مستقبلك مع الجيناتك - ج 2
صفحة من كتابنا القادم : مستقبلك مع الجيناتك - ج 2
دكتور زويل , والجين المسؤول عن الدين
صلاح الدين محسن
18-2-2020
سنتكلم عن معني قول دكتور أحمد زويل " علماء الجيناتك اكتشفوا الجين المسؤول عن الدين "
العالم الكبير الحاصل علي نوبل في الفيزياء – دكتور زويل – كان قد أدلي بذاك التصريح . في الاحتفال بالعيد الخمسين لانشاء جامعة أسيوط , بجنوب مصر – 22-12-2007 .
وفي مقال نشرناه بعد المحاضرة بحوالي شهر , في 27-1-2008 بعنوان " دكتور أحمد زويل يُعلِّم في المِتبلِّم " . *
كنت قد وعدت بشرح ما يقصده عالمنا الكبير , فيما بعد . لكون الشرح سيطول .
وفي رأيي أن الجين الذي قصده , أكبر من أن يكون خاصاً بالدين فقط . وهذا بالطبع لم يكن يغيب عن فطنة عالم عظيم مثله, ولكن الرجل تكلم مع من حضروا – أو شاهدوا - محاضرته , فيما يعنيهم بالمقام الأول – أي الدين - , فيما يشغلهم , ويتدخل في كل شيء في حياتهم – كيف يلبسون ! .. ما يجوز وما لا يجوز من الملبس .. ويتدخل فيما يأكلون , ما يجوز وما لا يجوز أكله من لحوم الحيوان – وما يشربون وما لا يجب أن يشربونه .. , ومدة ارضاع وفطام الوليد :
(( وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ «سورة البقرة: الآية 233 )) .
( والرضاعة والفطام , إناث كافة الكائنات الأخري , ابتداء من انثي الأرنب , وحتي انثي الفيل .. , تعرفن واجبهن الأمومي تلقائياً , بالغريزة , دون حاجة لرسالة تأتي من السماء ! . )
وأشياء أخري كثيرة يتدخل الدين في تحديدها وتقنينها .. يعني يتدخل في كل شؤون حياة أتباعه , بما فيها الشديد الخصوصية - والذاتية الأدبية ! . – مما جعل من الدين شغلاً شاغلاً لهم في كل خطوة .. ! . فتقدمت أمم بالعلم ونهضت من رقدة العدم . بينهما هم يتخبطون في ظلمات نصوصهم , ومجادلاتهم , وحروبهم الدينية .
وهذا ما جعل العالم الكبير د . زويل , يختزل الجين بوصفه ب " الجين المسؤول عن الدين " ..
لكن في رأينا .. ان الحقيقة التي لم تكن تخفي بالتأكيد علي عالم في مثل مقامه ان علماء الجيناتك اكتشفوا الجين المسؤول عن العقيدة بشكل عام ( الجين العقائدي ) أياً كانت العقيدة ..
وبتوضيح أكثر : الجين المسؤول عن " قفلة المخ العقائدية " , و الجين المسؤول عن " رد الفعل العقائدي .. الغاضب أو المتشنج أوالأرعن أو الأهوج " , سواء كانت العقيدة سياسية , اقتصادية – اشتراكية أو رأسمالية – أو كانت عقيدة دينية – أيا كان اسم الدين - , أو عقيدة علمية – كمن يؤمنون بنظرية داروين ومن يكفرون بها , وكمن يؤمنون بنظرية فرويد , ومن يلحدون فيها . أو عقيدة اجتماعية قبلية عشائرية – كمن يؤمنون بأخذ الثأر , دون جدال - أو قتل الاناث لغسل الشرف - ولا جدال عندهم في ذلك , أو كانت عقيدة فنية – كعقيدة الفن للفن .. أو عقيدة " الفن للحياة " -. ومن يؤمون بعقيدة رياضية " وبالتحديد في كرة القدم " – تشجيع نادي رياضي معين دون غيره والتعصب له , والجدل والصياح وارتكاب أعمال عنف لأجل تلك العقيدة الرياضية الكُرَوية - ! .
