من مذكراتي في السجن / مصطفي بكري , والتحية الشرعية
من مذكراتي في السجن / مصطفي بكري , والتحية الشرعية
كتب : صلاح الدين محسن
28-1-2022
تقريباً ما بين أواخر عام 2002 وأوائل عام 2003 . انتشر في السجن - مزرعة طرة العمومي , بالقاهرة - خبر وصول الصحفي المعروف مصطفي بكري وشقيقه الصحفي محمود بكري , للسجن - اعتقال سياسي - .. حدث هذا وسط دهشة الجميع , فهو محسوب علي النظام . فلماذا زج به في المعتقل هو وشقيه ؟ وماذا فعل يا تري ؟
أنزلوه في مستشفي السجن - ككل الشخصيات الهامة من السجناء .. فالمبيت بالمستشقي لم يكن للمرضي .. ( من ضمن من أنزلوهم بمستشفي السجن - دكتور سعد الدين ابراهيم , وأحد ضباط 23 يوليو 1952 , الأخير لا أتذكر التهمة , ربما قضية أموال ) ..
وكان أ . مصطفي بكري .. - وقت التحقيق معي بنيابة أمن الدولة العليا بالقاهرة - مارس عام 2000 - هو أشرس الصحفيين الذين انهالوا عليّ طعناً وتشويهاً - وما أكثرهم - .. ( لم تكن بيننا ثمة معرفة من قبل , غير زيارة خاطفة منذ سنوات مع صديق مشترك , له في مكتبه بالصحيفة التي يصدرها . و غالباً لا يتذكرها أو يتذكر شكلي . وقتذاك لم يكن قد صار بعد نائباً في البرلمان )
عندما قابلته في اليوم التالي لوصولهما للسجن هو وشقيقه .. وجدت انه لا يجوز أدبياً وانسانياً ابداء الشماتة .. فتقدمت وصافحته - وشقيقه أيضاً - قائلاً بلهجة مواساة وتعاطف " حمدلله ع السلامة " وذكرت لهما اسمي .. ( بالطبع هو عرف تلقائياً ما فعله بقلمه بي وأنا خلف القضبان , في قضية رأي وفكر ) .
لم يدر بيننا حديث , ولكن في اليوم التالي , في الصباح , حيث يفتحوا الزنازين - والمستشفي - للنزلاء من 8 ص : 5 مساء - كنت كما نسبة من السجناء , أمارس رياضة المشي حول السجن من الداخل .. فقابلني أ . بكري . بادرته بالتحية . فرد بمودة : ازيك يا عم صلاح - هو شاب بالنسبة لي حيث كان عمري وقتها حوالي 54 سنة - .
سألته : ايه الحكاية ؟ ..
( ظننت انهم قد أتوا به للسجن بسبب حملة قوية كان قد شنها , ضد دكتور يوسف والي , وزير الزراعة الأسبق - وقت حسني مبارك - والأمين العام للحزب الوطني الحاكم , بسبب المبيدات المسرطنة - الخاصة بالآفات الزراعية - والبذور الزراعية الفاسدة ) ..
ولكنه فاجأني بالقول : أبداً .. انه موضوع قديم مضي علي 10 سنوات ! يتعليق بدكتور محمد عبد العال - طبيب يرأس صحيفة وحزب العدالة الاجتماعية - كان قد اتهمه بالسب والقذف ( لم تنفذ السلطات الحكم ضده , وتركوه سيفاً معلقاً فوق رأسه . لوقت الحاجة . اذا ما خرج عن طاعة النظام . ويبدو انه بالفعل قد خرج قليلاً عن الطاعة ) .
بعد ذلك .. قابلته أيضاً في الصباح , أثناء ممارسة كل منا لرياضة المشي داخل سور السجن .. فبادرت بالتحية " سلامو عليكو " ولأنني أعرف انه ناصري , والأرجح انه ليس منغلقاً دينياً .. لذا تداركت وقلت له .. هنا التحية " السلام عليكم " - أغلب نزلاء السجن جماعات اسلامية ( بينما عموم المصريين لهم أكثر تحية , لهم تحيات - صباح الخير , مساء الخير , العوافي , وأيضاً السلام عليكم .. ) .
ففوجئت به يؤكد لي علي انها التحية الشرعية - السلامُ عليكم - ... !!
لم أعقب ولم أصحح له ما قاله , حتي لا أدخل في جدل ديني ,, وأنا في السجن .. ان وصل الجدال لضابط أمن الدولة .. فسوف يتسبب لي في متاعب أتجنبها..
أقول لكل المتزمتين والمتعصبين للاسلام وهم لا يعرفون من حقيقته شيئاً :
لا توجد تحية شرعية معينة في الاسلام
وحجتنا من الكتاب ومن السُنة - أولاً من القرآن :
" اذا حييتم بتحية , فحيُّوا بأحسن منها . أو ردوّها " سورة النساء 86 ( لم يقل بالتحية .. .. بل قال " بتحية .. أية تحية .. "
ومن السنُّة :
عند الصلاة الاسلامية . في قراءة التشهد . أول شيء يتلي هو القول : " التحيات لله "
التحيّاتُ .. وليست التحيّة
هذا لعلم كل من لا يفهمون دينهم ولا يعرفون سوي التعصب له .. لعلهم يعرفون ذلك .
____________________________
تعليقات
إرسال تعليق