من الارشيف - أمجاد يا سنغافورة
مطار في سنغافورة
القراء الأعزاء هذان مقالان ممتعان ومختصران ايضا لا اطالة فيهما ولا اسهاب . . هما من القراءات التي أعجبتنا احدهما عن سنغافورة قرأناه علي موقع " المجموعة الجيواستراتيجية للدراسات " بعنوان " معجزة يمكن ان تتكرر" . والآخر جاء باحدي مجموعات الحوار الثقافي علي الانترنت - اليسار المصري - ، وهو بعنوان " قداسة لغتنا العربية " نتمني لكم قراءة ممتعة وتنويرا شهيا :
معجزة يمكن أن تتكرر .....
الخليج الإقتصادى
10/03/2008
د. محمد سعد
عندما يتعلق الأمر بدولة تبلغ مساحتها 682 كيلومتراً مربعاً فقط، فيما يزيد عدد سكانها على 4 ملايين نسمة من ثلاثة أعراق مختلفة وديانات متعددة ولا توجد فيها أي موارد طبيعية، فمن الطبيعي أن يقبع هذا البلد في ذيل لائحة العالم الثالث، ولكن ما سيدهشك حقا أن تعرف أن هذه الدولة نالت استقلالها في العام 1965 واستطاعت في أقل من 30 عاما أن تنتقل إلى مصاف الأمم المتحضرة في العالم الأول وتصبح أنشط ميناء بحري في العالم، وثالث أكبر موقع لتكرير النفط، ومركزاً عالمياً رئيسياً للصناعات التحويلية والخدمات، ليرتفع بذلك المتوسط السنوي لدخل الفرد الحقيقي فيها من أقل من ألف دولار أمريكي لدى حصولها على الاستقلال إلى قرابة 30 ألف دولار اليوم.
نحن الآن نتحدث عن رحلة الصعود “المذهلة” لسنغافورة والتي اعتبرت واحدة من معجزات القرن الماضي، كما نتحدث عن مؤسسها الأول “لي كوان يو” وهو الاسم الذي يجب أن نحفظه جيدا فهو أول رئيس وزراء لسنغافورة، وهو الذي قاد مسيرتها نحو الاستقلال وترأس حكومتها لأكثر من ثلاثة عقود من العام 1959 إلى العام 1992، ويعرف “لي” على نطاق واسع بصانع معجزة سنغافورة التنموية وارتقائها من بلد نام في العالم الثالث إلى العالم الأول، على حد تعبيره، في كتابه الذي يحمل الاسم نفسه، والذي قدم له “هنري كيسنجر” وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق بقوله إن “هنالك كتباً تعلمك كيف تشيد منزلاً، وتصلح محركاً، وتؤلف كتاباً، ولكنني لم أر كتباً حول كيفية بناء دولة انطلاقاً من مجموعة من المهاجرين اليائسين القادمين من الصين والهند وجزر الهند الشرقية (الهولندية)، أو كيف يكسب شعبها لقمة العيش حين تتوقف عن لعب دورها الاقتصادي السابق كمركز محوري للتصدير والاستيراد في المنطقة.
ولكن هذا النجاح لم يكن بالأمر اليسير على الإطلاق، فتغيير العقول والثقافات يحتاج إلى الكثير من العمل والجهود، ويروي لي كوان يو في مذكراته كيف بدأت مسيرة سنغافورة من بلد لم يكن فيه سوى المستنقعات والفقر ولا جيش فيه ولا شرطة.
ويقول إنه من أجل بناء الجيش طلب مساعدة إندونيسيا ومصر، لكنه لم يتلق جواباً منهما، فطلب المساعدة من “إسرائيل” التي أرسلت بعثة صغيرة العدد. لكن من أجل عدم إغضاب مسلمي البلاد، تم الإعلان عن أن أفراد البعثة مكسيكيون.
ويروي أنه بعد عقد من تسلمه للسلطة، أي العام 1975، قرر أن ينشئ مباني سكنية جديدة ينتقل إليها ذوو الدخل المحدود، لكن هؤلاء رفضوا التخلي عن نهج حياتهم، فكان أن نقل بعضهم الدجاج والأغنام إلى الشقق في الطوابق العليا، التي حوّلوها إلى أكواخ عالية.
