جان باتيست بوكلان - لماذا تحتفل به فرنسا ؟
إعداد : صلاح الدين محسن 5-1-2022
من هو جان باتيست بوكلان حتى تحتفل فرنسا وجامعات عالمية ومسارح حول العالم به ولمدة عام كامل
سمير حنا خمورو ( مخرج مسرحي وتلفزيوني وسينمائي
ممثل، ناقد مسرحي وسينمائي
كاتب قصيدة النثر، القصة القصيرة، مترجم مسرحيات )
الحوار المتمدن 2022 / 2 / 4
جان باتيست بوكلان Jean-Baptiste Poquelin ، هو موليير
، ممثل وكاتب مسرحي فرنسي ، ولد في الخامس عشر كانون الثاني / يناير 1622 في باريس ، توفي على السرير في بيته بشارع ريشيليو ، في باريس 17 شُباط/ فبراير 1673. وكان عمره (51 سنة).
من عائلة تعمل في التجارة ، كانوا يسكنون في منطقة شعبية "دي هال" مكتضة بالسكان ، (بافيون دي سانج ) في الركن الشرقي لشارع سانت أونوريه وهال ، ماتت والدته ماري كريسيه لما كان عمره حوالي عشر سنوات ، رباه ابوه جان الذي عمل في تجارة السجاد ومنجد في خدمة الملك، تلقى جان بوكلان، تعليما جيدا في إعدادية "كليرمو" اليسوعية وكان فيها نخبة من المدرسين منهم فولتير، فقد حصل على مبادي العلوم الأساسية والفلسفة وتعلم اللغة اللاتينية التي مكنته من الاطلاع على النصوص المسرحية اليونانية . صادف ان كان موقع دكان والده بالقرب من مسرح (أوتيل دي بوركوني)، تقدم فيه عروض بسيطة لاضحاك وتسلية الناس، يمثل فيه ممثلي الشوارع، كان موليير يذهب لمشاهدة تلك العروض مع والدته التي كانت من عائلة ميسورة ويقال أن جده لوي كريسي هو الذي جعله يحب المسرح اذ كان يرافقه لمشاهدة العروض. ثم درس الحقوق في "أورليان" ودرس الفلسفة على يد الأستاذ جاسيندي الذي وجهه لقراءة الشاعر اللاتيني "لوكريس"، ترجم مع صديقه "هينو" إشعارا له ضاعت ولم يبق منها غير مقاطع قصيرة وضعها في مسرحية (عدو البشر)، كوميديا الأخلاق التي عرضت للمرة الأولى من قبل فرقة التابعة للقصر الملكي، موضوعها الرئيسي السخرية من نفاق المجتمع الأرستقراطي الفرنسي، والعيوب الأخلاقية عند البشر ورغم انها لم تحقق نجاحا تجاريا حين عرضها ولكن تعتبر واحدة في قائمة افضل مسرحياته.
