من أوجاع الكُتّاب والصحافيين
منقول من الفيسبوك . يوم 20-8-2019 :
هل أُراجِع نفسي وأعتذر عن كتاباتي؟
كتبتْ، ثائرةً، ردًا على مقالي عن غضب المصريين وقالتْ بأنني أكتب أكاذيب وأنثر، وأنشرالكراهية لأن الوضع عكس ذلك تماما؛ وأردفتْ: المطاعم مليئة، والبنايات الجديدة تنتصب كل يوم، ودور العرض السينمائي كومبليت، والطعام متوفر، والمصريون متفائلون بغدٍ مشرق، والمال في أيدي الجميع، والسيارات أكثر عددًا من المُشاة، والتطور مذهل و ....
لكنها لم تتطرق للمساواة وحقوق الإنسان والسجون والمعتقلات وحرية الرأي وانحطاط الإعلام وتغيير الدستور وظُلم القضاء وفساد مؤسسات الدولة وجهل السلطة التشريعية ورئيسها وتعاظم السلفية الطائفية وخوف المصري من الحديث علانية عن أوجاعه والجزيرتين ومياه النيل والقروض التي أثقلتْ كاهل الوطن وعسكرة الدولة وحُلم شعب بكامله في الهجرة ...
وقفتُ متأملاً في كتاباتي وملاحظاتي وقراءاتي ومعلوماتي: هل ما تقوله هذه السيدة وغيرها صحيح وأن ما أشرت أنا إليه أعلاه خرافات وهراء وفبركات؟
هل أنا أصنع الوهمَ من خيالي، وأنْ ليس في الإمكان أبدع مما هو الآن، فالقضاء عادل، والمحامون شرفاء، والعلاج قمة في التقدم، ومكان الطفل محفوظ في مستقبل الوطن، والتطرف قُضيَ عليه، والإعلام المصري عاد ليتولى الريادة، والتعليم حالة انبهار في التطور، ومصر تحتل مكانة كبيرة في الخمسمئة جامعة الأولى، والأمية اختفت، وشوارع وأزقة وحواري الوطن ينشرح لها الصدر من نظافتها، والسياحة عادت كسابق عهدها، والمثقف يرفع يرأسه ويقول رأيه أمام رئيس الدولة دون خوف، وضابط الشرطة يستقبلك كأنك أمير، وقائمة المترقــَــب وصولهم مُسِحَتْ تماما، ولا يوجد سجين بدون محاكمة عادلة، وللرئيس رؤية حكيمة في التطرف والثقافة والكتاب والدين والنهضة والمرأة والطائفية والتعليم و ..
هل أنا أصنع الوهمَ من خيالي، وأنْ ليس في الإمكان أبدع مما هو الآن، فالقضاء عادل، والمحامون شرفاء، والعلاج قمة في التقدم، ومكان الطفل محفوظ في مستقبل الوطن، والتطرف قُضيَ عليه، والإعلام المصري عاد ليتولى الريادة، والتعليم حالة انبهار في التطور، ومصر تحتل مكانة كبيرة في الخمسمئة جامعة الأولى، والأمية اختفت، وشوارع وأزقة وحواري الوطن ينشرح لها الصدر من نظافتها، والسياحة عادت كسابق عهدها، والمثقف يرفع يرأسه ويقول رأيه أمام رئيس الدولة دون خوف، وضابط الشرطة يستقبلك كأنك أمير، وقائمة المترقــَــب وصولهم مُسِحَتْ تماما، ولا يوجد سجين بدون محاكمة عادلة، وللرئيس رؤية حكيمة في التطرف والثقافة والكتاب والدين والنهضة والمرأة والطائفية والتعليم و ..
أتلقىَ في كل يوم بجانب الشتائم والسِباب ،رسائلَ وردودًا وتعقيبات تؤكد كلها أنَّ الصورة التي أنتقدها هي من نسج خيالي، والمصريون سعداء وفرحون و.. منتشون بحكمة الرئيس!
لا أسأل أين الحقيقة لأنني على يقين من أن قلمي وإنْ أخطأ فهو في معركة ضد الظلم والخوف والجهل والمزايدة الدينية والتفرقة بين شركاء الوطن، لكنني أتعجب من تلك الرؤية الجماهيرية التي لا تلاحظ الفقراء والمساكين والسلفيين والمتسولين واللصوص وغرور الرجل الواحد.. سيد القصر، ونفاق الدولة من لوائها إلى خفيرها!
