قرأت لك


مقالين - لكاتب لبناني كبيرمخضرم . ولكاتبة مصرية شابة ..
 أولاً .. مقال الكاتب اللبناني . يحمل أفكاراً قالها من قبل في مقال سابق . ماذا يقول ؟ ومقال لكاتبة مصرية . لا نعرفها شخصياً لكن عرفنا انها طبيبة . ويبدو انها شابة . حديثة عهد في الكتابة . ربما في عمر ابنة الكاتب اللبناني , وربما أصغر من ابنته . فماذا يقول وماذا تقول ؟  . أولا مقال الكاتب اللبناني الكبير: 

أفندم


جريدة الشرق الأوسط - السعودية  . تصدر من لندن -   29-12-2018

جاء محمد حسني مبارك إلى المحكمة مستقيم القامة والنفس. في السابق، كان يمثل أمامها محمولاً على محفة، وعندما ينادى عليه بالاسم، مجرداً من المرتبة السياسية والرتبة العسكرية، كان يجيب: أفندم! وأفندم هذه تعبير من تعابير مصر وآدابها ومدنياتها، يستخدمه الكبار في لحظات المحنة.
في الحالتين، على محفة ومستقيماً، دخل حسني مبارك المحكمة وخرج منها، كرجل دولة. لا ثورة 25 يناير استطاعت أن تجرده من آداب الرئاسة، ولا السجن، ولا مستشفى السجن، ولا التشفي الصامت من قبل بعض رفاق الأمس، عسكراً ومدنيين. الرجل الذي لم يدخل السجن في عهده سياسي أو صحافي أو عسكري أعطى الجميع درساً في الأدب والشجاعة: رفض أن يترك مصر إلى أي مكان، وقرر أن يتخلى عن الحكم ويحقن الدماء، ومثل مُتهماً عادياً بعد ثلاثين عاماً من كرسي الرئاسة.
حضر حسني مبارك وحضرت معه آدابه، وحضرت معه ذاكرة رئاسية سياسية تليق برجل دولة من هذا الطراز. تحدث كرئيس سابق يحفظ جميع أصول الحكم والقانون، ولا يقبل تجاوزها. الفارق بين الشاهد حسني مبارك والمتهم محمد مرسي أن الأول جاء من مدرسة علنية في المواطنة والسلاح الجوي ورئاسة الجمهورية. الثاني وصل إلى الرئاسة ولم يدرك بعد أن الدولة ليست سراً ولا شِفرات ولا حزباً ضيقاً له مرشد. مصر هرم بشري، لا جمعية.
هامت مصر بسعد زغلول لأنه أعطاها قلبه أولاً. كان يساررها، ويشعرها أنه كبير بها وحدها. وكبرت هي به، وطفقت في الشوارع تهتف له. وروى الطفل نجيب محفوظ أن والده حمله على كتفيه لكي يمكنه من أن يلمح زعيم الأمة الخارجة إلى استقباله. ورافقت عمره غصة بأنه لم يستطع أن يدوِّن، فيما دوّن، أن اللمحة تسنت له!
لا يُرضي أحداً مشهد رئيس مصري في السجن، ولو حَكَمَ ليوم واحد، أو حُكِمَ ليوم واحد. مشهد غير مريح، سواء كان السجين رجل دولة فائقاً، أو رجلاً كان أول ما فعله فتح أبواب السجون في وجه الدولة والقانون. سوف نظل نأمل بأن تنهي مصر ثقافة السجن السياسي. وسوف يسرّع في هذا الأمر أن تعود مصر إلى روحها المدنية، وتتخلى عن جمعيات السر والعنف. تخيل حزباً يقوم على سرية القرون الوسطى في هذا العصر.
حسني مبارك كان أقرب النماذج إلى الدولة الحقانية، لولا إضافات السنوات الأخيرة، وما رافقها من ضعف بشري أخفى صورة سنوات العمل والخلاص. ظل مبارك أقرب إلى القانون، إلى أن زيّن له تجاوزه. وقد ثأر لنفسه ولمأساته وإخفاقاته عندما عاد إلى المحكمة رجل قانون من الطراز الرفيع، مرفوع الرأس، وإن كانت الكتفان انحنيتا قليلاً.
----
   والي مقال الكاتبة المصرية الطبيبة الشابة :

