مقالات مختارة - البحث في القديم


إسرائيل تبحث عن مسلمين من أصول يهودية؛ وعن سلالات أسباط مفقودة

عساسي عبدالحميد   كاتب مغربي وناشط سياسي
الحوار المتمدن  28-8-2019


هناك منظمة إسرائيلية اسمها ياد لأحيم" و معناها بالعربية يد للأخوة ؛ و هي منظمة تحظى بتأييد كبير من طرف حاخامات كبار وفعاليات سياسية ومجتمعية داخل إسرائيل؛ وتسعى هذه المنظمة و عبر موقع لها بالتواصل الاجتماعي للبحث على مسلمين من أصول يهودية؛ وقد تلقت بالفعل رسائل من مواطنين من الأردن وفلسطين ولبنان واليمن؛ يقول أصحابها أن أصولهم يهودية ويرغبون في اعتناق اليهودية دين أجدادهم ؛و الطلبات تمت دراستها وتم قبول حوالي 30 في المائة منها بعد التأكد من أصول أصحابها اليهودية؛ كما توصلت في الأيام الأخيرة بطلبات من مصر و السعودية .
.
عدد سكان اسرائيل اليوم 9 ملاين بما فيم عرب الخط الأخضر ؛ ومشروع الشرق الأوسط الجديد الذي نحن على أبوابه يتطلب من إسرائيل أن تكون ساكنتها تفوق ال 30 مليون نسمة ؛ ترى ؟؟ من أين ستحصل إذن على ال 20 مليون ؟؟.
.
هناك يهود المهجر المقدر عددهم ب 8 ملايين؛ ولكن يستحيل استقدامهم كلهم لاسرائيل لارتباطاتهم العملية والأسرية رغم انها يحملون الجنسية الإسرائيلية الى جانب جنسية بلد الإقامة ؛ على إسرائيل إن تبحث عن 20 مليون يهودي ؟؟ ؛ من أين ستأتي بهم ؟؟ هل هناك يهود بين أدغال الأمازون ..؟؟ هل هناك سلالات الأسباط العشرة المفقودة في مكان ما من العالم ؟؟
.
في أقصى الحالات لن يتعدى عدد من يتم قبول طلبات تهويدهم من الأردن و فلسطين و لبنان ألفين طلب ؛ المنظمة تعمدت البحث أولا بهذه البلدان في خطوة أولى تدرجية وتجريبية؛ و من المنتظر الانتقال الى مرحلة ثانية للحصول على يهود ترك أجدادهم العقيدة اليهودية لظرف ما .
.
في المرحلة القادمة ستكون عين منظمة "ياد لأحيم" على خزانين بشريين هائلين اثنين ؛ والخزانان سيفيان بالغرض وزيادة؛ وسيمكنان إسرائيل من الحصول على 20 مليون مسلم ومسيحي أصولهم يهودية لتوطينهم عبر مراحل داخل اسرائيل ؛ الخزان البشري الأول هو إثيوبيا ؛و الخزان الثاني هو المغرب .
لماذا إثيوبيا؟؟ ولماذا المغرب ؟؟
فإثيوبيا تاريخيا تعتبر بلدا توراتيا؛ وكان بها تواجد مؤثر لليهود الذين ينحدر منهم اليوم يهود الفلاشا ؛كما أن الملك الحبشي "منيليك الأول" الذي تولى العرش سنة 950 ق م ؛و يعتبر أول امبراطور يهودي يحكم الحبشة بعد وفاة والدته "ماكيدا" زوجة النبي سليمان؛ و يرجع له الفضل في جلب تابوت العهد بعد زيارته لأورشلايم القدس وهو في زيارة لوالده ...كما أن الامبراطور الاثيوبي هيلاسيلاسي " (( 1892-1976 )) كان من سلالة الملك العبراني سليمان ابن داوود ابن يسى البيت لحمي.

