من الإرشيف ـ شاعر الجغرافيا

شاعر الجغرافيا ! أفسد علما فجعلوه رمزا ! (( جمال حمدان )) - الحلقة 16

صلاح الدين محسن
2008 / 10 / 23

نواصل القراءة المباشرة في فكر دكتور جمال حمدان من واقع كتابه العمدة " شخصية مصر " .. في صفحة 32 : " ان كانت العرب قد عربت مصر لغويا ودينيا ، فقد مصرتهم مصر حضاريا و ماديا "
تعليق : لو كانت مصر قد مصرت العرب فعلا - كما زعم دكتور حمدان . شاعر الجغرافيا – لكان العرب هم أول من اخترع قاطرة تسير بالبخار ، ولكان العرب هم الذين اكتشفوا نظرية النسبية وكانوا هم أول من صنعوا القنبلة الذرية .. فعلماء اليونان القدامي الذين هم اصل الحضارة في الغرب . درسوا في جامعة " أون " المصرية القديمة .
منذ خمسين عاما بالضبط . كان المواطن العربي في السعودية يلزمه رخصة من هيئة الأمر بالمعروف لقيادة دراجة عادية أسموها " حمار ابليس " ..- يمكنكم الاطلاع علي صورة الرخصة علي هذا الرابط - جريدة الرياض السعودية الصادرة يوم 4-10-2008
http://www.alr8/10/04/article378386.html
أو موقع – العربية نت : http://www.arabianbusiness.com/arabic/532976
وفي مصر . أنا كمصري منذ 55خمسين عاما - وعمري 5 سنوات - وجدت الدراجة تلك شيئا عاديا تماما كما هي الآن . لا في العاصمة القاهرة وحدها بل رأيتها في قرية تبعد عن القاهرة قرابة مائة كيلومتر . ..
فكيف مصرت مصر العرب حضاريا وماديا ؟؟!

ومنذ 45 عاما – 1963 – حصلت امرأة روسية ( فالنتينا تريشكوفا ) . علي رخصة لقيادة سفينة فضاء وطارت وعادت بسلام .
والآن حتي عام 2008 تجد المراة العربية – السعودية - صعوبة في الحصول علي رخصة لقيادة سيارة لتسير بها علي الأرض . !
فكيف مصرت مصر العرب حضاريا وماديا حسبما زعم دكتور حمدان ؟؟!
ومن أين كان دكتور حمدان . يحصل علي ذاك الكلام الحمداني الذي قاله ؟!
ان الكلام الحمداني ينطبق عليه ما يقوله اخوتنا هل الشام " كلام طق حنك " .

مصر لم تمصر العرب بل العرب هم الذين عوربوا المصريين وجذبوا مصر للحضيض وشدوها للوراء ..
ولكن الذين تمصروا من مصر ولم ينكروا ذلك فهم أهل الغرب ، من أيام هيرودوت وسقراط وأفلاطون وغيرهما ممن تعلموا بجامعة مصر قبل الميلاد " جامعة أون " . وأحبوها .. وحتي الذين استخرجوا في القرن الثامن عشر الميلادي آثارها المدفونة وازاحوا الرمال عن حضارتها القديمة العظيمة تاريخها المدفون . وأقاموا المتاحف لتماثلها وكنوزها المستخرجة ، ووضعوا بحثا علميا خالدا في وصف مصر - مجلد " وصف مصر . لمجموعة علماء الحملة الفرنسية –

ان مصر لم تسع لتمصير احد بل من احبوا حضارتها هم الذين اتوا ولا يزال المحبون يأتون للبحث والتنقيب عن كنوز حضارة علوم وفنون وحكمة وآداب مصر القديمة للاستفادة بها .
فهل سمعتم انه من بين بعثات الآثار التي تنقب بمصر بعثة واحدة عربية ؟؟!!

ان العرب لم يتمصروا من مصر كما فعل الغرب . ومصر لم تستفد من العرب لأنهم ليس لديهم من الحضارة ما يمكن للآخرين الاستفادة منه ولا العرب كانوا راغبين في استفادة علمية من بلدان الحضارات القديمة القريبة منهم كالعراق ومصر وسوريا . بل كان كل همهم : جزية ونهب وسلب وأخذ بنات الشعوب الأسيرات جواري عبيد ..
لو زرت عزيزي القاريء مكانا اثريا من حضارات المنطقة . القديمة العظيمة – بابل وآشور وتدمر وسبأ والآثار الفرعونية . فسوف تجد زوارا من جنسيات العالم . وغالبا لن تجد عقالا واحدا أو دشداشة واحدة – جلبابا عربيا - يزور اماكن الحضارة . ولكن العرب لهم أماكن ... أخري يزورونها .! . عدا أماكن الحضارات العظيمة .

