من مذكراتي في السجن - أسرار ننشرها لأول مرة






من مذكراتي في السجن  - أسرار ننشرها لأول مرة
  
مقدمة عن الأسباب والملابسات
 ---
الجميع لا يعرفون  أن جهاز أمن الدولة . من قبل القبض عليّ . كان علي علم بمن زكوني للحصول علي عضوية اتحاد الكُتّاب . 

وعلي علم بمن يعرفونني من المثقفين . ويتابعون كتاباتي , ويحصلون علي نسخ من كتبي . ويُقبلون علي الحديث معي بأحد المقاهي التي يرتادها الصحفيون والمثقفون بالقاهرة . جهاز الامن يعرف كل هؤلاء . من قبل سؤالي عن أسمائهم . وبالتالي لم 


يكن سراً يجب عليّ أن اخفيه . ليس فقط لأن من بينهم من أعرف بالتأكيد انه يعمل مع الأمن – رغماً عنه , أو برغبته – بل ولأسباب عدة :

1 - عند اقتحام مباحث أمن الدولة لمسكني . اغترفوا كافة ما عندي من الكتب والاوراق الخاصة والعامة !. نزحوها

من ضمن الأوراق . صورة استمارة تزكيتي لعضوية اتحاد الكُتّاب . موقعاً عليها من الاستاذ الدكتور يسري العزب . والاستاذ الدكتور مدحت الجيار

بل وصورة استمارة تزكيتي للمرة الأولي للعضوية –  عضو منتسب -  وقبل الحصول علي العضوية العاملة . موقعاً عليها من 
الفنان والأديب عز الدين نجيب . وأيضاً – حسبما أتذكر - الدكتور رضا عبد السلام – رئيس أسبق لجماعة الفنانين التشكيليين 
والكُتُاب . حينذاك . وقد كنت عضواً بتلك الجماعة )
ليس هذا وحسب ..
بل ان استمارة التزكية لأجل الحصول علي العضوية العاملة , الذي حصل لي علي توقيع  بالتزكية من " دكتور مدحت الجيار " شاعر صديق -  يعمل رغماً عنه – وبعد التهديد – مع جهاز أمن الدولة . وكان قد أسر لي بذلك في حينه . منذ قابله ضابط كبير بمباحث أمن الدولة .  وعرض عليه العمل معهم . وعندما لم يتجاوب معه . هدده . ثم عاد نفس هذا الشاعر  . وأسر لي بعد ذلك بأنه اضطر للقبول . خشية أن يدمروه , وهو فقير وبسيط الحال . ويحتاج لمن يساعده  . لا لمن يدمره

كيف عرف هذا الشاعر , باسم ثاني من زكوني للعضوية ؟

كان مطلوباً أن يزكيني 2 أعضاء بالاتحاد ولم  يكن لي معارف .  

في البداية , حصلت علي توقيع دكتور يسري العزب , اذ تعهد صديق " أ "  بالحصول علي توقيع دكتور العزب , قابلني واياه ( 
عرفت د. العزب .  حوالي عام 1974 , عندما اشتركت في عضوية " جمعية الأدباء الشبان " وكان هو رئيسا لها – في منتصف السبعينيات من القرن الماضي - . ثم انقطعت الصلة . لظروف عملي خارج القاهرة . لدرجة انني احتجت لأن أُذكره بنفسي  . عندما قابلني واياه . هذا الصديق . بمكتب مجلة يرأس تحريرها " فجر"  . بمدينة الجيزة  )

بعد توقع دكتور يسري  . مزكياً اياي علي استمارة العضوية . بقي توقيع عضو آخر . لتزكيتي
هنا  تطوع الشاعر الصديق – الذي اضطر للعمل مع المباحث - .  كما ذكرت . بالحصول علي توقيع دكتور الجيار . لمعرفته به . 
فأخذ الاستمارة الموقع عليها من دكتور العزب . ثم عاد اليّ بها . بتوقيع دكتور الجيار .
سؤال قد يساله البعض : كيف قبلت اشراك شاعر , تعرف انه يتعامل مع جهاز الأمن . في أمر كهذا !؟
والجواب : لان إتحاد كتاب مصر . يتبع الحكومة – كل ما يدور بداخله وحوله مكشوف لجهاز الأمن -. وهو ليس تنظيماً سياسياً سرياً هدفه قلب نظام الحكم . ولا عصابة لتهريب المخدرات . ولا جماعة تقتل السياح أو تفجر المقاهي والأتوبيسات والقطارات , ( ولا أنا أمارس تلك الأفعال ) وانما هو اتحاد للكُتّاب .

