ليبي إردوغاني يتكلم


إعداد : صلاح الدين محسن 
19-8-2020

كاتب ليبي نشر 3 مقالات بموقع الحوار المتمدن . بعنوان يقول ان الخطر الأكبر الذي يهدد ليبيا الآن يأتي من مصر ( من الشرق )  وان مصر تطمع في خيرات ليبيا من بترول ومن نهر ضخم من المياه الجوفية .. وفي المقالات الثلاثة لم يذكر اسم تركيا أو إردوغان .. ولا مرة في مقالاته الثلاثة , كمصدر خطر علي ليبيا .. اطلاقاً !! .
وسمّي ميليشيات تركيا - المرتزقة والدواعش - ب ميليشيات طرابلس .. باعتبارها ميليشيات مشروعة ! ليبية وليست مجلوبة من الخارج .
الكاتب يعتمد علي تحليلات جغرافية وجيولوجية وسياسية . ويقول ان صحراء مصر الغربية بأكملها هي ليبية .. ومن ضمن ما يستشهد به من مراجع . ان أسرتين ليبيتين حكمتا مصر قبل الميلاد " شيشنق " (  والقذافي كان يحتفل بانتصار الليبيين - قبل الميلاد ) علي المصريين . لكنه لم يذكر العصور السابقة لذلك - قبل الميلاد أيضاً , التي كانت فيها ليبيا جزء من الامبراطورية المصرية التي كانت حدودها تصل حتي العراق . وصور ونقوش فرعونية تبين أسري ليبيين " كانوا يسمونهم : ليبو " .. هذه المراحل البعيدة من التاريخ , يجب ألا نتنابذ بها لأنها تثير حساسيات وعداوات بالغة القِدم .. وباختصار كل شعوب المنطقة سبق لها احتلال بعضها البعض ..
والسيد الكاتب .. قال حقيقة أنثروبولوجية  يقرها علم الأجناس - بل والواقع - وهي أن تحاليل الحامض النووي الحديث للمصريين . أثبتت ان 68 % من المصريين ينتمون لشمال افريقيا " أمازيغ " وان الأمازيغ لا يزالون موجودين في مصر بلغتهم الأصلية . وهم سكان واحة سيوة .. وهذا صحيح علمياً . وجعل الأمازيغية تعني ليبيا ! .. وعليه يريد القول بان غالبية المصريين أصلهم ليبيين .. .. كهذا يكون الكاتب قد تلاعب بحقيقة علمية .. لأغراض شوفينية ضيقة .. فالأمازيغ في الجزائر .. ربما كانوا أكثر من سكان ليبيا .. ولعل الأمر كذلك في المغرب .. وقد استطاع أمازيغ المغرب والجزائر بنضالهم , انتزاع الاعتراف بلغتهم - لغة البلاد الأصلية والتاريخية " الأمازيغية " ولا أظن هذا استطاعة أمازيغ ليبيا .. وقد قابلت بالخارج منذ سنوات أحد الأخوة الليبيين المناضلين لأجل حقوق الأمازيغ , قبل الاطاحة بحكم معمر القذافي .. ولعل نفس نسبة غير الأمازيع - من أصول أخري , كما هي نفي مصر كذلك في ليبيا , لظروف جنسيات المستعمرين المتعددين . الذين توالوا علي ليبيا من  فينيقيين واغريق  ورومان وعرب , وأتراك وايطاليين .. ..  
لو كان الكاتب قد ذكر تركيا أو إردوغان , ولو مرة واحدة في مقالاته الثلاثة كقوات أجنبية تهدد وحدة واستقلال ليبيا .. لقلت انه يدافع عن ليبيا .. 
ولكنه خصص مقالاته لاثارة العداء ضد مصر ! التي ناشدتها القبائل الليبية للتدخل لتخليص ليبيا من القوات الاستعمارية التركية .. وتعاهدوا علي مقاومة العدو العثمانلي .. ! 