ولولا العرب وعقيدة العرب – الإسلام – لكان أول من هبط علي سطح القمر : عراقي أو مصريا أو سوريا . – وهذا ما قلناه في مقال سابق حسبما تنذكر - .
في صفحة 32 :
يقول دكتور حمدان " .. بينما تشعبت اللاتينية الي لغات محلية منفصلة ظلت اللغة العربية شيئا واحدا بين كل العرب "

تعليق : ان اللغة العربية فرضت بالسيف العربي الإسلامي علي الشعوب المجاورة مثلما فرض دين العرب بالسيف . والدين العربي قدس لغة العرب وفرض زعمه علي لشعوب بأن اللغة العربية هي لغة جنة ! يعني لابد من تعلمها لكي تعرف التخاطب في الجنة ! وان رفضت جنة العرب واسلامهم ولغتهم فسوف تقتل أو تطرد من بلادك / فهذا ما كان يحدث من العرب المسلمين الأوائل من 1400 سنة وهو نفسه ما يحدث من ديانة العرب حتي هذه الساعة ضد من لا يعتنقون الإسلام - اهل الديانات الأخري – بالعراق وبمصر وفي غزة . وكما تطالعنا الاخبار كل يوم –
ونضيف : اما اللغة اللاتينية .. فكان لها حق وحرية التعدد والتشعب . فتعددت وتشعبت .. وكذلك هؤلاء المتعددون والمتشعبون بنفس الحرية . عملوا لهم سوق موحدة " السوق الاوربية المشتركة " ، وعملوا لهم أيضا برلمانا موحدا " البرلمان الأوربي " ، وعملوا لهم كذلك عملة موحدة " اليورو " .. رغم تعدد لغاتهم .. ولكنها حريتهم واراداتهم المشتركة ..
أما المتكلمون باللغة الواحدة – العربية – فلأنهم في عمق أعماقهم وفي بئر ضمائرهم غير مخلصين لها كلغة – فقد فرضت بالسيف علي جدودهم ولم يتعلموها بإرادتهم وحريتهم – فهم ليسوا جادين في عمل عملة نقدية عربية موحدة ! ( حتي في منطقة الجزيرة العربية والخليج ! 3 عملات لا عملة واحدة – درهم ، دينار ، ريال - ! ) وغير جادين في عمل سوق عربية مشتركة فعالة ومثمرة . أبدا .. وغير قادرين – ولا راغبين . الا بالكلام – في عمل برلمان عربي موحد ، بل يفكر الكثيرون منهم جديا في الغاء جامعة الكذب التي تربطهم ولا تربطهم والمسماة " جامعة الدول العربية " والتي فكرتها أساسا لم تكن من العرب . وانما من بريطانيا ابان الاستعمار البريطاني لتلك البلاد ..
أرأيتم ...؟!
فما الذي قاله شاعر الجغرافيا – دكتور حمدان ..؟! .

وفي ص 32 ، 33 :
يقول عن الغزوات والهجرات لمصر من عرب واتراك الطولونية والأخشيدية ، وأكراد الأيوبية ، وشراكسة المماليك ، والبان وفاطميين مغاربة .. يقول عن تلك الاجناس " كانت تذوب في الجسم لكبير – أي مصر – دون أن تنسخ لونه الأساسي "

تعليق : لقد تركت بصمات علي وجوه الناس واسمائهم وهذا موجود وبوضوح في الشارع . فالأسماء التركية موجودة بكثرة وكذلك الرومانية – بين المسيحيين المصريين – ونسبة كبيرة من المصريين هم من يحملون الصفات الأنثروبولوجية لشعوب اخري . بحيث أننا نحن المصريين كثيرا ما يقابل احدنا الآخر ويظنه خواجة – اجنبي – هذا يحدث كثيرا . نظرا لارتفاع نسبة الشعوب الوافدة والمختلفة عن سمات المصري . ويبدو أن دكتور حمدان لم يكن ينظر في المرآة ليري وجهه الذي لا هو مصري ولا هو عربي . . ..
======== من الطبيعي ان الانسان عندما يحب وطنا ويجد فيه راحته أن يندمج فيه . فقد رأيت هنا في كندا مصريين يعيشون من عشرات السنين . وصحيح أنهم معلقة قلوبهم بمصر ولكن أولادهم اما يتكلمون لغة مصر بصعوبة وأما لا يتكلمونها البتة لكونهم ولدوا وتربوا في كندا . وهذا شيء طبيعي فالمصريون من أصول يونانية وقبرصية وجاء جدودهم مصر من مئات السنين قلوبهم أيضا معلقة بقدر أو بآخر ببلدهم الأصلي ويزورونه ويحتفظون بلغاتهم فيما بينهم . ومنهم من لا يتكلمها . هذا شيء طبيعي .
====
في صفحة 34 :
يقول " لم تكن مصر مسرح هجرات بل غزوات، كما انها لم تعرف حاجزا لونيا أو حاجزا حضاريا ، ولا انقطاعا سكانيا ، ولهذا ظلت جسما متجانسا في كل اجزائه "

