كتابات مختارة - 15 النانوتكنولوجي لحل كل المشكلات
ذكرنا أدمن الفيسبوك بمقال كنا قد نقلناه بصفحتنا منذ 3 سنوات - 1 فبراير 2012. وهو :
النانو تكنولوجي.. الحل لمعظم مشكلات مصر
# نشرت وكالة أبناء الشرق الأوسط الخبر والتقرير التالي:
المرشح المصري لنوبل: حل معظم مشكلات مصر يكمن في النانو تكنولوجي
العالم المصري د.شريف الصفتي: حل مشاكل مصر بالنانو تكنولوجي
أ ش أ :
أوضح د. شريف الصفتي -عالم النانو تكنولوجي وأحد العقول المصرية النابغة في اليابان والتي رشّحته لجائزة نوبل في الكيمياء هذا العام- أن فلسفة النانو تكمن في أن القوة في الصغر، مشيرا إلى أن المستقبل للنانو تكنولوجي، وأن حلّ معظم مشكلات مصر تكمن في الاستفادة من الحلول التي تقدّمها علوم النانو تكنولوجي في المياه والكهرباء والصحة والبيئة وغيرها من الاستخدامات.
وأشار -خلال ندوة أقامها المكتب الثقافي التابع للسفارة المصرية في الكويت بمناسبة زيارته لجامعة الكويت- إلى نجاحه في استخدام تكنولوجيا النانومتر في تنقية المياه من الإشعاع الذي سبّبه التسرّب الإشعاعي من مفاعل فوكوشيما النووي الياباني العام الماضي (2011)، وقال إن النظام العالمي يعتمد الآن على المواد النانومترية في التخلّص من الملوثات في المياه حتى البكتيرية التي تعدّ أدق الملوثات، فالمواد النانومترية تفصل الملوثات كلها سواء كيميائية أو بيولوجية أو بكتيرية أو فيروسية؛ لأن لديها القدرة على الإمساك بالملوثات حتى لو كانت بنسبة أقل من ألف جزء من المليون، والتخلّص منها تماما.
واستعرض في هذا الصدد تجربة اليابان كمثال، وقال: "لا يعرفون المياه المعدنية، وإنما يشرب الجميع من الحنفيات، وهذه التقنية غير مكلفة؛ لأنها تعتمد تقريبا على نفس الخامات التي نستخدمها حاليا، ولكن بعد تخليقها وتركيبها وتحويلها إلى مواد نانومترية بخصائص أكثر فاعلية".
وتابع: "اختلاط مياه الصرف الصناعي والصحي والزراعي فى مصر وغيرها بمياه الشرب كلفتنا الكثير، وفي مصر يُستخدم نوع من التكنولوجيا يزيد نسبة الملوثات؛ لأنها تسمح بمرور نسبة ضئيلة من الملوثات، ومع استمرار التنقية تزداد نسبة هذه الملوثات نتيجة لتراكمها، بينما يعتمد النظام العالمي الآن على المواد النانومترية في التخلّص من الملوثات جميعا".
واستعرض د. شريف الصفتي استعمالات النانو تكنولوجي في عدة مجالات، مبينا فوائده وقدرته على توفير الملايين من الأموال المهدرة، مشيرا إلى أن هناك دراسة سيعلن عن نتائجها في مارس القادم (2013) حول محطات آمنة للطاقة النووية يمكن إقامتها في أي مكان وهي آمنة بيئيا حتى في حالة انفجارها.
وطالب بأن تكون هناك قاعدة بيانات بأسماء العلماء المصريين بالخارج وتخصصاتهم للاستفادة منهم وقت الحاجة، وأبدى استعداده للمشاركة في مشروع قومي لتوطين تكنولوجيا النانو، بدءا بمدرسة علمية لاستخدامه في مجالات الحياة التطبيقية.
مشيرا في هذا الصدد إلى أن نصف الفريق البحثي في معمله باليابان من المصريين، ويستقدم كل عام اثنين من الطلبة المصريين لتدريبهم بالمعهد، وذلك من خلال المراسلات الشخصية.
وفي سياق متصل، أكّد د. شريف أن اليابان بلد فقير في موارده الطبيعية، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية الكثيرة التي يتعرّضون لها بكثرة من زلازل وأعاصير وبراكين، موضحا أن السبب في نجاحهم هو التزامهم بالنظام الذي يحكم حياتهم.
وأضاف: "العمل عندهم عبادة، وللوقت قيمة كبيرة، ونحن نتفوق عليهم بخشية الله، إذا طبّقنا أسلوبهم في الحياة والعمل"، مقدما نصيحة إلى الشباب أن يثقوا بأنفسهم وبقدراتهم، وأن تكون لديهم رؤية للمدى البعيد لما يريدون تحقيقه، والإيمان بما هم عليه، مؤكدا أنهم إذا التزموا بذلك فستفتح لهم أبواب العلم ويحققون إنجازات تعود على مصر بالفائدة.
