كيف نقرا الفقه والتفسير الاسلامي ؟!

كيف نقرا الفقه والتفسير الاسلامي ؟ 

طالما سئلت وقتما كنت أمر بمحنة المحاكمة في مصر .. : هل قرأت تفاسير ..؟ وكان السؤال من الكثيرين جدا ممن سألوني اياه . يشف عن مزيج من السخرية ، والشفقة و الاتهام بالجهل والكتابة بدون علم ! .. اعتقادا من هؤلاء أنني لو قرأت تفاسير القرآن وكتب الفقه لفهمت الاسلام ولما كتبت انتقده ! والطريف أن أغلب هؤلاء ، الذين يسألونني هكذا ممن لا يقراون البتة ، لا تفاسير ولا غير تفاسير ، فلا حب القراءة من هواياتهم ، ولا حب العلم من اهتماماتهم ! .. وانما هكذا يسمعون !..
وكان صعبا افهام هؤلاء . صعبا ان أفهمهم أن القرآن قال عن نفسه انه لا يحتاج الي تفاسير لأنه كتاب مبين ( سورة المائدة 5:15 ، سورة الأنعام 6 : 59 ، سورة يونس 10 : 61 ، سورة هود 11 : 6 ) 
فان احتاج القرآن لتفسير فهو ليس مبين .. 
وان كان القرآن يحتاج لتفسير لأن الحياة سنة 600 ميلادية تختلف عن الآن : فهكذا لا يكون القرآن لكل مكان ولا لكل زمان .. بل ابن زمنه فقط ، هو كتاب لشبه جزيرة العرب فقط ، ولا شان لباقي الأمم به ، ولا ذنب علي باقي الشعوب لكي تتكبد مشقة تعلمه وحفظه .. .. 
ولكن لان الحقيقة هي أن التفاسير – كما قلنا في المقال السابق " حدائق الحنظل والصبار 2/2 " ، ان (( الفقه والتفاسير مجرد لعبة لتضليل الناس عن حقيقة الدين وما فيه من خرافات ولا معقول ، وكلام يكذبه العلم ويدحضه دحضا . ولما يحويه من عنف وتاريخ كله اجرام و ارهاب . )) .. 
فهذا ما لم يكن سهلا قوله - وقتها - لكل من يسألني والا لفتحت علي نفسي مزيدا من ابواب جهنم – أغلبهم غوغاء ، وغوغاء المتعلمين اشد خطرا من غوغاء الاميين ، وغوغاء المثقفين خطرهم أشد واشد ! - ..

وفي الحقيقة أنني كنت احترم عقلي لدرجة عدم الانسياق وراء الاستمرار في قراءة كتاب واحد من كتب التفسير والفقه . فكل واحد من أصحاب كتب الفقه والتفاسير . له مجلدات .. ! وكل من تسول له نفسه بالانسياق وراء مواصلة قراءة احدي مجموعات تلك المجلدات من التفسير والفقه ، يجد نفسه أو ينصحه آخرون – مثله – بقراءة تفسير لمفسر آخر .. من الائمة الأجلاء ( ! ) ثم لمفسر ثالث وهلم جرا .. وقد يمضي في قراءة مجلدات ومجلدات لمفسرين وفقهاء كثيري العدد ، وجميعهم مختلفون ومتنوعون – بدرجات ، وباشكال مختلفة من فنون التعبير والعرض والبيان - ولكن في داخل مجال واحد : مجال اللاعلم واللامنطق ، والاسطورة ، وهي أشياء جالبة للجهل والتخلف الذي يعيدنا للوراء لقرون عديدة : غابة من الحنظل والصبار .. من يدخلها قد لا يخرج منها .. فان خرج فلكي يطالبنا بالعودة للعلاج البدائي ولقانون نبي البدو الذي فرضه علي القبائل منذ 14 قرن مضي ، ولمذهب من مذاهب من يسمونهم : أئمة أجلاء ..

فكيف يواجه انسان عاقل يحترم عقله هذا الموقف ؟!

لمن لم يعرفوا بعد حقيقة الاسلام .. 

ولكل من يشعر عندما يقرأ أول بضع صفحات في مجلد من مجلدات الفقه أوالتفسير الاسلامي . بأنه يجب ان يحترم عقله ويحافظ علي وقته ، وفي نفس الوقت يريد الا يتهم – ولو امام نفسه – بالتقصير في قراءة الاسلاميات 

توجد حكمة تقول : الخطاب يعرف من عنوانه ..

