كتابات مختاراة - أوروبا ترتدي الحجاب
أعدها : صلاح أ محسن
17-11-2025
مقال : شروق أحمد - فنانة وكاتبة
كم أشتاق إلى أوروبا، لا أعلم إن كانت ماتزال موجودة أم لا، أنا على يقين أنها في الباطن مازالت هي أوروبا التي أتذكرها وأنا أحلم بالسفر إليها في صغري، وكانت قبل بضع سنوات هي أوروبا التي أعرفها
صاحبة الوجه التنويري، وجمالها الذي يشرق على الروح عند هبوط الطائرة في أحدى مطارات القارة العجوز، ومع أول نفس تشعر بهواء الحرية والفن والتاريخ الفني الذي يعود إلى مئات القرون من الصراعات والحروب والعصور التي تخللتها حقب ظلامية وبعد ذلك تبعتها عصور النهضة والبناء وفن العمارة، ومع كل حقبة أوروبا كانت هي التي تكتب التاريخ موجاتها تبث للعالم أحدث اللوحات وآخر ما توصل له العقل البشري من اختراعات علمية.
أوروبا التي تتمثل في حنجرة أندريا بوتشيللي عندما يصدح صوته وكأنه صوت ملائكي قادم من مجرة آخر، يحي الروح وتقشعر له الأبدان هو صوت أوروبا الراقي الذي يعيش في ذاكرتي وهو من يمثل صوت الإنسانية وكأنه يؤدي صلاة للروح، أوروبا هي صوت الأكورديون في شوارعها وأحياءها التي تعج بالمارة مع رائحة الفطائر والكعك حين تستطعمه قبل ان تأكله ومع فنجان قهوة تجلس أمام أحد المقاهي
أوروبا التي تتمثل في حنجرة أندريا بوتشيللي عندما يصدح صوته وكأنه صوت ملائكي قادم من مجرة آخر، يحي الروح وتقشعر له الأبدان هو صوت أوروبا الراقي الذي يعيش في ذاكرتي وهو من يمثل صوت الإنسانية وكأنه يؤدي صلاة للروح، أوروبا هي صوت الأكورديون في شوارعها وأحياءها التي تعج بالمارة مع رائحة الفطائر والكعك حين تستطعمه قبل ان تأكله ومع فنجان قهوة تجلس أمام أحد المقاهي
وترى العالم الذي يتحرك كله على سجيته ولا يتدخل أحد في شؤون الآخر وبدون أصوات الأذان أو المكبرات المزعجة وبدون أبواق السيارات التي هي جزء من الثقافة العربية المزعجة. تجلس لساعات في إحدى تلك المقاهي وترى اللوحات البشرية المختلفة وهي تعيش الحياة وكأنها لوحة لليوناردو دافنتشي، أوروبا هي العشاق الذين يسيرون في الشوارع ممسكين أيادي بعضهم البعض بدون الضوابط الدينية أو شرطة الآداب أو حتى عيون المارة كما في شوارعنا مجرد أن تلمح أثنين ممسكين أيدي بعضهم البعض. أوروبا هي ليالي كرة القدم ودوري ابطال أوروبا لكرة القدم عندما تعلو أصوات المشجعين في الشوارع ويغني كل مشجع لفريقه بأعلى صوته، عندما ترى تلك الكتل البشرية التي تزحف لمشاهدة فريقها المفضل مع مظاهر الفرح والحماس والأضواء التي لا يمكن أن تراها في أي قارة أخرى. أوروبا هي كارلوس زافون، وفكتور هوجو، وجون بول سارتر وألبير كامو، أوروبا هي الفساتين وآخر صرعات الموضة التي تتحلى بها الفتيات والشبان في شوارعها والتي تُرسم بأنامل سحرية في مرسم يعود تاريخه إلى عصور مضت وفي إحدى تلك المباني القديمة التي بناها ورسمها من قبلهم لتكون قطعة جميلة تجسد وتكرم الجسد الذي يلبسها لتظهره في أبهى وأرقى صوره. أوروبا هي التجارة والصناعة والرئة الفنية والثقافية للعالم لذلك كانت هي على مدى العصور المحج لكل الكتاب اللاتينيين وحتى الأمريكيين منهم غابرييل غارسيا ماركيز وأرنست همنغواي وغيرهم، لأنها تمثل جنة العقول وملاذ الهارب من البطش والتخلف والرجعية.
أما اليوم أين هي تلك اللوحة؟ لقد تحولت إلى معقل للإسلاميين والمتشددين والسرقات في الشوارع، أصبحت اليوم ومع مرور الزمن تتعالى فيها أصوات الأذان، وبداية المد الإسلامي مع ظهور محاكم الشريعة في أزقتها وأحيائها، أحياءها التي كانت تخرج أعظم الكتاب والمفكرين والمبدعين أصبحت اليوم ملاذاً للإسلام السياسي مسرح للسلفيين الجهادين، وأصبحت شوارعها تغص بالنقاب والحجاب وكأنك تسير في أحد الدول الإسلامية الدكتاتورية في الشرق الأوسط. بدأت تتلاشى تلك اللوحة الجميلة وقد تم تغيير جوهرها من ألماسة كانت تلمع وتنير كوكب الأرض، أما الآن فهي قارة فقدت بريقها ولمعانها، لقد أصبحت رئة مريضة وضوءها يخفت يوماً بعد يوم، وعودتها ستحتاج سنين وسنين من العمل لإعادتها للحياة من جديد.
أما اليوم أين هي تلك اللوحة؟ لقد تحولت إلى معقل للإسلاميين والمتشددين والسرقات في الشوارع، أصبحت اليوم ومع مرور الزمن تتعالى فيها أصوات الأذان، وبداية المد الإسلامي مع ظهور محاكم الشريعة في أزقتها وأحيائها، أحياءها التي كانت تخرج أعظم الكتاب والمفكرين والمبدعين أصبحت اليوم ملاذاً للإسلام السياسي مسرح للسلفيين الجهادين، وأصبحت شوارعها تغص بالنقاب والحجاب وكأنك تسير في أحد الدول الإسلامية الدكتاتورية في الشرق الأوسط. بدأت تتلاشى تلك اللوحة الجميلة وقد تم تغيير جوهرها من ألماسة كانت تلمع وتنير كوكب الأرض، أما الآن فهي قارة فقدت بريقها ولمعانها، لقد أصبحت رئة مريضة وضوءها يخفت يوماً بعد يوم، وعودتها ستحتاج سنين وسنين من العمل لإعادتها للحياة من جديد.
---
.jpg)
تعليقات
إرسال تعليق