جدير بالذكر أن د. شريف الصفتي قد حصد العديد من الجوائز العلمية، ونشر أكثر من 150 بحثا في دوريات علمية عالمية، وحصل على 15 براءة اختراع مسجلة باسمه في اليابان؛ أهمها على الإطلاق نجاحه في استخدام تكنولوجيا النانومتر في تنقية المياه من الإشعاع الذي سبّبه التسرّب الإشعاعي من مفاعل فوكوشيما النووي العام الماضي، حيث استمرت الأبحاث على المياه بمنطقة فوكوشيما التي حدث بها انفجار المفاعل النووي لخمسة شهور.
وقد بدأ الفريق البحثي العمل في شهر إبريل، وتم الانتهاء منه في أغسطس من نفس العام، واستحق التقدير والتكريم من الحكومة اليابانية التي لم تكتفِ بتكريمه داخل اليابان، بل طالبت مندوبها الدائم بالأمم المتحدة بتكريمه دوليا، وترشيحه لنيل جائزة نوبل في الكيمياء -مجال تخصصه- هذا العام، وأرسل بان كي مون -سكرتير عام الأمم المتحدة- ببرقية تهنئة له لهذا الترشيح.
ويعمل الدكتور شريف الصفتى في تخليق المواد النانومترية، وتحويلها للتطبيقات التكنولوجية والذي نسميه تكنولوجيا النانو، وهو أستاذ النانومترية بجامعة واسيدا في طوكيو، ورئيس المجموعة البحثية بالمعهد القومي لعلوم المواد باليابان، وقد رفض الحصول على الجنسية اليابانية رغم عمله لأكثر من عشر سنوات في المعامل اليابانية.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
# ورداً على هذا الموضوع كتب الكاتب والباحث والقاص المصري/ محمود سلامة الهايشة (Mahmoud Salama Elhaysha) قصة ومسرحية في تبسيط العلوم للأطفال والطلائع بعنوان:
حسام وتكنولوجيا النانو!
دَقَّ جرْسُ المدرسة معلنًا عن بداية الحِصَّة، دخل الأستاذ مجدي: السلام عليكم يا أبنائي.
وعليكم السلام يا أستاذ.
كلَّ عام وأنتم بخير، هذه آخِرُ حصَّة في العام الدراسي في دروس مادَّة العلوم، إنْ شاء الله أراكم جميعًا العام المقبِل وأنتم في الصف المتقدِّم.
يا أولاد، نحن قد انتهيْنا من كلِّ الدروس المقررة، وهذه الحصَّة حصَّة مفتوحة، فإذا كان هناك لديكم أيُّ أسئلة تخص مادةَ العلوم، سواء داخل المقرَّر الدراسي أو خارجه؟
فسكتَتْ أنفاس كلِّ التلاميذ، وخيَّم الصمت لعدة ثوانٍ داخلَ قاعة الدراسة، فتلفَّت مجدي ينظر في جميع الاتجاهات، حتى يجد أيَّ تلميذ يتحرك أو يتكلم، فبتسم وقال: ما أصابكم يا أولاد؟! لا يوجد شيء في رأسكم تسألون فيه؟!
إذًا؛ فأنَا سأسألكم في دروس العلوم التي درستموها طوالَ العام الدراسي، فرفَع حسام يدَه يريد أن يستأذن لكي يتكلَّم.
نعم يا حسام، عندك سؤال؟
نعم يا أستاذ، إنِّي أمس شاهدتُ فيلمًا تسجيليًّا على قناة "تكنولوجيا" الفضائية، عن ماذا هذا الفيلم يا حسام؟ كان بعنوان (تكنولوجيا النانو.. تكنولوجيا القَرْن الحادي والعشرين)، ولكني لم أحضرْ مشاهدة الفيلم من بدايته، كذلك لم أفْهم بعضَ ما قيل في الفيلم، فهل يمكن يا أستاذُ أن تشرح لي ولزملائي ما هي تكنولوجيا النانو، وما هي فائدتها؟
جميلٌ جدًّا يا حسام، فقد طُرِح موضوع جديد في العلم، وهو حديثُ الساعة على الساحة العلمية، والشُّغْل الشاغل للعلماء في جميع دول العالَم، سواء في الدول النامية أو المتقدِّمة، انتبهوا معي يا أحبابي، سوف أحكي إليكم تاريخَ تكنولوجيا النانو، وأسهِّل المعلوماتِ العلميةَ؛ حتى تَصلَكم المعلومة بشكلٍ سهْل وميسَّر، فلا تنسوا ما أقوله مستقبلاً؛ لأنَّكم - إنْ شاء الله - على اختلاف تخصُّصاتكم التي سوف تتخرَّجون بها من الجامعة، يمكنكم تطبيقُ تكنولوجيا النانو على أيِّ علم من العلوم التطبيقية، ونواحي الحياة المختلفة.
