كتابات مستقبلية

 
إعداد : صلاح الدين محسن

17-1-2021


قبل 17 سبعة عشر عاماً نشر  د. بهجت عباس مقالاً في الحوار المتمدّن تحت عنوان : 

هل يحقق إستـنساخ الفَرس دولة نساء بلا رجال ؟

د. بهجت عباس

موقع الحوار المتمدن  2003 / 10 / 28  

 كان لولادة المُـهرة ( برومتي ) صدى كبير في الأوساط العلـمية، حيث تم إستنساخُ أ ُمِّـها الفرس بطريقة تختلف عن استنساخ الحيوانات اللبونة ( الثديية ) قبلها. فقد كان استـنساخ النعجة ( دولي ) والفأر والمعزى والقطة والخنزير والعجل والبقرة بأخذ نواة خلية جسمية ( دي. أنْ. أيْ ) أو ( دنـا ) للسهولة، ودمجها ببيضة منزوعة النواة، لتكون البيضة تحتوي على المواد الجينية للحيوان المُسـتَـنسَـخ ( بفتح السين الثانية ). وز ُرِعتْ هذه البيضة بعد تحويلها إلى جنين أولي في المختبر في رحم أنثى حيوان آخر، تقوم بحضانة الجنـين (الحمل والوضع). أما استـنساخ الفرس الذي نشرت خبره المجلة العلمية ( نيتشر ) يوم 7 أب| أغسطس 2003، فقد تـمَّ بأخذ خلية من جلد فرس ودمج نواتها بالبيضة منزوعة النواة، وزرع الجنين الأولي في الفرس ذاتها، وليس في فرس أخرى. يذكر د. سيزاري كالّي GALLI  CESAREوزملاؤه في مجلة نيتشر تفاصيل تجربتهم التي  قاموا بها في مدينة كريمونا الإيطالية أنهم قاموا في الحقيقة بتجربتـيـن، إستعملوا فيهما خلايا جلدية من حصان عربي أصيل وفرس (هافـلـيـنجـر)، فأنتجوا 841 بيضة (فعـالة)، نشأ منها 22 جنـيناً أولـيّـاً ( بلاستوسايت )، وهذا عبارة عن كتلة دائرية تحتوي على 100 خلية تقريباً. زرعوا 17 بلاستوسايت في تسـع أفراس، فحملت أربع منهن فقط، ولم تعشْ غيرُ المهرة (برومتي) التي و ُلدت في 28 مايس 2003 بصحة جيدة ووزن 36 كيلوغراماً، بعد فترة حمل طبيعية ( 11 شهراً ). وسُميتْ بهذا الإسم نسبة إلى برومثيوس PROMETHEUS، الكائن الجبار في الأسطورة الإغريقية الذي سرق النار من الآلهـة وأعطاها البشر، فعاقبه زيوس، كبير آلـهة اليونان، بربطه إلى صخرة وإرسال عقاب الجو إليه يأكل كبده في النهار ويقوم زيوس بتجديدها في الليل!

ولمـا كانت النواة أ ُخذتْ من خلية جلد الفرس وزُرِعَ الجنين في رحم الفرس ذاتها، فهذا يعني أنَّ الفرس ولدت ذاتَها أو أختَـها التوأم التي تُـشـبهها تمامـاً.

وبعد ولادتها بساعة، أخذتْ ترضع من ثدي أمّـِها أو أخـتها‍. ولما أصبح عمرها شهرين، بلغ وزنها 100 كغم. وكانت بصحة جيدة.

  لقد سبق الإيطاليـون زملاءهم في تكساس الذين ينتظرون ولادة أول حصان في تشرين الثاني ( نوفمبر ) القادم.

 إنَّ أهميةَ الإستـنساخ تكمن في الحصول على خيول أصيلة غير مخصية تستطيع الإستيلاد، حيث يتـمَّ إخصاءُ الخيول الشهيرة التي تُسـتَعمـل في السباق عنـدما تكون شابة، فلا تستطيع الإستيلاد. ولكـن د. كالّي لا يضمن هذا، إذ أنّّ عـواملَ كثيرةً تلعب دوراً، منها تعامل الأشخاص معها، من حيث التدريب والعناية وغير ذلك. إنَّ هذه التجربة قد تـؤدّي إلى استـنساخ المـرأة ذاتها دون الحاجة إلى (طرف) ثانٍ في المستقبل القريب أو البعيد، حيث يتـمّ هذا بأخذ أيِّ خلية من جسمها ودمـجها بالبيضة التي تـنـتجها، وزرعها في رحمها. هذا من الناحية النظرية. أمـا من الناحية العملية، فليس الأمر بهذه البساطة في الوقت الراهن على الأقل. فاستـنساخ البشر محرم دولياً من ناحية، وصعب جداً من ناحية أ ُخرى. إنَّ استخلاص (الدنـا) بشكل كامل وسليم ليس أمراً سهلاً، كما وإنَّ دمجها بالبيضة دون تكسّـرٍ في كروموسوماتها أو فقدان بعض جيناتها ليس وارداً الآن. فإنَّ أيَّ خلل في العملية يولد تشوهات وأمراضاً قد تكون خطيرة جداً. ولكن هذه المشاكل سيُـتغلب عليها في السنين القادمة، وسيكون استـنساخ البشر ممكناً ووارداً. وإذا حدث هذا، وسيحدث أغلب الظن في النصف الأول من هذا القرن،

فسيكون بمستطاع البشر أن يستـنسخوا أنفسهم. والإستـنساخ يتطلب نواة خلية جسمية، وهذه موجودة في المرأة والرجل، وبيضة ورحماً، وهاتان لا توجدان إلاّ في المرأة. فإذا تقدمت التكنولوجيا أكثر مما هي عليه الآن ، فسيكون العصر عصر المرأة، إذ سيكون بيديها الحل والربط، فتستطيع حينذاك أن تقرر تحديدَ عددِ الرجال أو إيجادَ أماكنَ أو مدنٍ أو دولٍ ليس فيها رجال، فهي تستطيع أن تسـتنسخ ذاتها وتتكاثر وتعيش في سلام وطمأنينة دون حروب أو أهوال يكون فيها للرجل عادة دوره الكبير في غالب الأحايين!. وعندما لا يستطيع الرجل استـنساخ ذاته دون مساعدة المرأة، يكون تحت رحمة المرأة التي تسـتطيع أنْ تلعب بمصيره إلى درجة الإنقراض! 

ولربمـا يسأل أحـدنا بأنّ المرأة تحتاج الرجل في بعض الأمور أو كثيرها، فالجواب أن لا أحـدَ يعرف ما سيكون عليه شعور المرأة أو ما تحتاجه بعد مئة  أو مـئتـين من السنين وبعد أن تكون التكنولوجيا أخذت شوطاً جنونياً في التقدم الذي قد يؤدي إلى ما لا تُحـمد عقباه!

----------------------- 

 

تعليقات