غادر منزل عائلته في شارع "سانت أونوريه" بعد ان تخرج واشتغل محاميا لفترة قصيرة جدا، وعاش في شارع "دوريتي" ، في منطقة "مارييه" ، بالقرب من عائلة بيجار التي كانت ابنتهم الكبرى ممثلة، ويبدو لي انه عشق الشابة "مادلين" التي كانت تكبره بأربع سنوات، ولهذا انظم في سن 21 عام 1643، الى تسعة أصدقاء ، من بينهم ثلاثة من عائلة بيجار، مادلين، جوزيف، وجنفيف، وكونوا فرقة سميت المسرح اللامع "l Illustre Théâtre"، وبذلك تكون فرقتهم ثالث فرقة في باريس؛ فرقة (الممثلين الكبار) يقدمون أعمالهم في أوتيل بوركوني وفرقة (الممثلين الصغار) يعرضون أعمالهم في صالة تقع في منطقة مارييه ، ويلاحظ في عقد التأسيس، إلى أن الشاب بوكلان دخل المسرح ليلعب أدوار الأبطال المأساويين جنبًا إلى جنب مع مادلين بيجار ، استأجر الممثلون الجدد صالة ميتييه "Métayers" التي تقع على الضفة اليسرى لنهر السين ، في "فوبور سان جيرمان". وبانتظار أنتهاء أعمال التطوير وتهيئة الصالة فقد قدموا بعض الأعمال في المدن القريبة من باريس وافتتحت صالة "ميتييه" أبوابها في 1 كانون الثاني / يناير 1644. ولاقت الفرقة نجاحا كبيرا خلال الأشهر الثمانية الأولى من العروض، والسبب أن صالة (الممثلين الصغار) أحترقت بعد 15 يوما من افتتاح صالتهم، وأضطروا الذهاب للتمثيل في المحافظات بانتظار إعادة إعمارها. وخلال هذا النجاح الباهر قرر جان باتيست بوكلان لأول مرة ان اسمه المسرحي كممثل ومؤلف سيصبح موليير . وهناك وثيقة مؤرخة في 28 حزيران / يونيو ، تمت الإشارة إليه فيها باسم "جان باتيست بوكلان موقعة باسم دي موليير "De Moliere" ولا احد يعرف بالضبط لماذا اختار هذا الاسم ، لم يرغب أبدًا في إخبار السبب ، حتى لأصدقائه المقربين. ربما حتى لا يحرج عائلته لان مهنة التمثيل لم تك محترمة قي ذلك العصر. ولكن ما ان عادت فرقة الممثلين الصغار في تشرين الأول / أكتوبر 1644، الى مسرحهم في مارييه ، الذي تم تجديده وتجهيزه بـ "الآلات" جديدة، واستعادوا جمهورهم حتى صارت صالتهم "متييه" فارغة تقريبا على الرغم من تعاون الكتاب المسرحيين المشهورين معهم، وربما لهذا السبب قرروا الأنتقال إلى الضفة اليمنى في صالة تقع في 32 ، رصيف "دي سيليستن" بالقرب من المسارح الأخرى. وللمرة الاولى يكون عقد الإيجار باسم موليير، وهذا يعني أنه اصبح رئيسا للفرقة. في البداية تكاتفوا لاستئجار الصالة الاولى وتأثيثها، ثم أن تجهيز الصالة الجديدة، كانت باهظة التكلفة، بالإضافة للالتزامات المالية لتسعة ممثلين كانت كبيرة، والأموال المتحصلة من العروض قليلة. فازدادت ديونهم، لهذا أقام الدائنون الدعاوى على موليير اعتبارًا من 1 نيسان/ أبريل 1645 . ولما لم يستطيعوا ان يدفعوا سُجن في بداية شهر آب / أغسطس من نفس السنة في سجن شاتليه. واطلق سراحه بعد ان قام والده بدفع الديون.
وقررت الفرقة في الخريف مغادرة باريس الى الولايات الجنوبية للمملكة، وأصبحت فرقة متجولة ينفق عليها متعهدين متعاقبين. وأستمر غيابها مدة اثني عشر عامًا (1646-1658)، أمضتها بالتنقل بين المدن مثل تولوز، كاركاسون، كرينوبل، مونبلييه، ديجون، بوردو، أفينيون ، يعيشون حياة محفوفة بالمخاطر والعوز اثناء التنقل ، على الرغم من الإعلان الشهير الذي اصدره لويس الثالث عشر في 16 نيسان/ أبريل 1641 وفيه رفع العبء الذي يثقل كاهل الممثلين بمبادرة من الكاردينال ورئيس الوزراء "دي ريشيليو" . مع إقامة منتظمة في مدينة ليون، وأحيانًا تمتد لعدة اشهر، خلال هذه الفترة ، قام موليير بتأليف بعض المسرحيات الهزلية التي كانت تحتوي على عبارات مثيرة للضحك لان جمهور في الريف لم يك يستسيغ الأعمال التراجيدية، وان موليير لم يك ممثلا جيدا في الأدوار التراجيدية ، وأكتشف أن موهبته الحقيقية ليست في الدراما وإنما في الكوميديا ، على الرغم من انه كان يأمل في الاعتراف به كممثل مأساوي، لهذا كتب لنفسه شخصيات رئيسية في مسرحيات كوميدية، ومثلها وأخرجها.
