هاللو تاتشر - مسرحية سياسية كوميدية. من فصل واحد

هاللو تاتشر - مسرحية سياسية كوميدية. من فصل واحد
صلاح الدين محسن 
تقديم : طَبعت هذه المسرحية عام 1996 , وقتها لم أكن كاتباً معروفاً . وأرسلت نسخة منها , بأمل النشر , لصحيفة " أخبار اليوم " ... وبعد أيام , قرأت سيناريو سياسي , في نفس الصحيفة , بعنوان " قنبلة الرئيس " بقلم رئيس مجلس الادارة " الأستاذ ابراهيم سعدة " ..ملخصه أن الرئيس - مبارك - وقتذاك - قد تبادل موقعه الرئاسي مع زعيم حزب العمل . المعارض " ابراهيم شكري - فجرت أحداث دراماتيكية , وكاد الأخير أن يغرق .. لولا أن تدخل جهاز الأمن . وأنقذه ...
عندما تأملت فِكرة ذاك السيناريو المنشور ..  باسم رئيس الصحيفة .. تأكدت من أن مسرحيتي التي أرسلتها له .. لن تُنشَر ...

نص المسرحية :
هاللو تاتشر 
– مسرحية سياسية .   من فصل واحد 
تأليف : صلاح الدين محسن
طبعت بالقاهرة عام 1996
-- -- --   
-- النص :
  
المنظر : قاعة تشبه قاعة اجتماعات هيئة الامم المتحدة ، السيدة " مارجريت تاتشر " رئيس وزراء بريطانيا الأسبق . تجلس علي المنصة . ترأس الاجتماع .

تاتشر : في البداية . أرجو أن اطمئن حضرات مندوبي الدول الي انني لن استخدم سلاطة اللسان المعرفة عني من قبل . وقتما كنت رئيسا لوزراء بريطانيا .. حيث كنت أبيح لنفسي استخدم ألفاظ أوجهها لوزرائي . من عينة " انت مبلول " ، " انت رخو " .. وما الي ذلك من الكلمات التي كانت تكتب عنها الصحف والمجلات .. أطمئن حضراتكم الي انني اعرف أن الوضع قد اختلف . فشتان بين المنصبين ، احدهما كان منصبا محليا حيث كنت رئيسا لوزراء بلادي ، بينما الحالي منصبا دوليا .. وهناك سبب آخر هو أن الصحف والمجلات المحلية بل والعالمية أيضا انتقدت كثيراً ومريراً هذا الأسلوب ، وان غلفت بعضها انتقاداتها بأغلفة من الظُرف متعددة الألوان .. 
ولا يفوتني بعد ذلك أن أشكر من رشحوني لهذا المنصب وكذلك الذين أيدوا وصوتوا لصالح هذا الترشيح الذي ما كنت لأسعي اليه الا لهدف واحد أصارحكم به ، وهو عرض وانجاح هذا المشروع الذي أتقدم به اليكم اليوم وفي الجلسة الاولي التي أرأس فيها هذا الاجتماع .. لانني في الحقيقة كنت أفكر جديا في الابتعاد ع السياسة تماما .. وان كان الذي اغتبط بهذا المنصب جدا وكل منصب كنت ارتقي اليه من قبل . هو زوجي . الذي ليس كما يظهر دائما ويدعي أمامي وأمام غيري . انه متبرم من اشتغالي بالسياسة وابتعادي عن حياتي الأسرية والزوجية .. كلا .. كلا .. فالحقيقة المغايرة لذلك تماما ، كانت تظهر لي كاملة عندما نلتقي في الفراش . اذ كانت سعادته بلقائي تختلف تماما في روعتها وتفوق الليلة الاولي لعُرسنا .. فهو لا يفتأ يردد وهو يضمني بين ذراعيه " يا لسعادتي .. المرأة الحديدية التي تحكم بريطانيا وتجلجل قراراتها وتصريحاتها في جنبات كل الدنيا تنكمش بين ذراعيّ وتترك لي رأسها ووجناتها هادئة كما عصفور بين يدي ؟؟!! ويمضي يتاملني في بهجة وسعادة , وباغتباط لم يسبق له مثيل ..

تاتشر – تستطرد - : عفوا يا حضرات لهذه الانعطافة السريعة نحو حياتي الخاصة ..
