كتابات - عن الموت

هل الموت بكل تلك البشاعة التي نعتقدها؟!

لا شك أن الشجاعة التي أعلن بها الفنان فاروق الفيشاوي عن مرضه بالسرطان تستحق الاحترام والإعجاب وعلى الرغم من خطورة المرض إلا أن نبرة التحدي للمرض والموت ذاته في كلام الفيشاوي مؤثرة للغاية ولكنها في نفس الوقت تفتح آفاقا للتفكير فيما قد يمثله الموت لنا.

فأقصى ما يمكن أن يفعله الموت لإنسان هو التسبب في النوم إلى الأبد، وربما كان في ذلك راحة للعقل والجسد من متاعب وهموم الحياة، فكم من أموات على قيد الحياة وكم من موتى ما زالوا يعيشون بيننا بأعمالهم الجليلة سواء في الفن أو الفكر أو الثقافة أو الإبداع أو السياسة أو العسكرية أو الاقتصاد أو غيرهم، ألم يعش بيتهوفن العظيم لأجيال مضت وسيظل حيا لأجيال قادمة؟

والفزع والهلع اللذان يسيطران علينا كبشر من فكرة الموت لا يجب أن يتواجدا في عقولنا، فالأمر بسيط وكلنا نعلم أن هناك الوقت الذي يجب أن نخلد فيه للراحة الأبدية تحت الأرض، حيث لا ضوضاء ولا إزعاج.

بالطبع هناك نزعة فطرية للتمسك بالحياة، ولكن قضاء المزيد من الوقت في الحياة لن يحل المشكلة، وكل ما نفعله من استشفاء لأمراضنا أو اهتمام بصحتنا هو مجرد محاولات لتأخير القضاء المحتوم لبعض الوقت، ولكننا ذاهبون إليه لا محالة، بعد يوم أو شهر أو سنة أو عدة سنوات، وقد قال كاتب قصص الجريمة الأمريكي الشهير إدجار آلن بو وهو على فراش الموت "لم لا! فبعد كل شيء، كلنا سنعود له!” 

ربما نعتقد أن الموت نفسه بكل ما يمثله هو شئ كئيب مظلم، ولكن ما يجب أن نقلق منه ليس الموت ذاته، بل ما بعد الموت، فهذا هو المجهول الذي لا نعرف عنه شيئا، وكما قال العظيم ويليام شكسبير على لسان بطله "هاملت" في مسرحيته الخالدة، "الموت، ذلك البلد الذي لم يستكشفه أحد بعد!"

ليس الموت بكل هذا السوء الذي نعتقده، فكل ما هنا لك أن أحدنا لن يكن متواجدا غدا ليستأنف تفاهاته وترهاته أو نكاته أو سخريته أو أوجه إحباطه التي يكتبها على صفحته على الفيسبوك، وستستمر الحياة بدون أحدهم غدا أو بعد غد، ولن ينالنا إلا بعض كلمات العزاء على صفحاتنا من الأصدقاء وربما في الدقيقة اللاحقة بعد تأدية واجب العزاء الإليكترونية سيقوم هؤلاء الأصدقاء بالضغط على زر "unfriend" حتى يقلل من عدد الأصدقاء على صفحته!
====

تعليقات