السحر عند القدماء

منقول من الفيسبوك يوم 15-12-2010
سحر بالقبطي 5

Micho Makeen إلى النصوص السحرية القبطية Coptic magical texts
السحر القبطى ( 5 )
( تابع ) أغراض السحر فى المتون السحرية القبطية
رابعا : اللعنات Curses :
إذا جاز لنا أن نطلق علي ما سبق من أغراض سحرية مسمي ( السحر الأبيض ) أو ( السحر العلوى ) ، فإن لدينا نوعا آخر من السحر هو ( اللعنات ) أو ما يمكن تسميته ( السحر السفلى ) و ذلك بالنظر إلي ما يستهدفه من إلحاق الضرر بآخرين سواءا عن حق أو بالباطل .
و يمكننا بوجه عام أن نميز ما بين نمطين من السحر السفلى فى المتون السحرية القبطية :
1- سحر يستهدف الإنتقام من أشخاص أشرار أو كف أذاهم عن ( العميل ) ، و يتميز هذا النوع من المتون غالبا بأن صيغة الحديث فيه تكون موجهة إلي الله أو الملائكة و الكائنات العلوية ، و تكثر فيها الإستعانة بنصوص من التوراة و الإنجيل كما سنري .
و فى الغالب يكون النص مصحوبا بتحذير صريح للساحر من إستخدامه ضد أبرياء ، و هو ما نجده فى كتب السحر العربية بالصيغة المعتادة ( ..فإتق الله و لا تفعله لغير مستحقه )
2- سحر إيذائى موجه ضد أبرياء ، و هذا النوع يعتمد غالبا علي الإستعانة بكائنات شيطانية لإتمام العمل ، كما ترافقه طقوس معينة - ذات طابع جنسى - يؤديها الساحر أثناء التلاوة .
و فى الدراسة الأكاديمية لنصوص اللعنات يطلق علي الشخص المستهدف بالإيذاء مسمي ( الضحية victim )
و فى هذا البوست سنستعرض نموذجين من اللعنات الموجهة ضد أشخاص أشرار ( كما يزعم النص ) ، الأول منهما محفوظ فى جامعة ميونيخ بألمانيا ، و الآخر فى مكتبة جامعة كامبردج ببريطانيا .
يبدأ النص الأول ب 6 سطور من اللغة العربية المكتوبة بحروف قبطية بنظام التهجئة Transliteration ، و التى تبدأ بالبسملة الإسلامية ، مما يشير
أولا : إلي تأثيرات لغوية مبكرة ما بين القبطية و العربية سبقت حتي الكتابات الأدبية ،
و ثانيا : إلي إحتمالية أن تكون ( العميلة ) أو ( الضحية ) أو كلاهما من خلفية إسلامية .
و قد أرجع العالم ( والترز كرام ) هذا النص إلي القرن التاسع الميلادى علي وجه التقريب ، و هو عبارة عن لعنة موجهة ضد المدعو ( غريب ) ابن ( ست الكل ) لصالح إمرأة متضررة منه تسمي ( زيجار ) ، و فيما يلى ترجمة عربية لمتن النص المحفوظ تحت رقم
( Cambridge University Library T. S. 12,207 )
( بسم الله الرحمن الرحيم!!
فليربط لسان ( غريب ) ابن ( ست الكل ) حتي لا يستطيع بعد ذلك أن ينطق بكلمة ، فليربط لسانه لأجل ( زيجار ) ابنة السيدة ؟ بقوة هذه الأسماء ، آمين .
( ثم تأتى هنا بعض الأشكال السحرية ، ثم : )
الله الذى ربط السماوات و الأرض فليربط فم و لسان ( غريب ) ابن ( ست الكل ) حتي لا يستطيع تحريك شفتيه أو ينطق بكلمة شريرة ضدك ...الإبنة و خادمة السيدة ( زيجار ) أمام ( غريب ) ابن ( ست الكل )
الله الذى ثبت الشمس فى مكانها ، و الذى ربط القمر ، و الذى ربط النجوم ، و الذى ربط الرياح فى وسط السماء ..
أيها الرب الإله : فلتربط فم و لسان ( غريب ) ابن ( ست الكل ) حتي لا يستطيع أن ينطق بكلمة شريرة ضد ( زيجار ) ابنة السيدة ؟
إنى استحلفك !
إنى استحلف الصوت الذى ارتفع من علي الصليب حتي انفكت الأختام السبعة بواسطته . ) انتهي
ملاحظات :
1- الإشارة إلي ( الصوت الذى ارتفع من علي الصليب ) يقصد بها الكلمات السبعة التى نطق بها السيد المسيح و هو معلق علي الصليب بحسب ما ورد فى الإنجيل ، و هذه الكلمات السبع هى أحد ( الكلمات السحرية voces magicae ) الشائعة الإستخدام فى السحر القبطى .
