مقتطفات - خبر سار في معركة «كورونا»

إعداد : صلاح الدين محسن
18-6-2020

" ... نجاح عقار «ديكساميثازون» يعد خطوة مبشرة في المعركة ضد المرض المرعب. ذلك أنه يؤشر نحو إمكانية التوصل إلى نجاحات أخرى مع عقارات موجودة يجري عليها الأطباء والمختصون تجارب لأنها تستخدم في علاج أمراض تنفسية أو لها علاقة بالجهاز المناعي أو أي أمراض قد تلتقي مع بعض أعراض (الكوفيد). فهناك قناعة بين جهات الاختصاص بأن العلاج إذا لم يأت من عقار واحد، قد يكتشف في السباق المحموم الجاري حالياً في عدد من الدول أو لا يكتشف، فإنه قد يتحقق من خلال استخدام «كوكتيل» من العقارات المختلفة كما هو الحال مع بعض الأمراض الأخرى.

في كل الأحوال فإن التوصل إلى العلاج، إذا حدث، سوف يستغرق وقتاً يقدره العلماء بين 12 إلى 18 شهراً، وحتى ذلك الوقت فإن أي عقار يتم التوصل إليه وإثبات فاعليته في تقليل نسبة الوفيات وزيادة فرص مقاومة المرض والشفاء منه، سيكون خطوة مهمة. فهذا الأمر سيعيد الاطئنان للناس، ويسمح بعودة الحياة الطبيعية مع بقاء بعض إجراءات التحوط، ويعطي مهلة للعلماء الباحثين عن عقار للعلاج ومصل للوقاية، علهم يتوصلون إلى الحل المنشود الذي سيخلص العالم من كابوس هذه الجائحة. لكن حتى إذا لم تنجح جهودهم فإن العالم سيكون قد قطع مرحلة متقدمة في كبح جماح المرض من خلال العقارات الأخرى التي تجعلنا قادرين على التعايش معه أسوة بأمراض وفيروسات أخرى باتت متوطنة وطورت عقارات تخفف من أعراضها وتكبح جماحها مثل الإنفلونزا الموسمية والملاريا والإيبولا وحتى الإيدز.
فالإنفلونزا مثلاً تصيب سنوياً نحو مليار إنسان، تكون إصابات ثلثهم أو أكثر شديدة، بما يؤدي إلى وفاة ما بين 290 ألفاً إلى 650 ألفاً سنوياً وفق أرقام منظمة الصحة العالمية. وعلى الرغم من ذلك فإنها عندما تذكر لا تثير ذلك الرعب ولا يربط الناس بينها وبين «الكورونا»، علما بأن فيروسات الإنفلونزا المتعددة، ارتبطت بأوبئة وجائحات أسوأها حتى اليوم هو الإنفلونزا الإسبانية (1918 - 1920) التي أصابت نحو 500 مليون إنسان وقتلت ما قد يصل إلى نحو 50 مليوناً وفق التقديرات القصوى.
عموما فإن خبر عقار «ديكساميثازون» يعطي الناس جرعة يحتاجونها من الأمل، مع الاستئناف التدريجي لمناشط الحياة، وتخفيف القيود، مع الإبقاء على الإجراءات التحوطية. فالمعركة مع جائحة «الكورونا» تبقى طويلة، وعلى الرغم من بعض الانتكاسات في الدول التي خففت القيود، والمخاوف من موجة ثانية، فإن جهود الدول والعلماء و«الجيوش البيضاء»، بدأت تحقق نتائج ملموسة في كبح جماح الفيروس والحد من انتشاره. وكل يوم يمر يضيف الناس خبرات ومعلومات تساعدهم في هذه المعركة.

== مقتطف من مقال الكاتب السوداني عثمان ميرغني - بصحيفة الشرق الأوسط - لندن - يوم 18-6-2020 

جامعة أوكسفورد

تعليقات