مقتطفات - المصير المشابه

إعداد  صلاح الدين محسن
24-4-2019

(( .. طمر موسوليني الإيطاليين بالخطب الحماسية، وأخفق في كل شيء آخر. تعلم من تجربته في الصحافة أن أكثر الناس تلحق الإثارة، لا العقل. ومثل كل ديكتاتور، كان مقتنعاً بأن ما حدث لكولا دي رينزي لا يمكن أن يحدث له. وهذا تماماً ما حدث له عندما حاول الفرار، وقبضت عليه جماهير غاضبة ومتوحشة، فعلقته من ساقيه، هو وعشيقته.
يرفض الديكتاتور فكرة المصير المشابه. يعتقد دائماً أنه مختلف. ثم يصدق كذبه بعد أن يصدق كذب الآخرين. يستمرئ لعبة الغش والتكاذب المتبادل بينه وبين الناس. ثم ينسى تماماً أن الانقلاب الذي سهل عليه، من السهل على غيره أيضاً. تكرر مشهد كولا دي رينزي في أماكن كثيرة. القذافي كان أيضاً هارباً عندما قبضت عليه مجموعة لم تتعلم القانون في جماهيريته. صدام حسين رفض أن يفكر في أن حبل المشنقة يمتد إلى كل الأعناق المستبدة. عمر البشير ظن أن رقصة العصا سوف تخدر مواطنيه ثلاثين عاماً أخرى قابلة للتجديد. لم يقرأ حكاية كولا دي رينزي. وكان مقتنعاً بأن ما حدث في تونس ومصر وليبيا واليمن لا يمكن أن يحدث له أيضاً. وفي يومه الأخير، قرر أن يفعل ما فعله علي عبد الله صالح من قبل: دعا مؤيديه إلى التظاهر في وجه المتظاهرين الآخرين. هكذا فعل القذافي أيضاً. ما من ديكتاتور يصدق دروس التاريخ. عندما تتكدس سنوات الخواء والبطر والغرور إلى هذا الحد، تشكل سوراً بين الرجل والحقيقة. في روما اليوم ساحة شهيرة باسم كولا دي رينزي. اسم موسوليني ممنوع من الذكر. ))

من مقال  " ساحة كولادي رينزي "  للكاتب سمير عطا الله - الشرق الأوسط . لندن . 24-4-2019

تعليقات