ومن يؤمنون بعقيدة رياضياتية – نظرية معينة في الحساب أو في الجبر أو في الهندسة , دون غيرها – . وعقيدة , وعقيدة .. الخ . والمقصود في هذه الحالات العقائدية هو – كما قلنا – جين قفلة المخ العقائدية , وجين رد الفعل العقائدي الغاضب المتعصب المتشدد - . في حالات رجوع سبب الحالات لعامل وراثي جيني . وهذا أسوأ الحالات العقائدية . لكونها صارت ضاربة الجذور . و الطب بكل فروعه لم يكن يعرف لها علاجاً - هي أو باقي الأمراض الوراثية - إلا بعد اكتشاف خريطة الجينوم . ومعرفة كل جين مسؤول عن مرض معين , بما في ذلك الجين العقائدي . بأبحاث أمريكية بريطانية مشتركة , أعلن عنها الرئيس الأمريكي الأسبق " بيل كلينتون " بمشاركة رئيس وزراء بريطانيا الأسبق " توني بلير " . في 26-6-2000 – كما جاء في موقع بي بي سي - .
( لا ننكر أو نغفل دور المجتمع والبيئة .. ولكن موضوع اهتمامنا ومحور حديثنا هو عامل الجين الوراثي ) .
المهم في كل حالات الاعتقاد التي ذكرناها , وغيرها .. أن المعنِيّ هو حالة " قفلة المخ العقائدية " التي لا تفتحها أية حجة ولا منطق , ولا اثباتات أو براهين أو أبحاث أودراسات . ويستحيل تحييد مقفول المخ عن عقيدته . لأن مخه مقفول علي ما فيه من العقيدة . فأية آراء علمية أوغيرها تثبت عدم صحة عقيدته , ستجد مخه مثل كأس مملؤ لآخره , وأية زيادة تضاف اليه ستذهب هباءً في الأرض .. وأي كلام سهل منطقي , سيقال له , يكون مثل الكحول , يتطاير بسرعة في الهواء .
وكذلك " جين رد الفعل العقائدي " – الغضب أو الهياج من مجرد المساس بالعقيدة .. أياً كان نوعها - .
( سواء كان للحالتين جين واحد , أم اثنين ) .
كيف يتكون مثل ذاك الجين ( العجيب ) " جين قفلة المخ العقائدية " , و " جين رد الفعل العقائدي " ؟؟
نقول : ان عقل الانسان , يعمل كالكمبيوتر – أو نقول ان الكمبيوتر يعمل كما عقل الانسان , وان كان بكفاءة آلية مضاعفة صنعها عقل الانسان –
أية عبارة تكتبها في البحث بالكمبيوتر .. اذا كررتها فانه يحفظها .. وبعد ذلك بمجرد كتاباتك لأول حرف .. يُظهِر لك الجملة كاملة بكل كلماتها وحروفها , وبضغطة واحدة فقط تظهر مكتوبة كاملة ( لأن الكمبيوتر قد سجلها عنده ) .
وكذلك مخ الانسان .. فمثلاً لو جاءتك ظروف ما جعلتك تسهر علي غير العادة لمدة يومين .. فان المخ سوف يسجل ساعة نومك الجديدة . غير المعتادة
وفي الليلة التالية تحاول النوم في الوقت المعتاد من قبل , فلا تستطيع الا في نفس ميعاد النوم الاخير الذي سجله المخ كتوقيت جديد للنوم ! ( ويسمي بالساعة البيولوجية ) ..
مثال آخر : لو اعتدت كل يوم في الصباح عند الخروج من بيتك للتوجه لعملك , أن تتجه لناحية اليمين – مثلاً - , حيث اتجاه طريقك نحو عملك ..
فان المخ سوف يسجل عنده انك فور خروجك من بيتك تتجه لليمين .
فان خرجت في يوم إجازة .. للتوجه لمشوار يتطلب الدخول ناحية اليسار , بعكس المعتاد .. فان لم تكن منتبها تماماً فان العقل سيقود رجليك للاتجاه المعتاد – لليمين - ! وليس لليسار - ! ..
ومثلما يسجل المخ عادات بسيطة كهذه .. .. كذلك يسجل أشياءً بلا حصر, اذا كررتها : عادات بأنواعها , طِباع بأنواعها , سلوكيات بأنواعها, نزعات بأنواعها , نزوات بأنواعها, رغبات ..انفعالات بأنواعها .. أشياء كثيرة . منها السلبي , ومنها الايجابي .
