مثل يضرب للتدليل علي الندرة الشديدة للصديق الوفي المخلص بحق
ومجدي العمروسي – صديق ورفيق مشوار فن العندليب " عبد الحليم حافظ " ظل وفيا لصديقه طوال رحلة حياته الفنية وحتي رحيله ، بل وحتي بعد رحيله بأكثر من ثلاثين سنة . هو نموذج لهذا النوع النادر جدا جدا من الصديق الوفي والمخلص بحق .
هناك مثل آخر يقول " وراء كل رجل عظيم امرأة " .
ولكن هناك العكس أيضا . نساء عظيمات و رجال عظماء . كان وراء عظمتهم رجل .. وليس امرأة ... ومثال لذلك ، عالمة الطاقة الذرية المصرية الراحلة " دكتورة سميرة موسي " - 1917 - 1952 م . كان وراء تالق نبوغها رجل . هو والدها . في زمن كان الآباء يفضلون الاسراع بتزويج الفتاة لأجل السترة ..! – دون تعليم أو بقليل من التعليم . ذاك كان في عرف عصره . ! -
والعندليب "عبد الحليم حافظ " ذاك الفنان العظيم الخالد . وراء نجاحه . رجلان .. لا رجل واحد .
الأول كان من ساعده وشجعه علي الظهور كمطرب . وهو " حافظ عبد الوهاب " الذي كان مديرا لاذاعة الاسكندرية . وقتذاك . فجعل عبد الحليم اسمه الفني منسوبا لذاك الرجل اعترافا بفضله . فصار " عبد الحليم حافظ " بينما اسمه الحقيقي " عبد الحليم شبانة " .
أما الرجل الآخر الذي كان وراء نجاح العندليب ، ولعب الدور الأهم في حياته كفنان سيخلد في تاريخ الغناء والطرب بالشرق . ففي رأينا هو صديقه : " مجدي العمروسي "
بمجرد أن أحس عبد الحليم ببوادر نجاحة الفني . طلب من صديقه المحامي " مجدي العمروسي " أن يتفرغ .. لادارة أعماله كفنان . فالفنان يحتاج لمدير أعمال مخلص وأمين . خاصة ان كان مثل عبد الحليم حافظ . معظم حياته مرض وعمليات جراحية ، وعلاج .
استجاب العمروسي لطلب صديقه . وتفرغ لادارة أعماله . ومضي سيرا معه في مشوار النجاح والشهرة والفن والمجد .
وظل العمروسي وفيا مخلصا وحارسا أمينا لفن صديقه العندليب الأسمر حتي بعد مرور سنوات كثيرة علي رحيله .
هناك اناس ان تعرفوا علي شخصية مشهورة كعبد الحليم حافظ . أو دسوا أنفسهم في حياة هؤلاء النجوم بصفتهم أصدقاء .. فانهم يحقدون علي النجم صديقهم لأنهم لم يحققوا مثلما حقق من الشهرة والمجد .. فيحاولوا بشتي الطرق . أن يظهروا ، ولو بالتفليل من قيمة صديقهم النجم . وتشويه صورته بكل السبل لتقزيمه . لعل قاماتهم القصيرة تطول بتقصير قامة صديقهم النجم !!! .
من تلك النوعية من يسعون للتصادق مع النجم . واغراقه بالمجاملات التي لم يطلبها منهم ويحرصون علي عدم أخذ مقابلها . ليأخذوا الثمن تطاولا علي النجم ، أو الاساءة اليه بمخاطبته بطريقة غير لائقة . لتصغيره . وتوهم انهم هكذا قد كبروا وعظموا ! لمجرد أن صغروا صديقهم .. !
وهناك من يصادق نجما كعبد الحليم . ويقترب منه . فيتصيد أخطاء ، ويجمع سقطات أحاديث ، كتلك التي تسقط من كل انسان . ويلملم دقائق بسيطة وصغائر عن حياته ، وربما يختلقها اختلاقا .. ليثرثر بها وسط معارفه لكي يظهر بأنه العلامة .. الذي يعلم عن النجم الكبير من الخفايا ما لم يعلمه أحد ..!