تاتشر ( بعد كحة بسيطة ، وتتناول رشفة ماء من كوب أمامها ) : ما يجدر بي ذكره يا حضرات المندوبين .. انني لم اكن لاقبل العودة للسياسة ، وقبولي لهذا المنصب لولا أمل كبير وحلم أتمني وأسعي لتحقيقه . أقدمه اليوم كمشروع لاجل السلام العالمي ، ولأجل أن يعُم السلام ويرفرف علي عالمنا بأكمله .. ويهدف مشروعي للسلام يا حضرات الي وضع نهاية للاستعمار بكامله . الحديث والقديم . ووقف وازالة أسباب العداء والحروب  بين دول الغرب من ناحية ودول الشرق من ناحية اخري . فالاستعمار القديم كما تعلمون كان اعتداء دولة علي اراضي دولة واحتلالها بالقوة العسكرية لتسخر أهلها وتستنزف خيراتها وتجعلها سوقأ لتصريف منتجاتها الصناعية .. والآن أخذ الاستعمار شكلا جديدا . قائم علي الاحتيال لتحقيق نفس اطماع الاستعمار القدم . ولكن بدون احتلال عسكري سافر وهذا تسبب في ايجاد نواع من الحروب الخفية او السافرة المخفية الاسباب الحقيقية . حربا من نوع آخر بين دول العالم المتقدم ذات التاريخ الاستعماري القديم السابق من ناحية , ودول العالم النامية من ناحية أخري .. المهم ان هناك حربا قائمة . علنية كانت أم خفية .وبسبب الاستعمار جديداً كان أم قديماً . وهذا كله في غير صالح السلام الذي ننشده ونبحث عنه ، وتدعو اليه معظم دول العالم او تدعيه بعضها .. ولذلك وجب ان نسأل عن كيفية وأسباب ومبررات وجود الاستعمار بنوعيه .. ان مبررات وجود الاستعمار ..
مندوب الجزائر ( مقاطعا تاتشر . بالهتاف ( يسقط الاستعمار القديم )
مندوب سوريا : ( يهتف ) يسقط الاستعمار الجديد .
مندوب ليبيا ( يهتف ) : الموت للاستعمار . قديمه وجديده . والمجد للكتاب الاخضر ( كتاب ألفه معمر القذافي ).
تاتشر : ( تشير بيدها مطالبة بالهدؤ ) : هدؤ .. هدؤ ..
تاتشر : ( تكمل حديثها ) : ان مبررات وجود الاستعمار كما أراها يا حضرات المندوبين هي وجود ثروات هائلة ببلاد العالم الثالث . وهي محل طمع من العالم الأول لحاجته الشديدة اليها ..ثروات تثير لعاب الدول الكبري نحو استعمارها للدول الصغري .. ليس هذا وحسب ولكننا لاحظنا شيئا هاما آخر في مقابل ذلك . وهو ان دول العالم الثالث . المتخلفة تضمر حسداً كبيراً لدول العالم الأول . بوصفها دول تتمع بكل مظاهر الرقي الترفي الحضاري بكافة اشكالها ، وتري تلك الدول المتخلفة الفقيرة انه لولا ثروات بلادها لما استطاع العالم الأول ان يصل لكل هذا الترف . ويتهافت جميع أبناء دول العالم الثالث علي زيارة أو حتي مجرد رؤية تلك البلاد المتقدمة . وقد يدفع بعضهم حياته ثمناً للحصول علي تأشيرة دول أو هجرة لتلك البلاد التي ليس بها ربع ما ببلاده من ثروات وخيرات .. وهنا وجدنا الحل .. .. الحل الذي يريح الجميع ويحفظ السلام العالمي ويرسي دعائم الاستقرار . ويمنح لكل ما يشتهيه ، ويتطلع اليه . لماذا لا يتبادل أبناء العالم الأول المتقدم المواقع مع أبناء العالم الثالث الفقير المتخلف ؟ فيأخذ العالم المتمدن البلاد النامية التي يطمع في ثرواتها ويسكنوها ملكاً لهم ، ويأخذ أبناء الدول الفقيرة , الدول المتقدمة جاهزة لينعموا بما فيها ما دام كل من العالمين يتوق الي بلاد الآخر ويحسده عليها .. فلماذا لا يتبادلان ؟ويحصل كل علي ما يريد وتتوقف الحروب والمؤامرات ويرفرف السلام علي كوكبنا الارضي ؟
مندوب اليمن ( يطلب الكلمة ) 
تاتشر ( تشير له مؤذنة بالحديث ) .
مندوب اليمن : أحيي السيدة تاتشر . وأعبر عن اعجابي الشديد بمشروعها .. هذا في البداية واطالب بأن بلدي اليمن وانتم تعرفون عراقة تاريخ اليمن وحضارة سبأ . وبلقيس الملكة العظيمة . اطالب بان تكون بريطانيا العظمي هي البديل مع اليمن عند اجراء عملية المبادلة ، بشرط أن يعود لقب العظمي مرة أخري لبريطانيا . مع عملية التسليم والتسلم ..
