الأمير قرداحي - وإمارة المسامح كريم
صلاح الدين محسن
14-4-2022
أحباب جورج قرداحي ( صاحب برنامج المسامح كريم بالفضائيات ) كانوا أكثر عدداً من شعب لبنان وشعب اليمن معا ( هكذا أقدر )
ولكن السياسيين اللبنانيين الذين خربوا وطنهم كامل الخراب , صمموا علي ألا يتركوا للبنان شيئاً جميلاً الا وأفسدوه ، وعز عليهم أن يكون هناك لبناني ( بخلاف السيدة فيروز ). تحبه الملايين - جورج قرداحي - وقرروا أن يخسِرونه أحبابه ويخسرونه سمعته ، ويتسببان في جعله أداة خسارة وإيذاء لشعب لبنان
فعينوه وزيرا للإعلام ! بعدما كان أميراً .. علي عرش قلوب ملايين - كما قلت ، يفوق تعدادها شعب لبنان ومعه شعب اليمن !
فأدلي " قرداحي " بتصريح ألحق ضرراً فادحاً بلبنان وبشعبه . بعدما أغضب دولاً يعمل بها عشرات الآلاف من اللبنانيين ، الذين يساعدون أقاربهم في لبنان ، في ظل ظروف طاحنة ، عز فيها العثور علي رغيف الخبز . مما جعل تلك الدول ، إما تمنع إرسال المعونات المالية من العاملين اللبنانيين الي أهاليهم في لبنان ، أو طردهم وأعادتهم لبلادهم ... !
وفِي النهاية ، بعدما تأكد السياسيون اللبنانيون من أن سمعة جورج قرداحي قد ساءت - مثل سمعاتهم غير الطيبة - ، وانه قد خسر محبيه وخسر معظم شعبيته التي جني أغلبها كإعلامي من وراء برنامج المسامح كريم - بالذات - وبرنامج من يربح المليون - .. سمحوا له بتقديم استقالته ...! وخرج بدون خُف واحد من خفي حنين ( أي بأقل مما يقوله المثل العربي المعروف : عاد بخفي حنين ! )
أغلب ما شاهدته من حلقات جورج قرداحي / المسامح كريم . أبكاني
ناس ظلمت ناس و جاءوا طالبين منهم السماح .. فيا للهول من قصص ومآسي الحياة والنَّاس
في نهاية كل لقاء عاصف جنوني بين اثنين أعداء ألدّاء . لا أصدق ما أراه أمام عينيّ , بعد نجاح جورج قرداحي , في التوفيق والمصالحة بينهم - وينتهي اللقاء بالتصافي والسماح والعناق والبكاء علي ما فات . عدا حالات قليلة ..
ناس تأتيهم دعوة من جورج قرداحي . فيتلقفوها فرحين . وهم لا يخطر ببالهم ما سيفاجأوا به
كثيرون منهم أصيبوا بغضب عارم ، لدرجة هيستيرية عندما طلب منهم جورج . التطلع للشاشة لرؤية من وجه لهم الدعوة ،
منهم من انفجر بالبكاء ..ومنهم من راح يتساءل - في حالة تشبه الجنون - عندما شاهد غريماً له جاء ليطلب منه السماح : لماذا جئتم بي الي هنا ؟!
ناس تعرضوا لظلم فادح ، وناس تعرضوا لغدر أو لخيانة من أقرب وأحب الناس اليهم فتحول الأحباء الي شياطين بشعة لا تطاق رؤيتها أبداً !
ومن خَربت بيت صديقتها ودمرت حياتها وأفقدتها وظيفتها وعملها
ومن تزوج من شابة مثل ابنته وترك زوجته وأولاده منها .. لمصير مجهول ل ٧ سنوات .. ثم عاد يطلب السماح والمغفرة . وبلا ندم يبدو عليه ! بل كان جافاً بارداً .. وتنازلت الزوجة المسكينة بعد بكاءٍ مر . وقبلت مسامحته علي ما فعله .
ومن ضرب أبويه .. وتركهم لمدة ، ثم عاد ليبدي الندم و استعداده لبوس القدم
من غرائب ما شاهدته من القصص :
١ - شاب مصري .. لا هو مسلم ولا مسيحي والهوية مكتوب فيها إسماً نصفه مسيحي والنصف الآخر مسلم ! وشاف المر ومر المر في حياته بسبب ذلك - لأن الأب كان قد تحول من دين لدين ٍ آخر . وغير اسمه . وبقي الابن مع أمه حتي كبر . وكلما ذهب لوالده , تنكر له وطرده . وتسبب ذلك في أرباك حياة ذاك الابن , بمستندات وأوراق رسمية متضاربة . تعرقل له كل أمور حياته . جاء والده طالبا منه السماح وهو يبكي .. لأنه تسبب له في ذاك الشقاء .. الوالد يبكي بحرقة , ندماً والابن يصمم علي رفض مسامحته , دونما دمعة واحدة - كان قوياً رابض الجأش , رغم هول ما شافه - .. وفي النهاية قبل المصالحة علي مضض ..
