من نصوص الأهرام - ومومياء سيتي الأول

من موقع  مكتبة كميت لعلم المصريات
الفيسبوك يوم 16-5-2020
"هذا أوناس قد أتى... جناحيه قد نما وغطيا بالريش كجناحي الصقر.
لقد أحضرته ( باؤه )
لقد أعده ( سحره )
فلتفتح مكانك بين النجوم في السماء."
نصوص الأهرام
245.250-251
عندما تزور الأهرامات فأنت تمشي على أرض مقدسة .. حرفيا و بكل ما تحملة الكلمة من معنى فهنا مدافن أبائك وأجدادك، هم فكروا فى الحق والخلود قبل الرسالات بآلاف السنين ولا شئ على الإطلاق ولا حتى اختلاف العقيدة سببا لنزع تلك القدسية عن مقابر آباؤك وأجدادك... لا شئ سوى العقوق البين والجحود الصرف. هنا الاهرامات ومعابدها هنا مدافن الملوك والنبلاء والعامة تعبر عن المفهوم المصري الفريد عن الموت. فالموت عند المصريين كان مجرد ( تحول ) آخر مجرد مرحلة طقسية/شعائرية للمرور من الحياة الدنيا للحياة الاخرة وقد خلد المصريون مرورهم للحياة الاخرى ربما أكثر من أى شعب آخر. فعلى عكس ما هو شائع... فهؤلاء قوم أحبوا الحياة حقا، يكفي أن تقرأ أغاني وقصائد الحب والغزل الصريح في مصر القديمة لتعرف لأي مدى أحب هؤلاء القوم الحياة لذا لم يكن الموت النهاية، فقط ( تحول ) آخر في الدورة الطبيعية للحياة. وذلك ( التحول ) حالة تعتمد في المقام الأول على جاهزية المقبرة والاستعداد للموت، وكذلك معاملة الجثة. هل تذكر حديث الأمس عن متطلبات الارتقاء والخلود عن المصري القديم؟ ظننت أن الخلود سهل المنال؟ ظننت أن الرحلة الي النجوم ستكون سلسة و خالية من المعوقات؟! بعض تلك المتطلبات هى أشياء مشتركة بين كل البشر كالاسم مثلا ( رن ) فللاسم قوة سحرية كبيرة فى مصر القديمة وهو أحد العناصر التي تشكل او تساهم فى وجودك كانسان، و تقول العالمة ( جوان فليتشر ) انه كان من الشائع أن تسمي الأم المولود إسما سريا لا يعرفه سواها لتفادي استخدامه لإيذاءه بواسطة السحر. كذلك الجسد احدى تلك المتطلبات المشتركة بين كل الناس كان يسمى الجسد ( خت ) أو ( إرو ) ( الهيئة ) أو ( المظهر ) و الجثة تسمى ( خات ) و بعد ( التحول ) لمومياء تصبح ( ساح ) و للكلمة الاخيرة جذور استخدمت بمعنى ( النبل- التصرف بنبل). اذا مقبرة محكمة الاغلاق، معدة بكل العدة و المتاع و الطعام والشراب، الاسم، و التحنيط. الان... دعني أنسف لك كل ما اعتقدت انك تعرفة عن التحنيط!
فلم يكن الهدف من التحنيط هو الحفاظ على الجسد كما كان أثناء حياته، ولكن كان التحنيط هو عملية ( تحويل ) الجثة الى جسد جديد ملئ بالسحر و مغلف بالراتنج ولفائف الكتان.
من الآراء المشهورة أن أصول التحنيط تعود لصدفة في عصر ما قبل الأسرات، حيث تم الدفن فى حفرة بسيطة فى رمال الصحراء و التي لاحظ الأفراد أن تفاعلها مع الجثة يحافظ عليها من التحلل، وهذا صحيح. إذا لم بدأ المصري القديم خلال فترة قصيرة وبحلول قيام الدولة المركزية بتطوير هيكل المقبرة، ليفصل الجثة عن الرمال سامحا لها بالتحلل والتاكل؟ و بدات بالتزامن أولي الخطوات نحو التحنيط حيث يتم بعد ذلك تجميع ولف أجزاء الهيكل العظمي بالكتان، حيث تم اكتشاف ذراع ملفوفة بالكتان وترتدي أربعة سوارات فى مقبرة الملك ( جر ) - أسرة 1- في أبيدوس. الان دعني أهديك ما أهدتني اياة أستاذتي يوما ما " لا سبيل لك لفهم عقائد وفكر وفلسفات مصر القديمة بدون ان تراها من خلال أعين أوزوريس وايزيس) تقول القصة أن أوزير هو أول من قام من الموت، هو ( إمام الغربيين ) و قصته كانت هي نواة الفكر المصري ف ( ست ) لم يكتفي بقتل ( أوزير ) بل مزق جسده كذلك، و طورت سيدة السحر قوة سحرها متحدية الآلهة الأخرى و جمعت اشلاء المحبوب بسحرها - اذا لكي تنهض من الموت كأوزير فيجب أن تتمزق أوصالك كأوزير ) هل بإمكانك أن ترى ذلك الان؟ فواقع الأمر ان التحنيط قد نبع من فكرة معاكسة تماما لفكرة منع تحلل الجسد، فقد وجد العالم (پتري ) أدلة طرحت أنه و منذ عصر ما قبل الأسرات كان هناك أفراد يستعدون ل ( مرور الموت ) بالسماح للجسد أن يتحلل من ثم يتم إعادة تجميع أجزاء الهيكل العظمي و تحويلها الى ( ساح ) مومياء فى مظهر يشبة الدمى، تماما كما فعلت ايزيس بجثة أوزوريس. الاكتشافات في مقابر النبلاء بميدوم من بداية عصر بناة الأهرام تظهر لنا ان طقوس تقطيع الاوصال و إعادة تجميعها تم ممارستها على جثث الأفراد الأهم والأقوى في البلاد و استمر ذلك الطقس حتى الدولة الوسطى - والتي كانت أوج العقيدة الأوزيرية- و لمدة طويلة خلالها كذلك.
حسنا، بحلول الآن يجب ان تكون قد تحدثت مع السيدة الوالدة لتتأكد انها لم تعطك اسما سريا آخر عند ولادتك، فذلك قد يعقد الأمور كثيراً. وأيضا عليك أن تؤكد على الكهنة انك ترغب فى تحنيطا أوزيريا أصليا فلا سبيل ل ( تشغيل الدماغ ) هنا فكما تعرف، يمكن لذلك ان يعقد الأمور كثيراً. أيضا خصص بعضا من الوقت للمرور على المقبرة ومتابعة سير العمل و تأكد ان معدومي الضمير هؤلاء – العمال – تأكدوا من عزل غرفة الدفن تماما عن بقية المقبرة ولا سبيل اليها سوى الباب السحري فى الجدار، فيجب أن تُفصل ال ( كا ) تماما عن ال ( ساح ) حتى تعود ال ( با ) من رحلتها ليحدث ( التحول ) فكما تعرف .. يمكن لذلك ان يعقد الأمور كثيراً. ... اه... ماذا؟، لم أحدثك عن ال ( كا ) و ال ( با ) بعد؟! هل ظننت أن بإتمام دفنك انتهى كل شئ؟ كلا يا صديقي ... لقد بدأنا للتو رحلتنا نحو الخلود. و لكن تلك قصة للغد.
الصورة: مومياء المبجل سيتي الأول.
إبن الملك رمسيس الأول
ووالد المعظم رمسيس الثاني.
====

الأب الأعظم في التاريخ البشري قاطبة.
#الارشيدوق

تعليقات