مندول ليبيا ( يرفع يده طالبا الكلمة ) 
تاتشر : ( تشير له ليتكلم ) 
مندوب ليبيا : أعترض علي ما قاله الأخ مندوب اليمن . فالجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمي ، هي العظمي الآن ، وهي الأحق بأن يكون التبادل بينها وبين بريطانيا العظمي ( يخفض صوته قليلا ) طبعا مع ضرورة عودة لقب العظمي لبريطانيا رسميا قبل عملية التبادل ، وبذلك تكون عظمي في مقابل عظمي ، مقايضة عادلة . لذا فبلدنا ليبيا هي الأحق من غيرها بالبدل مع بريطانيا .
تاتشر : شكراً ، تفضل ..
مندوب الكويت ( يرفع يده طلبا الكلمة ) .
تاتشر ( تشير لمندوب الكويت ليتكلم ) .
مندوب الكويت : المشروع جيد في حد ذاته ، وبالنسبة لدولة الكويت فانني اطالب بأن يكون البدل مع احدي الولايات الأمريكية ، علي أن تكون ولاية بها نفط ، وبشرط الا تتم مبادلة العراق بأية ولاية من الولايات المجاورة لتلك الولاية .. هذا هو شرطنا . وشكراً ( يجلس )
تاتشر ( تبتسم ، وتدور ابتسامات وهمهمات خفيفة بالقاعة ) .
مندوب العراق : ( ملحوظة : كتبت المسرحية وقت وجود صدام في الحكم ) بل مطلبنا هو أن تتبادل الاقطار العربية جميعها مع ولايات امريكية ، وتقسم الولايات علي الأقطار العربية حسب حجم كل دولة علي أن جوار الأقطار العربية وحدودها كما هو الحال حاليا .
مندوب الكويت : ( يهب منتفضا وغاضبا ) أعترض ، لا نريد العراق بجوارنا .. ( ثم يجلس ) 
مندوب العراق ( يستكمل غير مبال بما قاله مندوب الكويت ) فذلك سوف يساعدنا علي مواصلة الكفاح لأجل اقامة الوحدة العربية الشاملة ، فنصبح نحن العرب : أمة عربية واحدة ، والرسالة الخالدة يتدبر أمرها فيما بعد ومن حالها ..
مندوب اسرائيل ( يطلب الكلمة ) .
تاتشر ( تشير لمندوب اسرائيل ليأخذ الكلمة ) .
مندوب اسرائيل ( بثقة وهدؤ ) لا نرغب في عمل البدل وسنبقي ببلدنا . أرض الميعاد .
تاتشر : ( تشير له بالجلوس ) تفضل . شكرا 
ممثل منظمة التحرير الفلسطينية : ( مشيرا لمندوب اسرائيل ) بل ستبادلون .. فليس بمزاجكم ، ولن نقبل مبادلة الضفة الغربية وقطاع غزة ببلد من الغرب الا اذا بادلتم انتم أيضا .. وبشرط أن يكون مكان كل منا كما هو الآن .. ولايتان متجاورتان ..
تاتشر ( تشير له بالجلوس ) شكراً . تفضل 
مندوب اسرائيل : (يطلب التعقيب ) .
تاتشر ( تشير له ليعقب ) .
مندوب اسرائيل : لماذا نبادل مع دولة غربية ؟ نحن نعتبر جزءاً من أوروبا ، أو جزء من أمريكا . من الناحية الحضارية . ونختلف تماما حضاريا ونظاما ومعيشيا وعلميا ، من كل النواحي نحن نختلف عن أهل الشرق وعن العالم الثالث وننتمي للعالم الأول ، ننتمي للغرب . فان كان الغرب الذي ننتمي اليه حضاريا ، قادم الي هنا فلماذا نذهب نحن بعيدا ؟! أتري لكي يقال عنا غرباء مرة أخري ؟!
مندوب فلسطين ( بدا عليه الانفعال . يرفع يده ليعقب )
تاتشر ( تشير لمندوب فلسطين ليعقب )
مندوب فلسطين : هنا انكشفت اللعبة ، يبدو ان هذا هو ما تسعي اليه السيدة تاتشر .، مخطط جهنمي لاجلاء أهل فلسطين ، سكان الارض الأصليين عن بلادهم والابقاء علي اليهود الصهاينة !، اننا نعلنها قوية مدوية ، نرفض المشروع جملة وتفصيلا ، ما لم يقبل اليهود الصهاينة مبدأ المبادلة وينفذون قبلنا . لتطمئن قلوبنا .
( زوم ، وهمهمات كثيرة بالقاعة )
تاتشر ( تطلب الهدؤ ) ( يهدأ الجميع بعد قليل )
تاتشر : لنكمل سماع باقي الآراء حول الموضوع ونرجيء موضوع فلسطين واسرائيل لمناقشته في النهاية . وحتما سنجد له حلا مرضيا للطرفين .