في الثمانينات و التسعينات من القرن الماضي تم تهجير عشرات الآلاف من يهود إثيوبيا إلى إسرائيل ؛ لكن ومع أننا على أبواب تنزيل مشروع الشرق الأوسط الجديد فقد أصبحت دولة إسرائيل مستقبلا في حاجة ماسة إلى مواطنين مخلصين للدولة والعقيدة من حاملي الجينات اليهودية؛ سواء مسلمون أو مسيحيون لتهويدهم واستعادة عقيدتهم اليهودية التي تركها أجدادهم نتيجة قدوم الديانتين المسيحية والإسلام لمنطقة القرن الإفريقي ومنها إثيوبيا .
وهناك احتمال كثير للحصول على عشرة مليون من حاملي الجينات اليهودية بإثيوبيا سيتم ترحيلهم عبر مراحل في رحلات إلى أرض الميعاد وستحمل هذه الرحلات بكل تأكيد أسماء توراتية قد تكون رحلة مينيليك ؛ أو موشي أو استير. أو رحلة الملك قورش 

المغرب ؛ وهو الخزان الثاني الذي ستراهن عليه إسرائيل؛ وهولا يقل أهمية عن اثيوبيا؛ وفد تحصل فيه اسرائيل على أكثر من 10 ملاين من حاملي الجينات اليهودية ؛ و بخصوص المغرب سوف تستهدف منظمة ياد لأحيم شريحتين من المغاربة ...
الشريحة الأولى المسلمون من أصول يهودية أندلسية؛ من الذين كان أجدادهم يدينون باليهودية الى حدود القرن ال 15 و تم تهجيرهم من الأندلس عقب سقوط غرناطة سنة 1493 م ؛و بدخولهم المغرب اصطدم عدد كبير منهم باليهود الأصليين البلديين ؛ وللحفاظ على مصالحهم التجارية و التقرب من سلاطين المغرب اعتنق العديد منهم الاسلام ؛ ومن العائلات المغربية المسلمة ذات الأصول اليهودية والتي تعيش الآن في المغرب يمكن أن نذكر على سبيل المثال لا الحصر عائلات ( بناني – قيقي – بن حيون – الكوهن – بن كيران – بن جلون – بن شقرون – بنيس – بن بيهي – جسوس – الصقلي – بنزكري – الجوهري – بنونة – بن سوسان – العطار- زوهار - نوريس ....) هؤلاء يمكن الحصول منهم على قرابة 500 الى 600 ألف مرشح للهجرة ....أما الشريحة الثانية التي ستفي بالغرض هم الأمازيغ من أصول يهودية و يمكن للمنظمة الإسرائيلية الحصول ما بين 9 و10 مليون من حاملي الجينات الذين لهم استعداد لحمل الجنسية الإسرائيلية و الاستيطان في اشدود أو حيفا أو أورشلايم أوعمان أو بيروت أو تبوك ....
.
الوجود اليهودي بالمغرب متجذر منذ أكثر من 2000 سنة ؛ أي منذ الهجرة الأولى لليهود بعد تهديم الهيكل على يد القائد البابلي نبوخذ نصر سنة 589 ق م والهجرة الثانية بعد الهدم الثاني للهيكل سنة 70 م على يد الرومان.
اليوم يبلغ عدد اليهود المغاربة المنتشرون في العالم مليون يهودي ونيف؛ منهم 800 ألف باسرائيل والباقي متفرق في باقي بلدان العالم ( الولايات المتحدة الأمريكية- فرنسا – بلجيكا ....).
.
لقد هاجرت مجموعات من اليهود نحو المغرب ومنهم من اختلط وتصاهر مع القبائل الأمازيغية وكونوا مجتمعات متناغمة انجبت سلالة جميلة من الأطفال يمتزج فيها العبراني الشرقي بالأمازيغي المغربي ؛ وأخذ اليهود الوافدون من السكان الأصليين الأمازيغ عاداتهم و فنونهم و ثقافتهم ؛ ومطبخهم ؛ولغتهم.
.
لقد تمزغ اليهود لدرجة صاروا يتلون الهاجادا بالأمازيغية ؛ و تهود الأمازيغ لدرجة جعلتهم يعشقون التوراة ويقدسون السبت ويحتفلون بالشبوعوت والبوريم وروش هاشانا؛ ويحلمون كسائر اليهود بأرض الميعاد.
.