ليتخيل أحدكم أنه استمع لرجل لمدة ساعة ووجده طوال الساعة الكاملة يتكلم كلاما غير صائب . فهل من الحكمة أن يقول : يجب أن أستمع اايه حتي النهاية ليمكنني الحكم علي ما يقوله . فلأدعه يكمل حديثه لثلاث ساعات أخري لأعرف كل ما عنده ؟!!
هذا غير معقول .. ان تنتظر من شخص يحدثك ساعة كاملة كلاما فارغا ، ثم تتوقع منه شيئا مفيدا حول نفس الموضوع ....
فكيف لا تعرف خطابا بعدما تقرأ الربع منه ، بالاضافة للعنوان ؟! وكيف تسعي لقراءته كاملا .. الا اذا كنت لا تقدر الوقت والجهد ولا مانع لديك من تبديده ..؟!

عليك ان تفعل كما الفراز ..الرجل الذي يعمل فرازا للحبوب والبذور لتحديد درجة جودتها وبالتالي تقدير أسعارها .. يجد امامه آلافا من الاجولة الكبيرة المغلقة ، ومطلوب منه تحديد درجة جودة ما هو بداخل كل منها .. فماذا يفعل ؟ 
يحمل بيده مجسا صغيرا .. يضرب به في أعلي كل جوال فتخرج بالمجس بعض الحبوب . ثم يضربه في منتصف الجوال ، فتخرج بعض الحبوب ، ثم يضربه قرب نهاية الجوال ، فتخرج بعض الحبوب .. هناك يمكنه الحكم علي جودة ما في الجوال بما لن يأخد من وقته سوي اقل من نصف دقيقة واحدة ..
ولكن تخليوا لو أن الفراز قام بتفريغ كل جوال من الآلاف علي حدة ، وراح يفتش في محتواه ويفرزه كله ...؟! كمن يقراون اجولة مجلدات الزمخشري والسيوطي وابن تيميه والديروطي بن ماجة وبن باجة وبن باز وبن جاز والغزالي الكبير ، والغزالي قاتل فرج فودة – المتواطيء مع القتلة بفتواه لهم وبشهادته لصالحهم في المحكمة ، وشعراوي وطنطاوي .. ، .. ، .. الخ .
لو فعل فراز الحبوب مثلما يفعل قراء أجولة وزكائب الفقه والتفسير الاسلامي .. فسوف يحتاج شهورا وربما سنوات لينجز عمله فتكون الحبوب قد أكلها السوس او اتلفتها عوامل الطبيعة كالرطوبة أو نالت منها القوارض . من قبل ايصالها الي حيث يرسل بها للمستهلكين ..!

وكذلك من يقراون عددا من الاجولة من كتب الفقه والتفسير والتجميل والتبرير الخابل المخبول ، ويذكرون ذلك باعتزاز!.. ويجعلوا الاجيال تسير علي خطاهم في ذلك .. هؤلاء سوف يساعدون علي مرور 14 قرن آخر من الزمان في محراب الجهل البدوي الشريف . من قبل ان يكملوا أوتكمل الاجيال القادمة من بعدهم قراءة باقي الآلاف من أجولة وزكائب الفقه و التفسير الموجودة وآلاف الأجولة الأخري التي سوف تستجد خلال مئات السنوات القادمة . - انشاء الله ! -