فلصالح من يتكلم ذاك الكاتب المحترم .. الذي يحشد التاريخ والجغرافيا وعلم الانثروبولوجي للهجوم علي مصر .. دون تركيا , التي حشدت أكثر من 15 ألاف جندي  داعشي ,, ممن دمروا العراق وسوريا .. مروراً من الأراضي التركية .. ليواصلوا التدمير والخراب في ليبيا , ونهب بترولها والبحث عن الغاز بمياهها الاقليمية بالبحر المتوسط .. ويهدد تدمير والسيطرة  علي " سرت " والقضاء علي قوات الجيش الليبي بقيادة الفريق حفتر  ,  يعبروا لمصر لدعشها .. حيث يتلمظ الخليفة العثمانلي لمصر - بمعاونة عصابة الاخوان - المصريين - الذين يأويبهم عنده ..  
نص آخر مقال للكاتب الذي تؤكد كتابته انه من لا يمكن أن يكون ليبي أمازيغي الأصل . بل هو من سلالة الأترك . الذين استوطنوا ليبيا في عصر الاحتلال التركي العثمانلي . والذي يعتبرهم " إردوغان"  رعايا أتراك وهو وه ما أرسل جيشه وقواته لليبيا إلا دفاعاً عنهم !! . وقد أكد الكاتب انه انما يدافع عن تركيا وعن سياسة إردوغان .. لا عن ليبيا .
--- 
 هذا آخر مقال نشره :

الخطر الأكبر الآتي من الشرق 3/3

محمد بن زكري
الحوار المتمدن  2020 / 8 / 17
* ملاحظة أولية
أظهرت الخريطة الجينية ، للمجموعات (السلالات) البشرية ، من السكان الأصليين ؛ التي أنجزها مشروع " جينوغرافيك " ، من خلال إجراء تحاليل جينية متطورة ، لعينات من الحمض النووي الأبوي (Y-DNA) ، موزعة بين قارات العالم ، أن 68% من سكان جمهورية مصر " العربية " ليسوا عربا ، بل هم شمال أفريقيون أصليون ، يشتركون مع الليبيين الأصليين (الأمازيغ) و أيضا مع التونسيين ، في نفس الهابلوغروب الدموي الأبوي ، الحامل للبصمة الوراثية / الجينية الشمال أفريقية (E-1b1b1) ، بينما 17% فقط من المصريين هم من أصول سلالية عرقية عربية ، يحملون البصمة الوراثية - الجينية العربية (J1) .. أنظر الرابط :
https://yallafeed.com/thlyl-alhmdh-alnwwy-ythbt-an-alarb-lyswa-arbaan-balkaml-3681

و إنّ لهذه الملاحظة (العابرة) أهمية خاصة في حسم مسألة التركيبة الاجتماعية المتداخلة ، للمجموعات السكانية (القبائل) المنتشرة على جانبيّ الحدود الليبية - المصرية ؛ من حيث إن العناصر السكانية الأصلية لغرب مصر عموما ، هم فعلا أبناء عمومة للعناصر السكانية الأصلية للشرق الليبي . لكن تلك هي مواطنهم - و مواطن أسلافهم الأقدمين - في أرض مصر (الحالية) ، خلافا لما يروّج له البعض سياسيا و بدوافع اقتصادية ؛ و إلا لكان لـ 68 مليون مصري ، أن (يعودوا) إلى ليبيا الحالية ! و هذا بطبيعة الحال ضرب من الفانتازيا التاريخانية - إن صح التعبير - المفارقة للواقع ، أو ضرب من الإغراق في اللامعقول .

* وطنيون ، و طابور خامس .. و أرض ليبيا التاريخية
بالأمس غير البعيد (1950) ، لم يتردد شيوخ قبيلة العبيدات في الشرق الليبي ، باتخاذ موقف (وطنيّ) حازم و حاسم ، احتجاجا ضد أطماع مصر في مطالبتها بضم واحة الجغبوب و مرتفع السلوم ؛ فأرسلوا رسالة إلى كل من : أمير إمارة برقة (العربية) محمد إدريس السنوسي (ملك ليبيا تالياً) ، و السيد أدريان بلت مندوب الأمم المتحدة في ليبيا ، و القنصل المصري و المعتمد البريطاني في بنغازي .. ، جاء في نصها : " و لتعلم حكومة مصر ، أن صداقتنا لها خير من عداوتنا ، كما يجب أن تعلم الحكومة المصرية أن أراضينا تمتد إلى شرقٍ براني ، وربما إلى مرسى مطروح ، فإذا تقدمت مصر بمطالبها إلى هيئة الأمم المتحدة ، فإننا سنعتبر عملها هذا عدائياً ، وسنرد عليها بالمثل ... " .