تُعدُّ تكنولوجيا النانو التكنولوجيا الأولى الرائدة في العالَم الآن ومستقبلاً؛ حيث يتمُّ توظيفها وتطبيقها في مجالات متنوِّعة مثل: التسليح والأمْن القومي، الزِّراعة والغذاء واستصلاح الأراضي، المخصِّبات، تنقية وتطهير المياه، تقطير وتحلية مياه البَحْر، إنتاج الأجهزة والمواد المستخدَمة في مجال الطاقة الجديدة والمتجدِّدة، صناعة المحفِّزات الكيميائية المستخدَمة في الصناعات الكيميائية، تَكْرِير البترول، صناعة الموادِّ الهندسية والمواد المتراكبة، صناعة الغَزْل والنسيج، استكشاف الأخطار البيئية ومعالجة الملوِّثات، صناعة الأجهزة والمكونات الإلكترونية، تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، الرِّعاية الصحية والتحاليل الطبيَّة، واستكشاف ومعالجة الأمراض المستعصية، صناعة الأدوية والعقاقير والأجهزة الطِّبيَّة، صناعة مستحضرات التجميل.
فسكَت الأستاذ مجدي فجأةً، ونظر للتلاميذ، فقال: هل أنتم معي؟ هل تفهمون ما أقول؟
فرد الطلاب بصوت واحد: نحن معك يا أستاذ، نسمعك جيِّدًا.
فقال حسام: منذ متى بدأَ هذا العِلم الرهيب؟
فبتسم الأستاذ مجدي، نعم، يا حسام، صحيح نحن نتحدَّث أولاً عن تطبيقات تكنولوجيا النانو قبل أن نَتحدَّث عن بدايات هذا العلم.
في مساء ليلةٍ باردة من ليالي شتاء شهر ديسمبر 1959م أقامتِ الجمعية الأمريكية للفيزياء احتفالاً حضرَه كوكبةٌ كبيرة من علماء الفيزياء، الذين أتَوْا خِصِّيصًا لحضور تلك الاحتفالية المقامة؛ تكريمًا للبروفسور ريتشارد فينمان عالِم الفيزياء الأمريكي الشهير، الذي نال جائزةَ نوبل في الفيزياء عام 1965م عن مُجمَل أعماله الإبداعية الأصيلة في علوم ميكانيكا الكم.
حسام: ماذا حدَث في تلك الحفْلة يا أستاذ؟
مجدي: ألْقى فيها البروفسورُ فينمان محاضرةً تاريخية بعنوان (هنالك الكثير من الغُرَف بالقاع!)، وقد أطلق بمحاضرته هذه الشرارةَ الأولى لتفجير ثورة القرن الحادي والعشرين.
وفي هذه المحاضرة أحبابي: تنبَّأ فينمان بإمكان تغيير خواصِّ أيِّ مادة، وتعظيم سِماتها، وذلك عن طريق إعادة ترتيب ذرَّاتها بالشكل الذي يتأتي معه الحصولُ على تلك الخواص المتميِّزة والمختلفة تمامًا عن سماتها الأصلية قبلَ إعادة هيكلتها.
حسام: هل سَمَّى البروفسور فينمان هذه التكنولوجيا بـ النانو؟
مجدي: لا لَمْ يسمِّها فينمان بهذا الاسم، بل في عام 1974 لقَّبها العالِم الياباني "نوريو تانيجوتشي" بلقب تكنولوجيا النانو.
ومدَّ مجدي يدَه إلى المنضدة التي أمامه، وأمسك بقلم الكِتابة على السبُّورة، وبدأَ يكتب عليها بالأحْرُف الإنجليزية (Nan- techn- l- gy)، انظروا يا أولاد، هذا هو اسم تكنولوجيا النانو بالإنجليزية.
مجدي: هل تعرِفون يا أحبابي وَحْدات قياس الأطوال؟
التلاميذ: نعم يا أستاذ، فبدؤوا يقولون: المتر - السنتيمتر - الملليمتر - الكيلومتر.
مجدي: إذًا يا أولاد، هل سمعتُم عن وَحْدة اسمها النانومتر؟
التلاميذ: لا، لم نسمعْ عنها يا أستاذ!!
حسام: هل هي التي اشتقَّ منها اسم تكنولوجيا النانو؟
مجدي: بالفِعْل يا حسام، أحسنتَ قولاً، فالنانومتر هو وَحْدة قياس أبعاد الأشياء متناهيةِ الصِّغَر، مثل: ذرَّات وجزيئات المادة، وكلمة "نانو" بالإغريقية تعني قزم.
