعينيات
ماذا كانت تفعل القوات المسلحة خلال تللك العقود الاربعة السابقة لتخلي المبارك عن الحكم
في البداية قام السادات ومن خلفة بالتخلص من منافسة كبار الضباط الذين خططوا وخاضوا الحرب..و تعلموا منها ..وذلك إما بالاحالة للمعاش أو بالاتهام و المحاكمة أو بالانتداب لاعمال مدنية و ساعدتهما الظروف بالوفاة المفاجئة لعدد منهم في الواحات أو علي متن طائرة أسقطتها الاسلحة الامريكية قرب حدودها
وهكذا فجيش المشير محمد حسين طنطاوى الذى إنتهي حكم مجلسة الاعلي بتنصيب مرشح الاخوان كان قد أعيد تشكيلة بحيث يصبح قليل العدد حسن التدريب يمتلك أسلحة أمريكية ويتميز ضباطة بعدد من الصفات المؤهلة لترقيتهم للصفوف الاولي .. أهمها أن يكون رجلا طيبا ورعا من بتوع ربنا .. يحج و يعمر و لا يفوته فرض (الاقباط يمتنعون )..ثم أن يعرف كيف ينحني للعاصفة و يتحرك مع الموجه الصاعدة ..و يظهر بوضوح لا يقبل الشك ولاءة للسيد الرئيس محمد حسني مبارك و عائلته الكريمة .. ثم أن يرضي علية مدربية من الامريكان ويوصون به و يثنون علي تفهمة لإسلوب الحياة الامريكية وآليات السوق الحرة و( النيو ليبراليزم) .. مع علاقة طيبة بإسرائيل و قاداتها و التطبيع معهم بصفتهم من الجيران المسالمين ...ومن كان يخرج عن الصف يستبعد حول رتب لا تزيد عن عقيد
جيش المشيرطنطاوى المرفه لم يرتدى فقط الملابس الامريكية ولكنه تطبع بالعقيدة الامريكية في القتال .. و إسلوب حياتهم هناك
وهكذا رجال جيش طنطاوى الذين لم يصل التراب إلي (بوتاتهم ) اللامعة .. تصاعدت مرتباتهم بصورة واضحة تميزهم عن باقي افراد الشعب ..ثم أصابته حمي البزينيس و الكسب.. بدأت بما حاولة المشير أبوغزالة بعمل إكتفاء ذاتي لاحتياجات قواته .. ثم زاد عليها من تولي بعده بتكوين فرق كرة تنافس في الدورى وإنشاء اندية ترفيهية .. ثم أصبحت هذة (الدور ) الاندية مصدر دخل مناسب للبعض .. و أضيف لها محطات الوقود .. و مزارع الدواجن وانتاج اللحوم و الالبان و الاسماك والجمبرى .. ثم إمتد النشاط لمشاريع إنشائية وطرق و مساكن و مدن و مقاولات .. و أصبحت القوات المسلحة تدير بزينيس ذو حجم ليس قليلا .. معفي من الضرائب و التأمينات ولا تراجع ميزانيته بواسطة عناصر حكومية (مثل الجهازالمركزى للمحاسبات ) أوحجم إنفاقه بواسطة السلطة الرقابية البرلمانية و يستخدم عمالة مجندة رخيصة .. و أصبح لدينا ( نحمدك يا رب ) ضباط من الذين يمتلكون أرصدة تزيد أصفارها علي اليمين عن ستة أصفار و قوات مسلحة تتبرع للحكومة بمليار جنية في وقت الزنقة
هؤلاء الضباط (الباشاوات المليونيرات ) هم الذين سلموا التيارات الاسلامية مفاتيح الشارع و دواوين الحكومة رغم أنه كان معلوما لديهم أن كبيرهم الذى علمهم السحر يقول (طظ في مصر و أهل مصر )
ثانيا :- ما السبب في تحول الجماعة المحظورة لتصبح جماعة منظورة .. والسماح للسلفيين الجهاديين التائهين في بلاد الاسلام بالعودة لمصر في سلام!!.