و مصداقا لما أورده أولائك الرجال الوطنيين ، مِن شيوخ قبيلة العبيدات (انظر الهامش آخر المقال)* ، مِن أنّ الأرض الليبية تمتد شرقا إلى ما بعد براني و ربما إلى مرسى مطروح ؛ فإنّ الحقيقة المغيّبة هي أنّ أرض " ليبيا التاريخية " ، تمتد إلى ما بعد مرسى مطروح (بل إلى ما بعد العلمين) ، بدليل خصائص الهوية الثقافية - الموروثة - السائدة هناك ، المتمثلة في اللباس و العادات الاجتماعية و الفنون الشعبية (الفولكلور) . و لعلم من لا يعلم ، فإن مدينة مرسى مطروح ، اكتسبت اسمها من اسم حاكم طرابلس و أحد أعيانها " رافع بن مطروح " ، الذي كان الطرابلسيون قد اتفقت كلمتهم على توليته حاكما ، لأنه قاد الثورة الطرابلسية ضد حكم ملك صقلية (روجر الثاني) . ثم أقرّه عبد المؤمن بن علي الزناتي (مؤسس دولة الموحدين) واليا على طرابلس لدولة الموحدين ، (حسب ما أورد الطاهر الزاوي ، في كتابه : تاريخ الفتح العربي في ليبيا) ، حيث بقي (مطروح) واليا عليها من قِبَل الموحدين إلى أن هرم و عجز عن الحكم ، أيام يوسف بن عبد المؤمن ، فطلب إليه أن يعفيه من مهام الحكم ، و أن يأذن له بالذهاب إلى مصر ، فأعفاه و أذن له ، فسافر بطريق البحر إلى مصر سنة 568 هـ (1173 م) مصطحبا معه حاشيته و خواصه ، حيث نزل و أقام بالموقع الذي صار يُعرف باسمه : " مرسى مطروح " ، قبل أن ينتقل منه إلى الاسكندرية ، التي توفي بها ، و بقيت ذريته التي كانت لهم رياسة بها . (ص 234 ، 237) .
و إنه لَمِن المعروف أنّ كل الصحراء غرب وادي النيل ، كانت حتى خمسينيات القرن العشرين (قبل أن يغيروا اسمها - لاحقا - إلى الصحراء الغربية) ، تسمى في كل الأطالس الجغرافية المصرية : " الصحراء الليبية " ، نسبة إلى قبائل (الليبو) الأمازيغ ، حيث كان قديما كل سكانها من قبائل الليبو (الأمازيغ) ، يتكلمون اللغة الأمازيغية . ولا زالت واحة سيوا في مصر ، شاهدا حيّاً على (أمازيغيّة / ليبيّة) تلك الأرض ، حيث لا زال سكان واحة سيوا المصرية ، يتكلمون - حتى اليوم - اللغة الليبية الأصلية (الأمازيغية) ، بنفس لهجتها في أوجلا و يفرن و نالوت بليبيا و جزيرة جربا بتونس . و يُلاحَظ أن هيردوت - في المجلد الخامس من تاريخه - يصف ملك سيوا (إتارخوس) ، بأنه : " ملك الليبيين هناك " ، ما يعني أن أرض ليبيا التاريخية تمتد شرقا لتشمل واحة سيوا .
هذا .. فضلا عن أن كل ملوك الأسرة الفرعونية 22 ، التي أسسها الفرعون " شيشنق الأول " الوارد ذكره في كتاب التناخ (التوراة اليهودية) ، و كان أبوه كبيرا لكهنة الإله آمون ، هم لوبيون (أمازيغ) ، و أيضا كل ملوك الأسرة 23 الفرعونية ، و ملكان من الأسرة 21 هما (الفرعون أوسركون الأكبر 992 – 986 ق م ، و الفرعون سي آمون 986 – 967 ق م . و ملكان من الأسرة 24 هما (الفرعون تيفناخت الأول 732 – 725 ق م ، و الفرعون بوكوريس 725 – 720 ق م) . و بذلك فإن الليبيين حكموا مصر ، عبر أربع أسرات فرعونية ، من سنة 992 ق م ، إلى سنة 720 ق م ؛ فنحن الليبيين - إذن - من لنا حق تاريخيّ في مصر و داخل الأرض المصرية الحالية ، و ليس العكس . لكن للتحولات التاريخية منطقا آخر أكثر واقعية .
