البناةُ , والمُخرِّبون

من الفيسبوك -  صفحة Ibrahem Elshnawy
 5-1-2020
كولونيا 555 أسطورة أنهاها عبدالناصر بسبب وشاية ومصنعها تحول إلى مقلب قمامة
.كانت موجودة في احتفالات والأفراح وأعياد الميلاد، تستخدم أيضا كمعالج للجروح والإغماءات، فعاشت كولونيا "الثلاث خمسات" في وجدان المصريين سنوات لا تخلو منازلهم وسياراتهم أيضا من وجود هذا العطر، ولكن كالعادة لا يدوم الحال كثيرا.
حمزة الشبراويشي، مالك الشركة قديما، كان يصنعها بنفسه، لذلك حقق انتشارا سريعا بالقاهرة القديمة، ولذلك قرر تحويلها إلى مصنع في دار السلام، وكان يستخدم الليمون في صناعة كولونيا 555، ثم وسع نشاطه إلى صانعة بودرة التلك، وأغلب مستحضرات التجميل التي عرفها المصريون قبل ذلك.
ففي البداية، خرج حمزة من قرية شبراويشي لا يحمل سوى موهبة فريدة في صنع أسانسات العطور
 فاستقر في منطقة الحسين، وافتتح محلا صغيرا لبيع العطور التي يصنعها بيديه، عرف النجاح سريعا فافتتح فرعا في الموكسي ثم وسط البلد ثم قرر أن يتحول معمله الصغير إلى مصنع، فاشترى قطعة أرض صغيرة في دار السلام، وكلما توفر لديه بعض المال كان يشتري قطعة مجاورة لتوسعة المصنع وكان يزرع بنفسه الليمون الذي يستخدمه في تصنيع الكولونيا.
مع نجاحه الواسع، كان عبدالناصر يشطب على اسم الشبراويشي في قرار التأميم فكان يؤمن أنه رجل عصامي وليس إقطاعيا، ويمثل مصر بصورة وطنية، فمنتاجته في كل بلد عربي، في مصر تحمل 555، وفي السعودية تحمل اسم سعود، وفي السودان تحمل صورة مطربهم الأشهر عبدالكريم كرومة، وفي مصر أيضا كانت أم كلثوم بطلة إعلانات منتجات الشرباويشي في الصحف، ومع كون جمال عبدالناصر زبونا لمنتجات الشركة ولكن كان قراره صارما لن نؤمم الشبراويشي، بحسب الكاتب عمر طاهر في كتابه "صنايعية مصر".
وأصبحت منتجات الشبراويشي، تفصيلة ثابتة في حياة المصريين، إلى أن أصيب بجلطة مع نهاية عام 1965، وسافر إلى سويسرا لتلقي العلاج، ولم يكن يعرف أن ناصر يستبعده طوال الوقت من قرار التأميم لو كان يعلم ما خاف أن يرجع، فكان يتابع من سويسرا أخبار الأذى الذي يتعرض له أصحاب بعض الصناعات فقرر أن تكون العودة إلى بيروت بعد أن تم الشفاء.
وافتتح في بيروت مصنعا لتصنيع العطور كبداية جديدة بعيدة عن الجو العام في مصر، استغل البعض ما حدث، وكانت الرواية مكتملة الأركان "حمزة هرب من مصر إلى لبنان وسيستقر هناك بعد أن يصفي أعماله ويسحب أمواله كلها" ومن هنا كان قرار عبدالناصر بفرض الحراسة على ممتلكاته، وتم عرضها للبيع، وكان المقابل ضعيفا لم يتجاوز 165 ألف جنيه لشركة السكر.
عرف حمزة الخبر وعلم أنه لا مجال للعودة فاستمر في لبنان، حتى توفي مع نهاية الستينيات، وعاد إلى مصر جثمانا، واستمرت منتجاته ناجحة بفضل عمال شركته الذين كانوا على قدر المسؤولية، ولكن بيت المعادي، بعد فرض الحراسة بسنوات تحول إلى منزل للسفير الإسرائيلي منذ العام 1980 حتى رحل عن المعادي.
ومصنع دار السلام أصبح مهجورا ومغلقا وتحول إلى مقلب القمامة
منقول من
كتاب صنايعية مصر عمر طاهر
.===========

تعليقات