لاشك في أن درجة وعي القادة العظام الذين أوكل لهم مبارك حماية و رعاية مصر كان يتوافق ويميل بصورة مناسبة تجاة الافكار الوهابية السائدة في مجتمع 2011 حيث (القاعدة و داعش ) غير مجرمة بواسطة الازهر ... لهذا فكما قهر السادات الحركة الطلابية بواسطة أصحاب المطاوى و الجنازير سار خلفاؤه علي نفس المنوال
الدعاية الواسعه التي بثتها كوادر الاخوان عن الظلم الذى حاق بهم منذ زمن عبد الناصر جعل هناك حالة من التعاطف الانساني معهم علي أساس أنهم فصيل وطني مقهور رغم أنهم ((قادمون بالخير لمصر)) .. وكان للمعلومات غير الدقيقة عن مقدار إمتلاك السلفيين و الاخوان للشارع المصرى التي تبناها مسئولي الولايات المتحدة الامريكية إنعكاسها علي متخذ القرار المصرى ... فإذا أضفنا لهذا الخوف التقليدى من الشعارات اليسارية التي أطلقها المنتفضون فربما يكون هذا هو السبب الذى جعل الضباط يفاوضون كوادر المحظورة طلبا للمشورة والدعم
و كما إستعان الضباط الاوائل بسيد قطب الاخواني لرسم خريطة حركتهم ،و أنور السادات بعثمان أحمد عثمان ، إستعان الجدد بطارق البشرى السلفي و صبحي صالح الاخواني لنفس الهدف فوجهوا القيادة و الشارع نحو لعبة الصناديق الانتخابية التي إعتبرها بعد ذلك البعض منهم غزوة يعقبها غزوات
ولان في الحرب يمكن إستخدام كل الوسائل غير المشروعه بما في ذلك الكذب و الرشوة (بالسكر و الزيت و البقشيش) أو تأجير كل من أعدهم النظام السابق كموردى أنفارللجان والصناديق أوالاستعانة ببلطجية الانتخابات( نساء و رجال) لترويع الناخبين ..لذلك جاءت النتيجة كما خططوا لها وهدفوا ..بإختفاء اليسار و شعاراته ،إضعاف قيادات 2011 و تهميشهم ..وأجهضت التجربة الوليدة للديموقراطية لتنتج فقرا في الممارسة ،تبدى في ..تعديلات البشرى للدستور و برلمان أم أيمن السلفي الموجه ضد الحداثة و حزب حاكم ينعت رئيسه الناخبين ( بالهبل) عند أول موقف معارضة له و لجماعته و مليشيات تحمي قصر الاتحادية ومقر الجماعة و تدير معارك بالمطاوى و الجنازير والاشاعات و التحريض
ثم جاء صوت خفي يهمس بين الناس اليس هذا ما كنتم تطلبون عندما إنتفضتم!!..ثم بدأ يصيح ..اليس هذا ما حذركم منه الرئيس مبارك ..!! ثم بلوم وتأنيب ..ذوقوا نتائج صراخكم .... و .بعدما تأزم الوضع و تبني البعض منهج من أعادوا إحتلال مصر وبدأوا في فرض الجزية علي سكانها الكفرة خصوصا من أهل الصعيد ..بدأ يندب بتشفي عاينوا تصرفات من إخترتم
و كجزاء سنمار .. يحال القائد و نائبة للمعاش .. مع منحهما أنواط و نياشين و إمتيازات .. و يصعد وجه جديد لا تفارقه النظارة السوداء تخفي ما تبديه العيون .. فيصبح هو الامل.. لكل الاطراف ..الاخوان و السلفيين و الاقباط و الليبراليين والخليجيين و السعوديين والامريكان وقادة الجيش و الشرطة وصبايا الشعب و لكل أسبابه التي تختلف عن الاخرين
الصراع مع الاخوان بدأ سريعا بسبب الرغبة في الاستحواذ علي السوق ...تجار الاخوان (الشاطرون ) وأرباب التجارة الميرى بعد أن توسعت و تضخمت و إمتدت أنشطتهم خلال زمن البلبلة التي صاحبت هوجة المصريين خصوصا حول نشاطات (الريال ستيت ) ..
