مكانة البرغوث ومقامه عند بعض الشعوب

كتب : صلاح الدين محسن
26-11-2021
لا اتذكر ان كان البرغوث واحداً من مقدسات قدماء المصريين , الذين قدسوا أشياء كثيرة , من الصقر - حورس - والقرد , وابن آوي , واللبوءة , والثعبان , وحتي الجعران ( وغيرها )
لكن البرغوث , أعرف ان له وجوده وحضور كبير في حياة المصريين - بالأرياف بالذات - في القرن الماضي خصوصاً .. 

وبالنسبة للفلسطينيين , من المعروف انه توجد عائلة كبيرة تسمي عائلة " البرغوثي " نسبة الي البرغوث ! وهي عائلة منها الشاعر , والمناضل , والكاتبة .. الخ . مما يدل علي المكانة الهامة للبرغوث , التي اوصلته لتلك الدرجة - انتساب عائلة كبيرة الي سعادة البرغوث ..
وحسبما أتذكر ... توجد في مصر أيضاً عائلات تحمل اسم البرغوث - برغوت - ..

و في مصر .. يكفي وجود مثل شعبي مصري شهير " كل برغوت علي قد دمه " .. وان كنت لا أري له معني ذي قيمة .. إلا ان وجود مثل شعبي يتمحور حول البرغوث . لدليل كبير علي وجود البرغوث في حياة المصريين .. 
انا عشت بالريف وبالمدينة في مصر , في القرن الماضي بالذات . البرغوث لم يكن له وجود بالمدن . لأن بيوت المدن , الارضيات مبلطة .. وبيوت الأرياف كانت 90% منها علي الأقل - حتي الستينيات من القرن الماضي - لم تكن مبلطة , وهنا تتكاثر البراغيث .
 
عهدت في الريف - في الخمسينيات من القرن الماضي , البرغوث شريك حياة دائم للانسان .. فاستحق أن يدخل مثلاً من الأمثلة الشعبية ..
 وقتذاك .. ظهرت أغنية انتشرت شعبياً انتشاراً واسعاً , للمطربة اللبنانية الكبيرة نجاح سلام . يقول مطلعها " برهوم حاكيني , زعلان سليني "
فظهر مونولوج علي وزنها . يتكلم عن البرغوث .. ! . يقول مطلعه " برغوت هاريني , م النوم مصحيني " ..
في طفولتي بالقرية المصرية - حتي سن 10 سنوات . كانت أمي تقاوم البراغيث بمصيدة ليليّة . عبارة عن صحن قيشاني مسطوح كبير . تضع فيه ماء بالصابون . وفي وسطه لمبة الكيروسين .. (حيث لم تكن القرية قد تكهربت بعد ) في أرضية غرفة النوم - , التي يتم تخفيض ضوئها عند النوم .. فتهرع براغيث  الغرفة نحو النور .. 
وفي الصباح نجد عدداً كبيراً من تلك البراغيث , سقطوا شهداء بتلك المصيدة . التي كانت أفضل من استخدام البودرة لما لها من أضرار .. ولكن لا البودرة ولا حيلة اللمبة والماء بالصابون كانت كافية للقضاء علي البراغيث تماماً .. لذا دخل البرغوث التاريخ الشعبي بالمثل القائل " كل برغوث علي قد دمه " !!                                                 
لكن فيما بعد , تحضرت القري لدرجة كبيرة وصارت بيوت كثيرة أرضياتها مبلطة . وهو الحل الناجع لقطع الطريق علي البيئة التي يعيش فيها البرغوث , وهي الأرضيات غير المبلطة - . 
طبعاً ليست كل البيوت , فالريف لا يزال فيه فقراء كثيرون , واناس لا يزالوا يطبخون علي الكانون والفرن المصنوع من الطين , باستخدام الوقود البدائي - الحطب وغيره - .. لذا ..  فان : " كل برغوت علي قد دمه " ..
!! 
__________________________

تعليقات

إرسال تعليق