ومن يحاول بكل الطرق تلطيخ سمعة نجم – صديقه - ! ، من نجوم الفن أو السياسة . برغبة اسقاطه . ظنا أن ذلك سيكتب له البطولة والخلود ..! . عندما يقتل صديقا ويعتلي فوق جثته ..
ان قصص الصديق الخائن . الذي يخون الصداقة . خيانة قد تصل لدرجة القتل. معروفة وكثيرة . من أيام يهوذا .. ، و " بروتس " – الذي صار مثلا في الغدر بالصديق : " حتي أنت يا بروتس " - ، الي " بدران " في الملحمة الشعبية المصرية الشهيرة " أدهم الشرقاوي " .
ولكن تلك النماذج من الاصدقاء الخونة . هم كالذباب الذي يطن حول عندليب . للتغطية علي صوته لعل اصواتهم النشاز تتألق .. ولكن يموت الذباب . ويبقي للنجم مجده وتألقه في تاريخ الفن .
ما دعاني لكتابة ذاك المقال هو ما حكته لي صديقة ، انها سبق أن شاهدت حلفة تليفزيونية ببرنامج . احتفالا بذكري العندليب عبد الحليم حافظ .أستضيف فيها بعض أصدقائه . وكان منهم صحفي . اشتهر بتقديم برنامج تليفزيوني . كان يحرص فيه علي القول " أنا محاور . لست مذيعا " ... وهو واحد ممن عرفوا عبد الحليم عن قرب ويعتبر من أصدقائه .
فذكر واقعة اختلاف عبد الحليم . مع الموسيقار الكبير الراحل " عبد الوهاب " اثناء بروفة مسجلة لاحدي الاغاني – تلحين عبد الواهاب . وتبادلا الشتائم ....
بالطبع عامة المشاهدين . سيستغربوا . كيف يحدث ذلك من فنانين كبار ! ظنا من العامة . ان الكبار سواء كانوا فنانين . أم غير ذلك . هم ملائكة وليسوا بشرا ...(!) .
هنا حدثت مداخلة . من " مجدي العمروسي " – حسبما روت الصديقة . التي شاهدت الحلقة - اذ اتصل بالبرنامج . ولام المحاور – الصحفي – بشدة . وعنفه . لأنه يبوح بخصوصيات صديقه . مما يسيء اليه أمام جمهوره . وما هكذا يجب أن يكون الصديق .
كان باستطاعة مجدي العمروسي . بصفته صديق عمر . العندليب الاسمر ، ومدير أعماله . ان يتصيد الكثير جدا من الهفوات والمهاترات ، وسقطات الضعف الانساتي . وسفاسف الحماقات .. التي يندر أن يبرا منها انسان . سواء كان عاديا ام عبقريا . ليؤلف منها كتابا يحدث دويا لدي سوقة القراء والغوغاء الذين يشتهون استحلاب تلك الأشياء ، فيثرثرون بها ويستمتعون بشهوة داء النميمة حتي ولو ضد اناس لا يعرفونهم ، ولو كانوا من الاموات – ولاسيما المشاهير - !
ولكن " مجدي العمروسي " – صديق " عبد الحليم" – كان من أندر واقيم أنواع الأصدقاء .. أمينا علي أعمال صديقه ، وكذلك كان امينا علي سيرة حياته الخاصة والشخصية .
ألا ما أسعد تاريخ العندليب . بمثل ذاك الصديق الماسي . الذي حفظه حيا وحفظه ميتا . وعلي المستوي الفني والانساني ..
طابت أوقات " مجدي العمروسي – الذي لا اعرفه شخصيا – مثالا راقيا للصديق ، وطاب ذكره دوما ، طالما ذُكر العندليب الأسمر . في أي زمان ، أو مكان ..
تعليقات
إرسال تعليق