المتعظون من التاريخ ومن لا يتعظون 2-2

في الحلقة السابقة , ذكرنا كيف عبر نتنياهو - رئيس وزراء اسرائيل , عما اعتبره ضيوف مقره . حيث كان يتحدث اليهم في احتفال ديني توراتي : انه يتنبأ باحتمال زوال إسرائيل , مثلما سقطت دولتها القديمة منذ أكثر من 2000 عام , مع الغزو الروماني للمنطقة عام 63 قبل الميلاد .. 

.. واعتبرنا ذلك دليلاً علي كونه رجلاً يقرأ التاريخ , ويتحسب لاحتمالات تكراره .. يتعظ من دروس التاريخ .. 

هذا في اسرائيل , يتحسبون للتاريخ القديم جداً ويضعونه نصب اعينهم ..

ونجد في الناحية الأخري .. اناس كثيرين جداً بالمنطقة الناطقة بالعربية - من الخليج للمحيط - لم يتعظوا بعد من أحداث التاريخ القريب ,, ما جري لهم منذ عشرات قليلة من السنين ,, ولا من فجعوا به من أحداث جرت في السنوات ال 14 الماضية !! منذ عام 2003 , وسقوط العراق ودماره وشتات الملايين من بناته وأبنائه .. بسياسة وبتفكير " صدام حسين " .. , ثم ما حدث في ليبيا ولشعبها علي يد القذافي . وما حدث لسوريا وشعبها علي يد بشار الأسد . وقبل ذلك بعشرات قليلة من السنين , ما حدث من هزائم مُرة وخراب , علي يد عبد الناصر
.. انها أحداث قريبة .. ولكن غالبية - وعلي الأقل : الكثيرين من شعوب المنطقة - ما زالوا يهتفون ويسبحون بأسماء : هؤلاء الزعماء .. الذين جلبت سياساتهم الخراب فوق الرؤوس .. !! 
مما يدل علي ان تلك الشعوب , جاهزة لتوريط نفسها في كوارث جديدة , من تلك التي ورطهم فيها  هؤلاء الزعماء .. لافتقارهم للاتعاظ من التاريخ .. 
ومن امثال ذلك , ما نقراه في مقال - مجرد مثال , لانه ورد ببريدنا كنشرة اعلامية منذ أقل من 3 اسابيع - عنوانه :
في ليالي العرب الظلماء.. نفتقدك يا ناصر 
  صبحي غندور
From: Alhewar Center <alhewar@alhewar.com>
Date: September 27, 2017 at 8:25:08 PM GMT-4
بداية المقال :  ما يحدث الآن في البلاد العربية هو تأكيدٌ جديد على أهمّية إعادة قراءة "المشروع الناصري" الذي لم يمنحه القدر الفرصة الزمنية الكافية لإثبات جدارته. أيلول/سبتمبر 2017
كاتب المقال الأستاذ صبحي غندور , هو مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن

تعليق : هذا ليس رأيه وحده , وانما هكذا يقول كثيرون من مختلف الدول الناطقة بالعربية ..
ولكن الحقيقة - كما نراها - هي فيما كتبه المستشار محمد سعيد العشماوي - المفكر ورجل القضاء الكبير الراحل . حيث يقول :
" .. إن حرب يونيو 1967 – التي جعلت من إسرائيل دولة عظمى – كانت أثرا من آثار ما سُمّي تأميم لقناة السويس - وآثار هذه الحرب أخطر من أن تـُنكر وأجلّ من أن تـُحصر، وكل ما حدث ويحدث للعرب والمصريين من وقتها , كان نتيجة لها ..، وسوف تتوالى الآثار وتتداعى العواقب مدة قرنين من الزمان على الأقل ... " .