مندوب أمريكا ( رفع يده طالبا الكلمة ) 
تاتشر ( تشير لمندوب أمريكا ليتكلم )
مندوب أمريكا : ماذا عن زعماء البلاد الشرقية الديكتاتوريين ؟ كيف سيكون وضعهم ؟
تاتشر : ماذا تقصد ؟
مندوب امريكا : اقصد . هل سيوضعوا علي عاتقنا ضمن الصفقة ؟ ام سيرحلون مع شعوبهم ؟
تاتشر ( تشير لمندوب وسط افريقيا لياخذ الكلمة ) .
مندوب وسط افريقيا : طبعا سيكونون علي عاتقكم . كجزء من الصفقة .
مندوب المانيا ( يطلب الكلمة ) .
تاتشر ( تشير لمندوب ألمانيا ليتكلم ) .
مندوب ألمانيا : نعترض . بل تأخذونهم معكم والا فالصفقة هكذا تكون خاسرة لدول الغرب ، فما فائدة بلاد بها خيرات ويحكمها ويحكمنا حكام ديكتاتوريون ؟! النتيجة معروفة طبعا . ستبقي البلاد كما هي وسنحيا في تخلف وفي غياب أية حقوق للانسان .
تاتشر ( لتشير لمندوب سوريا ، الذي رفع يده طالبا الكلمة . ليتكلم ) .
مندوب سوريا ( ويهو يتلفت حوله ويخفض من صوته ) اذا ماذا تقصدون ؟ نأخذهم معنا ؟ وما فائدة عملية البدل ان كنا سناخذهم معنا ؟!
مندوب مصر ( يرفع يده طالبا الكلمة ) .
تاتشر ( تشير لمندوب مصر ليتكلم ) .
مندوب مصر ( يتردد في القاء كلمته ، ثم يتكلم بعد أن يعبث باصبعه في رأسه ) المشروع جيد ولكن علي أساس أن تاخذوهم . انها فرصة لكي تتخلص مصر من البلهارسيا . 
( ابتسامات وضحاكت خفيفة بالقاعة )
تاتشر ( تشير لمندوب مصر . ليجلس ) شكر . تفضل 
مندوب مصر : ( يجلس وقد بدا عليه الخوف ، يخرج منديلا يمسح به عرقه ... ) .
تاتشر ( تشير لمندوب فرنسا لياخذ الكلمة بعدما رفع يده ) .
مندوب فرنسا : وماذا سنفعل بهم ؟ وكيف سنتعامل معهم ؟
تاتشر ( تشير لمندوب السودان ليعقب ) .
مندوب السودان ( موجها حديثه لمندوب فرنسا ) : أنتم أقدر منا علي التعامل معهم . باسقاطهم ، بتغييرهم ، بتعليمهم ، بتثقيفهم ، فأنتم متمرسون علي ذلك وقادرون .
تاتشر ( تشير لمندوب النرويج . الذي رفع يده طالبا الكلمة ليتكلم ) 
مندوب النرويج : متمرسون نعم . ولكن ليس مع تلك العينة من البشر . بل مع نماذج اخري مختلفة . 
تاتشر ( تشير لمندوب سويسرا . الذي رفع يده طالبا الكلمة . ليعقب ) . 
مندوب سويسرا : يستحيل قبولهم . حتي ولو ألغي المشروع رغم كونه لا غبار عليه .
تاتشر ( تعطي الكلمة لمندوب اثيوبيا ) .
مندوب اثيوبيا : ونحن يستحيل أن نسمح لهم بالسفر معنا . فحكامنا هؤلاء كفيلون بافساد السماء لو صعدوا اليها . مثلما افسدوا بلادنا .
تاتشر ( تعطي الكلمة لمندوب تونس ) .
مندوب تونس : ناخذهم معنا ؟! ( يقلب كفيه باندهاش ..) لو تم . فسيكون المشروع مجرد عملية تبادل مواقع بلا فائدة ..
مندوب مصر : وكأنك يا أبو زيد لا رحت ولا جيت ..
تاتشر ( مخاطبة مندوب مصر ) من " أبو زيد " هذا ؟ 
مندوب مصر : ( مقهقها ) انه مثل شعبي مصري . يعني عدم الفائدة .
تاتشر ( تضحك بهدؤ ) طيب . ما علينا هكذا لابد من البحث عن حل . فليس معقولا ان نترك مشروعا عظيما للسلام يفشل . لماذا لا نقرب وجهات النظر ؟ المشكلة بسيطة ..
