تجديد الخطاب الديني 1 -2



صلاح الدين محسن
31-10-2015

طال الحديث عن تجديد -  او إصلاح - الخطاب الديني , وكثرت المطالبات بتجديده - أو تطويره .. حتي وصلت تلك الدعوات والمطالبات لأعلي رؤوس السلطات ببعض البلاد المبتلاة . التي يعوزها ذاك الأمر .

الذين وجهت لهم الدعوة للاصلاح والتجديد والتطوير .. لا يرون الخطاب الديني في  حاجة لمثقال ذرة من الاصلاح , ولا لقيد أنملة من التطوير . بل يرونه باستمرار جديداً .  متجدداً متطوراً - من تلقاء نفسه - صالحاً لكل زمان ومكان ... لذا فهم لا يفهمون المقصود بالتحديد معني ما يسميه الآخرون باصلاح أو تجديد الخطاب الديني .. !


والذين لا يتوانون عن التلويح والالحاح بتلك الدعوة .. لم يقولوا لهم , كيف يكون بالضبط الاصلاح المطلوب ... وهكذا هم مستمرون في دعواهم . دون استجابة . ولا تغيير...!


فان كان ذاك الخطاب الديني قابلاً للتجديد .. وان كان القائمون عليه لديهم استعداد جاد للاستماع أو الاقتناع بضرورة وبكيفية اصلاح و تجديد الخطاب الديني .. فلعل ذلك يكون باتخاذ الخطوات والاجراءات التالية :


أولاً : الابتعاد عن تحفيظ أو تلقين أو تدريس أو تلاوة أو طباعة . النصوص الدينية التي تحض علي القتال أوالقتل - أوالتي تحرض علي ذلك - . أو النصوص التي تقضي بأحكام وعقوبات مخالفة لمواثيق حقوق الانسان الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة .. 


 ثانياً : تجنب تحفيظ أو تلقين أو تلاوة أو تدريس نصوص دينية من شأنها ازدراء من  تسميهم النصوص الدينية بالكفار والمشركين والمنافقين . فهؤلاء هم الأكثر عدداً علي مستوي العالم , وهم الأقوي والأغني , وهم من يمتلكون أهم صناعات الأسلحة الحديثة والخطيرة , وهم أهل الصناعات والزراعات والاختراعات التي لا غني عنها لغيرهم بكل العالم .. 


 هكذا أيضاً - تقريباً , ومع فارق الزمن -  كان حال من أسماهم الخطاب الديني , منذ بدايته : الكفار والمشركين والمنافقين -  قبل الاسلام , ومع بدء ظهوره , كان هؤلاء هم السادة في قريش وهم الوجهاء والحكماء والأثرياء . ومحاربتهم تسببت في حرب أهلية أريقت فيها دماء القبائل وأحرقت الكروم والنخل وأسرت النسوة واغتصبن وتم بيعهن في سوق الجواري .. ( وبنفس تلك النصوص الدينية . فعل " داعش " نفس الشيء - مؤخراً - في سوريا والعراق ) .


ونصب العداء في أيامنا مع الكفار والمشركين والمنافقين - أمريكا وأوربا - تسبب في قيامهم بتمويل  وتدريب  " داعش " وباقي المنظمات والجماعات المماثلة .. والتي فعلت الأفاعيل ودمرت عدة دول بالمنطقة .. بينما الكفار والمشركين والمنافقين - أمريكا والحلفاء - آمنون في بيوتهم .... !!

وبالتالي ليس من الحكمة ولا من السلام ولا السلامة ازدراء هؤلاء أو معاداتهم أو الاستعداء عليهم .. فليكن كل في حاله .. ويترك الآخرين في حالهم .. لكي يعيش الجميع في سلام ..

ثالثا : عدم تلاوة أو تدريس أو تحفيظ أو تلقين أو طباعة النصوص الدينية التي تحمل ازدراء النساء - أو تقلل من حقوقهن بالتساوي الكامل مع الرجال - باعتبار النساء في عصرنا يتولين قيادة أهم دول العالم - السيدة ميركل .. رئيسة ألمانيا - وقبلها وسيأتي بعدها رئيسات وراء لأرقي وأقوي وأهم دول العالم .. سواء بأوربا أو باستراليا .. مثلما  شغلت النساء مناصب وزيرات الخارجية والدفاع والعدل .. بالعديد من كبريات دول العالم  .. كما شغلت النساء لأكثر من مرة مناصب مستشار الأمن القومي للدولة الكبري التي تتحكم في أمن العالم عسكريا واقتصادياً  " أمريكا " - السيدة مادلين فولبرايت , والسيدة كوندوليزا رايس - وشغلت 3 نساء منصب وزير الخارجية الأمريكية - هيلاري كليتون - بالاضافة للسيدتين السابق ذكرهما كمستشارتين للأمن القومي .
ومن الدول التي تولت النساء رئاستها : في الهند   : السيدة " أنديرا غاندي "  , وباكستان - السيدة " بينازير بوتو " و في سيريلانكا . السيدة " سيريمافو باندرانيكا " وفي بنجلاديش السيدة " الشيخة حسينة مجيب الرحمن " وفي بريطانيا السيدة : مارجريت تاتشر -  وعرفت في العالم بلقب " المرأة الحديدية " .. 
وأول من حصل مرتين ..علي أرفع جائزة دولية - جائزة نوبل  - مرتين في مجالين مختلفين - ليس واحداً من بين الرجال . وانما هي واحدة من النساء : ماري كوري ..

هذا هو  وضع النساء حاليا .. بالاضافة لوضع النساء قبل الاسلام في عقر  مهد الاسلام - الجزيرة العربية . مكة والمدينة . كانت النساء شاعرات مجيدات وفارسات ,  وسيدات بين القوم . وسيدات أعمال . تجاراتهن تسافر من الحجاز للشام , ويستأجرن رجالاً أجراء عندهن للسفر للشام بالتجارة - كالسيدة خديجة بنت خويلد .. التي استأجرت الشاب محمد بن عبد الله . ثم خطبته وتزوجته - هي التي خطبته - ( محمد النبي - فيما بعد ) .


هذا هو شأن النساء قديما كما هو حديثاً .. 


فلعله من غير اللائق أن تحوي نصوص دينية , لديانة من الديانات , أسوأ ازدراء للنساء , وتقلل من قيمتهن وتحط من شأنهن . وتحكم بدونيتهن في الحقوق - بأقل من الرجال !!

ومن غير المعقول أن يتم طباعة تلك النصوص الازدرائية غير العادلة . أو تلاوتها أو تدريسها بمعاهد العلم أو القائها بالمحافل علي مسامع الناس جهاراً نهاراً .... ! .


ومن غير المفهوم , أن يكون الخطاب الديني يزدري الجميع , ويطالب الجميع بعدم ازدرائه .. ! ويرفع القضايا وينصب المحاكم لمن يزدرونه . ويطالب باهدار دمائهم  !


أي لا بد من الاصلاح - علي النحو الذي  ذكرناه - حتي يخلو النص الديني من ازدراء أحد , وبالتالي لا يزدريه أحد ..

والي الحلقة الثانية من " اصلاح الخطاب الديني " 

 

-----   

تعليقات