2- الأختام السبعة هى تلك المشار إليها فى الأصحاح الخامس من ( سفر الرؤيا ) بالعهد الجديد ، و أحيانا ما تستخدم للإشارة إلي الأبواب السبعة للجحيم و التى كسرها المسيح بعد نزوله عن الصليب .
3- اللعنات التى تستهدف ربط لسان الضحية و تعجيزه عن الحديث هى أحد اللعنات الشهيرة التى كان أجدادنا قدماء المصريين يخشونها كثيرا ، و ذلك خوفا من أن يعجزوا عن الدفاع عن أنفسهم أمام المحكمة الأوزيرية، و لذلك احتوي كتاب الموتي علي عدة فصول تسمي ( فصول فتح الفم ) ، و فى كتب السحر العربية تسمي هذه التعويذة بإسم ( عقد اللسان )
أما النص الثانى فهو لعنة موجهة من أرملة ضد المدعو ( شنودة ) ابن ( بامين ) ، و هو نص شديد الأهمية إذ ينتهى بملحوظة طقسية هامة تشير إلي أن البردية التى حملته قد تم دفنها بجوار ( مومياء ) داخل مقبرة ، و لنا عودة للحديث عن هذا الموضوع عندما نتعرض لشرح ( ممارسات السحر القبطى ) ، و يتميز هذا النص بإشاراته المتكررة إلي قصص وردت فى التوراة و الإنجيل .
و هذا النص محفوظ فى بردية تحت اسم ( Munich Coptic Papyrus 5 )
ترجمة النص :
( أنا أرملة فقيرة ذات أطفال أيتام و ..محترق فى يدى ، مع 9 أطفال ، كلنا - فى تنهيدة واحدة - نتضرع إلي الآب والابن والروح القدس الثالوث المساوى، لعله يستمع و ينعم علي بالعدل سريعا ضد هذا الرجل الذى يرتكب الشرور ضدى .
ألقى همومك علي لأنى أبو الأيتام و قاضى الأرامل ..
يا الله ..بحق الأطفال اليتامي.. أتضرع إليك : فلتأت بالعدالة سريعا .
أنت يا من صنعت الإنسان الأول آدم..
يا من نظرت إلي قربان هابيل بكرامة و اعتبار..
يا من توجت اسطفانوس كأول الشهداء..
يا من أنقذت نوح من الطوفان..
يا من أخرجت لوط من سدوم و أنقذته..
يا من أخرجت دانيال من جب الأسود..
يا من أعطيت أيوب القوة ليتحمل كل محاربات العدو له حتي هزمه بإحتماله..
يا من تحب الصديقين و يحبك الصديقون..
إنى أستحلفك ، يا أيها الجالس علي مركبة الشاروبيم..
يا من يقف السيرافيم أمامك ألوف ألوف و ربوات ربوات من الملائكة و رؤساء الملائكة ( جزء مفقود ) و بإثنين يغطون وجوههم و يطيرون بإثنين، هاتفين واحدا تلو الآخر : قدوس ( 7 مرات )
إنى أستحلفك بالبكاء أن تأتى لى بالعدالة سريعا ضد ( شنودة ) ابن ( بامين )..
فلتضربه كما ضربت 185 ألفا من جيش الأشوريين فى ليلة واحدة..
فلتجلب عليه الحمي و الرعشة و الصفراء..
فلتجعل أعداءه يفتحون عليه أفواههم..
فليهرب من طريق واحدة بينما يطارده أعداءه من سبعة طرق..
فلتجلب عليه ( جزء مفقود ) لتنصفنى.
تعليمات طقسية :
إن المومياء التى ستوضع عليها هذه الطلبة للإنتقام ستتضرع ليلا و نهارا إلي الرب من مرقدها إلي الأرض التى هى مدفونة فيها مع باقى المومياوات التى ترقد حول هذه المقبرة ، كلهم سيصرخون - بصوت واحد - بما هو مكتوب فى هذه البردية حتي يستجيب الله و يأتى لنا بالإنصاف سريعا .) انتهي
ملاحظات :
1- الشاروبيم و السيرافيم هما الرتب العليا للملائكة فى التقليد اليهو- مسيحى ، و هما الرتبتان الأقرب إلي الحضرة الإلهية .
2- أغلب الإشارات القصصية الواردة فى التعويذة هى مأخوذة من قصص الأنبياء الواردة فى العهد القديم ( التوراة ) ، فيما عدا الإشارة إلي القديس أسطفانوس و التى تنتمى لسفر أعمال الرسل بالعهد الجديد.