وظل الكثيرون من الصينيين والمالاويين والهنود يصعدون السلالم على الأقدام بدل استخدام المصاعد.
واستمر آخرون في استخدام فوانيس “الكاز” بدلا من مصابيح الكهرباء، وظل سكان الأدوار الأرضية يتابعون “تجارتهم” السابقة، فحولوا الشقق إلى محلات لبيع السجائر والحلوى والخردوات، ورفض الجميع في البداية عالمهم الجديد.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه دوما هو كيف استطاعت سنغافورة تحقيق كل هذه الإنجازات؟ وكيف ضمنت هذه الدولة الاستمرارية في عالم متقلب وفي واحدة من أسخن مناطق العالم سياسيا وأكثرها تقلبا من الناحية الاقتصادية؟
إن الأسس التي اعتمدت عليها سنغافورة في تحقيق معجزتها قامت أصلا على بناء الإنسان واعتمدت قبل ذلك على القيم الحضارية والتاريخ والتقاليد، ومن ثم الانطلاق إلى الأخذ بمقومات بناء دولة حديثة لا تعرف حدودا للتطور.
ويبدو الأساس الأهم لنجاح سنغافورة هو الارتكاز الى سياسة تعميم التعليم وتحديثه باعتماد أفضل المناهج في العالم حيث تتصدر سنغافورة الأولمبياد الدولي في امتحانات المواد العلمية، بينما لم تستطع دولة عربية واحدة أن تكون من ضمن ال 30 دولة الأولى في آخر النتائج المنشورة للتقييم الدولي للتقدم التعليمي في مادة الرياضيات على سبيل المثال.
ومن أهم الجوانب التي ركز عليها “لي كوان يو” الثقة بالمسؤولين والموظفين الشباب الذين تمتعوا بالاستقامة والأمانة والذكاء والطاقة والدافع إلى القدرة على التنفيذ وإن افتقدوا الفطنة التجارية.
ويقول “لي”: (إن توجب علي اختيار كلمة واحدة لتفسير سبب النجاح الذي حققته سنغافورة فسوف تكون “الثقة”) فهي التي جعلت المستثمرين الأجانب يفضلون سنغافورة لإنشاء مصانعهم ومنشآتهم ومصافي نفطهم. وبحلول التسعينات أصبحت ثالث أكبر مركز لتكرير وتجارة النفط، بعد نيويورك ولندن وأصبحت منتجاً رئيسياً للبتروكيماويات.
هناك عامل آخر في غاية الأهمية وهو اعتماد الحكومة السنغافورية على أجهزة إدارية صغيرة الحجم ذات كفاءة عالية (قوامها حوالي 50 ألف موظف لا أكثر) وعلى درجة كبيرة من المهنية والتعليم والثقافة.
كما تم الاعتماد على أسس وظيفية تمثل نموذجا يمكن أن يدرس، من بينها أن التعيين في مختلف الوظائف يتم عبر مناظرات عامة مفتوحة للجميع، بينما يحصل موظفو القطاع العام على رواتب تنافسية مثل القطاع الخاص إن لم يكن أعلى (200 ألف دولار راتباً سنوياً للوزير كمثال)، إلى جانب الشفافية وانخفاض نسبة الفساد الإداري والمالي، إلى حد أن سنغافورة تتصدر حاليا مؤشر الشفافية الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.
إن هذه التجربة تلفت انتباهنا إلى مسألة مهمة نحن أحوج ما نكون إليها في عالمنا العربي، وهي مسألة العزم والتصميم على بلوغ الأهداف مهما كانت الصعوبات ومهما كانت الإمكانات المادية، كما تتجلى فيها بوضوح القدوة والنموذج الصالح الذي يجب أن يقتدي به الشباب في حياتهم العملية من أجل تحقيق التقدم والرخاء والازدهار http://geosg.org/le_3.php?id=130&baab=5
===
لماذا امجاد يا عرب .؟! وأين سنغافورة ؟!