ثم توالت الخلافات بين الفسطاطين عندما لجأ احدهم (لقطر) طلبا للعون التمويلي و إحتمي الاخر بالخليج و السعودية كثقل مالي يوازن كفتي الميزان ..ثم تصاعد حتي إقترب من المواجهه عندما حاول كل طرف إقناع البيت الابيض و البانتجون أنه من يمتلك الشارع و يسيطر عليه
الذين يتصورون أن حكام أمريكا (جمهورى أو ديموقراطي ) ملائكة .. ارسلتهم السماء من أجل خير البشرية و مساعدة المكروبين ..إما ساذج أو لم يقرأ التاريخ و الواقع جيدا أو (من غير زعل ) مستفيد
فنظم الحكم في هذه البلاد .. لها إستراتيجية لا يختلف في تنفيذها الرئيس أوباما من الرئيس ترامب ..تم وضعها للحفاظ علي مصالح (تجار السلاح و البترول وميليارديرات الميديا) و تنفذها البنوك ..تستنزف ثروات الشعوب ..وتعلي من قيمة إسرائيل .. و تخضع كل القرارات الخاصة بجيرانها لصالحها
إستراتيجية أمريكا في المنطقة منذ كامب دافيد حتي اليوم .. ترى أن وجود حكم يعتمد إعتمادا كليا علي الالة الاقتصادية (المالتي ناشونال) التي يديرها رجال البنوك الامريكان و يتحكمون بها في الشعوب تحت مسمي (النيوليبراليزم ) هي الضمان الوحيد لنجاح هذه السياسة ..
((تدعو "النيوليبرالية" إلى تبني سياسة اقتصادية تقلل من دور الدولة وتزيد من دور القطاع الخاص قدر المستطاع، وتسعى لتحويل السيطرة على الاقتصاد بعيدا عن الحكومة بدعوى أن ذلك يزيد من كفاءتها ويحسن الحالة الاقتصادية للبلد..و هي لذلك تسعي إلي تقليص القطاع العام حتي أدنى حد والسماح بأقصى حرية في السوق)).
و لهذا كان مقياس تقييم أداء الرؤساء (السادات ، مبارك ، مرسي ثم السيسي ) لدى المسئولين الامريكان يتحدد في مدى رضا البنك الدولي عن الاداء الاقتصادى لحكوماتهم المتعاقبة .. و يبدو أن النظام الحالي كان الاكثر توافقا وفهما (للنيوليبراليزم) فحاز علي الضوء الاخضر
تفاصيل هذا الصراع رغم أهميتها ليست موضوعنا .. و إن كان علي من يعلم أكثر أن يطرقه في يوم ما .. و لكنه إنتهي بعاصفة شعبية أخرى بعد مرور سنة علي حكم الرئيس محمد مرسي ..يقودها ضباط الجيش العظام مقنعين العالم بأن لهم اليد العليا في تحريك الجماهير ومعبرين عن أن الشارع المصري المدعي عليه (بالهبل ) .. قادر علي الإزاحة و تعديل الموازين وأن أبناء هذا الشارع (علي الرغم من كونهم يقتاتون علي الخرافات و الاكاذيب و الدعاية الساذجة التي يبثها حكامهم يوميا) ..إلا أنهم يستطيعون إذا أرادوا التغيير
ما حدث بعد ذلك .. كان تحولا جذريا في حياة الناس .. لقد راى كبار الضباط أن خروج الملايين للشوارع و الميادين إستجابة لنداء وجهه سيادة الوزير ..هو تفويض بالوصاية علي الشعب ومنحهم الحق في حمل صولجان الحكم دون غيرهم ، ليبدأ الاعداد لتمكين الجمهورية الثالثة للضباط .. وليطرح في نفس الوقت علي العقلاء السؤال المعضلة هل أصبح هكذا من حق الضباط كبارهم(اليوم ) و شبابهم (1952 ) فرض وصاية مستمرة لا تتوقف علي المصريين ؟؟
ثالثا :- هل جمال عبد الناصر هو الذى سمح لإبن الجنايني ..أن يصبح ضابطا كما يدعون .. قد يكون هذا الحديث منطقيا لو كان سيادته إبن الباشا الذى لم يمنع إبن سائق عربه والده أن يلتحق بالكلية الحربية .. و لكننا نعلم أن سيادته تم رفضه بسبب أصولة الطبقية و أنه ظل طالبا في كلية الحقوق لسنتين ..حتي قرر الانجليز و حكومة الوفد إعداد جيش يمكنه الدفاع عن قناة السويس .
في ذلك الزمن كانت كلية الحقوق هي مفرخة الباشاوات و المدافعين عن الاستقلال وعلمانية التعليم في مواجهه مع التعليم الازهرى الذى إنتقده و وصف مشاكلة الشيخ طة حسين بعد أن إلتحق بالجامعة و حصل علي درجة الدكتوراه من فرنسا ثم أصبح وزيرا للمعارف ينادى بعدم خضوع تعليم الابناء لوضع الاسرة المادى .