و بالعكس تماما و كليّا ًمن موقف شيوخ قبيلة العبيدات سنة 1950 ، نجد اليومَ مِن الطابور الخامس - أصحاب الأجندات الخاصة اللا وطنية - في الشرق الليبي ، مَن يستقْوُون بدكتاتور مصر عبد الفتاح السيسي ضد بلادهم (أتباع الجنرال حفتر) ، و مَن يستجْدون قيام الجيش المصري باحتلال ليبيا ، كما فعل رئيس برلمان طبرق عقيلة صالح (العبيدي) في كلمة العار الأبديّ التي ألقاها أمام البرلمان المصري (12 يناير 2020) ، و مِن ثم نجد تأييدهم المطلق لخطاب " الخط الأحمر " ، الذي توعد فيه السيسي بغزو ليبيا و احتلالها عسكريا ؛ بذريعة حماية الأمن القومي المصري ، ضد الخطر المزعوم للميليشيات الإرهابية (الطرابلسية) ! ، متعهدا في الوقت ذاته - و يا للعجب العُجاب - بتكوين ميليشيات مسلحة قبليّة (!) ، من أبناء القبائل على جانبيِّ الحدود المصرية - الليبية ، لمواجهة الميليشيات المسلحة من الغرب الليبي ، عند الخط السيساويّ الأحمر ، الممتد من سرت إلى الجفرة (داخل التراب الليبي) !

* من تيران إلى سرت ، و ما أدراك ما القبائل !
في العام 1982 ، خاضت بريطانيا - بزعامة مارغريت تاتشر - حربا على بعد نحو 15 ألف كيلومتر من أرضها ، ضد الأرجنتين ، لاستعادة السيطرة البريطانية على جزيرة فوكلاند (جنوب المحيط الأطلنطي) ، بتجاهل تام لمقترح التفاوض مع الأرجنتين ، على اعتبار أن أرخبيل فوكلاند (مالفيناس) هو إقليم بريطاني فيما وراء البحار ! و بالمقابل في العام 2017 ، صادق السيسي على تنازل مصر للسعودية عن جزيرة تيران المصرية ، التي لا يفصلها عن شرق سينا سوى 6 كيلومترات ، هي عرض مضيق تيران (الستراتيجي) ، و ذلك مقابل حفنة من البترودولار . و هو تنازل وثيق الصلة بصفقة القرن ، (مشروع ترمب لإعادة رسم الخارطة الجيوسياسية للمنطقة ، باسم حل مشكلة الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني) ؛ بالرغم من حكم مجلس الدولة (قضاء إداري) ببطلان اتفاقية التنازل عن جزيرتيْ تيران و صنافير للسعودية ! فكم هو البوْنُ شاسعٌ بين حزم مارغريت تاتشر و بين تفريط عبد الفتاح السيسي !