يراجع الكاتبُ نفسَه إذا عارضه حكيم ومثقف شجاع وكاتب أمين وموسوعي أكاديمي ومؤرخ حمداني( نسبة إلى جمال حمدان)
وثائر فارس، أما أن يبدأ الكاتب في مراجعة قلمه نزولا عند رغبة أرانب أو فئران أو حشـــَّـاشين أو منافقين أو كتائب أمن الكترونية أو فلول الحاكم أو أعداء الكتاب فتلك مصيبة تُسِقِط وطنـــًا في وقت وجيز!
يراجع الكاتبُ نفسَه عندما يرىَ الوطن يلهث مهرولا إلى الأمام ولا يتباطأ في حقوق الشراكة والمرأة والطفل والمريض والمُسِنّ والمتقاعد والفقيروالسجين والمعتقل!
يراجع الكاتبُ نفسَه عندما يرىَ خطوة إلى الأعلى وأخرى إلى الأمام في كل مناحي الحياة.
يراجع الكاتبُ نفسَه عندما يرىَ خطوة إلى الأعلى وأخرى إلى الأمام في كل مناحي الحياة.
يراجع الكاتبُ نفسَه عندما لا تسمح الدولة بالمزايدة الدينية وبإحلال السلفيين واللواءات محل المواطنين والنـــُخبة والصفوة لقيادة حركة النهضة والاستنارة.
هل أنا لا أرىَ في مقابل رؤية الصقور مثل أحمد موسى وتامر أمين والحويني ويعقوب وحسّان ومحمود المصري وعلي عبد العال ومكرم محمد أحمد وعزمي مجاهد وعشرات الآلاف من الذين يقودون قطار الوطن من مؤخرته؟
هل أنا لا أرىَ في مقابل رؤية الصقور مثل أحمد موسى وتامر أمين والحويني ويعقوب وحسّان ومحمود المصري وعلي عبد العال ومكرم محمد أحمد وعزمي مجاهد وعشرات الآلاف من الذين يقودون قطار الوطن من مؤخرته؟
هل أراجع نفسي بعد نصف قرن من القراءة والكتابة والمتابعة والانخراط في هموم وطنية وفكرية وثقافية وسياسية ودينية لمجرد أنَّ الفضاءَ النــِـتّي امتلأ بالمشعوذين ثقافيا وإعلاميا ودينيا؟
إن التهديد الوقح الذي أتلقاه بأنني أعادي وأهاجم ديني، الإسلام، ودين أهلي وطفولتي وشبابي وعقيدتي وسلوكياتي تقودة ثُلة من الحشّاشين النقابيين( نسبة إلى النــِـقاب) والخِمَاريين والزبيبيين والذقنيين الذين تربوا في مدرسة داعش وطالبان وبوكو حرام وبرهامي ووجدي غنيم لن يجعلني أتراجع خطوة واحدة حتى لو التحىَ سيدُ القصر وأشهر سلفيتــَه أو تـَـلـَـوّأَ الدعاة وحصلوا على يونيفورم لواء مصنوع في المسجد.
لا أدخل مستشفى أمراض نفسية وعصبية وعقلية وأطلب الحكمة من مرضاها، ولا أتسلل إلى ثكنة عسكرية وأستنشق الحرية ولا أدخل القصر لتتحقق مواطــَـنتي.
الكثير من أهل بلدي الأم لا يستوعبون غضب المهاجر ويظنون الغضبَ ترفا ورفاهية وتسلية في الوقت الراحل؛ ولا يفهمون أنها رسائل حُب أرسل مثلها عشرةُ ملايين مهاجر ومغترب يرفضون الانفصال الروحي عن الوطن ويقبلون فقط بالانشقاق والانفصال الجسدي، فالروحُ أبقىَ وأسمىَ وأجمل.
سيظل قلمي مِشرط جراح ما وسعتني القدرة الفكرية والأدبية والوطنية؛ حتى لو جرحَ أو قطع أو آلـَـم أو أوجع عن غير قصد!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 19 أغسطس 2019
طائر الشمال
عضو اتحاد الصحفيين النرويجيين
أوسلو في 19 أغسطس 2019
تعليقات
إرسال تعليق