مندوب ليبيا : المشكلة بسيطة فعلا . أنتم تاخذوهم معكم ، وتعملون لجانا شعبية ، لتحل المشاكل التي ستنجم عن وجودهم معكم . باتباعكم لتعليمات الكتاب الأخضر . 
مندوب أمريكا : ولماذا لا تاخذونهم معكم ، هم ولجانكم الشعبية وكتابكم الأخضر ؟
مندوب السودان : أنتم أقدر علي التعامل معهم . خاصة وانهم رجالكم وتعرفونهم أكثر منا . فبرهنوا لنا عن حسن نواياكم وعلي عدم رغبتكم في افشالنا . بان تاخذوهم معكم .
مندوب السويد : ولماذا تصرون علي ترك بذور الفشل من نصيبنا بينما نحن نهديكم النجاح كاملا ؟ خذوهم ، والحل بين أياديكم بسيط جدا . سافروا معهم عن طريق البحر . وفي عرض البحر يكون الحل ...
مندوب زائير : نتعاون معكم في حل المشكلة ونقتسم حلها معا . نحن ناخذهم ، وانتم تأخذون اعوانهم من الحاشية والصحفيين والمتسلقين ، وما أشبه ..
مندوب اوغندا : وكيف نقنعهم بالسفر معنا ؟ فهم يخشون من أن تكون عدوي الديموقراطية موجودة بالبلاد التي سنتبادل معها ..!
مندوب بولندا : تهتفون لهم . حتي يصعدوا الي الباخرة ، وتصفقون لهم حتي لهم حتي تتحرك الباخرة الي عرض البحر . وبعرض البحر ينتهي كل شيء ..
مندوب انجلترا : اتفقنا علي الصفقة . نبادل بلادنا ببلاد الشرق . نعطيهم بلادنا الجميلة وشوارعنا النظيفة ومواصلاتنا المريحة ومرافقنا السليمة . ونأخذ بلادهم الأقرب الي الحظائر . لا بأس . اتفقنا علي الصفقة ولكن ألا يجب أن يتعهدوا بالحفاظ علي نظافة المدن وسلامة المرافق وعلي الالتزام بالنظام والدقة في سير واستخدام وسائلها المختلفة من مواصلات واتصالات وغيرها . 
مندوب ايران ( غاضبا ) هذا تدخل في شؤوننا الداخلية . ومقدما ! نحتج ونرفض هذا الشرط جملة وتفصيلا .. حتي ولو توقف المشروع تماما . فهذا تدخل سافر واشتراطات استعمارية تحتفظون بها لتكون ذرائع تدخل لمصادرة حرياتنا واستقلالنا . البلاد التي سناخذها كبدل . انما هي بلادنا ونحن أحرار فيها بل نحن اقدر علي حماية الحضارة وتطويرها . فأساس حضارتكم الغربية مأخوذ من شرقنا . " الأورجينال " فلماذا تشككون من البداية في قدراتنا وفي كفاءتنا ؟ أوليس ذلك دليل علي سؤ النية و الأفكار الشيطانية ؟
مندوب سوريا : نعم . ما قاله الرفيق مندوب ايران هو صحيح . ولذلك نقترح أن ينص عقد البدل علي أن العقد ساري المفعول من تاريخ التوقيع عليه ولا يجوز الرجوع عنه . لنسد الباب أمام تلك النوايا والأطماع الاستعمارية الشريرة التي تسعي لملاحقتنا في كل مكان نسكنه أو نذهب اليه ..، ان سكنا بالشرق حيث الشمس والدفء والخيرات طاردتنا الاطماع والحيل الامبريالية.. وان تركنا لهم جمل الشرق بما حمل ، وقبلنا السكني ببلاد البرد والجليد والضباب . لاحقونا أيضا بأطماعهم الاستعمارية ..
مندوب فرنسا : ان المسز تاتشر . يا حضرات مندوبي الدول .. انما تطمع في انه كما قيل عنها الرجل الوحيد بالوزارة البريطانية . كذلك يقال عنها الرجل الوحيد بالمنظمة الدولية . 
مندوب روسيا ( موجها كلامه لتاتشر , والشرر يتطاير من عينيه ) أنتي يا سيدة .. السبب في استدراج جورباتشوف . ورحتي تهيئي الجو له مع أمريكا لكي يلد حمله المسمي بيروسترويكا . مما هدد وحدة البلاد واشاع الفوضي والنزعات الانقسامية الانفصالية ..والآن ماذا تريدين أن تفعلي بنا وبالعالم ؟؟ أما كفاك ؟ لقد استقلتي من الوزارة حين أدركتي خطر وجودك علي وحدة حزبك ، وكانت شجاعة منك . فلماذا لا تستقيلي وتبتعدي عن هذا المنصب الدولي ، فخطرك علي العالم يبدو كبيرا ؟؟
مندوب الصين ( بهدؤ وجدية ووقار ) : هذا مشروع استعماري من أوله لآخره .. والصين شعبا وقيادة يقدس تراب وطنه وليس لأحد من الصينيين تطلعات لدي الغرب ، ولا نظن أحدا من الغرب حاليا له تطلعات نحو بلادنا ..ورغم ضخامة تعداد الصين . ربع سكان الدنيا . الا اننا ننمو باقتصادنا ، وكفيلون بتحقيق الرخاء لشعبنا . 