و لعلنا نتذكر ان الطبيب عندما نذهب لنشكو له من حالة صحيّة , كثيراً ما يسألنا سؤال : منذ متي جاءتك تلك الحالة ؟؟
لأن الطبيب يعرف ان الجسم – العقل - يسجل كل شيء عنده لو تكرر أو طالت مدته , ويدخله ضمن برامج عمله .. لذا يسألنا : متي حدثت معنا الحالة . ليعرف ان كان الجسم قد سجلها عنده وأدخلها ضمن برامج عمله .. أو لم يسجلها بعد لحداثتها .. وعليه يتخذ الطبيب احتياطاته للعلاج ..
أما لو طال وطال الوقت بشيء من تلك الحالات .. فان الجسم يزيد علي ما سجله ,عمل : " جين وراثي " للحالة ( أياً كانت ) مرض , أوإعتياد ما , أو سلوك أو نزعة أو نزوة أو انفعال ما . تشدّد , تعصب , وتشبث لشيء أو لفكرة ما , نوم عميق زائد العمق , أم نوم خفيف نصحو منه لاقل شيء ... الخ .
فان دافعت عن عقيدة ما .. لمصلحة لك فيها – أو وظيفة بها تشغلها - , أو خوفاً من أذي سيلحق بك مالم تعتنقها , أو لعقاب ستتعرض له لو انتقدها أحد في حضورك دونما دفاع منك عن تلك العقيدة – أياً كانت – , أو لمثالية منك . تجعلك تري في تلك العقيدة حِصن الحق والعدل والرخاء والأمان للمجتمع وربما للبشرية .. ! وتعتبر المساس بها سيؤدي لتصدع كل أركان الكون .. فينتابك الفزع والذعر لو مسّها أحد بالنقد !
فان تكرر منك هذا الدفاع , وبمزيد من التكرار اكتسب دفاعك نوع من العصبية والتشدد , وربما تضاعف لدرجة التهديد والوعيد للمخالف .. وربما بلغ الي حد ما هو أكثر من ذلك – استخدام العنف دفاعاً عن العقيدة .. ! - .. فان المخ سيسجل تلك الحالات , لتؤديها كلما تعرضت العقيدة لمن يعيبها أو ينقدها .. فان تكرر منك ذاك السلوك وتكرر كثيراً وطويلا .. فسوف ينشيء له العقل " جين وراثي - جين عقائدي - " .. ينتقل منك لأولادك . ومن أولادك لأحفادك ( احتمال انتقال الوراثة الجينية العقائدية , كما في الوراثة العادية .. - حسب تقديرنا - ) .
--- وعن رد الفعل العقائدي - بأنواع العقائد - .. و قفلة المخ العقائدية – أياً كانت العقيدة - . نشرنا اشارات من قبل . ضمن مقالات , منذ سنوات , نقتطفه منها :
1 - ( عندما يُكشِّر السلفي المُسلِم , والماركسي الحنبلي , والمسيحي الأصولي .. والحريديم اليهودي , والقومجي العروبجي .. عن أنيابهم العقائدية , لا يمكن التمييز بينهم ) - من مقالنا " من مدونتي - ظواهر مثيرة للقلق " منشور بتاريخ 30-4 -2018
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=597333&nm=1
2 - و من مقالنا " مصحف هيروهيتو 3 " منشور بتاريخ 27-12-2008 : .... ( 29 ) ستُضاء ظلمات عقولكم ( 30 ) يوماً بنور الجين ( 31 ) , وسوف تشهدون (32 ) ثم كلا سوف تشهدون (33 ) بأي آلاء العلم كنتم تكذِّبون (34) .
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=157683
هذا بخلاف سلسلة مقالات أخري نشرناها من قبل عن الجيناتك والمستقبل . لكننا هنا تكلما عن الجين العقائدي – أو ما اختزله دكتور زويل , بقوله " الجين المسؤول عن الدين " ..
---
ما سبق , هو سطور من كتابنا القادم " مستقبلك مع الجيناتك – ج2 " .
