الفنان والشيخوخة

كتب : صلاح الدين محسن
28-11-2021
لأنني من هواة الفن التشكيلي , لذا فوقت وجودي بالقاهرة .. زرت معارض لا أتذكر عددها  - رسم ونحت , وخلاف ذلك - لفنانين كثيرين . منهم  : عز الدين نجيب , و أحمد شيحا .. و  و , حتي الملكة فريدة - صافيناز ذو الفقار - شاهدت لها معرضين اثنين , كان العرض بصالات اثنين من أكبر فنادق القاهرة .. - كملكة سابقة وتنتمي للطبقة الأرستقراطية - لكن عموم الفنانين والفنانات , كانت أعمالهم تعرض بقاعات أخري , أشهرها بأتيليه القاهرة - مقر جماعة الفنانين التشكيليين والكُتّاب / وكنت قد حصلت علي عضويته ككاتب , في الثمانينيات من القرن الماضي - أو يعرضون ابداعاتهم بصالة معهد جوتة " المركز الثقافي الألماني " .. أو بقصر عائشة فهمي .. وغير ذلك من قاعات عرض الفن التشكيلي
وكان من ضمن الفنانين الذين شاهدت لهم أكثر من معرض , الفنان أحمد شيحة .. وكان ذلك منذ ما يقرب من 40 عاماً .. وعندما جئت كندا , منذ أواخر عام 2004 - 17 سنة - عرفت خلال تلك المدة ان اثنتين من بناته قد اشتغلن بالتمثيل ..
وشاهدته مؤخراً في فيديو , وبناته يشاركنه حفل افتتاح معرض جديد وتوقيع كتاب من تأليفه ..
وجدت انساناً آخر - رجلاً كبير السن , أصلع - بخلاف الفان الشاب أحمد شيحة , الذي حضرت معارض لوحاته منذ قرابة 40 سنة .. ! وقتها كان كما نجوم السينما - في شبابهم - محمود عبد العزيز , حسين فهمي وشقيقه .. وأمثالهم ..
أهكذا يفعل بنا كِبر السن .. ؟!
لي صديق مصري سبقني في القدوم لكندا .. بأعوام قليلة . وكان يتردد علي القاهرة .. هو يعيش في مدينة كندية أخري تبعد عن مديني - مونتريال - ب 5 ساعات بالقطار .. كنا علي اتصال دائم بالانترنت وبالتليفون ,, ولكن عندما جاء مونتريال ضمن رحلة .. اتصل تليفونياً , فلما تقابلنا بعد حوالي 15 سنة ! وجدت نفسي أمام شخص آخر .. وأظنه هكذا رآني أيضاً , فكبر السن يحدث فينا تغييراً كبيراً .. 
من الناس عندما يكبرون تتضخم عظام الوجه والجسم ويزداد الوزن , ويخيل الينا كما لو كانوا ازدادوا طولاً
وآخرون تجدهم قد نقصت أوزانهم وقصرت قاماتهم . والرؤوس صارت صلعاء تماماً ..
ومن الناس من تختلف ملامحهم كل الاختلاف .. كمن كان يشبه والده , وعندما تقدم في السن صار يشبه جِده أو يشبه خاله ..  
كنتُ في صغري وشبابي أُشبِه خالي .. فلما تقدمت في السن تحول شكلي فصار أقرب لشكل أبي ! .. فكيف يعرفني صديق قديم , لم يسبق له معرفة أبي ؟ الا بأن أعرِّفه بنفسي ..!
كان لي صديق منذ الطفولة - بالقرية - كنا زملاء بالمدرسة وجيران . افترقنا في عمر 16 سنة .. وبعدما كبرنا وتزوج كل منا وصار له أولاد . تقابلنا . بعدما تراسلنا . زرته في سكنه بالقاهرة .. كان عمر كل منا 43 سنة ( هو أستاذ جامعي ) .. دقيت الجرس , فتح باب الشقة رجل لا يمكن أن يكون هو صديقي العزيز القديم .. امتلأ جسمه وزاد وزنه كثيراً , ورأسه صار خالياً من الشعر تماماً ! صافحته وقلت له : كيف حالك يا دكتور .. ؟ كيف حال أولادك .. وبعض الكلمات .. علي أمل أن يعرفني .. واضطررت أن أذكر له اسمي .. فغاب للحظات في حالة من الذهول والفجيعة لفقدان صديق عزيز , لن يراه مرة أخري كما عرفه .. ! 
ثم تدارك ورحب بي - اضطراراً لقبول الواقع المُرّ .. - وقال : تفضل ..
دخلت .. وجلست , راح يتأملني  بدهشة .. ولأن شعري قد قلّ من وسط رأسي .. نسي انه قد صار أصلعاً بلا شعر تماماً . وسألني : فين شعرك ..؟! ( وكأنه يقول لي : اذا انت حقاً صديقي فلان .. فأين شعرك !؟ )
ومفاجآت ومفارقات كثيرة تحدث للناس عندما يتقدمون في السن ..

كل هذا وذاك - وغيره - تذكرته عندما شاهدت - بالفيديو - ما فعله التقدم في السن بالفنان التشكيلي أحمد شيحة - والد كل من : الممثلة الفنانة حلا شيحة , و مايا شيحة , وهنا شيحة ..
___________________________

تعليقات