الحوار المتمدن-العدد: 2218 - 2008 / 3 / 12
القراء الأعزاء هذان مقالان ممتعان ومختصران ايضا لا اطالة فيهما ولا اسهاب . . هما من القراءات التي أعجبتنا احدهما عن سنغافورة قرأناه علي موقع " المجموعة الجيواستراتيجية للدراسات " بعنوان " معجزة يمكن ان تتكرر" . والآخر جاء باحدي مجموعات الحوار الثقافي علي الانترنت - اليسار المصري - ، وهو بعنوان " قداسة لغتنا العربية " نتمني لكم قراءة ممتعة وتنويرا شهيا :
معجزة يمكن أن تتكرر .....
الخليج الإقتصادى
10/03/2008
د. محمد سعد
عندما يتعلق الأمر بدولة تبلغ مساحتها 682 كيلومتراً مربعاً فقط، فيما يزيد عدد سكانها على 4 ملايين نسمة من ثلاثة أعراق مختلفة وديانات متعددة ولا توجد فيها أي موارد طبيعية، فمن الطبيعي أن يقبع هذا البلد في ذيل لائحة العالم الثالث، ولكن ما سيدهشك حقا أن تعرف أن هذه الدولة نالت استقلالها في العام 1965 واستطاعت في أقل من 30 عاما أن تنتقل إلى مصاف الأمم المتحضرة في العالم الأول وتصبح أنشط ميناء بحري في العالم، وثالث أكبر موقع لتكرير النفط، ومركزاً عالمياً رئيسياً للصناعات التحويلية والخدمات، ليرتفع بذلك المتوسط السنوي لدخل الفرد الحقيقي فيها من أقل من ألف دولار أمريكي لدى حصولها على الاستقلال إلى قرابة 30 ألف دولار اليوم.
نحن الآن نتحدث عن رحلة الصعود “المذهلة” لسنغافورة والتي اعتبرت واحدة من معجزات القرن الماضي، كما نتحدث عن مؤسسها الأول “لي كوان يو” وهو الاسم الذي يجب أن نحفظه جيدا فهو أول رئيس وزراء لسنغافورة، وهو الذي قاد مسيرتها نحو الاستقلال وترأس حكومتها لأكثر من ثلاثة عقود من العام 1959 إلى العام 1992، ويعرف “لي” على نطاق واسع بصانع معجزة سنغافورة التنموية وارتقائها من بلد نام في العالم الثالث إلى العالم الأول، على حد تعبيره، في كتابه الذي يحمل الاسم نفسه، والذي قدم له “هنري كيسنجر” وزير خارجية الولايات المتحدة الأسبق بقوله إن “هنالك كتباً تعلمك كيف تشيد منزلاً، وتصلح محركاً، وتؤلف كتاباً، ولكنني لم أر كتباً حول كيفية بناء دولة انطلاقاً من مجموعة من المهاجرين اليائسين القادمين من الصين والهند وجزر الهند الشرقية (الهولندية)، أو كيف يكسب شعبها لقمة العيش حين تتوقف عن لعب دورها الاقتصادي السابق كمركز محوري للتصدير والاستيراد في المنطقة.
ولكن هذا النجاح لم يكن بالأمر اليسير على الإطلاق، فتغيير العقول والثقافات يحتاج إلى الكثير من العمل والجهود، ويروي لي كوان يو في مذكراته كيف بدأت مسيرة سنغافورة من بلد لم يكن فيه سوى المستنقعات والفقر ولا جيش فيه ولا شرطة.
ويقول إنه من أجل بناء الجيش طلب مساعدة إندونيسيا ومصر، لكنه لم يتلق جواباً منهما، فطلب المساعدة من “إسرائيل” التي أرسلت بعثة صغيرة العدد. لكن من أجل عدم إغضاب مسلمي البلاد، تم الإعلان عن أن أفراد البعثة مكسيكيون.
ويروي أنه بعد عقد من تسلمه للسلطة، أي العام 1975، قرر أن ينشئ مباني سكنية جديدة ينتقل إليها ذوو الدخل المحدود، لكن هؤلاء رفضوا التخلي عن نهج حياتهم، فكان أن نقل بعضهم الدجاج والأغنام إلى الشقق في الطوابق العليا، التي حوّلوها إلى أكواخ عالية.