أقرأ عشر صفحات في البداية .. فان وجدت أن لا أمامك سوي كلام لا يشجع علي قراءة المزيد منه .. فلا تترك الكتاب ، كلا بل اقرا عشر صفحات اخري من منتصف الكتاب ، فان وجدت نفس ما وجدته في الصفحات السابقة .. كلام لا يحترمه عقلك الفطن ، فلا تنصرف عن الكتاب .. كلا . بل أقرأ عشر صفحات من الآخر .. فان وجدت الحال علي نفس المنوال . فهكذا تكون قد أكتفيت ب30 صفحة من مجلد قوامه ما بين 300 : 400 صفحة . وارحم عقلك من قراءة كل ذلك المجلد . 
فان كان التفسير عند ذاك المفسر او الفقه عند ذاك الفقيه .. عبارة عن 12 مجلدا – مثلا .. فيجب الا تكتفي بالمجلد الأول فقط والذي قرأت منه عينات غير مفيدة .. كلا :
بل أحضر المجلد السادس من المجموعة . وأقرا منه 5 صفحات من البداية .. فان لم يعجبك ما يقوله ، ووجدته علي نفس حاله بالمجلد السابق .. فعليك بقرأة 5 صفحات من المنتصف .. فان كان نفس حال الصفحات الخمس الأوليات . فعليك بان تذهب لآخر خمس صفحات بالمجلد وأقرأها .. فان كان الحال هو الحال تكون هكذا لم تقرا سوي 15 خمس عشرة صفحة فقط من المجلد البائس الفارغ أبو ال400 صفحة .. ووفرت وقتك وجهدك وارحت عقلك .. .. وكما هو حال المجلد الأول كذلك حال المجلد السادس .. فلا تتوقف عن قراءة باقي المجلدات . وايضا لا تقرأها كلها .. كلا .. بل احضر المجلد – الثاني عشر – أي الأخير . وأقرأ صفحتين أو ثلاث صفحات فقط من البداية . فان وجدت الوضع كما هو في المجلدين السابقين – المجلد الاول ، المجلد السادس - . من سذاجة + استخفاف بعقل القاريء ، مع جهل ، مع تجهيل .. فلا تترك المجلد الاخير لمجرد قراءتك صفحتين من الأول ، بل أذهب لمنتصف المجلد واقرأ صفحتين أو ثلاث صفحات . فان وجدت نفس الخبل والجهل والتخاريف .. فأيضا لا تترك المجلد .. بل امض الي نهاية الجزء الأخير من ذاك المجلد وأقرأ صفحتين أو ثلاث صفحات فان تاكدت من أن المجلدات ال 12 كلها من معين واحد .. هنا تكون قد قرات من المجلد الاخير قرابة 6 ست صفحات لا غير .. ويكون اجمالي ما قرأته من مجلدات قوامها ما بين 3 ثلاثة آلاف وأربعة آلاف صفحة هو فقط حوالي 50 صفحة لا غير – مثل فراز الحبوب والبذور - .. وكفاك الله شر الجهل وناشريه .. !

وان كنا نري أن كل من يفهم اللغة العربية ، ولديه عقل حر شغال ، ان قرأ القرآن وحده بعقله ( الشغال ) فسوف يفهم حقيقة محمد وقرآنه وحقيقة لعبة الاسلام وهدفها بالضبط – غنائم واسر للنساء وأخذهن جواري ، وتحصيل جزية وتحصيل زكاة . بالاضافة الي الملك والحكم والسلطة - . 
فان قرا القرآن بعقل مفتوح – عقل شغال – * . كما قلنا من قبل . واكتشف الأخطاء الاملائية الفاضحة ، والأخطاء النحوية الواضحة ، والتناقضات بين السور وبعضها والتناقضات التي يمكن أن يجدها بداخل الآية الواحدة ! والخرافات التي لا تدخل عقلا سليما ، والالفاظ غير الموضوعة في محلها ..! أو الأخري الفاقدة للدقة – عدا الالفاظ غير اللائقة - ، والسقطات البلاغية .. ( كل ذلك بكتاب يقول عن نفسه انه مدون بلوح محفوظ بالسماء عند ربنا ! وأن الجن والانس لا يقدرون علي الاتيان بمثله ! ) من يكتشف بنفسه كل ذلك في القرآن فما هي حاجته لقراءة فقه وتفسير أو أحاديث ، قد يحتاج أعمارا فوق عمره حتي يفرغ منها . ؟! 
الا اذا كان يبحث عمن يضحكون علي عقله بما يسمي " تفسير " ، و يخدعونه بمضحكات مبكيات مثل " أسباب تنزيل ! ( ! ) ** أو يستغفلونه استغفالا صريحا بما يسمي : " ناسخ ومنسوخ ! " *** .. 
اما من يحب لنفسه التيه في أدغال وأحراش ، ومستنقعات تلك الألاعيب =* ، و من يختار طريق ضلاله بنفسه .. فهذا شأنه .
==--==--== 
     سبق نشر هذا المقال في الحوار المتمدن-العدد: 2608 - 2009 / 4 / 6  
             صلاح الدين محسن 
       -----
ا  عند اعادة النشر يرجي ذكر :

========

تعليقات