تنوير 4 - جزء 1 - 5



تنوير 4 -  جزء 1
التنوير بين الغرب والشرق
صلاح الدين محسن

نشر بموقع  الحوار المتمدن 2017 / 6 / 23
-----
في أوروبا  كان أهم فلاسفة ومفكري عصر التنوير هم  :
فولتير , جان جاك روسو , ديفيد هيوم , ايمانويل كنت
وجميعهم قاموا بانتقاد مؤسسات الكنيسة والدولة القائمة.
((  من هنا نفهم أن التنوير كان يسير علي ساقين , لا ساق واحدة : وجميعهم قاموا بمهاجمة مؤسسات الكنيسة والدولة القائمة ))

ختم " إيمانويل كانت " , هو فيلسوف ألماني  (1724 - 1804). عصر التنوير وجسده خير تجسيد بتوازنه الصارم وحسه الأخلاقي العالي المستوى

جهود هؤلاء التنويريين أثمرت .. بقيام الثورة الفرنسية التي استمرت عشر سنوات من 1789 : 1799 .. حاملة معها مباديء الحرية و العدالة والمساواة والعلمانية   ..
نعم أثمرت جهودهم .. أي ان التنوير لم يكن مجرد " ساقية مفسودة  ".. تدور وتدور , دون استخراج ماء , فيزداد البوار ويتفاقم سؤ الحال ..

فولتير , و جان جاك روسو , توفيا في عام واحد : 1778
أي أن الثورة الفرنسية – 1789 - قد قامت بعد وفاتهما ب 11 عام  فقط
فولتير 20 فبراير 1694 –  30 مايو 1778  ,  
روسو :  28 يونيو 1712 - 2 يوليو 1778
و " ديفيد هيوم " قامت الثورة بعد وفاته ب 13 عام - مولود عام 1711 - توفي في 1776
أما " ايمانويل كنت  " 1724 - 1804  فكان محظوظاً لأنه عاش حتي عاصر قيام النور والحرية  " الثورة الفرنسية " , وامتدت حياته بعد قيامها حتي 15 سنة , فشاهد ثمار جهوده التنويرية ---
( فولتير – فرنسي - . جان جاك روسو – سويسري - , هيوم – اسكتلندي – ,  إيمانويل كانت – ألماني - )

فماذا عن رواد التنوير – الاوائل -  في الشرق الاوسط وشمال افريقيا - وجميعهم ولدوا بعد الثورة الفرنسية , وزاروا باريس -  ؟
الجواب :  لم تثمر جهودهم اية ثمار , ولا جاء النور , لا في حياة أي منهم , ولا بعد الممات  منذ قرابة 150 سنة.. :
رفاعة رافع الطهطاوي :  1801 : 1873
جمال الدين الأفغاني (1838  أفغانستان – 1897 استانبول , تركيا )
الشيخ محمد عبده  1849 : 1905   مصر
قاسم أمين    1865 : 1908  بالقاهرة

مضي علي رحيل هؤلاء – أهم رواد التنوير – الاوائل -  حتي هذا العام 2017 :
141 عاماً علي وفاة  رفاعة رافع الطهطاوي
120 عاماً علي وفاة  الأفغاني
112 عاماً علي وفاة الشيخ محمد عبده
109 اعوام علي وفاة  قاسم امين
النتيجة الآن في عام 2017 م ( تحت الصفر ) بينما حدث التنوير بالفعل في فرنسا وامتد النور والحداثة والحرية والعلمانية , الي دول أوروبا , ودول أخري بالعالم ,,
فتنوير هؤلاء الرواد - الشرقيون  - ( وتلاميذهم الذين جاءوا بعدهم , وحتي التنويريين الذين ظهروا في الربع قرن الأخير .. ) لم يعط ثمة ثمرة .. ليس هذا وحسب .. بل الكارثة تتجسد في أن الإظلام والظلام قد امتد وتمدد

فلماذا لم تتنور , ولم تنهض أية دولة اسلامية ناطقة بالعربية إطلاقاً .. ولا نهضت الغالبية العظمي من الدول الاسلامية الناطقة بغير العربية – التي حافظت علي لغاتها القومية الأصلية - ... و كل تلك الدول تعيش علي الانتاج الحضاري الحديث لدول الغرب التي أنارتها الثورة الفرنسية , التي اشعلها رواد التنوير الأوائل – الأبرز – روسو , فولتير , هيوم . كنت .. ؟؟  - .

ويا حسرة  روح " قاسم أمين " في مرقده . لو علم  انه بعد صدور كتبه عن تحرير المرأة بحوالي  120 سنة , كانت السيدة مقررة لجنة المرأة بالبرلمان المصري , هي البرلمانية المحجبة الاخوانية " الشيخة أم أيمن – المحامية - ..
وأن كافة المدارس التي تحمل اسم " قاسم أمين " بمختلف مدن مصر , هي مدارس للبنات – معزولات عن البنين - ! , و  التلميذات و المعلمات ومديرات تلك المدارس , جميعهن اليوم  محجبات  !!  
ودساتير البلاد وقوانينها تكرس الدولة الدينية لا المدنية
فالمرأة لها نصف ميراث , والمواطن لا يجوز له أن يبرح حظيرة دينه – اذا كان مسلماً -. بل يبقي مربوطاً في دينه كما الخروف بالحظيرة , والا فالسجن بقانون اسمه ازدراء اديان , أو قطع رقبته اذا كان في السعودية – حيث لا يجوز للمرأة قيادة السيارة , أو الخروج من منزلها الا وهي مغطاة تماماً بالملابس , من شعرها حتي قدميها – ولا يحق للمواطن الإعتراض علي الحاكم الطاغية ولا انتقاده أو كشف فساد بطانته وحاشيته . ولا المطالبة بالديموقراطية , ولا الاعتراض علي تزوير الانتخابات – بالدول ذوات الأنظمة الكاذبة الديموقراطية  - .

