فضفضات انسانية نسوية ذاتية

 



إعداد : إدارة المدونة    18-3-2021

منقول - 

لمَ يبدو لي الفَرج أشبه بمشهد تقطيعٍ دموي؟

عزّة طويل   ( مجلة : رصيف 22 ) -  الأحد 7 -3- 2021- م 

في بداية مراهقتي، تنبّهت للمرة الأولى إلى أنني أعجز عن النظر إلى فرجي. لم يكن العائقُ نقصَ ليونةٍ مثلاً، ولا مشكلة في العينين. جلستُ مقابل المرآة الطويلة في غرفتي، باعدت بين رجليّ ورحت أحاول النظر وكأنني أسرقه. أنظر للحظةٍ ما بين شعر العانة 

ثم أرفع عينيّ لأجابههما في المرآة متسائلةً عن السبب الذي يجعل تحديقي إلى فرجي بهذه الصعوبة.

نفورٌ من اللون الزهري، من اللحم الحيّ، قلت في نفسي، وثابرت على المحاولة. من العانة إلى العينين، من العانة إلى العينين، طريقٌ لم تفضِ إلى الفرج بالطبع. سكّينٌ وقطع لحمٍ زهريةٍ هي الصورة التي تبادرت إلى ذهني. تذكّرت أنني لا أتناول اللحم وأنفر حتى من شكله على طبق التقطيع. 

أغلقت الصفحة بسروالي الداخلي وأكملت نهاري.

"لعنت الشعر والأعضاء والإناث والذكور"

وحين حاولت نتف شعر عانتي للمرة الأولى، خرجت إلى الشرفة رفقة أختي، جلست على أرضها ووضعت "السكّر" إلى جانبي. خلعتُ ثيابي من تحت، ورحت أمغط قطعة "السكر" ما بين يديّ كي أتمكّن من مدّها كما ينبغي. اخترت الشرفة مكاناً مناسباً لأن أرضيّتها مبلّطة، فيما أرضية غرفتي مفروشة بموكيت زهريّ سمج.

لم أهتمّ للحظةٍ حتى بإمكانية أن يراني أحد، لا سيما أن أقرب مبنى مواجهٍ للمبنى الذي أقطن فيه يبعد في الحقيقة عشرين متراً على الأقل. لكنني في أي حال لم أهتمّ، حتى جاء أبي من عمله ليجدني صحبة أختي على الشرفة محاطتين بالسكّر وذُهل باستهتارنا. كانت تلك المرة الثانية التي أتنبّه فيها إلى مشكلتي مع الفرج حين التصقت قطعة السكّر بعانتي وظللتُ لساعةٍ على الأقل أحاول إزالتها وأتألّم وألعن الساعة والشعر والأعضاء والإناث والذكور... ثمّ ما كلّ هذا الألم ولمَ عليّ الخضوع له أصلاً؟

وحين شاهدت أول فيلمٍ إباحيّ، تيقّنتُ أن ثمة ما يزعجني فعلياً بشكل العضو النسائي، ذلك أن كلّ مشهدٍ لفرج امرأة كان يجعلني أزيح نظري في اللحظة نفسها، ليس خجلاً قطّ، بل شيء ما يشبه حين نحيد بنظرنا عن مشهد دمويّ في فيلمٍ لترانتينو مثلاً.

ما الذي يجعلنا نشيح بنظرنا عن مشاهد تلك الأفلام ولمَ نسعى إلى مشاهدتها أصلاً؟ يؤكد الباحث ج. ن. مارتن أن انخفاض مستوى التعاطف لدى المشاهد يزيد من استمتاعه بهذا النوع من الأفلام، كما يؤكد أن النساء أكثر عرضةً للقلق والاشمئزاز جرّاء تلك المشاهد، من الرجال.

لكن، لمَ يبدو لي الفرج أشبه بمشهد تقطيعٍ دموي؟

لسيغموند فرويد نظرية في هذا الخصوص لم أكن قد اطّلعت عليها في مراهقتي، أَطلق عليها اسم "حسد القضيب"، أي إن فرويد اعتقد أن الإناث يحسدن الذكور لامتلاكهم قضيباً.

تزعجني كلمة "امتلاك" وأنا أكتبها في هذه اللحظات، وتشير في نظري إلى قصورٍ في اللغة واستخداماتها في هذا الصدد. قضيبُكَ جزء منك، وكذلك فرجي جزءٌ مني. ليس كلٌّ منهما شيئاً خارجاً عنّا نمتلكه، فالملكية تحيل إلى شيء منفصل عنّا، سوى عند مَن يرى القضيبِ نتوءاً مرئياً خارجاً عن الجسم، يؤدي بتره إلى مشهدٍ دموي ينتج عنه الفرج. ثم، كيف يمكن التعبير من خارج استخدام مصطلح الملكية؟ فمن يملك شيئاً يمكنه التصرّف به كما يشاء، وهو ما ليس ممكناً مع القضيب، فثمة حدود لما يستطيع المرء أن يفعل به، ثم إنه لا يمكن للذكر أن يبيع قضيبه كما تُباع ملكيّة ما وتُشترى!

---------------------- 

تعليقات