" كينو " .. وجدته الحبوبة - حكاية من الواقع
" كينو" وجدته الحبوبة
أغلب الوافدين لكندا من الدول الناطقة بالعربية . تجدهم متمسكين وبشدة , بنفس العقائد والتقاليد والعادات التي بسببها هجروا بلادهم المتخلفة والعصية علي النهوض والتقدم .. وأغلبهم يعتزون بتلك التقاليد , والديانات بصفة خاصة .
فهم يجبرون أولادوهم الذين ولدوا في كندا . أو جاءوا اليه وهم أطفال صغار . علي العيش في مجتمع غربي حر , بأجسادهم فقط .. أما عقولهم فعليهم ألا يشغلونها الا حسب عادات ومعتقدات الشرق , بكل ما فيها ... !!
فيفرضون علي البنت ألا تكون مثل زميلاتها في المجتمع الكندي الحر , في المدرسة أو الجامعة . او في مكان العمل . بل تكون مثل بنات دول شرقية لم يعشن فيها الا أعوام قليلة من طفولتهن , وربما لم يولدن بها أصىلاً , ولا زرن تلك الدول من قبل أبداً . !..
فمن الضروري ان شاءت البنت الزواج ,, ألا تتزوج الا بمشورة أهلها وبرضاهم .. وأن يكون طالب الزواج . من نفس ديانتها ...
بعكس زميلات الابنة . الكنديات .. لهن حرية اختيار الزوج أو الشريك - البوي فريند - دون الاهتمام برأي الأهل الذين لا يتدخلون - كعادتهم - في الحرية الشخصية لبناتهن - ببلوغهن سن 18 سنة من العمر - ..
انتظرت الشابة الشرقية - من احدي دول الشرق الأوسط - لحين تجد عريساً علي هوي الأهل .. وانتظرت وانتظرت .. حتي وجدت نفسها علي عتبة العنوسة . لم يعد باقياً لها سوي عام واحد أو عام وبضعة شهور وتنقطع العادة الشهرية عنها . وتجد نفسها محرومة من الأمومة طوال الباقي من عمرها .....
هنا نفذ صبرها .. فسارعت قبل ان يفوتها قطار الأمومة الذي لن يمر عليها بعد ذلك .. .. ومالت علي زميل لها في العمل .. وسيم , مهذب , فيه صفات تحبها , ولكنه لن يتزوج .. فله صديقة أخري .. همست في أذنه وهي تبتسم في وجهه .. وبصيغة بين المزاح و الجد . وقالت : أريد ان انجب منك طفلة أو طفل جميل مثلك ..
ضحك زميلها الكندي - الأوربي الأصل - بسرور .. ورحب بالفكرة ..
........ ...... .........
حملت منه . وأنجبت طفلاً جميلاً .. أسمته " كينو " ..
وضعت حملها بالمستشفي .. وعندما علم الاهل .. والمعارف من الجالية من نفس بلادها وبلاد أخري شرق أوسطية .. راحوا يتقولون ويتهامسون : انه طفل زنا .. هذا ابن زنا .... ولكن قانون البلاد معها , في صفها , مع حريتها الشخصية ..
لم تعرهم أي أهتمام .. كانت فرحة جداً بطفلها وباستقبالها للأمومة ..
شاركتها الفرحة دون اكتراث بأقاويل الناس . أمها ...
أمها وابوها .. ما بين أواخر السبعينيات أو أوائل الثمانينيات من العمر .. صحهتهما جيدة . حالتهما المالية جيدة .. لهما غيرها أولاد وبنات وأحفاد .. لهما سيارة خاصة . يذهبان بها يوميا الي مجمع تجاري كبير - يمارسان المشي بداخل طرقاته الطويلة العريضة الواسعة .. ثم يشتريان حاجتهما ويعودان بسيارتهما الي شقتهما الفسيحة التي تشرف علي موقع صحي وجميل ..
رفم أن الجدة لها احفاد آخرين غير " كينو " الا انها فرحت به كما لو كان هو الحفيد الأول ...
اذا كان زواج ابنتها قد تأخر جداً .. وصارت علي مقربة من الدخول في ظلام ليل العنوسة .. مما شكل للأم هماً كبيراً وحزناً دفيناً , و انزاح من فوق صدرها ...
" كينو " محظوظ بهذه الحبوبة - الجدة .. وهو الاسم الذي يطلقه أهل السودان علي الجدة " الحبوبة " - اذ تلقفته من أمه , الي حضنها , لتجدد به أمومتها .. وغمرته بكل أنواع الهدايا .. وما ان كبر وصار قادراً علي المشي .. اصطحبته معها في زيارتها الي بلدها الأصلي بالشرق الأوسط ..
اسم الطفل من الواضح انه أجنبي , ولكن الجدة كانت تقدمه لأقاربها وأحبائها ومعارفها , بسرور وبتلقائية بالغة : كينو .. ولد ابنتي فلانة ..
فرحة الجدة بحفيدها الجديد .. وفرحتها لأجل ابنتها التي ظفرت بالأمومة في الوقت الضائع من مباراة عمرها الأنثوي .. وفرحة أم كينو .. بطفلها " كينو " وسعادتها بفرح أمها بذاك الطفل , ولأجل فرحة ابنتها .. وفرحة " كينو " بجدته الحبوبة الحنون .. وفرحته بحب أمه له , كطفل لن تجب غيره بعد , لا ولد ولا بنت .. فرح الثلاثة ببعضهم .. كان أكبر بكثير من كل الطنين الذي يصدر من وقت لأخر حولهم ...
وكل يوم ,, أكثر من مرة .. ان كان " كينو " مع جدته " تتصل الأم لتسأل : كيف كينو .... ؟ أريد أن أسمع صوته ...
يفرح كينو وهو يلتقط االتليفون ليكلم أمه .. بما يمكنه من الكلمات أو الأصوات .. التي تطرب لها الأم ..
فان كان " كينو " مع أمه .. تتصل الجدة عدة مرات .. لتسأل : كيف كينو ..؟! دعيه يكلم تيتة ..
الثلاثة سعداء فرحون .. ولا وقت عندهم ليتساءلوا : ما بال الآخرين غاضبون حانقون ...؟!
الثلاثة سعداء لأنهم يعيشون بأقصي غرب الكرة الأرضية - كندا - مونتريال - ..
بعيداً عن الموطن الأصلي للأم والجدة ,, حيث لا تزال هناك بالشرق , شعوب تعيش كل
يوم قصة " شفيقة ومتولي " ... الشابة التي قتلها شقيقها لأنها حملت من شاب تحبه .....
صلاح الدين محسن
http://salah48freedom.blogspot.ca/?view=flipcard
***********
تعليقات
إرسال تعليق