                                 عفاريت حماس


كانت الرواية القائلة بأن مسلحي حماس هم من تسلل من الحدود المصرية في يناير2011 عبر الصحراء الشرقية بأكملها وصولا الى مدن ومحافظات مصر لفتح السجون واشاعة الفوضى هي احدى الروايات التي يروج لها الاعلام المخابراتي، وهي من اكثر الروايات ركاكة وسذاجة واثارة للضحك. 
فالمدان الأول في مثل هذه الحادثة لن يكون حماس بالطبع ولكن هؤلاء الموكلون بحماية الحدود وحراسة السجون والذين ينالون مزايا لا ينالها أحد في البلاد من مختلف الفئات. 
فكيف لجيش قوامه 470 الف ضابط ومجند بالاضافة الى 800 الف من الاحتياطي ان يسمحوا لمثل هذا العدد الهزيل من المسلحين باختراق الحدود والسير بسيارات الدفع الرباعي بعرض الصحراء الشرقية بأكملها دون أن يعترضهم أحد؟ 
وكيف لقوات الشرطة التي من ضمن واجباتها حماية السجون والتي يقدر تعداد افرادها بحوالي 360 الف فرد أن لا تتمكن من اعاقة عملية فتح السجون وتهريب المسجونين؟ 
بل كيف للمجلس العسكري والمخابرات الحربية والعامة أن تسمح للمساجين الهاربين من العدالة بالدخول في معارك انتخابية والوصول الى كرسي الحكم وتولي الكثير من المناصب الرفيعة ولا يفكرون في الاعتراض على ذلك الا بعد ثورة شعبية في يونيو 2013؟ 
ان اخفاق كل هذه الأجهزة هذا القدر من الاخفاق الرهيب في حماية الحدود والسجون والمناصب في البلاد لهو شئ يثير الخزي والعار ويجب ان يحاسب عليه المسؤولون عنه حسابا عسيرا وعلنيا ليكونون عبرة لغيرهم وخاصة وأن ما يناله هؤلاء من مميزات في المسكن والمرتبات والعلاج والنوادي وغيرها من المميزات لا ينالها غيرهم من فئات الشعب وهي مزايا يتحصلون عليها من اموال الضرائب التي يدفعها المواطنون الموكل هؤلاء بحمايتهم ومن ثروات البلاد التي يجب عليهم الذود عنها لا تركها لكل من هب ودب وتسلل من الحدود!
ان الأجهزة الأمنية تسيطر على الداخل ومنذ عهد مبارك بسياسة القبضة الحديدية، ولو خرج متظاهر واحد في احد ميادين مصر ليطالب بوظيفة أو يعترض على الغلاء لتم القبض عليه في خلال ثوانِ معدودة. 
وما يبذله هذا النظام في مطاردة المعارضة والتنكيل بها وملاحقتها حتى في ساعات نومها شئ لا يتخيله أكثر العقول خيالا وجموحا ولو طال هؤلاء للاحقوك في احلامك ايضا وحرموك من الحلم بالحرية والمساواة والعدل. 
ان نكتة اقتحام عفاريت حماس للسجون المصرية في يناير كان لا يجب ان تبدر من الرئيس السابق المخضرم مبارك اللهم الا اذا كان قد اجبر بصورة ما على الادلاء بهذه الشهادة المضحكة. 
ولأنني لم ادرس القانون فلا يمكنني الفصل في مدى شرعية تقديم مدان في قضية فساد والشخص الذي صنفته الشفافية الدولية ضمن اكثر الشخصيات فسادا في العالم والذي ترفض بنوك سويسرا الافراج عن ارصدته الى الأن شهادته في قضية تتعلق به هو شخصيا! 
الا ان في مصر كل شئ ممكن وكل شئ جائز وعليك القبول بكل ما يقدمه لك النظام وتبلعه دون ان يحق لك التساؤل عن مدى ملائمته للمنطق والعقل.
============

تعليقات