ذكري أم النكسات – 5 يونيو 1967


                        ذكري أم النكسات – 5 يونيو 1967

في الخامس من هذا الشهر – يونيه – تمر ذكري نكبة عبد الناصر . نكسة يونيه 1967
 أنا من الجيل الذي تلقي تلك الكارثة فوق رأسه . فقد كنا نؤدي امتحان اتمام المرحلة الثانوية . بمدرستنا بشبرا المظلات بالقاهرة . ونحن نستمع لطلقات المدفعية المضادة للطائرات . رداً علي هجوم الطيران الاسرائيلي ..
كان اعلام عبد الناصر , وخطبه النارية العنترية قد رسمت لنا أحلاماً أعلي من النجوم في السماء . وفجأة صحونا علي انهيار وضياع تلك الأحلام .. علي بكاء الزعيم الملهم . في الراديو . وهو يذيع نبأ تنحيه عن السلطة . وتحمله للمسؤولية . الذي كان تحملاً أقل كرماً من تحمل هتلر للمسؤولية " انتحر هتلر " .. فجنب شعبه وغير شعبه أهوال المزيد من الحرب ..

كان طبيعياً أن تخرج ملايين تطالب عبد الناصر بالبقاء ! بدلاً من المطالبة بمحاكمته وشنقه هو وباقي المسؤلين عن دمار كل شيء 25 ألف قتيل وجريح ومفقود وأسير – وضياع كل ما دفع من دم الشعب ومن قوته ثمناً لأسلحة ! وتدمير مدن القناة . واحتلال سيناء !

لم يخرج صوت واحد يطالب بمحاكمة عبد الناصر ... لأنه كان قد أعد العدة لمنع أية ثورة مضادة لحكم ولفساد نظامه العسكري ..
تنظيم اسمه " التنظيم الطليعي السري " استقطب فيه خلاصة عقول مصر القادرة علي العمل السياسي وقيادة الجماهير . وربط مستقبل هؤلاء بمستقبل عبد الناصر , ووجوده في السلطة
!!
وكذلك جعل حزباً واحداً لا غيره " الاتحاد الاشتراكي العربي " هو حياة ومستقبل أعضائه مربوطين بعبد الناصر ونظامه العسكري ..وجهاز بوليسي واستخباراتي . يحصي علي الشعب كل همسة , ويعد الأنفاس . ويؤمّن بيد عبد الناصر وضباطه العسكريين – الضباط الأحرار !!  –   , مفاتيح السجون والمعتقلات والقوت والموت ...
بعد النكسة . قال الشاعر صلاح عبد الصبور في مسرحيته الشعرية " رعب أكبر من هذا سوف يجيء .. يا أهل مدينتنا . هذا قولي لكم : انفجروا أو موتوا " ..
وجاءت بعد النكسة نكسات ونكسات ونكسات
ان أطفال الشوارع وحدهم عددهم أضعاف عدد ضحايا نكسة 5 يونيو 1967
هذا بخلاف ملايين يسكنون القبور والمناطق العشوائية
وملايين مصابين بمختلف أمراض التلوث . التهاب كبدي وبائي , وسرطان .. فشل كلوي , عدا ارتفاع نسبة  مرضي السكر , والقلب . ولاسيما بين الأطفال !

أي لا يزال تلاميذ عبد الناصر – بل وبعض رجاله – وتلاميذهم . هم الذين يحكمون حتي الآن . ومدربون بنفس الطريقة . علي كيفية اجهاض أية ثورة ضد نظامهم العسكري . وعلي كيفية خلق ثورات مضادة لأية ثورة شعبية . وتفريغ الثورات من محتواها . بحيل وألاعيب عدة
من ثورة  18 و 18 يناير 1977 – عهد السادات – لثورة 25 يناير 2011 – ضد مبارك .. دون باقي ذيوله ومخالبه وأنيابه وعصابته – و30 يونيه  ضد الاخواني محمد مرسي – الذي أتي به العسكر . وأطاح به العسكر

كل ما يجري من انتكاسات بدول المنطقة ( العراق , والسودان الممزق . وليبيا وسوريا واليمن - ومصر الجاري حرقها يوميا وبانتظام , ونهبها وسرقتها والحبل علي الجرار.. ) سببه نكسة عبد الناصر وسياساته وعبث أياديه بتلك الدول . فهو الذي عسكر ودكتر نظم الحكم والحكام بتلك الدول - وكل هؤلاء الحكام كانوا يسيرون علي نهج عبد الناصر نحو خراب بلادهم ودمارها .. اذ كان عبد الناصر وراء الانقلابات العسكرية في تلك الدول .. 

حقاً ان نكبة عبد الناصر – 5 يونيو 1967 – هي أم الهزائم  والكوارث والنكبات والنكسات . التي حطت ولا تزال تحط فوق رؤوس مصر وشعبها . منذ ذاك التاريخ  وحتي الآن ..
والأدهي والأمر هو أن تجد من يغدقون علي عبد الناصر الرحمات . والاشادة والتبجيل .. فهل سيطول عمر نكبة عبد الناصر – 5 يونيو 1967 – بأكثر مما طال وطال كثيراً !! ؟

تعليقات