وأن كل من يعرف معني : جهاز أمن دولة بوليسية . يعي أن ذاك الجهاز . ان استهدف مواطناً واحتاج لمعلومات عنه , فسوف 
يامر باحضار ملفه بالكامل . بمعية أعيُنه في كل مكان بالدولة  - ولو كانت جمعية لتصدير البطاطس , او اتحاد للكتاب , أو وزارة الثقافة , ومروراً  بأية جمعية لرعاية الأيتام . أو مسجداً أو كنيسة . وحتي مقر شيخ الأزهر ومكتب بابا الكائدرائية - وفي الحال ستصل كافة المعلومات التي سيطلبها الأمن . وغالباً تكون عنده من قبل أن يحتاجها – هذا أعرفه من شخصيات وقيادات محترمة كثيرة تعمل في مجالات حقوقية وبحثية وخيرية . تُطلب منهم البيانات بالتليفون . وعليهم الافصاح عنها , وتقديمها , والا ... 

وكثيراً ما يستدعيهم ضابط بأمن الدولة لمكتبه  . وعليهم الاذعان والا ..

لذا .. عندما سألني وكيل النيابة عمن زكوني للحصول علي عضوية الاتحاد .. كان عادياً جداً أن اقول له : فلان وفلان .. 
فالمستندات تحت يديه . مصورة  . ووصلته من  4 جهات :
الصورة التي صادروها ضمن اوراقي الخاصة
والصورة التي بامكانهم الحصول عليها من سكرتارية اتحاد الكُتّاب ( وبالأمر ) .
والصورة المحتمل وصولها اليهم عبر صديقنا الشاعر الذي أجبره جهاز الأمن علي العمل معهم

وما يمكن أن يعرفه ضابط بأمن الدولة . من ابن عمه  - وهو  محامي - صديقي - .. وصديق للشاعر الذي تحدثت عنه . علاقته به وثيقة جداً ..

  ذاك المحامي الصديق  – كنت اوكله في قضايا مكتبي التجاري . وكان قد قال لي عام 1997 . قبل القضية . وقبل حصولي علي عضوية اتحاد الكتاب . ان ابن عمه يعمل ضابطاً بمباحث امن الدولة  . وقتها كان كتابي " الشيخ الشعراوي وعدوية " قد كتبت عنه بعض الصحف بمصر . ونقلت وكالات الانباء مقتطفات منه – وخاصة وكالة الانباء الفرنسية – ونقلاً عن ابن عمه ضابط الأمن – قال لي ان جهاز الأمن . قد وصلته نسخة من الكتاب واطلع عليها . ولن يتخذ ضدك أي اجراء . 
وبعدها قابلني . ومعه أحد الاشخاص . وأدار حديثاً بيننا حول كتابي ذاك . ثم اكتشفت أن هذا الشخص هو ابن عمه – ضابط المباحث -  جاء خصيصاً ليراني . واستنتجدت فقط من نظرات عينيه وطريقة كلامه .. وبعدما صارحت المحامي بشكوكي واستنتاجي , ضحك .. وقال " انه طلب مني أن يراك . ولكن الأمن لن يتخذ ضدك اجراء "..

علماً بان ذاك المحامي . هو علي علاقة بالمثقفين – شعراء وكتاب وصحفيين – ويتردد علي المقاهي التي يرتادونها . ومعارفي 
منهم هم نفس معارفه . ( وبعد خروجي من السجن في يوليو عام 2000 , قال لي بعضهم  " دعك من هذا المحامي , فقد جاء بصورة من محضر تحقيق النيابة معك , وقرأها علينا بالمقهي " !! ) .

فليس بعيداً انه – كما قلت - قد نقل كل شيء عني لابن عمه – ضابط المباحث – عمن زكوني لعضوية اتحاد الكتاب . وعمن 
يعرفونني ونقابلهم بمقهي المثقفين . ليس ببعيد . خاصة وانه نقل لي عن ابن عمه ما يخص كتابي السابق الاشارة اليه . وأحضره معه – ابن عمه الضابط - ليراني . بدون سابق ابلاغي 

ولكنني لا أتوقف عند تلك المسائل . كل هذا لا يعنيني .. أنا كاتب ولست ارهابياً . ولا تاجر مخدرات عشبية أو دينية . ولا عضو بتنظيم سري , ولا عضو بأي حزب من الأحزاب ..
لذا فقد أدهشني أن كلاً من دكتور يسري العزب , ودكتور مدحت الجيار .. عندما قابلتها للمرة الأولي. بعد الافراج عني أول مرة – عام 2000-  وكانت  المقابلة بمكتبة القاهرة الكبري . حيث كان مؤتمر إتحاد الكُتّاب العرب . نظر اليّ دكتور يسري العزب . وانا أصافحه . بنظرة عتاب طويلة ..! , أما  دكتور مدحت الجيار . فقال لي 
معاتباً – بلطف – يا راااجل .. بقي كده !؟
 بمعني : أيجوز ان تعترف علينا  !؟ ) 
وكأننا كنا في تنظيم سري مسلح . او عصابة لتهريب المخدرات . أو عصابة لقطع الطريق , وليس باتحاد للكُتّاب ! . وكأنني كنت متهماً بشيء آخر بخلاف الكتابة الحرة .. وهي حق دستوري يخالفه القانون المناقض للدستور . فالدستور يقر بحرية الرأي والتعبير وحرية العقيدة ..