فلماذا نجد التنويريين في الغرب  , قد اثمرت جهودهم .  بعد مدد تتراوح ما بين 11 : 13 عام من وفاتهم , ومنهم من عاش حتي شاهد بعينه ثمار جهوده التنويرية .. وعم نور الحرية والمساوة , والرقي والرفاهية . ..
بينما ازداد الظلام عتمة بعد أكثر من 150 عاماً من جهود التنويريين في البلاد المربوطة بلغة وبعقيدة البدو ..!؟

هذا ما يجب أن يسخر التنويريون الحاليون كل جهودهم للبحث عن اسبابه , وعن الحلول وسبل العلاج ..
أما المزيد من الكتابات التنويرية .. فهو مضيعة للوقت .. ( وكما قلنا ضمن مقال سابق – عام 2013  , ووصفنا ذلك بانه  " تطبيل في المتطبل " ..
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=356203
ولكن المفكر او الكاتب التنويري , الذي كل ما يهمه من التنوير هو التواجد الشخصي بالاعلام – صحافة كان أم فضائيات ويوتيوب ..
فله ما يريد ...
ومن يتخذ من التنوير مصدراً أساسياً للدخل والعيش , وفي قرارة نفسه يود ألا ينقطع عيشه . ولابد له من الاستمرار في كتابة ما سبق أن تناوله وطرقه – هو ومعه مثله .. وقبلهم  كثيرون جداً – وطوال حوالي 150 عاماً – منذ بدأ  " رفاعة الطهطاوي " جهوده لأجل التنوير , وحتي هذا العام 2017
فهذا شأنه .. وذاك اختياره .  
أما من يبتغي ثماراً حقيقية للتنوير الذي شاخ – عمره 150 سنة ! – ولم يثمر .. لكي تنهض دول وتتحرر شعوبها - وينفض حال التنوير مثلما انفض في أوروبا , بعدما أدي غرضه وأثمر - فعليه ألا يكتب والا يتحدث ولا يتجادل الا في اسباب إخفاق التنوير وهزيمة كل التنويريين  , علي مدار قرن ونصف القرن من الزمان .. وعليه الاجتهاد لوضع الحلول العملية للخروج من الورطة ..

فماذا عما لوسُئل احد التنويريين . عن رأيه في قضية من قضايا المقدسات الظلامية المُقعِدة  والمُعقّدة ؟
هل يحجم عن الكلام ؟ أويعتذر عن الرد ؟
ام ماذا يفعل ؟
الاجابة في الحلقة التالية :
-----
هامش :
مقال ذو صلة , نشرناه منذ 4 اعوام - 2013 - نقتطف منه الآتي :
يبدو أن الكتابة - والجدل النظري -. قد استنفذا دورهما .
تلك الكتب – مؤلفات التنويريين . منذ القرن التاسع عشر . ابتداء من رفاعة الطهطاوي , وقاسم امين , وحتي الآن عام   . هي خرائط , تصميمات . لم تعد تحتاج الا لمن يطبقها .. بأكثر مما تحتاج لببغاوات ترددها . أو مطابع تطبع المزيد منها .
من أراد المزيد من الكتابة عن حرية المرأة وحقوقها . فعليه بقراءة `قاسم أمين `. فهو لم يقصر .
ومن أراد كتابة عن مستقبل باهر لمصر وشعبها . فليقرأ ما كتبه أحمد لطفي السيد وسلامة موسي وطه حسين " مستقبل الثقافة في مصر " .ولويس عوض . فهؤلاء لم يقصروا .
ومن أراد اقتصاداً مصرياً سليماً . فعليه باقتصاد " طلعت حرب " فخريطته لم تقصر .
ومن أراد غناءّ وموسيقي يدفعان للنهوض والتقدم . فعليه ب " سيد درويش ". فهو لم يقصر .
ومن أراد استطالة وتجديداً فعليه بالوقوف علي حجر الأساس أولاً . أي ما قدمه هؤلاء الرواد ..
ومن أراد لفاً , ودوراناً . . مبدعاً وجميلاً, و( تطبيل في المتطبل ) فعليه بكل من جاءوا بعد هؤلاء الرواد.
نعم .. يبدو أن الكتابة - والجدل النظري -. ولابد من حسم , جدل عقيم . طال لأكثر من قرن ونصف القرن . و لا تبدو له نهاية .
-     ( ما سبق , مقتطفات من مقالنا المنشوربالحوار المتمدن تحت عنوان " معجزات أولياء الله " 25-4-2013
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=356203
مقال له صلة - منشور منذ 12عام - في 2005 " المستنقع , متي يتم تجفيفه " ؟ :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=42491
*****************
    إعلان حقوق الإنسان والمواطن والذي أعلنته الجمعية الوطنية في أغسطس 1789.

تعليقات