النانو متر = الواحد من المليون من المليمتر، وكتب على السبُّورة: يعني 1-1000000 ملم؛ أي: 1 على مليون من المليمتر.
حسام: كيف نستفيدُ من تلك التكنولوجيا؟
مجدي: سؤالٌ أكثرُ مِن رائع، فلكلِّ تكنولوجيا مصدر رئيس لتطبيقاتها، وهنا تُعَدُّ المواد النانونية المصدرَ الرئيس لتكنولوجيا النانو، حيث يقوم العلماءُ بالْتقاط الذرَّات متناهية الصِّغَر، والتلاعُب بها لتحريكها مِن مواضعها الأصلية إلى مواضعَ أخرى، ثم دمجها مع ذرَّات لموادَّ أخرى لتكوين شبكات بلورية؛ لكي نحصلَ على موادَّ نانونية الأبعاد متميزة الخواص عالية الأداء.
وهناك تعريفٌ للمواد النانونية، هل تريدون معرفتَه؟
التلاميذ: نعم يا أستاذ.
تُعرف الموادُّ النانونية بأنَّها مجموعةٌ من المواد الصغيرة جدًّا التي يتمُّ تحضيرها في المعمل، أو توجد بالفِعْل في الطبيعة، والتي تتراوح مقاييسُ أطوالها أو أقطار حبيباتها ما بيْن 0.1 نانومتر إلى 100 نانومتر، فتلك الفِئة من الموادِّ النانونية التي لا تتعدَّى مقاييس أقطارها عن 100 نانومتر أهمية اقتصادية عُظْمى، فهي أكثرُ المواد النانونية قدمًا، وأوسعها انتشارًا وتطبيقًا في المجالات الصِّناعية والطِّبية المتنوعة.
فنظر مجدي للتلاميذ وهو يسألهم: هل يعرف أحدٌ منكم شيئًا عن ألبرت أينشتاين؟
فردَّ أحدهم قائلاً: نعم أسمع عنه أنه عالِم، وهناك مسلسل كرتون أُشاهِده على التليفزيون، اسمه "صغار أينشتاين"، فضَحِك جميعُ التلاميذ على زميلهم.
فأشار حسام بيده: أنا أعرِفه جيدًا يا أستاذ، فقد قرأتُ كتابًا عن قصَّة حياته، اشتراه لي أبي في الصَّيْف الماضي ضمنَ كُتُب مهرجان القراءة للجميع.
مجدي: فهل لك يا حسامُ تُعْطي لنا بعضَ المعلومات عن هذا العالِم الفذ؟
حسام: بكلِّ تأكيد، أينشتاين هو عالِم في الفيزياء، وُلِد في ألمانيا لأبوين يهوديين، وحصَل على الجنسيتين السويسريَّة والأمريكيَّة، يشتهر أينشتاين بيْن جميع الفيزيائيِّين بأنَّه واضع النظرية النسبية الخاصَّة والنظرية النِّسبية العامَّة، حاز في العام 1921 على جائزة نوبل في الفيزياء.
مجدي: أحسنتَ يا حسام، سلمت يا ابني، كما سمعتم زميلَكم، فكلُّ ما قاله صحيح، وتلك هي فائدةُ القراءة والاطلاع.
أنا ذكرتُ لكم اسمَ عالِم الفيزياء والرياضيات الشهير ألبرت أينشتاين، ونحن نتحدَّث عن تكنولوجيا النانو؛ لأنَّه تناول في جزء من برنامجه العملي لرِسالة الدكتوراه منذ ما يقرُب من مائة عام كيفية انتشار، وذوبان جزيئات السُّكَّر في الماء، حيث تمكَّن من حساب أبعاد جزيء واحد من السُّكَّر، ووجد أنه لا يتعدَّى النانومتر الواحد.
حسام: يا أستاذ، أين هو الآن؟
مجدي: أينشتاين تقصد؟
حسام: لا، ريتشارد فينمان مؤسِّس عِلم تكنولوجيا النانو، في أيِّ بلد يعيش الآن؟
مجدي: تُوفِّي فينمان في عام 1988م عن عمر يناهز السبعين عامًا، أما أينشتاين، فتُوفِّي عام 1955م.
فرَفع مجدي يدَه؛ لينظرَ إلى ساعته؛ ليعرف كم تبقَّى مِن وقت الحصة، وقال: يكفي هذا يا أولاد، دقيقة واحدة، وتنتهي الحصَّة، هل فهمتم أنَّ تكنولوجيا النانو تُعَدُّ - وبحق - تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين، والمِفتاح السِّحْري للتقدُّم والإنماء الاقتصادي، المبنيِّ على العلم والمعرفة؟
فدقَّ جرس المدرسة، هل تريدون أيَّ شيء مني يا أحبابي؟
• لا يا أستاذ، في رِعاية الله.