أما الأعجب من كل ذلك  حقاً . بعد خروجي من السجن للمرة الأولي – انني قابلت مدير مكتب دار الثقافة الجديدة . للطباعة والنشر . " الأستاذ عادل عبد العزيز " – صاحب الدار هو الأستاذ محمد يوسف الجندي . رحل بعدها بسنوات . وهو مناضل يساري , وابن يوسف الجندي – احد ابطال ثورة 1919 –

وجدت الأستاذ عادل عبد العزيز . عاتباً أيضاً . ولسان حاله – كغيره - يقول لي " انت اعترفت علينا " 
!!!

شيء عجيب  حقاً ! أتراني كنت عضواً بعصابة تقطع الطريق علي المارة , وتسطو علي الحقول والمصانع والمزارع !؟ وقبضت 
عليّ السلطات  فاعترفت علي  زملائي في العصابة !؟

وهل نسي  مدير مكتب " دار الثقافة الجديدة " . أن الدار قد كتبت اسمها علي غلاف كتابي " تحرير الرجل " باعتبارها الناشر ... ؟؟

وانهم كانوا يعرضون عدداً من كتبي بجناحهم بمعرض الكتاب عام 1999 .. وانه هو شخصياً الذي كتب علي الكمبيوتر كتابي " مذكرات مسلم " , وكتاب " تحرير الرجل "  وهو الذي حصل لهما علي رقم ايداع بدار المحفوظات القومية – باسم دار الثقافة -.. !؟
فهل كان سراً بين دار الثقافة الجديدة , وبين دار المحفوظات والوثائق القومية .. واتفق معها علي عدم البوح بالسر , اذا ما سألهم جهاز الأمن عن اسم المطبعة والناشر , واسم من حصل علي أرقام ايداع وحفظ  تلك الكتب , ووقع باستلامها  ..!؟ 
وهو أيضاً  الذي جمع علي الكمبيوتر كتاب " ارتعاشات تنويرية  " – دون الطباعة - , وهو من صمم أغلفة تلك الكتب الثلاثة . بالكمبيوتر – ألا يعرف ذلك !؟  وهو الذي منحني ايصالاً – بل ايصالات بثمن كتابة تلك الكتب علي الكمبيوتر . أو بقيمة نصيبي في المشاركة في طباعة كتاب " تحرير الرجل " مع دار الثقافة . ألا يعرف ذلك !!؟ وكل تلك الايصالات , مع فهرست التليفونات به أرقام وأسماء وعناوين كل معارفي - بمن فيهم التجار زبائن مكتبي - . والموبايل أيضاً , استولي عليها رجال المباحث ..!

ان دار الثقافة الجديدة  هي دار نشر , لاناس مناضلين سياسيين .. " محمد يوسف الجندي " .
وان الأستاذ عادل . هو الذي نقل لي اعجاب الأستاذ محمد يوسف الجندي بكتابي " تحرير الرجل " – عندما قرأ الأخير , المسودة , قبل الطباعة – ونقل لي قول الأستاذ " الجندي " ان مثل هذا الكتاب كان يجب علينا أن نؤلفه نحن , كسياسيين " . وأبدي "  الأستاذ الجندي " رغبته في قيام الدار بطباعته ونشره . بعد ذلك قابلته . في مكتبه . وعبر لي عن اعجابه بالكتاب , وعن تحفظه علي فقره صغيرة وردت به . وكان تحفظه في محله , فعالجت تلك الفقرة .

كل الايصالات وعقد نشر أكثر من كتاب .. استولي عليها جهاز الأمن . ضمن كتبي والكثير من أوراقي الخاصة والعامة . . وكانت تلك الا
يصالات والعقود تحت يدي وكيل النيابة , وهو يحقق معي . ويسألني عمن طبع تلك الكتب .

فعندما يكون كتاب " تحرير الرجل " – بالذات - بين يدي وكيل النيابة ويسألني عمن طبعه . هل أجيبه : لا أعرف ..!؟ بينما اسم الدار مكتوباً علي الغلاف + وتحت يديه العقد المبرم بيني وبين الدار . وايصال سداد حصتي في المشاركة في الطباعة . وفيه اسم الدار وبياناتها .

وهل المناضل السياسي , يطبع شيئاً , وهو يتخوف من احتمال سؤاله عنها أمنياً . وبدون استعداد لتحمل المسؤولية , اذا ما اقتضي الأمر ..!؟ ما أعرفه عن دار الثقافة الجديدة – محمد يوسف الجندي – انهم مناضلون , وطالما تحملوا مسؤولية ما يطبعوه وينشروه . طالما انهم اختاروه ووجدوا لديهم الشجاعة , وأقدموا علي طباعته ونشره .
 --
المذكرات كاملة  ج 2 من المذكرات  ( 185 صفحة ) . مشورة علي موقعي في :
Google books
============

تعليقات