تعليق : ليس صحيحا أن مصر ظلت جسما متجانسا في كل اجزائه . فغزاة مصر الكثيرون كانوا يمكثون فيها مئات السنين – اقلها مائة سنة أو ما يقرب – وطبيعي جدا ان يتركوا فلولا ودماء ووجوها وسلالات تختلف مع سمات المصري وتكون غير متجانسة من ناحية الشكل العام المعروف به المصري علي الأقل ..
اما عن قوله . مصر لم تكن مسرح هجرات .. ففي جزء آخر من كتابه يحكي دكتور حمدان بنفسه عن هجرة العراقيين بأعداد كبيرة لمصر أيام الزحف المغولي علي العراق .. وعن قوله ان مصر لم تعرف انقطاعا سكانيا ..
يحكي لنا في جزء آخر من الكتاب كيف أن القحط والمجاعات والأوبئة الناتجة عن توقف او طغيان فيضان النهر كانت تحدث إبادة بشرية رهيبة وصلت بتعداد المصريين ذات مرة الي 5ر2 مليونين ونصف مليون – أي شبه انقطاع سكاني –

وعن قوله " لم تكن مصر مسرح هجرات " . بل في القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين عندما أزدهرت الحياة في مصر تحت حكم أسرة محمد علي . شهدت مصر هجرات اليها من الشام واليونان وقبرص . بحثا عن سعة في الرزق وللاستثمار . وبصمات مشاريعهم التجارية والثقافية والأعلامية موجودة للآن .
في صفحة 34 . يقول :
" وليس صحيحا مطلقا في هذا المجال ان الموجة العربية الإسلامية - . أزاحت الأساس القبطي الي جيب الجنوب المغلق "

تعليق : لاحظوا أن أستاذ الجغرافيا – المفكر الجغرافي ! حسب توصيف الوسط الثقافي المصري له ! – يستخدم تعبير الاطلاق والقطع ! – مطلقا - .. وهذا ليس من نهج العلم ولا من شيمة العلماء . حتي لو كان ما قاله هو المعروف تاريخيا حتي الآن - افتراض - فلا يجوز القطع .. فقد تظهر وثائق تاريخية غدا تؤكد العكس .. اذا ليس من العلمية استخدام تعبير الاطلاق والقطع -
ونضيف : ما رايكم في ان تستمعوا الي واحد من احفاد هؤلاء القبط في تلك القضية – لا رأيي أنا ولا رأي دكتور حمدان - ؟. ليقول لنا حفيد من هؤلاء الناس ، وبالمراجع التاريخية وليس من فمه هو . لنجد أن اضطهادهم وحرق معابدهم قد جري هدمها في كافة العصور العربية الإسلامية ابتداء من عمرو بن العاص . وقد نشر هذا علي الانترنت / حيث يذكر أن العرب المسلمين لم يتركوا حتي كنيسة صنعاء باليمن . لا وحسب كنائس القبط في مصر وحدهم ! / وقد استند الي 7 مراجع مختلفة . انه واحد من أحفاد من يتكلم عنهم دكتور حمدان . يمكنكم الاطلاع علي ما يقوله لتكتشفوا افتراء دكتور حمدان .
علي هذا الرابط :
http://www.copticnews.ca/a_arch…/…/feb202006_adel_dawoud.htm
ولتعرفوا كم كان ما يكتبه شاعر الجغرافيا يفتقد الأمانة في تعامله مع التاريخ . وأن ما زعم دكتور حمدان بأنه ليس صحيحا انما هو صحيح وحدث ضد الاقباط علي أيادي العرب الاسلاميين في كل العصور ويقوم حسني مبارك – المتعورب المتسعود . لا المصري الأصيل – يقوم الآن بإكمال المشوار للقضاء التام عليهم .
في صفحة 35 :
في هذه الصفحة يستدير شاعر الجغرافيا ليطعن أقلية أخري من الأقليات في مصر وهم : النوبيون ..
وسوف نري في الحلقة القادمة كيف سيطعن النوبيين طعنة ربما كانت أشد وأكثر ظلما وافتراء علي الحقيقة والتاريخ ..

فالي الحلقة القادمة - 17 - من : " شاعر الجغرافيا ! أفسد علما فجعلوه رمزا ! " .
صلاح الدين محسن
- نشرت في موقع الحوار المتمدن-العدد: 2443 - 2008 / 10 / 23

تعليقات