العالم المصري د.شريف الصفتي: حل مشاكل مصر بالنانو تكنولوجي
أ ش أ :
أوضح د. شريف الصفتي -عالم النانو تكنولوجي وأحد العقول المصرية النابغة في اليابان والتي رشّحته لجائزة نوبل في الكيمياء هذا العام- أن فلسفة النانو تكمن في أن القوة في الصغر، مشيرا إلى أن المستقبل للنانو تكنولوجي، وأن حلّ معظم مشكلات مصر تكمن في الاستفادة من الحلول التي تقدّمها علوم النانو تكنولوجي في المياه والكهرباء والصحة والبيئة وغيرها من الاستخدامات.
وأشار -خلال ندوة أقامها المكتب الثقافي التابع للسفارة المصرية في الكويت بمناسبة زيارته لجامعة الكويت- إلى نجاحه في استخدام تكنولوجيا النانومتر في تنقية المياه من الإشعاع الذي سبّبه التسرّب الإشعاعي من مفاعل فوكوشيما النووي الياباني العام الماضي (2011)، وقال إن النظام العالمي يعتمد الآن على المواد النانومترية في التخلّص من الملوثات في المياه حتى البكتيرية التي تعدّ أدق الملوثات، فالمواد النانومترية تفصل الملوثات كلها سواء كيميائية أو بيولوجية أو بكتيرية أو فيروسية؛ لأن لديها القدرة على الإمساك بالملوثات حتى لو كانت بنسبة أقل من ألف جزء من المليون، والتخلّص منها تماما.
واستعرض في هذا الصدد تجربة اليابان كمثال، وقال: "لا يعرفون المياه المعدنية، وإنما يشرب الجميع من الحنفيات، وهذه التقنية غير مكلفة؛ لأنها تعتمد تقريبا على نفس الخامات التي نستخدمها حاليا، ولكن بعد تخليقها وتركيبها وتحويلها إلى مواد نانومترية بخصائص أكثر فاعلية".
وتابع: "اختلاط مياه الصرف الصناعي والصحي والزراعي فى مصر وغيرها بمياه الشرب كلفتنا الكثير، وفي مصر يُستخدم نوع من التكنولوجيا يزيد نسبة الملوثات؛ لأنها تسمح بمرور نسبة ضئيلة من الملوثات، ومع استمرار التنقية تزداد نسبة هذه الملوثات نتيجة لتراكمها، بينما يعتمد النظام العالمي الآن على المواد النانومترية في التخلّص من الملوثات جميعا".
واستعرض د. شريف الصفتي استعمالات النانو تكنولوجي في عدة مجالات، مبينا فوائده وقدرته على توفير الملايين من الأموال المهدرة، مشيرا إلى أن هناك دراسة سيعلن عن نتائجها في مارس القادم (2013) حول محطات آمنة للطاقة النووية يمكن إقامتها في أي مكان وهي آمنة بيئيا حتى في حالة انفجارها.
وطالب بأن تكون هناك قاعدة بيانات بأسماء العلماء المصريين بالخارج وتخصصاتهم للاستفادة منهم وقت الحاجة، وأبدى استعداده للمشاركة في مشروع قومي لتوطين تكنولوجيا النانو، بدءا بمدرسة علمية لاستخدامه في مجالات الحياة التطبيقية.
مشيرا في هذا الصدد إلى أن نصف الفريق البحثي في معمله باليابان من المصريين، ويستقدم كل عام اثنين من الطلبة المصريين لتدريبهم بالمعهد، وذلك من خلال المراسلات الشخصية.
وفي سياق متصل، أكّد د. شريف أن اليابان بلد فقير في موارده الطبيعية، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية الكثيرة التي يتعرّضون لها بكثرة من زلازل وأعاصير وبراكين، موضحا أن السبب في نجاحهم هو التزامهم بالنظام الذي يحكم حياتهم.
وأضاف: "العمل عندهم عبادة، وللوقت قيمة كبيرة، ونحن نتفوق عليهم بخشية الله، إذا طبّقنا أسلوبهم في الحياة والعمل"، مقدما نصيحة إلى الشباب أن يثقوا بأنفسهم وبقدراتهم، وأن تكون لديهم رؤية للمدى البعيد لما يريدون تحقيقه، والإيمان بما هم عليه، مؤكدا أنهم إذا التزموا بذلك فستفتح لهم أبواب العلم ويحققون إنجازات تعود على مصر بالفائدة.