( همهمات استنكار من مندوبي بعض دول الشرق . تسمع منها كلمات بالعربية ) 
مندوب اليابان ( يطلب الكلمة ) .
تاتشر ( تشير لمندوب اليابان ليتكلم ) مندوب اليابان يتفضل . نرجو الهدؤ ..
مندوب اليابان : هذا المشروع لا شأن لليابان به لا من قريب او بعيد فهو يعني الدول النائمة . ( يبتسم بهدؤ ) 
( هممات احتجاج من الكثيرين )
مندوب اليابان ( يكمل حديثه ) : عفوا .. اقصد الدول النامية ..( ظلال ابتسامة تبدو علي وجهه ) .ولكن كما قلت هو مشروع لا يعني اليابان بشيء فنحن امة تعتز ببلادها وبترابها ، التقدم والتحضر ليس مرهونا بوجود الانسان في الشرق أو الغرب ، التقدم احرزه اليابان وهو بلد شرقي بسواعد شعبه الشغول المحب للعمل .. ونحن بلد شرقي تتطلع كل دول الغرب باحترام الي ما حققناه . بالرغم من كون بلادنا محتلة رسميا . منذ أكثر من ستين عاما . الا أن الاحتلال لم يمنعنا من النهوض والنجاح والرقي . بعكس دول اخري مستقلة منذ 40 ، 50 ، 60 عاما . أخذت استقلالها بالفعل وتتأخر وتتاخر ، ولا تكف عن الكلام واتهام الاستعمار بانه هو الذي يعرقل نهوضها ويمنع تقدمها ! ومثل تلك الدول لها أن تدخل في مشروع المبادلة هذا ونتمني لها التوفيق بعد عمل البدل 

تاتشر ( تعطي الكلمة لمندوب اوغتدا للتعقيب علي كلمة مندوب اليابان ) 
مندوب أوغندا : ( موجها حديثه لمندوب اليابان ) : ان اليابان بما وصلت اليه من تقدم يجب الا نعدها ضمن دول الشرق . بل نعتبرها دولة غربية ، وبلدكم يا سيدي بلد فقير في ثرواته . وطبيعة ارضه زلزالية بركانية صخرية . فلماذا لا تبادلونا مع بلدنا اوغندا ، فعندنا الكثير من الثروات ؟وانتم شعب شغول ، وفي عام واحد تستطيعون تحويله الي يابان أخري ، بل وافضل من اليابان .
مندوب اليابان ( ياخذ الكلمة للتعقيب ) : وماذا عن الاستعمار الأمريكي لليابان الذي لا يزال قائما ، وعن قواعده التي لا تزال موجودة حتي بالعاصمة طوكيو ؟ هل نترك لكم اليابان بالاستعمار أم تشترطون ان ناخذ استعمارنا معنا ؟
مندوب اوغندا ( ياخذ الكلمة للتعقيب ) : لا يا سيدي لا تتعبوا انفسكم بحمل الاستعمار معكم ولا تتعبوا الاستعمار . بل دعوه لنا . ونحن مستعدون للبدل معكم تاخذوا اوغندا ونحن نأخذ اليابان باستعمارها معها ..
( همهمات وغمغمات وابتسامات في القاعة مع ضحكات خفيفة ) .
تاتشر - ( توجه كلامها لمندوب أوغندا ) وما هي حاجتكم للاستعمار ؟! ما هي حاجتكم للبدل مع بلد مستعمر تاخذونه باستعماره ؟ تلك رغبتكم لا باس ولكنه سؤال فضولي اسمح لي به . كما أرجو أن يسمح لي به باقي حضرات مندوبي الدول الأفاضل ..
مندوب اوغندا : ان وجود الاستعمار مهم بالنسبة لنا . لاننا نحب الكفاح والنضال . ضد الاستعمار والامبريالية العالمية .. 
تاتشر : تعني انكم لا يهم تقدم ونهوض ورخاء كما هو في اليابان .. فهذه الأشياء لا تتحقق الا بالعمل البناء .. لا بالبحث عن الحروب ..
مندوب اوغندا : يد تيني ويد تحمل السلاح . فان اخفقت اليد التي تبني . فيكفينا شرف الكفاح والنضال ..