( الجزء 1 من هذا الكتاب منشور بالانترنت )
---
هامش * http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=122912
لينكات بعض من مقالاتنا التي نشرناها في هذا المجال منذ أكثر من 10 سنوات :
الجينوم ..1 - أيها البشر المعذبون . أبشروا فقد جاءكم الجينوم
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=175938
الجينوم – الحلقة الرابعة - / أيها البشر المعذبون أبشروا فقد جاءكم الجينوم
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=178369
ابشروا يا بشر .. بدا العمل الهام
بالجينوم
-----
من حجج المعارضين ومخاوفهم من هندسة الوراثة - الجيناتك " / مقال للكاتب محمد عبد الكريم بوسف بموقع الحوار المتمدن يوم 14-7-2024 بعنوان " الجانب المظلم للهندسة الوراثية " :
أحد المخاوف الأساسية المحيطة بالهندسة الوراثية هي فكرة الأطفال المصممين. يشير هذا المفهوم إلى فكرة اختيار الوالدين لصفات وراثية محددة لأطفالهم، مثل لون العين أو الذكاء أو المظهر الجسدي. في حين قد يبدو هذا وكأنه مسعى غير ضار للوهلة الأولى، إلا أنه يثير أسئلة أخلاقية كبيرة حول لعب دور الإله وإمكانية التمييز على أساس التركيب الجيني.
حالة المحاصيل المعدلة وراثيا، لا تستطيع النباتات نفسها تقديم الموافقة على تعديلها بهذه الطريقة. وهذا يثير تساؤلات حول الآثار الأخلاقية للتلاعب بالكائنات الحية دون موافقتها أو فهمها للعواقب.
( قد تهرب الكائنات المعدلة وراثيا إلى البرية وتعطل النظم البيئية، وتهجر الأنواع الأصلية وتسبب ضررا بيئيا. هناك أيضا مخاوف بشأن الآثار الصحية طويلة الأجل لاستهلاك الكائنات المعدلة وراثيا، حيث لا يزال المدى الكامل لتأثيرها على صحة الإنسان غير مفهوم تماما. )
( إمكانية إساءة استخدامها من قبل الحكومات أو الجهات الفاعلة الخبيثة. على سبيل المثال، هناك مخاوف بشأن تطوير الأسلحة البيولوجية باستخدام مسببات الأمراض المعدلة وراثيا. وهذا يشكل تهديدا خطيرا للأمن العالمي ويسلط الضوء على الخطر المحتمل المتمثل في وقوع الهندسة الوراثية في الأيدي الخطأ. )
( من الأسهل الوصول إلى المعلومات الوراثية للأفراد وإساءة استخدامها. على سبيل المثال، قد تستخدم شركات التأمين أو من الأسهل الوصول إلى المعلومات الوراثية للأفراد وإساءة استخدامها. على سبيل المثال، قد تستخدم شركات التأمين أو أرباب العمل المعلومات الوراثية للتمييز ضد الأفراد على أساس استعدادهم لظروف وراثية معينة.أرباب العمل المعلومات الوراثية للتمييز ضد الأفراد على أساس استعدادهم لظروف وراثية معينة. )
( قد تحتكر الشركات الزراعية الكبيرة التي تنتج بذور الكائنات المعدلة وراثيا السوق، مما يؤدي إلى مخاوف بشأن المنافسة العادلة والوصول إلى الموارد الأساسية. وهذا يثير تساؤلات حول أخلاقيات إعطاء الأولوية للربح على الصحة العامة والاستدامة البيئية )
( إذا أصبحت التكنولوجيا الوراثية متاحة فقط للأثرياء، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم التفاوتات القائمة في الصحة والرفاهة. وهذا يثير المخاوف بشأن إمكانية أن تؤدي الهندسة الوراثية إلى إدامة التفاوتات الاجتماعية بدلا من تخفيفها. )
( على سبيل المثال، يسلط الجدل الأخير حول ولادة توأمين في الصين تم تعديلهما وراثيا ليصبحا مقاومين لفيروس نقص المناعة البشرية الضوء على المستنقع الأخلاقي المحيط بتعديل الجينات البشرية. )
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=835823
تعليقات
إرسال تعليق