جدير بالذكر أن د. شريف الصفتي قد حصد العديد من الجوائز العلمية، ونشر أكثر من 150 بحثا في دوريات علمية عالمية، وحصل على 15 براءة اختراع مسجلة باسمه في اليابان؛ أهمها على الإطلاق نجاحه في استخدام تكنولوجيا النانومتر في تنقية المياه من الإشعاع الذي سبّبه التسرّب الإشعاعي من مفاعل فوكوشيما النووي العام الماضي، حيث استمرت الأبحاث على المياه بمنطقة فوكوشيما التي حدث بها انفجار المفاعل النووي لخمسة شهور.
وقد بدأ الفريق البحثي العمل في شهر إبريل، وتم الانتهاء منه في أغسطس من نفس العام، واستحق التقدير والتكريم من الحكومة اليابانية التي لم تكتفِ بتكريمه داخل اليابان، بل طالبت مندوبها الدائم بالأمم المتحدة بتكريمه دوليا، وترشيحه لنيل جائزة نوبل في الكيمياء -مجال تخصصه- هذا العام، وأرسل بان كي مون -سكرتير عام الأمم المتحدة- ببرقية تهنئة له لهذا الترشيح.
ويعمل الدكتور شريف الصفتى في تخليق المواد النانومترية، وتحويلها للتطبيقات التكنولوجية والذي نسميه تكنولوجيا النانو، وهو أستاذ النانومترية بجامعة واسيدا في طوكيو، ورئيس المجموعة البحثية بالمعهد القومي لعلوم المواد باليابان، وقد رفض الحصول على الجنسية اليابانية رغم عمله لأكثر من عشر سنوات في المعامل اليابانية.
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
# ورداً على هذا الموضوع كتب الكاتب والباحث والقاص المصري/ محمود سلامة الهايشة (Mahmoud Salama Elhaysha) قصة ومسرحية في تبسيط العلوم للأطفال والطلائع بعنوان:
حسام وتكنولوجيا النانو!
دَقَّ جرْسُ المدرسة معلنًا عن بداية الحِصَّة، دخل الأستاذ مجدي: السلام عليكم يا أبنائي.
وعليكم السلام يا أستاذ.
كلَّ عام وأنتم بخير، هذه آخِرُ حصَّة في العام الدراسي في دروس مادَّة العلوم، إنْ شاء الله أراكم جميعًا العام المقبِل وأنتم في الصف المتقدِّم.
يا أولاد، نحن قد انتهيْنا من كلِّ الدروس المقررة، وهذه الحصَّة حصَّة مفتوحة، فإذا كان هناك لديكم أيُّ أسئلة تخص مادةَ العلوم، سواء داخل المقرَّر الدراسي أو خارجه؟
فسكتَتْ أنفاس كلِّ التلاميذ، وخيَّم الصمت لعدة ثوانٍ داخلَ قاعة الدراسة، فتلفَّت مجدي ينظر في جميع الاتجاهات، حتى يجد أيَّ تلميذ يتحرك أو يتكلم، فبتسم وقال: ما أصابكم يا أولاد؟! لا يوجد شيء في رأسكم تسألون فيه؟!
إذًا؛ فأنَا سأسألكم في دروس العلوم التي درستموها طوالَ العام الدراسي، فرفَع حسام يدَه يريد أن يستأذن لكي يتكلَّم.
نعم يا حسام، عندك سؤال؟
نعم يا أستاذ، إنِّي أمس شاهدتُ فيلمًا تسجيليًّا على قناة "تكنولوجيا" الفضائية، عن ماذا هذا الفيلم يا حسام؟ كان بعنوان (تكنولوجيا النانو.. تكنولوجيا القَرْن الحادي والعشرين)، ولكني لم أحضرْ مشاهدة الفيلم من بدايته، كذلك لم أفْهم بعضَ ما قيل في الفيلم، فهل يمكن يا أستاذُ أن تشرح لي ولزملائي ما هي تكنولوجيا النانو، وما هي فائدتها؟
جميلٌ جدًّا يا حسام، فقد طُرِح موضوع جديد في العلم، وهو حديثُ الساعة على الساحة العلمية، والشُّغْل الشاغل للعلماء في جميع دول العالَم، سواء في الدول النامية أو المتقدِّمة، انتبهوا معي يا أحبابي، سوف أحكي إليكم تاريخَ تكنولوجيا النانو، وأسهِّل المعلوماتِ العلميةَ؛ حتى تَصلَكم المعلومة بشكلٍ سهْل وميسَّر، فلا تنسوا ما أقوله مستقبلاً؛ لأنَّكم - إنْ شاء الله - على اختلاف تخصُّصاتكم التي سوف تتخرَّجون بها من الجامعة، يمكنكم تطبيقُ تكنولوجيا النانو على أيِّ علم من العلوم التطبيقية، ونواحي الحياة المختلفة.
