روسيا في سوريا - كتابات مختارة
تدخل
روسيا المباشر في سوريا
سلمان بارودو ( ناشط سوري كوردي )
إن تدخل روسيا المباشر في سوريا
بأنظمة صواريخها وطائراتها بحراً وجواً وبشكل علني ومشاركتها في ضرب التنظيمات
الإرهابية وخاصة تنظيم داعش الإرهابي التكفيري، ليس إلا لحظة تغير موازين القوى في
مسار الحرب الدائرة في سوريا وعلى سوريا، لتصبح سوريا ميدان عراك وتصارع دولي قبل
أن تكون ساحة تصارع سياسي من أجل وضع حلول سياسية للأزمتها الداخلية، وقد يبدو
للمتابع من اللحظة الأولى بأن هذا التدخل ليس بمعزل عن وجود اتفاق وتفاهم ومصاهرة
مسبقة بين الروس والأمريكان على عموميات الوضع السوري مع بعض الاختلاف في تفاصيله، وما نشاهده اليوم من هذا التدخل هو تحقيق لأهداف
ومصالح روسية وأميركية ولكن بسواعد روسية،
كما يفهم من التدخل
الروسي والتوافق بين الطرفين " الروس والأمريكان"،
بعد أن شعرت أمريكا بعدم مقدرتها على إدارة شؤون المنطقة
لوحدها وقدرتها على السيطرة حتى مع حلفائها، لذلك رضخت لموازين القوى وأُجبرت على
قبولها بالتدخل الروسي العسكري في سوريا، مع العلم أن روسيا استخدمت كافة أوراقها
الممكنة لإطالة وجودها في سوريا من دعم النظام السوري بكافة الاحتياجات العسكرية
واللوجستية وصولاً إلى استخدام حق النقض " الفيتو " في المحافل الدولية،
وذلك لدفع ما يجري في سوريا باتجاه الحوار والمفاوضات.
حيث أن الكثير من المراقبين
والمختصين السياسيين والعسكريين ينظرون أن هذا التدخل جاء متأخراً إلى حد ما،
لكنها كانت ضرورية واستراتيجية بالنسبة لمصالح روسيا وخاصة في المياه الدافئة، حيث تريد روسيا استعادة دورها وأمجادها في المنطقة بعد
انهيار المنظومة الاشتراكية في أوائل تسعينات القرن الماضي، كما أن سوريا
بالنسبة لروسيا
هي معركة
حضور ووجود
القوة الروسية
في العالم
وهي حرب
استباقية لتخوفها
من العد العكسي لانتقال نشاط الإرهابيين من سوريا إلى داخلها في حال انتهاء الحرب
وسقوط النظام السوري عبر جارتها الجنوبية تركيا كونها راعية وممولة لتلك الجماعات
الإرهابية المتشددة، بالرغم من علاقات واتصالات روسيا مع كافة الفرقاء المتصارعة
في سوريا، من معارضة ونظام، طبعاً، عدا التنظيمات الإرهابية والمتطرفة في سوريا
مثل داعش وأخواتها، أن تدخل روسيا في سوريا صعَب من الموقف التركي تجاه الأزمة
السورية وما يزيد من هذه الصعوبة وهو عدم ثقة تركيا بجدية الإدارة الأمريكية بخصوص
الأزمة السورية، وتشكل هذا التدخل قبل كل شيء أكبر خسارة لتركيا كونها أي "تركيا"
أصبحت جارتها الشمالية والجنوبية أي بين فكي كماشة روسيا، حيث تكمن هذه الصعوبة
والخسارة في عدم إقامة تركيا منطقة عازلة في سوريا، ومنطقة حظر طيران فوق أراضيها،
وباتت في مواجهة مباشرة مع الروس، كما أن هذا التدخل قد يعطي ضوء أخضر لتقدم قوات
الحماية الكردية باتجاه مارع وجرابلس وصولاً إلى عفرين لاكتمال
الأقليم الكردي في سوريا، حيث كان يعلم القاصي والداني بأن
تركيا كانت معبراً للإرهابيين إلى سوريا عبر أراضيها وحدودها المتاخمة لسوريا،
وكانت تستقدمهم من جميع أنحاء العالم وتقدم لهم كافة التسهيلات المطلوبة، إلا أن تركيا
تصرفت بكل كراهية وحقد تجاه الكرد في سوريا وخاصة عندما أعلن حزب الاتحاد
الديمقراطيPYD"" الإدارة الذاتية في المناطق الكردية
في سوريا، وعندما صرح صالح مسلم الرئيس المشترك لـ PYD حول التدخل
الروسي في سوريا إذ قال: "سوف نقاتل إلى جانب كل من يحارب داعش"، والانتصارات
التي حققتها وحدات حماية الشعب YPG و YPJ على أرض الواقع وسيطرتها على طول مساحة 600 كيلو متر على
الحدود مع الجارة تركيا، جعلت معظم القوى الدولية تساندها في محاربتها ضد (داعش) وجميع التنظيمات الإرهابية، وتعتبرها
القوة العسكرية الرئيسية الوحيدة في المناطق الكردية يجب دعمها في حربها ضد هذه
القوى الإرهابية عموماً، حيث بلغت الكراهية لدى نظام أنقرة ذروتها عندما صرح رئيس
وزراء تركيا داوود أغلو بخصوص تفجيرات أنقرة بالحرف:
"انها من تنفيذ وتحريض خمس جهات هي: داعش وحزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب الكردية وجبهة التحرير الشعبي الثوري والمخابرات السورية"،
وأيضاً عند استدعاء وزير خارجيتها للسفيرين الأمريكي والروسي في أنقرة لاحتجاجه
على تلقي وحدات حماية الشعب YPG وYPJ مساعدات
عسكرية من بلديهما أي "روسيا وأمريكا"، فقد تخبط أردوغان كثيراً عندما أعلن كانتون كوباني تل أبيض جزءاً من إدارتها الذاتية حيث قال:
"إن تركيا لن تسمح بسيطرة الأكراد على شمال سوريا"، لذلك
أن تدخل روسيا في سوريا سوف تسقط مطامع تركيا في سوريا وخاصة إضعاف الكرد في سوريا
ومن خلفهم الكرد في تركيا، وهذا التدخل أيضاً سوف ترسم حدود ومعادلات وتوازنات قد ينتج خرائط سياسية
وجغرافية جديدة في سوريا وفي المنطقة.
المقال وصلنا بالايميل يوم 11-11-2015 . ضمن نشرة .
تعليقات
إرسال تعليق