فرعونيات - الصيد في المستنقعات

المتحف البريطانى :
نب آمون يصطاد في المستنقعات، لوحة جدارية من مقبرة-مصلى نب آمون - طيبة، مصر - أواخر عهد الأسرة 18، حوالي 1350 ق.م. - صيد الطيور في المستنقعات
نرى في هذه اللوحة نب آمون يصطاد الطيور في قارب صغير يطفو على مستنقعات نهر النيل، وبصحبته زوجته حتشبسوت، وابنتهما الصغيرة. لقد كان رسم مشاهد كهذه على جدران المقابر والمعابد الفرعونية من التقاليد الشائعة التي دامت مئات السنين، ويظهر فيها صاحب المقبرة وهو "يتمتع ويشاهد الجمال"، حسب ما تقول العبارة التي نراها هنا باللغة الهيروغليفية.
ويعد ذلك أكثر من مجرد صورة بسيطة للترويح عن النفس، إذ كان المصريون القدماء يعتبرون المستنقعات الخصبة مصدراً لإعادة الولادة والجمال الجسدي في آن واحد، ومن هذا المنطلق فإن صيد الحيوانات قد يمثّل انتصار نب آمون على قوى الطبيعة وهو يولد من جديد في الآخرة. ويهيمن جسد نب آمون الضخم على الصورة، حيث يسير بخطوات واسعة، سعيداً إلى الأبد، وشاباً إلى الأبد، تحيط به حياة رغدة وفيرة واسعة التنوع وسط المستنقعات.
كان الجدار الأصلي يضم نصفاً آخر من هذا المشهد يظهر فيه نب آمون وهو يصطاد الأسماك بالرمح، ولكن هذا الجزء ضاع ولم يتبق لنا منه سوى صورتين فوتوغرافيتين قديمتين لمقاطع صغيرة من اللوحة، وفيها يظهر نب آمون وابنه الصغير، ويتضح منها أن الرسامين القدامى نجحوا في تصوير الأسماك بشكل طبيعي بكامل قشورها ولمعانها.
كما يظهر في الرسم قط لونه بني مصفر، منشغلاً في اصطياد الطيور بين سيقان البردى، وهو مشهد معتاد لدى المصريين الذين اتخذوا من القط حيواناً منزلياً أليفاً، إلا أن ظهوره هنا قد يكون تجسيداً لإله الشمس وهو يصطاد أعداء النور ونظام الدولة، لاسيّما أن عينيه المذهبّتين تُلمِّح إلى المقاصد الدينية لهذا المشهد.
ملأ الفنانون مساحة اللوحة بتفاصيل مفعمة بالحياة، إذ أكثروا في المستنقع من زهور اللوتس، وكذلك فراشات نمر السهول التي رسموها بطلاقة ورقة فنجحوا في التعبير عن ملمس أجنحتها ونسق ألوانها.
موقع علم المصريات - مشاركة  : Corinne Michael Corinne

تعليقات