وأول مسرحيتين كوميديتين ألفها وعرضتها الفرقة ، مسرحية الطبيب الطائر "Le Médecin volant"، عام 1645، ومسرحية غيرة باربويليه "La Jalousie du barbouillé" عام 1650، وكانت كلتا المسرحين من فصل واحد، أستخدم في التأليف والتمثيل أجواء وأسلوب كوميديا ديلارتي " commedia dell arte" الإيطالية . وأثناء إقامتهم في ليون ، ألف مولير اول مسرحيتين مهمتين في خمسة فصول، المغفل "L Étourdi ou les Contretemps" ، و عرضتها الفرقة عام 1655ولاقت ترحيبا كبيرا من الجمهور، واعطى للشخصية الرئيسية "ماسكاريلي" التي مثلها ظهورا في 35 من 41 مشهدًا في المسرحية. ولاقى العرض نجاحا كبيرا . ومسرحية نكاية الحب Le Dépit amoureux التي عرضت عام 1656. وفي خريف عام 1658 منح الأمير فيليب دي أورليان ، الملقب بـ "السيد" ، شقيق الملك الوحيد حمايته لمولير ورفاقه بعد ان شاهد بعض عروض الفرقة. و سنحت لهم في 24 تشرين الأول / أكتوبر 1658 ، فرصة لعرض مسرحية نوكوميد Nicomède التراجيدية للشاعر والكاتب المسرحي "بيير كورنيه" أمام الملك لويس الرابع عشر وحاشيته بمسرح "پيتي-بوربون" الذي كان ملحقا باللوفر، وبعد انتهاء المسرحية وجه موليير كلاما للملك: «شكرا على حضور عرض فرقتنا المتواضع، وأرجوا أن تسامحنا على الهفوات التي تحصل وقت التمثيل »، وبعد ذلك طلب السماح له بتقديم عرض مسلي، وعلت الأصوات في القاعة تنادي بتقديم الطبيب العاشق "Le Docteur amour"، فوافق الملك وأديت المسرحية التي كانت من تأليف موليير وللأسف ان النص فقد . مَثل فيها دور الطبيب وأبدع في اداء دوره ونال إعجاب الملك والموجودين، ولهذا خصص لهم صالة مسرح "بيتي بوربون" الواسعة والمجهز تجهيزًا جيدًا. وقدموا فيها عروضهم لمدة عامين ، بالتناوب مع سكاراموش ورفاقه من الممثلين الإيطاليين بتقديم المسرحيات. ربما خلال هذه الفترة أتقن موليير أدائه من خلال دراسة تقنيات الممثل الكوميدي الإيطالي الكبير تيبيريو فيوريتي "Tiberio Fiorill"، ولحسن الحظ ان احد ممثلي الفرقة "سير دي لكرنج" سجل فيه بشكل شخصي المسرحيات التي تم تقديمها والواردات وما اعتبره مهمًا في حياة الفرقة.وسمحت هذه الوثيقة بمتابعة لريبرتوا المسرحيات التي مثلها موليير بالتفصيل من بداية عام 1659، وهو محفوظ في الكوميدي فرنسيسز Comédie-Française. واصبح موليير الممثل والمؤلف المفضل لدى الملك لويس الرابع عشر وحاشيته ، وقام بتصميم العديد من العروض لهم ، بالتعاون مع أفضل مهندسي الديكورات ومصممي الرقصات والموسيقيين..
نتناول في الجزء الثالث اهم المسرحيات التي قدمها موليير في باريس .
------
____________________________
تعليقات
إرسال تعليق