فالسيسي الذي تنازل للسعودية عن جزيرة تيران المصرية (أو هو بالأحرى باع أرضا مصرية لآل سعود بثمن بخس) ، و هي الجزيرة ذات الموقع الستراتيجي الهام جدا في مدخل خليج العقبة - بما يعنيه ذلك من تحويل مضيق تيران إلى ممر مائي دولي ، لمصلحة الأمن القومي الإسرائيلي - وذات الأهمية السياحية الكبرى استثماريّا ؛ هو نفسه السيسي الذي يأتي (20 يونيو 2020) ليتفقد جاهزيّة جيشه المتربص للانقضاض على ليبيا ، مدفوعا بأطماع التوسع و الأطماع الاقتصادية المصرية - غير الخفيّة - في الأرض و الثروات الليبية ، يتميز غيظا لاندحار ميليشيات حفتر (القوات المسلحة العربية – الليبية !) عن تخوم عاصمة الدولة الليبية طرابلس ، فيحشد مئات الدبابات و أسرابا من الطائرات الحربية المقاتلة و عشرات آلاف العساكر في قاعدة البراني العسكرية ، بكامل الجاهزية القتالية البرية و الجوية ، على الحدود الليبية ، مهددا بالتدخل العسكري المباشر ، للسطو - بقوة السلاح - على ثروة البترول الليبية ، كحل - غير مكلِّف - لأزمة الاقتصاد المصري ، الممول بالقروض و المرهَق بأعباء خدمة الديْن العام الخارجي ؛ و ذلك بذريعة حماية الأمن القومي المصري ، من خطر (لا وجود له) تمثله الميليشيات المسلحة (الطرابلسية) ! حتى لو أدى الأمر - بل ربما ذلك هو المخطط له أصلا - إلى تفكيك الجغرافيا الليبية و تقسيم ليبيا ، بفصل شرق البلاد عن غربها ، عند الخط السيساوي الأحمر من سرت إلى الجفرة ، ما لم يتحقق لأتباعه من الطابور الخامس (دعاة الإقليمية و دعاة قيام دولة برقة) في الشرق الليبي ، إحكامُ قبضة حفتر على حقول و موانئ النفط الليبية كافة .. زائدا البنك المركزي الليبي في طرابلس !
و بينما يتخذ السيسي من مخاطر (الميليشيات المسلحة في طرابلس) ذريعة مفتعلة لتبرير تدخله - غير المقبول - في الشأن الداخلي الليبي ، إلى درجة التهديد بالغزو ؛ فإنه يعلن عن استعداده لتدريب و تسليح ميليشيات قبلية ، من أبناء القبائل البدوية المسماة " أولاد علي " على جانبيِّ الحدود الليبية – المصرية ، بتواطؤ شتى فصائل الدعوة الإقليمية - الانفصالية البرقاوية ، لتحقيق ما عجز جيش حفتر (القوات المسلحة العربية – الليبية) عن تحقيقه بالوكالة ، من أطماع النظام المصري في الثروة الوطنية الليبية .
و إن حديث السيسي عن تجنيد أبناء القبائل في الشرق الليبي ، و استدعاءَه لمن يسمون أنفسهم وجهاء و أعيان و شيوخ القبائل الليبية (اللويا جيرغا) ، للمثول بين يديه في القاهرة ؛ يذكّرنا بحديث محمد حسنين هيكل (صاحب دعوة امتداد الأرض المصرية إلى مدينة المرج الليبية) ، في أحد حواراته المذاعة على فضائية سي بي سي (CBC) مع الإعلامية المصرية لميس الحديدي ، حسب ما نشرته صحيفة (الشعب) بتاريخ 27 أبريل 2014 ، تحت عنوان : هل قام هيكل بتوريط السيسي ، لاحتلال شرق ليبيا من أجل البترول ؟! ، مِن أنّ : " وفدا من زعماء القبائل ، ومجموعات من رجال القذافي فى ( البرقة ) ، طالبوه بتدخل الجيش المصري فى شرق ليبيا ، للسيطرة على النفط الليبي و تلك المنطقة الغنية بالبترول ، و أن زعماء القبائل قالوا ليس هناك حل لدعمهم ضد الإسلاميين إلا أن يقوم الجيش المصري بمساعدتنا في ليبيا على استقرار الأمور ، و كان رده بأنه قام بطلب ذلك من قيادات الجيش المصري ، الذين استثقلوا المهمة في شهر ديسمبر 2013 ، نظرا لتوتر الأوضاع السياسية في مصر خلال فترة الاستفتاء على الدستور " . (أنظر الرابط) ..
https://www.masress.com/alshaab/137947

و عندما نقول بإنّ ليبيا مستهدفة بخطر داهم ماثل للعيان ، يتهدد وجودها في التاريخ و في الجغرافيا كدولة مستقلة ذات سيادة و كإقليم جيوسياسي ، متمثلا - ذلك الخطر - في الأطماع المصرية بالأرض و الثروات الليبية . فإنه يكفي دليلا أنْ نشير إلى حديث الجنرال المتقاعد خليفة بلقاسم حفتر (أمير تنظيم الكرامة) عن توطين 10 ملايين مصري ، داخل إقليم الدولة الليبية و على ترابها ، ليتأكد لدى كل متشكك ، مدى جديّة الأمر و مدى خطورته المحدقة بليبيا (سياسيا ، و اقتصاديا ، و ديموغرافيّا) .
