كتابات مغربية - خطاب الملك ، خطاب ودعوة لنزول الشعب ، وليس الرعايا الى الشارع

سعيد الوجاني - كاتب ، محلل سياسي ، شاعر  من المغرب
الحوار المتمدن-  - 2020 / 8 / 21  

بمناسبة مرور سبعة وستين سنة عن ثورة الملك والشعب ، القى الملك محمد السادس خطابا استثنائيا ، لأنه ليس ككل الخطابات السابقة ، التي بعضها امتح مضمونه من خطابات يسار السبعينات والثمانينات ، كخطاب " البحث عن الثروة " ، وخطاب الاعتراف ب " فشل نموذجه التنموي " ، وخطاب تحميل الناخبين مسؤولية اختيارهم للمنتخبين " ... لخ .
الخطاب الأخير تضمن حمولات خطيرة ، ولو كان الملك يعي ما يقرأه بسبب المرض شفاه الله ، لما اقدم على قراءة الخطاب ، وهو نفس شبه خطاب العرش الذي قوّلوه أشياء لتبريء ذمتهم ، عندما قال الملك " لقد قررنا " ، فاصبح بذلك المسؤول الوحيد عن كل ما حصل ، في حين ان نوع الادوية التي يتناول ، ونوع مرضه ، يتعارضان مع جملة " قرّرنا " ، لان من قرر هو من حرر الخطاب الذي قرأه الملك .
لقد كان موضوع الخطاب ، الوباء " كورونا " ، وهو وباء منتشر في كل الدول ، وكل هذه الدول اعتادت التعايش معه من خلال التراجع عن الحجر ، والرجوع الى الحياة العادية ، كما في المانيا ، وامريكا ، وبريطانيا ، واسبانيا .... لخ . لكن الملك هدد بالرجوع الى الحجر وبطريق اشمل واشد ، اذا بدا ان الوضع سيخرج عن السيطرة .. لكن الخطير ، ان التهديد بالرجوع الى الحجر ، ربطه الملك بالوصول الى شيء اكثر خطورة حين قال " الدعم لا يمكن ان يدوم الى ما لانهاية ، لان الدولة أعطت اكثر مما لديها .." ، وزاد متبنيا كلام الحكومة ، في تحميل الناس مسؤولية عدم احترام قوانين الوقاية ، لكن لم يحمل الملك المسؤولية للضيعات الفلاحية الكبيرة ، وللمعامل والمصانع التي تملكها الباترونة البرجوازية ، وكأن المواطنين هنا ليسوا سواسية امام القوانين ، وهو الحاصل ..
فكيف يمكن تصور ، من جهة التهديد بالرجوع الى الحضر بطريق اشمل واشد ، ومن جهة نهاية تقديم الدعم للمتضريين ، وهو الدعم الذي حُرمت منه الأغلبية الساحقة من المحتاجين الذي هم في امس الحاجة اليه ... ان هذا التناقض ليس له من تفسير غير الحكم بموت الناس من الجوع ، ومن الامراض المختلفة ، وليس فقط من كرونا الذي تثار أسئلة كثيرة حوله...
ان الخطاب الأخير للملك ، وبهذه الإجراءات الغير مقبولة ، و المهددة للنظام العام ، وستكون مهددة للأمن العام ، من جهة هي ثورة حقيقية للملك على ( الشعب ) الرعايا ، ولم تعد ثورة للملك والشعب ، ومن جهة هي دعوة صريحة لخروج الناس ، ونزلوها الى الشارع ، والاعتصام الذي سيتطور الى مشهد آخر يصبح معه الحكم اصل المشكل ، وليس فقط جزء منه ...
وان حصل النزول في كل المغرب ، لان الناس اذا كانت ستموت بالجوع ، فأجدى ان يكون موتها موت شجر ، فرأس النظام ونظامه سيصبحان مطلوبان ، ولن يستطيع الجيش ، ولا البوليس اطلاق رصاصة واحدة على الشعب ، الذي سيقطع الشعرة مع نظام الرعية ، لان المحكمة الجنائية الدولية ، والاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي ، ومجلس الامن ، ومنظمات حقوق الانسان الدولية ستكون بالمرصاد ...
فمن حرر الخطاب الذي قرأه الملك ، الذي هو دعوة لخروج الشعب ونزوله الى الشارع ؟ ، ولو كان الملك يعي ما يقرأ بسبب وضعه الصحي الحرج ، هل كان سيقبل بقراءة ما قرأه على أمواج الاثير ؟ . فمن يعجل يحفر قبر الملك قبل اوانه ؟ ومن يعمل ، وسواء كان عمله مقصودا ، او كان عملا متهورا على التعجيل بنهاية نظامه ؟
ان من حرر الخطاب ورسم خطوطه العريضة ، هو الحاكم الحقيقي الذي يتصرف باسم الملك ، الذي فوض له المملكة التي يقودها الى الهاوية .. فمن حرر الخطاب يعتقد في مخيلته المتكلسة ، ان استغلال الوباء كورونا لفرض دكتاتورية بوليسية مرفوضة تصل الى حد تجويع الناس ، وفرض الحجر عليهم ، والتفنن في تخويفهم ، سيكون كافيا لإرهاب الناس وتخويفهم ، عند أي نزول الى الشارع غداً اذا حصل الفراغ الكبير في الحكم ، فالهدف مما يجري ليس في حذ ذاته الوباء ، بل الخوف من الفراغ القادم ، والخوف من الأناركية ، والفتنوية التي لا ريب فيها ، قبل ان تتضح الأمور نحو الجهة التي ستصبو اليها ... وهي جهة تبقى مفتوحة على احتمالات شتى ، وستكون ضربة قوية لقضية الصحراء والريف ...
ولنا ان نتساءل : اذا كان صندوق الملك المسمى بصندوق كورونا قد جمع 34 مليار درهما من المغاربة ، فكم مليون جمع بالعملة الصعبة ، من الدولار واليورو ؟
اين كل هذه الأموال ؟ اية وجهة اخذت ؟ من سيطر عليها ؟
وهنا نتساءل : بعد سبعة وستين سنة من ( الاستقلال ) اين المستشفيات ؟ المدارس ؟ الطرقات ؟ القناطر ؟ ....
اين القروض التي دخلت المغرب بالعملة الصعبة ؟ من استفاد منها ؟ ، والخطير لا يزال النظام يقترض من المصاريف الدولية ، ودون ان يعطى كشفا بالحساب عن مصيرها ؟
ان من حرر خطاب الملك الذي قرأه على أمواج الاثير ، حمله ومن حيث لا يشعر ، مسؤولية تجويع الشعب ، ومسؤولية امراضه المختلفة الخطيرة ، ومسؤولية الوضع الصحي والتعليمي اللذين يوجد فيهما المغرب ...
والخطاب الخطير هذا عنوانه : " ثورة الملك على الشعب " ، و " دعوة الناس للنزول الى الشارع " ..
فهل سيقبل الشعب بالحجر وبالتجويع ، لان الملك قال " .. الدولة لا يمكن ان تقدم دعمها المادي للمواطنين الى ما نهاية .." ..؟
السؤال : من يحكم المغرب ؟ ومن يحكم في المغرب ؟ لان من يحكم المغرب ، ليس هو من يحكم في المغرب ..
ولا تنسوا ما قاله وزير الداخلية المدعو عبدالوافي لفتيت بالبرلمان ، من ان أموال صندوق كرونا ليست للفقراء ..
ذاهبون الى المجهول ... فمن يقرب السقطة الحرة للنظام ؟
======

تعليقات