تُعدُّ تكنولوجيا النانو التكنولوجيا الأولى الرائدة في العالَم الآن ومستقبلاً؛ حيث يتمُّ توظيفها وتطبيقها في مجالات متنوِّعة مثل: التسليح والأمْن القومي، الزِّراعة والغذاء واستصلاح الأراضي، المخصِّبات، تنقية وتطهير المياه، تقطير وتحلية مياه البَحْر، إنتاج الأجهزة والمواد المستخدَمة في مجال الطاقة الجديدة والمتجدِّدة، صناعة المحفِّزات الكيميائية المستخدَمة في الصناعات الكيميائية، تَكْرِير البترول، صناعة الموادِّ الهندسية والمواد المتراكبة، صناعة الغَزْل والنسيج، استكشاف الأخطار البيئية ومعالجة الملوِّثات، صناعة الأجهزة والمكونات الإلكترونية، تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، الرِّعاية الصحية والتحاليل الطبيَّة، واستكشاف ومعالجة الأمراض المستعصية، صناعة الأدوية والعقاقير والأجهزة الطِّبيَّة، صناعة مستحضرات التجميل.
فسكَت الأستاذ مجدي فجأةً، ونظر للتلاميذ، فقال: هل أنتم معي؟ هل تفهمون ما أقول؟
فرد الطلاب بصوت واحد: نحن معك يا أستاذ، نسمعك جيِّدًا.
فقال حسام: منذ متى بدأَ هذا العِلم الرهيب؟
فبتسم الأستاذ مجدي، نعم، يا حسام، صحيح نحن نتحدَّث أولاً عن تطبيقات تكنولوجيا النانو قبل أن نَتحدَّث عن بدايات هذا العلم.
في مساء ليلةٍ باردة من ليالي شتاء شهر ديسمبر 1959م أقامتِ الجمعية الأمريكية للفيزياء احتفالاً حضرَه كوكبةٌ كبيرة من علماء الفيزياء، الذين أتَوْا خِصِّيصًا لحضور تلك الاحتفالية المقامة؛ تكريمًا للبروفسور ريتشارد فينمان عالِم الفيزياء الأمريكي الشهير، الذي نال جائزةَ نوبل في الفيزياء عام 1965م عن مُجمَل أعماله الإبداعية الأصيلة في علوم ميكانيكا الكم.
حسام: ماذا حدَث في تلك الحفْلة يا أستاذ؟
مجدي: ألْقى فيها البروفسورُ فينمان محاضرةً تاريخية بعنوان (هنالك الكثير من الغُرَف بالقاع!)، وقد أطلق بمحاضرته هذه الشرارةَ الأولى لتفجير ثورة القرن الحادي والعشرين.
وفي هذه المحاضرة أحبابي: تنبَّأ فينمان بإمكان تغيير خواصِّ أيِّ مادة، وتعظيم سِماتها، وذلك عن طريق إعادة ترتيب ذرَّاتها بالشكل الذي يتأتي معه الحصولُ على تلك الخواص المتميِّزة والمختلفة تمامًا عن سماتها الأصلية قبلَ إعادة هيكلتها.
حسام: هل سَمَّى البروفسور فينمان هذه التكنولوجيا بـ النانو؟
مجدي: لا لَمْ يسمِّها فينمان بهذا الاسم، بل في عام 1974 لقَّبها العالِم الياباني "نوريو تانيجوتشي" بلقب تكنولوجيا النانو.
ومدَّ مجدي يدَه إلى المنضدة التي أمامه، وأمسك بقلم الكِتابة على السبُّورة، وبدأَ يكتب عليها بالأحْرُف الإنجليزية (Nan- techn- l- gy)، انظروا يا أولاد، هذا هو اسم تكنولوجيا النانو بالإنجليزية.
مجدي: هل تعرِفون يا أحبابي وَحْدات قياس الأطوال؟
التلاميذ: نعم يا أستاذ، فبدؤوا يقولون: المتر - السنتيمتر - الملليمتر - الكيلومتر.
مجدي: إذًا يا أولاد، هل سمعتُم عن وَحْدة اسمها النانومتر؟
التلاميذ: لا، لم نسمعْ عنها يا أستاذ!!
حسام: هل هي التي اشتقَّ منها اسم تكنولوجيا النانو؟
مجدي: بالفِعْل يا حسام، أحسنتَ قولاً، فالنانومتر هو وَحْدة قياس أبعاد الأشياء متناهيةِ الصِّغَر، مثل: ذرَّات وجزيئات المادة، وكلمة "نانو" بالإغريقية تعني قزم.
النانو متر = الواحد من المليون من المليمتر، وكتب على السبُّورة: يعني 1-1000000 ملم؛ أي: 1 على مليون من المليمتر.