و إنه ما من أدنى شك في أنّ المخابرات المصرية ، تعمل على ملف « القبائل » ، بهدف الاستثمار السياسي في تداخل العناصر السكانية على جانبيّ الحدود الليبية – المصرية ، لتحقيق الأطماع الاقتصادية و أطماع التوسع المصرية في ليبيا . انطلاقا من أنَّ ما يعجز عنه العمل السياسي أو يتعذر تحقيقه بالتدخل العسكري غير المباشر ، يمكن بلوغُه بواسطة العمل المخابراتي بين القبائل - بتركيبتها الاجتماعية المتداخلة - على جانبيّ الحدود المشترَكة ، لاستقطابها سياسيا كي تتبنى نفس المشروع ، حتى ينتهي بها الأمر إلى دعوة النظام المصري للتدخل عسكريا ، من أجل حماية (إقليم برقة) و نفط برقة ، من خطر الميليشيات الإرهابية المسلحة في الغرب الليبي (بمعنى : خطر الشعب الليبي غرب الهلال النفطي) ، و هو ما نجحت فيه المخابرات المصرية نجاحا (باهرا) فعلا .
و لم يكن مفاجئا ، أنّ وفد ما يسمى " شيوخ القبائل الليبية " ، الذي حشدته المخابرات المصرية ، للمثول بين يديّ السيسي (بتاريخ 20 يوليو 2020) ، بدعوة من " وزارة الخارجية المصرية ! " ؛ كان من ضمن أعضائه البارزين ، شخصٌ يدعى " عبد الستار حثيثة " ، يقول إنه من (قبيلة أولاد علي بمصر) ، و هو رجل مخابرات مصري متخصص بمتابعة الملف الليبي إعلاميّا ، كان يظهر في برنامج أسبوعي (بنادق للإيجار) ، على فضائية « ليبيا الآن » ، التي تبث برامجها من القاهرة ، و يديرها أنصار نظام القذافي ؛ ليحرّض على الغرب الليبي ، و يصوّر الشعب الليبي - في طرابلس - بأنه شعبٌ من الإرهابيين يجب سحقه و محوه من الوجود !
ففي إحدى حلقات برنامجه التلفزيوني (بنادق للإيجار) على قناة « ليبيا الآن » ، لم يتردد رجل المخابرات المصري عبد الستار حثيثة ، في أن يقول حرفيا و بالنص : " إن كل المدن الواقعة في الغرب الليبي ، ابتداءً من سرت إلى الحدود التونسية ، هي مدن إرهابيّة ، و يجب ضربها حتى يتم تسويتها بالأرض ، و إنْ لزم الأمر تدخّل الجيش المصري " .
و أضاف رجل المخابرات المصرية - عضو وفد من يسمون أنفسهم شيوخ القبائل الليبية - المدعو عبد الستار حثيثة ، فقال حرفيا و بالنص : " يجب رجوع قبائل أولاد علي إلى ليبيا ، المقدرة بـ 10 مليون نسمة ، دون أيِّ اعتراض من قبائل الشرق الليبي ، فنحن إخوة ، والرجوع لأرضنا هو حق لنا ، بعد اكتشاف خيانة طرابلس لليبيا " . !!!
و إن ما طرحه - بكل أريحية و (وقاحة) - رجل المخابرات و الإعلامي المصري عبد الستار حثيثة ، على فضائية « ليبيا الآن » ، مِن تحريض على غزو ليبيا و ضرب مدن الغرب الليبي و تسويتها بالأرض ؛ لا يفسر فقط وحشية قصف جيش حفتر لمدينة طرابلس ، و لا يفسر فقط الأطماع المصرية بأرض ليبيا و ثرواتها ، بل هو أيضا يطرح عدة تساؤلات ، منها :
- هل لا زال ثمة ليبي - وطنيّ - واحد ، يشك بجدية الأطماع المصرية في ليبيا ؟!