---- ولمن يريد تفاصيل أكثر عن عما سمي  ب " تأميم قناة السويس " . فهذا ننقله من نفس مقال المستشار العشماوي * :
" من عشرة سنوات، حرصْت على أن أذكر في ست مرات، أن القرار الصادر من رئيس جمهورية مصر بتاريخ 26 يوليو 1956 بتأميم شركة قناة السويس، لم يؤد إلى تأميمها قانونيا وفعلياً، وإنما انتهى إلى مجرد الاستيلاء على مباني شركة قناة السويس، وعلى المجرى الملاحي للقناة. وكانت أسبابي فيما أركن إليه (أولاً) أن قرار التأميم المذكور تضمن بندا بتعويض المساهمين في شركة قناة السويس من البريطانيين، وكانت حصصهم تبلغ مقدار 44٪ من الأسهم. وقد رأى باقي المساهمين، وأكثرهم من الفرنسيين، أن في هذا القرار مصادرة قانونية (de jure) لأموالهم، كما رأى المساهمون من البريطانيين – في ذات القرار – مصادرة واقعية (de facto) لأموالهم، ذلك لأنهم لم يعتقدوا أبداً أن نظام الحكم المصري سوف يدفع لهم فعلا ما نص عليه قرار التأميم من تعويض.
ونتيجة أخطاء قانونية في قرار التأميم (سوف يلي توضيحها)، ونظرا للظروف الدولية والأوضاع السرية، فقد اضطر نظام الحكم المصري إلى شراء الأسهم التي كانت معروضة للبيع من حملة الأسهم (share holders) في بورصة باريس، وكلـّفها ذلك غاليا، ثم إلى الدخول في مفاوضات مع باقي حملة الأسهم، بدأت في روما بتاريخ 19/12/1958، وانتهت إلى موافقة نظام الحكم المصري على دفع تعويض لباقي حملة الأسهم قدره 81.2 مليون دولار أمريكي، يُسدد على ستة أقساط، كان محدداً لسداد آخر قسط فيها تاريخ الأول من يناير 1963 (المرجع Colombia encyclopedia).
وما دام الأمر قد انتهى إلى أن يشترى نظام الحكم المصري من حملة أسهم شركة قناة السويس ما في أيديهم من أسهم بالثمن الذي حددوه، فإنه يكون ثـمّ بيع وشراء، ولا تأميم، في المحصلة النهائية. 
(ثانياً) وقد ترتب على ما سمي تأميماً أن أضطر نظام الحكم إلى قبول أمرين كلاهما مرّ. ذلك أنه بعد العدوان الثلاثي : 
قبـِل القرار الصادر من مجلس الأمن في 8/11/1956بوضع قوات دولية للطوارئ، على أرض مصر وحسابها، حتى ينتهي النزاع بينها وبين إسرائيل ؛ كما قبل إعطاء حق مرور السفن الإسرائيلية في مضايق “تيران” وخليج العقبة، وهو ما كان نظام الحكم يعرف خطورته فأخفاه عن الشعب المصري والشعب العربي تماماً، لأن العلم به كان يقلب إدعاء النصر على عقبيه ويظهر حقيقة الهزيمة. 
و (ثالثاً) لأن ما سمي تأميم لشركة قناة السويس أدى إلى حروب أربعة، وهى حرب 1956 ثم حرب 5 يونيو 1967 التي نشبت نتيجة لما قرره نظام الحكم المصري من إزالة آثار الإنفاق السري الذي أعطى لإسرائيل حق المرور في خليج العقبة ومضايق تيران، فعمل على إغلاق هذه المضايق وذاك الخليج " . 
----- تعقيب : ولكن كثيرين جداً لم يتعظوا - اعلاميين وسياسيين - وبقوا للآن يسبحوا بعظمة عبد الناصر , ويتمنون لو بُعث من جديد .. !
* المستشار محمد سعيد العشماوي ( ولد سنة 1932م وتوفي بتاريخ 7 نوفمبر 2013. كاتب ومفكر وقانوني مصري , عمل قاضيًا، تولى سابقا مناصب : رئيس لمحكمة الاستئناف , ومحكمة الجنايات , ومحكمة أمن الدولة العليا )  

                                           

رابط الجزء الأول من المقال   https://salah48freedom.blogspot.ca/2017/10/1-2.html


تعليقات