تاتشر ( تهز رأسها وسحابة من الدهشة تبدو علي وجهها ) الكلمة لمندوب البحرين .
مندوب البحرين : هذا مشروع عظيم جدا . المبادلة بين دول الشرق والغرب لأجل السلام . نعم يخدم السلام .. وليس لأجل الشقراوات الأوربيات .. كلا كلا هذه أشياء لا تسوي ، ونحن نؤيد ها المشروع لأجل السلام .. وحده . ايه والله لأجل السلام ..
مندوب اليابان ( يسأل مندوب البحرين .. بخبث ) أصحيح تؤيدونه لأجل السلام والسلام وحده ؟
( الجميع يقهقهون ) .. 
مندوب يوغسلافيا : نري أن المشروع عظيم . نرجو ألا نضيع تلك الفرصة ، ونرجو الاستماع الي باقي الآراء .
مندوب بريطانيا : يا حضرات مندوبي الدول . ان السيدة تاتشر , تعهدت منذ البداية بعدم استخدام سلاطة لسانها المعروفة . وذاك مكسب لنا ، وأرجو ألا يتسبب البعض في اضاعته واضاعة وِقارنا أيضا معه . فأرجوكم عدم توجيه اتهامات للسيدة تاتشر , كي لا تعود الي ما نعرفه عنها . وأنا شخصيا لست مستعداً لأن يقال لي " انت رخو " ، " انت مبلول " كما كانت تقول للوزراء البريطانيين تحت رئاستها وقت توليها رئاسة الوزارة .
تاتشر ( تبتسم دون تعقيب ) 
تاتشر ( تعطي الكلمة لمندوب هولندا ) . 
مندوب هولندا : هذا احتمال قد يحدث وان كنا نأمل ألا يحدث ، ولكنه وارد لذا كان واجبا طرحه ونشكر السيد مندوب بريطانيا . لحرصه علي كرامة زملائه مندوبي الدول .
تاتشر : ( تعقب علي كلمة مندوب هولندا ) : من حقك ومن حق كل . أن يطرح ما عنده . 
مندوب هولندا ( يواصل حديثه ) : أعبر عن مخاوفي أيضا من كون الأصدقاء الشرقيين قد يحولون بلادنا الغربية . أوربا وأمريكا – وهي جنة الأرض .. الي الحال الذي عليه بلاد الشرق . وأضم صوتي للزميل الذي عبر عن تلك المخاوف .
مندوب النرويج : في هذه الحالة لا شأن لنا ، ولا رجوع ، ونشدد علي الأصدقاء الشرقيين بانه لا رجوع .
مندوب السعودية ( يطلب الكلمة ) .
تاتشر : الكلمة لمندوب السعودية .
مندوب السعودية : ( يعقب . موجها حديثه لمندوب النرويج ) والله يا أخي ( يصلح عقاله باعتداد ) نحن السعوديون والعرب بالذات . ما عندنا ها الشغلات .. رجوع ما رجوع .. !! العربي شريف . عنده العقد عقد والعهد عهد والوعد وعد . أمجاد وشرفاء نحن العرب . أمجاد ياعرب أمجاد ..
مندوب السويد ( معقبا باندهاش علي قول مندوب السعودية ) ما هذه القبليات والعرقيات ؟ اترانا نتعاقد مع العرب ، وما دخل العرب او الفرس فيما نناقشه الآن ؟ ان المشروع والعقد هو بين الشرق ككل والغرب ككل وليس بين الروم والعرب ولا بين الفرس والاغريق ، ليت أحد يعرفني ما هي مناسبة ادخال السيد مندوب السعودية لشرف العرب ومجد العرب في قضيتنا الآن ؟ !
مندوب السعودية ( يبتسم منتشيا ) يا أخي هذه حقائق يعرفها التاريخ . اننا عرب أمجاد وشرفاء . أمجاد ياعرب أمجاد . أما تسمع ها النشيد ؟!
مندوب السويد ( يقلب يديه ضيقاً وضجراً ) . 
تاتشر ( تتدخل لحسم الجدل ، موجهة حديثها لمندوب السعودية ) : زين زين . انا أستمع لهذا النشيد ، وسوف أُحِفّظه لمندوب السويد بعد الجلسة . ( ثم تشير لمندوب السعودية ليجلس ) تفضل ..
مندوب فرنسا ( يرفع يده طالبا الكلمة ) .
تاتشر : الكلمة لمندوب فرنسا .