وظل الكثيرون من الصينيين والمالاويين والهنود يصعدون السلالم على الأقدام بدل استخدام المصاعد.
واستمر آخرون في استخدام فوانيس “الكاز” بدلا من مصابيح الكهرباء، وظل سكان الأدوار الأرضية يتابعون “تجارتهم” السابقة، فحولوا الشقق إلى محلات لبيع السجائر والحلوى والخردوات، ورفض الجميع في البداية عالمهم الجديد.
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه دوما هو كيف استطاعت سنغافورة تحقيق كل هذه الإنجازات؟ وكيف ضمنت هذه الدولة الاستمرارية في عالم متقلب وفي واحدة من أسخن مناطق العالم سياسيا وأكثرها تقلبا من الناحية الاقتصادية؟
إن الأسس التي اعتمدت عليها سنغافورة في تحقيق معجزتها قامت أصلا على بناء الإنسان واعتمدت قبل ذلك على القيم الحضارية والتاريخ والتقاليد، ومن ثم الانطلاق إلى الأخذ بمقومات بناء دولة حديثة لا تعرف حدودا للتطور.
ويبدو الأساس الأهم لنجاح سنغافورة هو الارتكاز الى سياسة تعميم التعليم وتحديثه باعتماد أفضل المناهج في العالم حيث تتصدر سنغافورة الأولمبياد الدولي في امتحانات المواد العلمية، بينما لم تستطع دولة عربية واحدة أن تكون من ضمن ال 30 دولة الأولى في آخر النتائج المنشورة للتقييم الدولي للتقدم التعليمي في مادة الرياضيات على سبيل المثال.
ومن أهم الجوانب التي ركز عليها “لي كوان يو” الثقة بالمسؤولين والموظفين الشباب الذين تمتعوا بالاستقامة والأمانة والذكاء والطاقة والدافع إلى القدرة على التنفيذ وإن افتقدوا الفطنة التجارية.
ويقول “لي”: (إن توجب علي اختيار كلمة واحدة لتفسير سبب النجاح الذي حققته سنغافورة فسوف تكون “الثقة”) فهي التي جعلت المستثمرين الأجانب يفضلون سنغافورة لإنشاء مصانعهم ومنشآتهم ومصافي نفطهم. وبحلول التسعينات أصبحت ثالث أكبر مركز لتكرير وتجارة النفط، بعد نيويورك ولندن وأصبحت منتجاً رئيسياً للبتروكيماويات.
هناك عامل آخر في غاية الأهمية وهو اعتماد الحكومة السنغافورية على أجهزة إدارية صغيرة الحجم ذات كفاءة عالية (قوامها حوالي 50 ألف موظف لا أكثر) وعلى درجة كبيرة من المهنية والتعليم والثقافة.
كما تم الاعتماد على أسس وظيفية تمثل نموذجا يمكن أن يدرس، من بينها أن التعيين في مختلف الوظائف يتم عبر مناظرات عامة مفتوحة للجميع، بينما يحصل موظفو القطاع العام على رواتب تنافسية مثل القطاع الخاص إن لم يكن أعلى (200 ألف دولار راتباً سنوياً للوزير كمثال)، إلى جانب الشفافية وانخفاض نسبة الفساد الإداري والمالي، إلى حد أن سنغافورة تتصدر حاليا مؤشر الشفافية الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.
إن هذه التجربة تلفت انتباهنا إلى مسألة مهمة نحن أحوج ما نكون إليها في عالمنا العربي، وهي مسألة العزم والتصميم على بلوغ الأهداف مهما كانت الصعوبات ومهما كانت الإمكانات المادية، كما تتجلى فيها بوضوح القدوة والنموذج الصالح الذي يجب أن يقتدي به الشباب في حياتهم العملية من أجل تحقيق التقدم والرخاء والازدهار http://geosg.org/le_3.php?id=130&baab=5
===
تعليقات
إرسال تعليق