أغلب ما سمي بإنجازات يوليو ..طرحة المجتمع المدني علي طاولة البحث قبل عقد أو إثنين من إنقلاب العسكر .. و كادت إصلاحاته أن تتحقق بصورة أكثر وعيا و فهما .. بما في ذلك قانون الاصلاح الزراعي .. وتمصير الصناعة المصرية.. وإقامة السد العالي وإنشاء جيش وطني قوى
السادة الضباط الذين تاهوا علينا فخرا بأياديهم البيضاء .. كانوا إفرازا لوسط ثقافي متنوع و غني كان قد بدأ في التحول نحو الحرية و الاشتراكية و الوحدة .. إفحصوا .. ما كانت علية الحياة الفكرية و الثقافية و السياسية في مصر و الشام مع بدايات القرن العشرين .. لتسقط أوهام أن رجال يوليو كانوا فلته ومعجزة زمنهم وهدية السماء لشعب محتل عسكريا و محكوم ملكيا بواسطة ملك غير متعلم و غيرمؤهل للحكم .
إعلام ما بعد 52 الموجه بواسطة الرقيب العسكرى ..صور لنا نحن الشباب (في هذا الوقت ) أن بداية التاريخ المصرى المعاصر كانت عندما تولي عبد الناصر بعد أن خرج في مارس 54 الشارع (الاهبل ) المدعوم برشوة قيادات عمال النقل العام يهتف تسقط الديموقراطية .. ثم أثبتت الوثائق و الاحداث أن كفاح المصرى من أجل الحرية والامن دام لعشرات القرون .. وأن قدرته علي صنع الحضارة لم تتوقف حتي في أحلك الظروف وبعد أصعب الهزائم .و أن هذا لا دخل له بيوليو و رجال يوليو.
إن هذا الاحتفال الذى تم في جامعة القاهرة أول جامعة مصرية تم إنشاؤها لمواجهة التعليم الازهرى و نقل مصر حضاريا ( رغم الصعوبات والعوائق التي وضعها المحتل و أعوانه لإجهاض الفكرة ) .. أثبت فشل حكم هؤلاء الذين جاءوا من خلفيات عسكرية منذ إنقلاب 1952 في تحقيق هذه النقلة ، وأدى لإجهاض الحركة الثورية النشطه في المجتمع ، ولضمور القيم المعاصرة لنعود إلي آليات حياة القرن الثامن عشر .
ومع ذلك فالصراع لم يكن بين فسطاطين واضحين .. فالافكار والقيم لا تنتصر و تهزم بشكل كامل ... إذ نجد في منتصف القرن العشرين أن التعليم الازهرى لم يكن قد دحركما تصور البعض أمام جامعات فؤاد وفاروق و إبراهيم و كلية الفنون الجميلة و مئات المدارس الثانوية و الابتدائية .. و كانت له قواته المتمترسة في الشارع المصرى و تضم أعضاء جمعية الشبان المسلمين .. و جماعة الاخوان المسلمين .. و لها جذور قوية في عقول الضباط و المخبرين ..بحيث إسترد التعليم الديني قدراته و نفوذه سريعا وإمتد في الزمن الناصرى ليشمل الالاف من الشباب و الصبايا خصوصا مع تحويل الازهر إلي جامعة تدرس بجوار العلوم الشرعية علوما دنيوية فإذا أضفنا لذلك إنشاء مدينة البعوث (مجمع للوافدين للتعلم الديني التبشيرى ) وتنشيط دورمصر في المؤتمرالاسلامي وتسجيل تلاوة القرآن الكريم بالكامل علي عشرات الشرائط و إفراد إذاعة لة تبث علي مدار الساعة مع تخصيص ميزانية غير محدودة تعد بالمليارات لنشر الفكر الاسلامي في إفريقيا و أسيا نجد أن إنقلاب العسكر وإنحيازهم للتعليم الديني كان بمثابة قبلة الحياة للازهر ولإسلوب تعليمه .
و هكذا بمجرد وفاة عبد الناصر كان الموقف معد للإنقلاب علي ما تبقي من إنجازات عصر سابق علي 52.. و قادنا الرئيس المؤمن أفواجا و فرادى إلي واحة الايمان التي جذبت ملايين الريالات و الدولارات خصصت لتحويل مصربأيدى أبناءها إلي مستعمرة وهابية يحكمها إخواني يتوج في عقر دار العلمانية ،قاعة الاحتفلات الكبرى لجامعة فؤاد الاول.
