الحرق الحرق


الحرق الحرق – قصة قصيرة –

صلاح الدين محسن 

24-6-2015

منذ صغره وهو يحب الموضة . أحدث موضة . أيا كانت .
وكانت آخر صيحة , آخر موضة هي : الحرق .. نعم الحرق . موضة تنشر وتنتشر
عصابة ربانية تريد كرسي السلطة . تدور تحرق في وطنها وشعبها
شباب ومعارضة يكرهون العصابة الربانية . فيحرقوا مقراتها ومكاتب حزبها
أجهزة خاصة – رسمية -  تتعاون مع هؤلاء وأؤلئك من خلف الكواليس , وتساعدهم علي الحرق ..
ناس متعصبون لعقيدة , فيحرقوا منازل أهل عقيدة أخري . أقلية مستضعفة  ليجبروهم علي التحول لعقيدتهم ... أو دفع اتاوة شرعية .. !
يطول الصراع بين عصابة السلطة وعصابة أخري دينية . لأجل كرسي الحكم .. فيجري حرق المنشآت والمرافق العامة والخاصة ..
وهكذا صار الحرق والحرق المضاد هو موضة .. (هذا غير من يحرقون البشر وهم أحياء ..! ) .
ولعشقه للموضة بأنواعها .. دعاه بعض أفراد جماعة . للمشاركة في حرق صيدلية طبيب ينتمي للأقلية العقائدية المستضعفة . لرفضه دفع الاتاوة الشرعية ..
لم يتقاعس أو يتأخر عن المشاركة في عملية حرق الصيدلية .. حباً منه للموضة الجديدة والسارية : موضة الحرق
مضي معهم , وشارك في اشعال النار بالصيدلية واستمتع بألسنة اللهب وهي ترتفع وتهدد محلات ومباني مجاورة .. استمتع بممارسة موضة الحرق .. وترك النيران في أوج اشتعالها , ومضي متجها لمنزل عائلته
قبيل وصوله للمنزل بحوالي عشرين متراً فوجيء بشقيقته خارجة من باب المنزل , والذعر يتملكها , وفي يدها ورقة ..
ما ان رأته حتي اندفعت نحوه واندفع نحوها وقد تملكه القلق
سألها : ماذا حدث ؟
شقيقته : أمك مريضة جداً في حالة خطرة  , الطبيب كان عندها وكتب لها هذه الروشتة وقال تجيبوا الدواء في أسرع وقت ومن أقرب صيدلية
...  ...
شهق في هلع , فأقرب صيدلية هي التي قد شارك في إحراقها ...
راح يتلفت حوله للبحث عن سيارة تنقله بسرعة للمدينة التابعة لها قريته , لشراء الدواء . فوجد صاحب احدي سيارات الأجرة . طلب منه احضار السيارة علي عجل . فاعتدر لكون السيارة لدي الميكانيكي لاصلاحها ..
راح يلتفت بحثاً عن صديق أو قريب عنده سيارة فلم يجد .. اضطر للخروج نحو الطريق الزراعي لأخذ سيارة متجهة للمدينة ..
وصل المدينة بعد أكثر من نصف ساعة . اندفع لأقرب صيدلية وقلبه يدق خوفاً علي حياة أمه ,, دخل بسرعة , وناول الروشتة للصيدلي ..
الصيدلي : ( بعد أن قرأها ) ايه .. هذا النوع ناقص من السوق .. كان عندنا واحدة انتظر لعلها موجودة .. نادي مساعده وسأله ان كان الصنف موجوداً .. فرد عليه من داخل معمل الصيدلية ..
مساعد الصيدلي : آخر واحدة بعتها بالأمس
سأل الصيدلي , وكله قلق : وما العمل الآن ؟
الصيدلي : دور في صيدلية أخري , لعلك تجده , هو ناقص من السوق . لكن دور ممكن تلاقيه .. وخصوصاً باحدي صيدليات الأرياف ..
...  ...
المسافة بين تلك الصيدلية وبين أخري .. كبيرة .. مضي يركض ركضا نحوها .. علي أمل ..
فجأة رن جرس الموبايل . قبيل باب الصيدلية بمترين فقط .
يرد : آلوه
شقيقته ( بلوم شديد و غير معتاد منها ) : إتأخرت ليه !؟ كل هذا الوقت  وأنت تشتري الدواء !!؟؟؟
أجاب : ماذا جري !!؟
شقيقته : ان كنت اشتريت الدواء رجعه تاني
يرد بخوف شديد : لماذا . ماذا حدث ؟
شقيقته : شد حيلك . البقية في حياتك ( ثم انفجرت , وهو معها .. بالبكاء ) ..
هنا فقط انتبه لحماقته , وعرف ان موضة الحرق موضة بطالة . ما كان له أن يتبعها
وفهم أخيراً أن الصيدلية التي شارك في احرقها . ليست ملكاً لصاحبها وحده .. بل صاحبها يمتلك ثمن ما بها من الأدوية فقط .. أما الأدوية نفسها , فهي ملك كل من يصاب بمرض ويحتاج اليها ...
أخيراً فهم .. ولكن .. بعد فوات الأوان ..

*********************

تعليقات