2 - واحد جاء يطلب السماح من شقيق زوجته .. لأنه دمر حياة الزوجة وتسبب لها في العمي ، والبقاء في المستشفي منذ مدة ، حيث تفقد الوعي وتفيق ثم تعود لفقدان الوعي ، وهكذا منذ شهور كثيرة .. وعندما زارها والدها بالمستشفي ، عاد للبيت حزيناً , ليموت بعد يومين !! حزناً علي ابنته .. !
بعد هياج جنوني من شقيق الضحية .. وانقضاضه بالضرب عليه .. والآخر يعرف ذنبه , فلا يبدي مقاومة .. في النهاية قبلَ المسامحة .. وتعاهدا علي بداية أفضل ومداواة ما جري ..
3 - ومواطن يمني جاء يطلب السماح والعفو من سعودي استأمنه علي ماله ، فأخذ كل ما يمتلكه الرجل ، ومضي .. وبعدما استيقظ ضميره ، جاء يطلب السماح ، كان السعودي متماسكا ولَم يفعل كما كثيرين ممن غضبوا بجنون ..
5 - وأب ترك ابنه الأكبر والأصغر , وتزوج بامرأة أخري .. وقد صار عمر الابن يقترب من ال٣٠ سنة
فجاء الأب للبرنامج ، وعندما شاهده الابن الذي يشبهه تماما ، تكدر ، وذكره بخطيئته ، وما سببه لولديه من شقاء ..الابن رفض كل محاولات جورج قرداحي , لمسامحة الأب . وكان علي حق ، اذ لم يبد عليه ثمة ندم .. وجاء ليذكر ابنه لانه كان يشتري له الشيكولاتة ، ويأخذه للنزهة بالعديد من أماكن الترفيه . !
( هذا حدث حتي سن ٧ سنوات ! ولكنه خذل الابن وهو في أهم سنوات التكوين ، سنوات المراهقة حتي صار رجلاً .. لم يبد أي أسف ! بل جاء يحمل طلبات من الابن ! أن يتلقي العزاء في أبيه عندما يموت ، وأن يراعي أخوته الصغار - من الزوجة الثانية التي تزوجها الأب - !
أصر الابن علي ألا يتصالح مع ذاك الأب ، وانصرف ، ولَم نري دموعا في عيني الأب ولا أسفا علي وجهه ، وعانق جورج قرداحي , وقبَّله ، يبدو انه كان كل همه هو مقابلة جورج ، والظهور في التليفزيونات والموبايلات ،، وليس مصالحة ابنه والتكفير عن ذنب ارتكبه في حقه !
6 - أُمّ .. عندما رأت زوجة ابنها .. كان أهون عليها أن تري عفريتاً .. , فزعت فزعاً رهيباً .. وبدموع كأنها شلال من مادة حارقة .. راحت تزعق بانها لا تريد أن تراها ولا زوجها ولا أولادها .. وكانت زوجة الابن , طردت حماتها من البيت منذ فتره وعاوزاها تسامحها وكانت تبكي أيضاً ندماً وخجلاً ..
وبعد جهد شاق من جورج , وافقت الأم علي مسامحة زوجة ابنها و.. لخاطر جورج قرداحي .. وجرت بينهما الاحضان والقبلات وسط شلالين من الدموع .. :
https://fb.watch/cosnnP2ALe/
7 - ومن أسوأ هؤلاء .. الذين خانوا أو ظلموا أحباءهم أو شركاءهم ، وجاءوا طالبين العفو والسماح ، ممن تسببوا لهم في ضرر بالغ ، ولكن لا يبدو علي وجوههم ندماً حقيقياً ، ولا يبدو انهم أقلعوا عن الخيانة أو الظلم ..
وبعض من كانوا يرفضون بإصرار مسامحة من طعنوها بالخيانة أو بالظلم والغدر .. كانوا يرددون أنهم لو أعادوا علاقاتهم بهؤلاء الغادرين الخونة ، فسوف يكرروا ما فعلوه ..!