مندوب فرنسا : تعرف السيدة ماجي .. ان الرجل الفرنسي متعود علي نظام العشيقات العديدات ، والمرأة الفرنسية طيعة معه لأنها تهوي نفس ما يهواه الرجل الفرنسي ، أما المرأة الشرقية . فهي تتمنع وتتعزز كثيراً وطويلاً مهما كانت هي الراغبة ، بل والراغبة جداً ! فضلا علي كون المراة الشرقية أيضاً غيورة بأنانية ، والتمنع والتعزز الكثير والطويل قبيل ممارسة الحب , هو صفة غير حضارية . اذ فيه مضيعة للوقت ، لم يعتدها الرجل الفرنسي مما سيؤثر علي حياته وعلي تقدمه بشكل عام ويفضي الي تفوق البريطانيين علينا . لذا أصارحكم . بأنني أخشي من ألا تكون تلك الدعوة التاتشرية لأجل السلام العالمي . بل هي مخطط موضوع أساساً لهذا الغرض الشرير الذي ِشم من خلفه رائحة العداء البريطاني الكلاسيكي لبلدي فرنسا .
تاتشر ( تعقب ) : سوف تبادل فرنسا مع الجزائر أو تونس أو المغرب في عملية البدل ، وهي من مستعمراتكم السابقة ، وبلاد أقرب اليكم ، ولن يكون الفرق كبيراً ، ويجب ألا يطمع أحد في الحصول علي البيضة مقشّرة ، ويا عزيزي مندوب فرنسا . لا تدع سؤ الظن أو الحساسيات التاريخية التقليدية القديمة بين بلدينا , تعرقل مشروع السلام .
مندوب فرنسا : ( يهز رأسه موافقا ) . 
تاتشر : الكلمة لمندوب الصين .
مندوب الصين : نرجو اعفاءنا من الاشتراك بهذا المشروع ، فالمسالة عندنا ليست مسألة شرق وغرب . بل مسألة انسان . قادة وشعوب قادرة علي تحويل الحظيرة الي حديقة أو شعوب أخري قادرة علي العكس .. فمعذرة اذ نقول لكم نحن خارج هذا المشروع . 
تاتشر : الكلمة لمندوب تشاد ..
مندوب تشاد : والله هذا المشروع فيه خدمة كبيرة للسلام . فلماذا تلك المعوقات التي يقوم بها البعض . لا ادري !
تاتشر : الكلمة لمندوب الدانمرك .
مندوب الدانمرك : هذا صحيح .. ولكن .. ماذا تقولوا يا سادة ؟ ماذا ستصنعون ؟ هل سنترك لكم نساءنا أيضا ؟؟! انني لا أصدق ما أسمع !!
تاتشر : تعقيب لمندوب سلطنة عمان .
مندوب سلطنة عمان : موجها كلامه لمندوب الدانمرك : بل ماذا تقول انت يا سيدي .. اذاً ماذا سنفعل ببلادكم ؟! تاخذون الشمس المشرقة . شمس الشرق والدفء ، وناخذ نحن البرد والجليد والصقيع ؟! وتأخذون النفط والثروات . مقابل الضباب ..! وأيضا تستكثرون علينا الشقراوات ؟! اذاً ماذا سيكون لنا بالصفقة ما لم تكن الشقراوات من نصيبنا ؟! اي طعم يكون لأوروبا وأمريكا بدون الشقراوات ؟! 
تاتشر : لماذا نصنع مشاكلا من لا شيء . ان الموضة الآن لدي نساء ورجال الغرب هي الشعر الكانيش والبشرة البرونزية ، فلماذا لا تشمل عملية البدل النساء أيضا . لصالح التغيير ، بعد أن أصبح التغيير ضرورة ولانقاذ مشروع السلام من الفشل ؟!
مندوب قطر : ( يهتف بحياة تاتشر ، والسلام العالمي ) .
تاتشر : أشكركم ، وأستأذنكم في رفع الجلسة حيث اقتربت الساعة من ميعاد عودتي للبيت , وسيكون زوجي في انتظاري علي أحر من الجمر لأنه اليوم الأول لتقلدي لمنصبي الجديد ، وهو عنده كما ذكرت لكم من قبل . كليلة عُرسِنا . بل أكثر ، ومضطرة لاستدعاء الكوافير . كي لا أضيع علي زوجي بهجة تلك الليلة التي عنده خير من ألف شهر . .. 
طاب مساؤكم يا حضرات مندوبي الدول الأفاضل . والي اللقاء في حفل توقيع عقود المبادلات . بعد اكتمال مداولاتكم ..
اتمني لكم أحلاما سعيدة . واللي اللقاء
( تصفيق لمارجريت تاتشر ، و للسلام العالمي ) . 
             ستار ..النهاية .. 
-------- القاهرة 1996
-- وسبق إعادة نشرها في موقع الحوار المتمدن  2009 / 6 / 19   
بمحور: الأدب والفن 
---

تعليقات