تنوير 4 - ج 2-5



 تنوير 4 - ج 2
صلاح الدين محسن
نشر بموقع الحوار المتمدن  6-29 2017

أخفق التنوير ببلاد الشرق الاوسط , لأن من أطلقوه – وصاروا رموزاً ورواداً أوائل , هم من رجال الدين , والمدني الوحيد – قاسم أمين – استند علي أكتاف اثنين منهم : الأفغاني , ومحمد عبده -
أما مفكرو ورواد التنوير بأوروبا , فلم يكن بينهم فقهاء دين من الأديان .  بل كنت أشغالهم كالآتي :
فولتير : كاتب مسرحي ، فيلسوف                                                     
    
جان جاك روسو :                                                                       
      فيلسوف،  وعالم نبات ، وملحن ،  ومصمم رقص،  وكاتب،  وعالم موسيقى،  وأديب،  وموسيقي،  وروائي،  وكاتب سير ذاتية،  ومُنظر موسيقى،  وتربوي،  وعالم طبيعي،  وكاتب مسرحي

ديفيد هيوم :  فيلسوف واقتصادي ومؤرخ اسكتلندي                                    

ايمانويل كنت : فيلسوف ألماني                                                                -----                                                                                          
        و فرنسا كانت تخلو من " العروبة والاسلام "  - لا مجتمعين , ولا منفردين – " ونظن هذا في حد ذاته , كان كفيلاً بنجاح التنوير في فرنسا , وانتقاله لباقي دول أوروبا ..

وجنسيات هؤلاء التنويريين الغربيين الأربعة هي :
فولتير :  فرنسي
روسو :  سويسري
هيوم :  اسكتلندي  
ايمانويل كينت : ألماني
--
لعل اللجاجة التنويرية التي وُضِعت أساساً للتنوير الشرقي , هي من أهم أسباب ذاك الاخفاق والتعثر حتي التقهقر والانحدار نحو المزيد من العتمة التي تحياها بلاد وشعوب المنطقة الناطقة بالعربية , اليوم  في عصرنا هذا ..
وكان رائد وزارع اللجاجة التنويرية هو الفقيه الديني " الشيخ محمد عبده " . الذي عاد من باريس ليقول , مقولة مخادعة مراوغة . لا تزال براقة في أعين الكثيرين , حتي الآن .. !
انها مقولة " رأيت في فرنسا , اسلاماً بلا مسلمين , وهنا مسلمين بلا اسلام " ...
!!!
فتري : أي اسلام رآه ذاك الرجل في فرنسا ؟!؟
 هل رأي الحجاب والنقاب لهما ثمة وجود هناك وقتذاك ؟
هل رأي في فرنسا , قتل المرتد عن العقيدة الدينية ؟!
هل رأي الفرنسيين ينطقون الشهادتين الاسلاميتين , ويكثرون من الصلاة علي النبي ؟
 هل رأي جلد الزانية والزاني ؟
 هل رأي قطع يد السارق في فرنسا ؟
  هل رأي الشيخ محمد عبده ,الفرنسيين يصومون رمضان , وتصدر الأوامر باغلاق المطاعم والمشارب , وتغريم المخالف , ومعاقبة المجاهر بالافطار في رمضان .. !؟
كل تلك الأشياء لم يكن لها وجود في باريس , وقتما زارها الشيخ  ..
 !!
فهل يكفي لكي يكون الفرنسيون مسلمين , وان لم ينطقوا الشهادتين , وان لم يصلوا وان لم بصوموا, لمجرد أن ينظفوا شوارعهم , وتتسم تعاملاتهم بالصدق وبالجدية وبالأمانة .. ؟!
تلك قيم حضارية مدنية تعرفها شعوب العالم المتحضر قبل التاريخ الميلادي بآلاف السنين , قبل ظهور الأديان الشرق أوسطية الثلاثة الشهيرة ب السماوية .
 لكن الجملة التي قالها الشيخ محمد عبده .. فيها حلاوة وطلاوة لغوية شهية .. يلتهمها كل من يقرأها أو يسمعها وبدون تفكير ..
فلم يثمر التنوير .. الا أن الشيخ عبده , لا يزال رائداً تنويرياً في أعين الكثيرين .. وعلي طريقه يسير تنويريون حتي الآن .. !

