صحافة مفتوحة للجميع - 1


كانت الصحافة زمان , بدول الزعامات التي لا تتغير - حكر علي صحفيين محترفين . وأبعد شيء كانت تفتح بعض الصحف باباً لرسائل القراء - ما يختاره المسؤول عن ذاك الباب - كثيراً ما كنت أقرأ فيها مقالات لقراء عاديين - أشخاص غير معروفين - لا تقل عما يكتبه الكتاب المحترفون . 

أما مواجع الناس وشكاواها .. فقليلا ما كانت تنشره الصحف , خاصة ان كانت الشكوي من عسف وطغيان أحد العاملين بأجهزة السلطة ..
ولكن بعد ظهور الانترنت - ومواقع التواصل الاجتماعي . صار بمقدور كل مواطن .. أن يكتب ما يشاء . ويمنح لنفسه بنفسه حرية الرأي وحرية التعبير .. حتي ولو كتب باسم مستعار .. المهم ان صرخته تصل .. وأي طاغية صغير أم كبير , لم يعد محصناً من نشر سوءاته علي حبال الانترنت - لم تعد أسرارهم في البير . كما كانت قبل ظهور الانترنت - ... بل تطفو علي السطح , وفي أسرع وقت , وبلا رقابة تراجع وتمنع .. بل نشر علي الفور وكثيرا ما يكون ذلك بالصوت وبالصورة  باستخدام الموبايل ...

لاحظت ان كل من يستخدم الانترنت  من العامة - غير أصحاب الرأي والفكر - يمكن أن تخرج منه ابداعات في الرأي والنقد .. طبعا ليست ابداعات متواصلة من هؤلاء الأفراد .. بحكم عدم التفرغ أو التخصص أو عدم وجود موهبة الابداع .. لكن أي انسان عادي يمكن أن تأتيه لحظات تجلي , تخرج منه درة من الأقوال.أو الحكم , أو الآراء .

فاذا جمعنا تلك الابداعات المتفرقة والمتباعدة - للعامة - ستعطينا ما يمكن تسميته " ابداع جمعي .. شعبي " صحافة شعبية .. صحافة عامة  مفتوحة للجميع .. يشارك في تحريرها  كل من يشاء . كما يشاء , وبلا رقيب أو حسيب الا ما قد يرد عليه به , آخرون مثله , في المقهي - أو الشارع - الصحافي المفتوح ...وبعد انتقاء اللائق منها , المنزه عن التجاوزات اللفظية - غير المعقولة  وغير المبررة - , والتي يعج بها بحر الانترنت .. 
ولعل الايجابي من تلك الابداعات الحرة بالانترنت ,  قد أدي لتراجع نسبي , لدور الصحفي والكاتب والناقد -  المحترفين - بدليل أن الصحف الكبري - والاعلام بالفضائيات . كثيراً ما ينقلون عن تلك الصحافة العامة الشعبية المفتوحة - بالقول : " تداول النشطاء بمواقع التواصل الاجتماعي بالانترنت .. خبر كذا , أو صورة كذا , أو فيدو يعرض كذا .... " ..

  والخوف لا يزال ينتاب البعض . فالشر وحماقة محاولة ايقاف تقدم الزمن , تعمل ! بدلاً من مواكبة العصر والتعايش مع مناخه في الحرية والديموقراطية والحريات .. !


ومن مظاهر عدم اطمئنان بعض الطيور السارحة السابحة بفضاء الانترنت :
ناشطة بالفيسبوك - مثقفة مصرية تعمل باحدي دول الخليج - , غيرت اسمها الحقيقي مرتين .. مرة نقلته من الاسم الصريح بالعربي . الي اسم مستعار تكتبه بالانجليزية معناه : زهرة الصحراء ..  ولمزيد من الاحتياط , غيرت الاسم , من زهرة الصحراء ( بالانجليزية ) الي اسم آخر لا ندري معناه . اذ انها تكتبه باللغة الروسية أو بالهنغارية , أو باحدي لغات أوربا الأخري . التي لا يعرفها ربما كل من يشاركونها الصداقة علي الموقع ( اكتشفت انه باليونانية وهو لا يعني اسمها الحقيقي , الذي ترفض الافصاح عنه لأحد . بخلاف من يتذكرونه قبل التعديل الأول ! ) ....

وكذلك كاتب عراقي ليبرالي - كردي - هاجر لأمريكا , بعد قصة اضطهاد تعرض لها من السلطة في كوردستان العراق ( أعرف تفاصيلها . ودافعت عنه منذ سنوات . بأحد مقالاتي بموقع الحوار المتمدن - عندما أجبروه علي التوقف عن الكتابة  )... غير اسمه وهو يعيش في أمريكا الآن .. لاسم مستعار .. ثم عاد للاسم مع تغيير بسيط .. مما يدل علي الاطمئنان والاضطراب في ابداء الرأي بفضاء الانترنت , ليس وحسب عند المقيمين بدول الخليج , بل وعند المقيمين بأقصي غرب الكرة الأرضية - بأمريكا - .... ! .

وكاتبة - أديبة وشاعرة عراقية - اضطرت تحت تهديد عشائري - وليس من السلطات العراقية ! - الي أن تغير اسمها بحذف اسم العشيرة .. ! بسبب ما كانت تنشرة بجرأة عن الجنس - بشكل عام -. مما اعتبروه يمس شرف العشيرة ., وهددوها بالقتل ! واضطرت للزعم بانها تعيش في لندن , وناشدوا كل من يعرف عنوان سكنها في لندن أن يدلهم عليه , بعدما احتلوا موقعها بالانترنت لبعض الوقت..  فتوقفت لفترة , ثم تمكنت من استرداده , واكتفت بكتابة اسمها ثنائي لا ثلاثي - بدون اسم العشيرة - !.

ولكن تلك الحالات من موجات الجذر هي قليلة , بالنسبة لموجات المد الحر , الهادرة والشديدة الغزارة ..

------ صلاح الدين محسن    7- 10-2015

تعليقات