3- يلاحظ هنا الشبه الكبير ما بين هذه التعويذة و ما بين النصوص الليتورجية ( الصلوات ) المسيحية المعتادة ، و لولا التعليمات الطقسية التى انتهي بها النص لما عرفنا أننا أمام نص سحرى .
( يتبع فى البوست القادم )

Micho Makeen إلى النصوص السحرية القبطية Coptic magical texts
السحر القبطى ( 6 )
( تابع ) اللعنات Curses :
تعاويذ الربط الجنسى Binding spells
فى هذا البوست نستعرض أحد النصوص السحرية الشهيرة التى تندرج تحت بند ( سحر الربط الجنسى للرجال ) ، و هى نص المعهد الشرقى بشيكاغو رقم 13767
( Chicago Oriental Institute 13767 )
و هى نص وجد مدونا علي وجهى ورقة مطوية عدة مرات ، و يعتقد بأنها كانت تعمل بدسها تحت عتبة الشخص المراد ربطه ، و هو شخص يدعي ( فاراو ) ابن ( كيرانباليس ) .
و فيما يلى نقدم أول ترجمة عربية لهذه التعويذة :
الوجه الأول recto :
يا من تربط السماء
يا من تربط الأرض
يا من تربط الهواء
يا من تربط جلد السماء
يا من تربط نجوم الثريا
يا من تربط الشمس
يا من تربط القمر
يا من تربط الطيور
يا من تربط خاتم الآب ؟
بالرباط الذى ربط به يسوع المسيح علي خشبة الصليب
برباط الكلمات السبع التى نطق بها ( اليوسيس ) فوق رؤوس هؤلاء المبجلين الذين أسماؤهم :
Psuchou - Chasnai - Chasna - Ithouni - Anashes - Shourani - Shouranai
فليأتى هذه الرباطات علي قضيب ( فاراو ) و علي جسده ، فلتجعله جافا كخرقة ملقاة فوق كومة سماد..
دع قضيبه لا يصبح صلبا أو ينتصب..
دعه لا يستطيع القذف..
دعه لا يستطيع الجماع مع ( تواين ) ابنة ( كامار ) أو أى إمرأة أخري سواءا أكانت برية ( أى ليست زوجته ) أو مستأنسة حتي أدعوه بنفسى ..
و لكن فليجف قضيب ( فاراو ) ابن ( كيرانباليس ) حتي لا يستطيع أن يجامع ( تواين ) ابنة ( كامار ) ، و ليصبح مثل جثة راقدة فى مقبرة..
فليعجز ( فاراو ) ابن ( كيرانباليس ) عن الجماع..
الوجه الثانى verso :
مع ( تواين ) ابنة ( كامار ) ، العجل العجل ، الساعة الساعة
و فى نهاية النص تظهر بعض ( الأشكال السحرية figurae magicae )
ملاحظات :
1- يلاحظ هنا الطابع المسجوع للتعويذة و الذى يظهر فى تكرار الكلمة القبطية ( مور ) = ربط أكثر من 10 مرات فى بداية التعويذة ، و هى سمة مميزة للمتون السحرية عموما بإعتبارها - فى الأصل - متونا شفهية غير مدونة يتم ترديدها بواسطة الساحر نفسه أو العميل مما يتطلب سهولة حفظها و ترتيلها .
2- فى المتون السحرية القبطية يظهر نوعان من ( الشحن ) لقوة التعويذة بالكائنات الماورائية ( ملائكة أو شياطين أو أيونات..إلخ ) ، الأول منهما هو أسلوب ( المماثلة ) ما بين الوظيفة التى يؤديها الكائن الذى يتم إستدعاؤه و ما بين الغرض السحرى المطلوب منه .
و فى هذه التعويذة تظهر هذه المماثلة فى الربط ما بين وظيفة الخادم ( ربط السماوات و الأرض و الشمس..إلخ ) ، و ما بين الغرض المرجو ( ربط قضيب الضحية )
3- كوكبة الثريا Pleiades هى أحد أهم ( الكوكبات النجمية Constellations ) لنصف الكرة الشمالى ، و هى كوكبة شائعة الظهور فى السحر القبطى و الأدب القبطى علي السواء .
4- الجلد firmament هو مادة سماوية افتراضية ورد ذكرها فى قصة الخلق الأصحاح الأول من سفر التكوين ، و يفترض بأنه يمثل غلافا عازلا يفصل ما بين المحيط السماوى و ما بين مياه البحار و المحيطات .
و للحديث بقية،

تعليقات