------
أصعب المشاكل :
حلقة الثأر : الصعيدى الذى انفعل على جورج قرداحي في أقوى حلقات برنامج المسامح كريم ( تصورت جريمة قتل ستحدث , إما أن الصعيدي الهائج المنفعل سيقتل جورج .. أو سيقتل ابن العائلة التي عليها الثأر والذي جاء لمحاولة فك النزاع .. انتهت باتفاق الخصمين وتبادلا الأحضان والقبلات ! .. انها أصعب ما واجهه ج . قرداحي )
https://www.youtube.com/watch?v=VZLi1eAfuLM
أعجب المشاكل :
اللّصّ الذي عاقب نفسه بعدما جلب العار لأهله ، منذ الصغر وحتي كَبُرَ ، ولا يقدر علي التوبة و التخلص من مرض السرقة ، وأراد أن يثبت لأهله انه تاب وندم . فعاقب نفسه عقابا بالغ الفظاعة ، وهو لا يدري انه هكذا يكون قد عاقب أهله أكثر مما عاقب نفسه .. بقطع يديه أسفل القطار ! علي مرتين لا مرة واحدة ! وهكذا صار معاقاً لا يقدر علي اطعام نفسه ، وأمه هي التي تطعمه و. و. الخ !
كثيرون وكثيرات , من المظلومين من قبلوا علي مضض مسامحة من ظلموهم ، استجابة لمساعي كثيرة من جورج قرداحي ، وإكراماً له فقط .
وبعض الحالات المؤلمة جدا ، المظلومون فيها هجموا علي من ظلموهم وأرادوا الفتك بهم ، وضربوهم ..
كان الأمن يتدخل لمنع حوادث الضرب الانتقامية ، لكن يبدو أن جورج قرداحي , لاحظ ان بعض من قاموا بضرب خصومهم افرغوا شحنة الغضب والكراهية ، وقبلوا السماح والمصالحة
أحد من شاهدتهم من هؤلاء , كان جسده يهتز ويرتعش ، بعدما شاهد من ظلمه في الشاشة ، ويسأل عنه بلهفة ، ليَفْتِك به !
نساء ورجال , بكوا بكاءاً مراً عندما شاهدوا من ظلموهم . ظالمون قِلّة .. هم من بكوا كثيراً - ندماً وخجلاً !
كثرة القضايا والجهد الكبير الذي يبذله " قرداحي " لعلاجها , تجعله أحياناً يعمل باستعجال , وينهيها بلا حل . وينصرف الطرفان دونما صلح بينهما . ولو صبر كعادته مثلما صبر وثابر مع قضايا أشد تعقيداً , لأمكنه المصالحة بين الغريمين .
متاعب الدنيا ومشاكل الناس ومواجعهم مع الحياة , هي أكبر بكثير جداً مما نتصور ..
ويبدو أن الصبر والتسامح هو العلاج أو المُسكِّن ..
هذا ما نفهمه ونقتنع به , وتزداد قناعاتنا كلما تقدم بنا العمر , ووجدنا أحباء وأصدقاء ومعارف وأعداء اختطفهم الموت ؟ ويذهبوا الي حيث ذهب ما لا نعرف عددهم من الناس , منذ آلاف وملايين السنين . ولا ندري بالتأكيد الي أين ذهبوا , ولا متي سيعودوا , ولا ماذا حدث معهم وبهم بعد الموت .. .. ولا هل هناك بعث مرة أخري بعد طول معاشرة مع تراب القبور .. !
( تلك تساؤلات يرددها الفلاسفة والشعراء والحكماء - والعامة أيضاً - منذ قبل التاريخ بآلاف السنين .. ! ولا تزال تلك التساؤلات حيّة ! ) .
عمر الانسان علي الأرض يقدر بحوالي 4 ملايين من السنوات .. طوال تلك الملايين , ناس تولد , ثم تموت .. وغيرهم يولدون ويأكلون مما يزع في التراب . مما يخرج من التراب , ثم يذهبون مثلما ذهب جدودهم . الي التراب . بعدما يشربوا رشفات حلوة من السعادة , ويتجرعوا أطناناً من ماء بحار الشقاء .. الزائد الملوحة
ولا شافي من متاعب الحياة ومآسيها سوي التسامح والنسيان ..
وصدق الشاعر - جبران - :
هل فرشت العشب ليلاً وتلحفت الفضا
زاهداً فيما سيأتي . ناسياً ما قد مضى
اعطني الناي وغني ** وانسي داءً ودواء
انما الناسُ سطورٌ ** كُتِبت .. لكن بماء
لكن بماء ( هكذا تكررها فيروز , عندما تغنيها ) :
لكن بماء
لكن بماء
--------
المقال منشور أيضاً بموقع الحوار المتمدن :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=753182
____________________________
تعليقات
إرسال تعليق