والدليل على تجذر اليهودية بالمغرب هو ان بالمغرب مئات المزارات و الأضرحة لأولياء اليهود الصالحين؛ و يحتل المرتبة الأولى عالميا في عدد هذه المزارات اليهودية ومازال يهود المغرب و العالم يحجون اليها كل سنة للاحتفال بالهيلولات حتى أصبح هذا الحج تقليدا سنويا ؛ ومن بين هذا المواسم الدينية نذكر على سبيل المثال ....( رابي حاييم بينتو – شلومو بلحنش – رابي عمرام بن ديوان – داوويد بن باروخ – رافائيل النقاوة ...............) فالمغرب أرض حج لليهود بامتياز بعد أورشلايم طبعا ... و هناك من بين هذه المزارات من هو قبلة ومحط احترام حتى من بعض المسلمين في يومنا هذا؛ وهناك من الأمازيغ من يقدم النذور و يتبرك بذكرى الولي الصالح كاليهود تماما. 
.
المغرب الى جانب اثيوبيا يبقى في المرحلة المقبلة خزانا بالغ الأهمية لمنظمة ياد لأحيم التي تبحث عن جينات يهودية مختفية لدى أمازيغ المغرب و عن سلالات أسباط العشرة المفقودة بين شعوب المسكونة..مثلما يبحث المنقبون عن ذرات الذهب الناذرة بين قرون الجبال البعيدة لغربلتها و غسلها و صهرها لكي يصنع منها الصائغ قلائد وتيجان وأساور جميلة مبهرة.
.
مع بدئ الفتوحات الإسلامية بالمغرب ؛ اعتنقت قبائل أمازيغية الاسلام و أغلبها فعل ذلك تحت طائلة التضييق؛ حرصا على حياتها وحفاظا على ممتلكاتها ؛ ومن أكثر الفترات التي تعرض فيها يهود المغرب للتهجير والتقتيل هي فترة الحكم الموحدي في بداية القرن ال 12 ميلادي حيث رفعت الدولة شعار لا دين غير دين الاسلام وكانت الأسلمة القسرية والمذابح والمجازر والتهجير التي تعرض لها اليهود المغاربة بفاس ومكناس ومراكش وقرى جبال الأطلس؛ وكادت حملة الموحدين العنصرية التي كانت أشبه بحملة داعش في عصرنا أن تقضي بصفة نهائية على اليهودية المغربية كرافد ومكون للهوية المغربية الأصيلة.
.
بالنظر اليوم الى ديمغرافية دولة اسرائيل 9 مليون نسمة ومقارنتها مع دول الطوق ( مصر- سوريا- لبنان – العراق – السلطة الفلسطينية - الجزيرة العربية 200 مليون نسمة " ) تبدو دولة اسرائيل ك مثل قارب صغير وسط بحر هائج متلاطم الأمواج من العرب .
.
وان بقيت اسرائيل على هذه الحالة ستذوب كما تذوب قطعة سكر صغيرة في صهريج ماء ضخم؛ فلابد من تزايد لديمغرافيتها و تراجع لديمغرافية جيرانها من بلدان الطوق ؛ هذا هو الذي سيضمن لها ديمومتها و استمراريتها؛ وما يحدث اليوم من حروب باليمن وسوريا والعراق أدت الى قتل وتهجير مئات الآلاف يصب في مصلحة إسرائيل؛ ولو انه من الناحية الإنسانية والأخلاقية غير مقبول؛ وليس هناك انسان عاقل وسوي يتمنى المعاناة والآلام لبني البشر مها كانت عقائدهم ومنابتهم وقناعاتهم ؛ يجب علينا كمجتمعات إنسانية تدبير الاختلاف بشكل حضاري .
.
ذات يوم سأل أحد الصحافيين الإسرائيليين رئيسة الوزراء السابقة "غولدا مائير ( 1969 _ 1974 ) ؛ ميس مائير : اليس لديك تخوف من المستقبل بشأن عدد سكان اسرائيل الضئيل اذا قارناه مع جيراننا العرب ؟؟؛ صحيح اننا متفوقون عليهم عسكريا اليوم ؛ لكن سنذوب في المستقبل؛ يقول الصحافي ..
ضحكت غولدا مائيير ؛ وأجابت الصحافي وهي تنظر الى ملامح وجهه المرعوب من وراء دخان سيجارتها وقالت ؛ عليكم ان تبحثوا أنتم على حلول عبقرية ؛وهي موجودة بالتأكيد.

يبقى المغرب واثيوبيا خزانا بالغ الأهمية لمنظمة ياد لأحيم التي تبحث عن جينات يهودية مختفية لدى أمازيغ المغرب بجبال الأطلس وواحات الجنوب ....و عن سلالات أسباط العشرة المفقودة بين شعوب المسكونة من اجل استمرار دولة اسرائيل ونحن على ابواب مشروع شرق أوسط جديد

--- انتهي
-- ملحوظة من إدارة المدونة : يوجد حيث هام  مع دكتور وسيم السيسي , نعتقد ان له صلة :
http://salah48freedom.blogspot.com/2019/08/blog-post_69.html
===

تعليقات