حسام: كيف نستفيدُ من تلك التكنولوجيا؟
مجدي: سؤالٌ أكثرُ مِن رائع، فلكلِّ تكنولوجيا مصدر رئيس لتطبيقاتها، وهنا تُعَدُّ المواد النانونية المصدرَ الرئيس لتكنولوجيا النانو، حيث يقوم العلماءُ بالْتقاط الذرَّات متناهية الصِّغَر، والتلاعُب بها لتحريكها مِن مواضعها الأصلية إلى مواضعَ أخرى، ثم دمجها مع ذرَّات لموادَّ أخرى لتكوين شبكات بلورية؛ لكي نحصلَ على موادَّ نانونية الأبعاد متميزة الخواص عالية الأداء.
وهناك تعريفٌ للمواد النانونية، هل تريدون معرفتَه؟
التلاميذ: نعم يا أستاذ.
تُعرف الموادُّ النانونية بأنَّها مجموعةٌ من المواد الصغيرة جدًّا التي يتمُّ تحضيرها في المعمل، أو توجد بالفِعْل في الطبيعة، والتي تتراوح مقاييسُ أطوالها أو أقطار حبيباتها ما بيْن 0.1 نانومتر إلى 100 نانومتر، فتلك الفِئة من الموادِّ النانونية التي لا تتعدَّى مقاييس أقطارها عن 100 نانومتر أهمية اقتصادية عُظْمى، فهي أكثرُ المواد النانونية قدمًا، وأوسعها انتشارًا وتطبيقًا في المجالات الصِّناعية والطِّبية المتنوعة.
فنظر مجدي للتلاميذ وهو يسألهم: هل يعرف أحدٌ منكم شيئًا عن ألبرت أينشتاين؟
فردَّ أحدهم قائلاً: نعم أسمع عنه أنه عالِم، وهناك مسلسل كرتون أُشاهِده على التليفزيون، اسمه "صغار أينشتاين"، فضَحِك جميعُ التلاميذ على زميلهم.
فأشار حسام بيده: أنا أعرِفه جيدًا يا أستاذ، فقد قرأتُ كتابًا عن قصَّة حياته، اشتراه لي أبي في الصَّيْف الماضي ضمنَ كُتُب مهرجان القراءة للجميع.
مجدي: فهل لك يا حسامُ تُعْطي لنا بعضَ المعلومات عن هذا العالِم الفذ؟
حسام: بكلِّ تأكيد، أينشتاين هو عالِم في الفيزياء، وُلِد في ألمانيا لأبوين يهوديين، وحصَل على الجنسيتين السويسريَّة والأمريكيَّة، يشتهر أينشتاين بيْن جميع الفيزيائيِّين بأنَّه واضع النظرية النسبية الخاصَّة والنظرية النِّسبية العامَّة، حاز في العام 1921 على جائزة نوبل في الفيزياء.
مجدي: أحسنتَ يا حسام، سلمت يا ابني، كما سمعتم زميلَكم، فكلُّ ما قاله صحيح، وتلك هي فائدةُ القراءة والاطلاع.
أنا ذكرتُ لكم اسمَ عالِم الفيزياء والرياضيات الشهير ألبرت أينشتاين، ونحن نتحدَّث عن تكنولوجيا النانو؛ لأنَّه تناول في جزء من برنامجه العملي لرِسالة الدكتوراه منذ ما يقرُب من مائة عام كيفية انتشار، وذوبان جزيئات السُّكَّر في الماء، حيث تمكَّن من حساب أبعاد جزيء واحد من السُّكَّر، ووجد أنه لا يتعدَّى النانومتر الواحد.
حسام: يا أستاذ، أين هو الآن؟
مجدي: أينشتاين تقصد؟
حسام: لا، ريتشارد فينمان مؤسِّس عِلم تكنولوجيا النانو، في أيِّ بلد يعيش الآن؟
مجدي: تُوفِّي فينمان في عام 1988م عن عمر يناهز السبعين عامًا، أما أينشتاين، فتُوفِّي عام 1955م.
فرَفع مجدي يدَه؛ لينظرَ إلى ساعته؛ ليعرف كم تبقَّى مِن وقت الحصة، وقال: يكفي هذا يا أولاد، دقيقة واحدة، وتنتهي الحصَّة، هل فهمتم أنَّ تكنولوجيا النانو تُعَدُّ - وبحق - تكنولوجيا القرن الحادي والعشرين، والمِفتاح السِّحْري للتقدُّم والإنماء الاقتصادي، المبنيِّ على العلم والمعرفة؟
فدقَّ جرس المدرسة، هل تريدون أيَّ شيء مني يا أحبابي؟
• لا يا أستاذ، في رِعاية الله.
----- منشور بموقع الحوار المتمدن-العدد: 3954 - 2012 / 12 / 27
تعليقات
إرسال تعليق