- هل قبيلة أولاد علي (المصرية) ، التي يضع النظام المصري - من ورائها - عينه على الشرق الليبي ، هي أكبر عددا من كل الشعب الليبي ؟!
- هل غفل حفتر و نظام السيسي المؤيد له ، عن تجنيد عشائر أولاد علي المصرية (ص . ش) ، في عدوان جيش تحالف قبائل برقة على عاصمة الدولة الليبية ؟!
و جوابا على هذه التساؤلات ، باختصار شديد :
ليس من أدنى شك ، في أنّ النظام المصري ، يضع نُصب عينيه التوسع غربا ، توغلا في أرض الشرق الليبي . لماذا ؟ لأن الشرق الليبي ، مُهيأٌ - جغرافيا - لاستيعاب الفائض السكاني المصري ، و لأن النظام في مصر يعوّل على (نفط برقة) لإنقاذ الاقتصاد المصري من الإفلاس ؛ و ذلك بالنظر إلى الانفجار السكاني الهائل في مصر ، حيث تجاوز تعداد المصريين 100 مليون نسمة ، خصوصا مع الصعوبات التي يعاني منها الاقتصاد المصري الموشك على الانهيار ، حتى إنه بات عاجزا عن الإيفاء بسداد خدمة الدين الخارجي المصري ، الذي تجاوز 120 مليار دولار ، وفقا لتقارير البنك المركزي المصري و البنك الدولي .
لذا فإنه بالمنظور الذي عبّر عنه رجل المخابرات و الإعلامي المصري سالف الذكر ، يحتاج المرء إلى قَدْر كبير من السذاجة ، كي يستبعد احتمال استعانة حفتر بعساكر (مصريين) محترفين .. جنودا و ضباطا (خصوصا من عشائر قبيلة أولاد علي المصرية) ، في جيشه القبليّ ، الذي جرده لـ (تحرير طرابلس ، من الطرابلسيين) . خصوصا و أن النظام المصريّ - عبر أدواته المختلفة - لم يتوقف عن التلويح بما يسمونه حق مصر التاريخي في أرض الشرق الليبي ، امتدادا إلى المرج على الأقل ، و ليس فقط واحة الجغبوب و ميناء البردي ، و أن نفط برقة (أو بالأحرى ما تبقى من مخزونه) هو حق لمصر ، و أن حوض المياه الجوفية الليبية بمنطقة الكفرة ، الذي تسميه إيمان غنيم « نهر الكفرة العملاق » ، يكفي حاجات مصر لمدة 150 عاما .
و ليس من سبيل إلى تحقيق الأطماع المصرية في ليبيا - حربا أو سلما - إلا بواسطة الاستفراد بـ " إقليم برقة " ، سواء بالضم - جزئيا أو كليا - أم ببسط الهيمنة و النفوذ . و يجب أن لا نستبعد تَحوّل الأطماع المصرية إلى واقع جيوسياسي على الأرض ؛ فبالأمس غير البعيد كانت يافا - المشهورة عالميا ببرتقالها - مدينة فلسطينية (فضلا عن كل فلسطين) . و بعدها كانت بيوغراد عاصمةً لدولة - لم يعد لها وجود - تُدعى يوغوسلافيا ، و لن تعود . و بالأمس القريب ، كانت شبه جزيرة القرم أوكرانيّة ، و لن تعود . و بالأمس القريب جدا ، كانت هضبة الجولان سوريّة ، و لن تعود أبدا.. إلا إذا عاد لواء الاسكندرون ! .
----------- * هامش : في تلك الفترة – قبل سبعين عاما – كان مفهوما حضور القبيلة في السياسة ، بمناطق الشرق الليبي ، أخذا في الاعتبار تدني درجة التطور الاجتماعي آنئذ . أما الآن ، و نحن ندخل العشرية الثالثة من القرن الواحد و العشرين ، و مع تطور الوعي ؛ فإن حديث القبيلة و القبلية في ليبيا ، هو ليس فقط تخلفا اجتماعيا و انتكاسة حضارية ؛ بل هو أيضا تناقض مطلق مع الانتماء (للوطن) الليبي ، و إضرار بليغ بالأمن القومي الليبي ، و انسلاخ من الهوية الجامعة لـ (الأمة الليبية) .
===============

تعليقات