رابعا :- عندما خرجت الملايين تحت حماية القوات المسلحة و الطيران ترفض حكم الاخوان .. لم يكن أى منهم يتصور سيناريو ما بعد إسقاط المرشد وبطانته ..لقد إنتشرت بوسترات ضخمة كاشفة لوجه نظر مبدعها تصورجندى شاب
(ممثلا للجيش ) يحمل طفلا (ممثلا للشعب ) يحمية و (( الجيش و الشعب إيد واحدة ))..و ساد شعوربين المواطنين بأن قوات الشعب المسلحة ستكفيهم عناء الصراع وستحميهم من غيلان (الشاطر و مرسي ) و جماعتهما .
لقد ظلت مليشات الاخوان و من يدعمهم من بلطجية و شبيحة ..يمثلون كابوسا غير قابل للتخلص منه لدى رجل الشارع المصرى .. .يظهر في الوقت المناسب و يختفي عندما لا تكون هناك حاجة للتذكير به .
لقد كان البعض يريد الخلاص السريع من الرمضاء مهما كانت النتائج ،حتي لو وقعوا في آتون ( النيوليبراليزم) التي تعلم أصولها ضباطنا العظام ضمن دوراتهم التدريبية في أمريكا.
إن المصرى عندما خرجت جموعه بالملايين لتسقط الاخوان لم يكن في ذلك كما وصفوه لقد كان ينقصه فقط قيادة رشيدة يتم تصعيدها من بين الجماهير تدل و تفسر و تشرح أن الخلاص من الاخوان ليس معناه تكرار حكم القادمون من خلفيات عسكرية ..و أن الفرصة أصبحت متاحة لإقامة حياة ديموقراطية تتسم بالحرية و الشفافية و تصون حقوق المواطنة ، ففي ذلك الزمن كانت الجماهير قد وثقت في نفسها و في قدرتها بعد إسقاط رئيسين في شهور معدوده .. وكانت النغمة السائدة أن ميدان التحرير لن يبرح مكانه .. وأن الجموع ستعود لتملأه لو إستجد ما يستدعي ذلك .. بمعني أنه عندما خاطر الناس و إحتشدوا دعما للضباط مخلصيهم و إلتفوا حول المدرعات و عربات الجنود بحب ،كانوا يأملون إعتمادا علي قوة الشارع بأن يعود مرتدى الكاكي بعد أداء المهمة إلي معسكراتهم و مهامهم الاساسية للحفاظ علي أمن الوطن ولايسمحوا بتكرار ما حدث في منتصف القرن السابق .
الذين روجوا لهذا المنطق من مثقفين و نشروه بين الناس بحسن نية أو سوءها .. في الغالب كانوا يعلمون أن شعب بدون قيادة واعية يصبح مجموعات من الافراد لا حول لهم و لا قوة ..مجموعات معرضه للإنتكاسة وأنه لن تتكررعفوية تجربة يناير 2011 بعد أن تعلمت السلطة دروسها و أعدت عدتها .. و أنه بدون حزب قائد سيظلون يحرثون هم و قومهم في البحر منفذين مصالح المتحكمين فيهم مهما كان شذوذها وقسوتها فالحكام الذين أصبحوا يملكون السلطة والقدرة علي مراقبه أحاديث الغاضبين من اليساريين و اليمينين و ما بينهما ((حتي لو كانت همسا)) ..كان بإمكانهم إصدار القوانين التي تجعل أغلب الشعب في حالة إدانه بجريمة البكاء والانين ..وترزية التشريعات متوفرين بكثرة عند الباشا رئيس البرلمان .
المصريون الذين خرجوا من أجل تغيير الموازين لصالحهم .. لم يجنوا بعد سنوات خمس إلا عثرات نفس النظام و تخبطه في إقرار و تنفيذ سياسات موحيا بها من قوى خارجية .. لكن بخطاب.. لا يتجمل أو يدارى بل يقول في المواجهه ما كان يقال من قبل سرا و يفعل ما تحرج عن فعله السابقون ..(( إدفع لتعيش )) ..كما لو كان هذا الشعب قد كتب عليه طاعة و تمجيد كل من يستلمون الصولجان جيل بعد جيل حتي يوم بعيد لن يشهده أبناءهوجة 2011 .
اليوم معظم من كانوا يجلسون في الصفوف الاولي بقاعة إلاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة .. يعيشون في زنزانات السجون .. بعيدا ..عن كراسي السلطة ..و من كانوا يحرسون القاعة و يحوطونها ..يتمتعون بالثروة و النفوذ .. إنه درس من دروس الصراع بين حلفاء الامس أعداء اليوم ..الذى لا يمل التاريخ من تكراره .. و لا نمل نحن من الاستسلام لاوامره .
=========
تعليقات
إرسال تعليق