(( الجدير بالذكر انه , قبل الشيخ محمد عبده  ب 848 عاماً – قرابة تسعة قرون من الزمن - , قال التنويري الخالد " الفيلسوف والشاعر " أبو العلاء المعري " - 973 -1057م - :
عجبت لكسري وأشياعه    وغسل الوجوه ببول البقر
وقوم أتوا من أقاصي البلاد    لرمي الجمار , ولثم الحجر
وقول النصاري , إله يضام , ويصلب حياً ولا ينتصر
  فواعجاً من مقالاتهم .. أيعمي عن الحق كل البشر ))
--
وأيضاً من واصلوا التنوير , بعد الطهطاوي والأفغاني ومحمد عبده , - و قاسم امين - .. جعلوا من التراجع التنويري "  سُنّة " يُستنٌ بها من بعدهم .. ! فقلدهم في تراجعهم , آخرون , فيما بعد ..
كل هؤلاء التنويرين المتراجعين , أيضاً دراستهم دينية أزهرية .. وهم  :
الشيخ علي عبد الرازق – عضو لجنة كبار علماء الأزهر -  , وطه حسين – من خريجي الأزهر - , و خالد محمد خالد – خريج كلية الشريعة بالأزهر - ..

  فكان طبيعياً ألا يثمر التنوير . حتي الآن عام 2017 . بعد مضي :
141 عاماً علي وفاة  رفاعة رافع الطهطاوي
 120 عاماً علي وفاة  الأفغاني
112 عاماً علي وفاة الشيخ محمد عبده
109 اعوام علي وفاة  قاسم امين
51 عاما . علي وفاة علي عبد الرازق   1888 - 1966
 44 سنة علي وفاة طه حسين    1889 : 1973
 21 عاماً , علي وفاة خالد محمد خالد   1920م –    1996م )
كل تلك الأعوام مضت ( ما بين 140 : 21 عاماً ) علي وفاة هؤلاء التنويريين ... 
وازداد الظلام حُلكة .. !!

وكل من جاءوا بعدهم , تأثروا بالبيئة التنويرية التي أسسوها . بتنوير قائم علي , ما بين التحويم الخجول , المتهافت – واللجوج – أو علي الكر الذي يعقبه اسراع بالفر . 
ولعل التنوير المباشر المستقيم , قد بدأ في عصرنا عام  2000  .. – مع مطلع القرن الواحد والعشرين - وتكاثر حاملو مشاعله بسرعة حيث ساعدهم عصر الانترنت – الفيسبوك , وجوجل . واليوتيوب , وغيرها . فكثرت وانتشرت المواقع العلمانية واللاعقائدية ..
ولكن إرث الطبيعة العرجاء للتنوير – بالرواد السابق الحديث عنهم – في القرنين التاسع عشر والعشرين – بالاضافة لأوضاع ومخططات السياسة المحلية والاقليمية والدولية . تبطل او تعرقل فاعلية جهود التنويريين الجُدد , فتحول دون إحداث التغيير والتقدم الذي حققه التنويريون في دول الغرب , بقيام الثورة الفرنسية علي مشاعل افكارهم ..
لذا لا خطو للأمام بفعل التنوير العصري , رغم تكاثر وانتشار فرسانه من كل دول المنطقة , والظلام يخيم أكثر وأكثر
بفعل داعش – وممولوها محلياً وعالميا – داعش التي لا تدينها المؤسسة التعليمية التي تخرج منها كل التنويريين الرواد الأوائل – السابق ذكرهم – بل تبارك الدواعش في السر , وفي العلن ترفض تماماً ادانتهم .
بعكس ما حدث من التنوير بالغرب , الذي تفجرت انواره من فرنسا – كما ذكرنا -  بقيام الثورة الفرنسية عام 1789
....
في ج3 من سلسلة مقالات تنوير 4
سنجيب عن سؤال : ماذا يجب علي التنويري أن يفعل , لو سئل في قضية من القضايا , أو في نقطة من نقاط كتب فيها من قبل , هو أو غيره ؟ اذا اكتفي التنويريون بما وفروه من المواد , وعكفوا علي بحث كيفية الخروج من ورطة اخفاق التنوير في الشرق الناطق بالعربية , ونجاحه في بلاد الغرب 
وها هو ج 3 - موجود علي هذا الرابط :
http://salah48freedom.blogspot.ca/2017/06/4-3.html

=====


تعليقات