هل فساد الحاكم من فساد المحكوم - أم العكس ؟؟

صلاح الدين محسن
 21-11-2022

هل يملك المحكوم افساد الحاكم ؟ أم العكس .
أو أن الشعب الفاسد - بالجهل والتخلف والفقر - هو الذي يُصعِّد حكاماً فاسدين . بشكل تلقائي ؟
وهل لا مانع من خروج حاكم من الغالبية الفاسدة  المعطوبة - بالجهل والفقر والأمية ؟ أم يجب  وبالضرورة ان يكون من الصفوة . بل من صفوة الصفوة ؟
وهل في كل الحالات باستطاعة المحكومين منع رجل فاسد من الوصول للحكم ؟
  من يضمن ذلك ؟ 
لا أحد .. 
لذا لا نؤمن بالقول : فساد الحاكم من فساد المحكومين .. !
فالحاكم يجب ان يكون من صفوة الصفوة ..
والمهم هو : كيف يمكن التحكم في ذلك ؟ 

وجهة نظر أخري - رأي آخر :
من مقولات سعد زغلول : " فساد الحاكم من فساد المحكوم ". جملة بديعة وجذرية التفسير وعميقة الصدق والأمانة والنزاهة . ليتنا نتأملها ونتعلم منها . ( الشاعرة والكاتبة والطبيبة " مني حلمي " )  - من مقالها المنشور يوم 20-11-2022 . - الفقرة 3 - بموقع الحوار المتمدن - ) .

---- من الطبيعي أن تختلف الآراء . ومن الواجب احترام الرأي الآخر .

في الفقه الاسلامي - مقولة متداولة ورائجة - " من أعمالكم سُلِّط عليكم " - ابن الجوزي
تلك المقولة يدافع بها رجال الدين عن انحراف الحاكم , يبررون فساده بالزعم انه جاء من الشعب وليس من خارج البلاد , ولو أحسنت الرعية لأحسن الراعي 
أي : يا أيها الشعب عليك بلوم نفسك ومعالجة فسادك من قبل الحديث عن فساد الحاكم ..!!
كيف يعالج الشعب نفسه , اذا كانت أدوات القوة , والاعلام والتعليم ومفاتيح السجون , ومغاليق الرزق .. كلها في يد حاكم انتهازي بلطجي ؟؟

أنا مع مقولة : " الناس علي دين ملوكهم .. " وليس العكس . 
فالحاكم اذا كان فاسداً .. أشاع الفساد في المجتمع . وتكاثر الفاسدون . وان كان جاهلاً وغبياً , قرَّب الجهلاء والأغبياء من السلطة , وأسند اليهم المناصب ..
 
الا في دول العالم المتقدم .. في الغالب يمكن القول ان الحاكم هو الي حد كبير صورة للمجتمع الذي خرج منه ويمثله 
حيث اختيار الحاكم أو استبعاده بيد الشعب . وسحب الثقة منه بيد ممثلي الشعب -
وكما رأينا منذ أيام جرت في أمريكا " انتخابات التجديد النصفي " بانتهاء نصف مدة حكم الرئيس بايدن .. 
بمعني فوز الرئيس في الانتخابات لا يعني حقه المطلق في البقاء في السلطة 4 سنوات بلا مراجعة ولا تفاهم ولا اعتراض.. 
ولا حقه في اللعب في الدستور بمساعدة برلمان إمعة ليكون له البفاء في السلطة طويييلة !
ولا واحد يخرج ليقول دعوا الرئيس ( المتعثر , المتخبط ) يكمل مدته الرئاسية . وبعدها نحكم له أو عليه 
!! 
كلا .. 
   ذا وجد الشعب المتحضر , ان كل الخيارات المطروحة أمامه لاختيار قائد , ليست علي المستوي المطلوب . ولابد أمامه من اختيار رئيس .. ! فانه يضطر لاختيار واحد مثل دونالد ترامب - رئيساً لكبري دول العالم !

ديجول - رئيس فرنسا الاسبق . لم يكن يرتاح لشخص الفيلسوف الفرنسي " سارتر " و أسند منصب وزير الثقافة ل أندريه مالرو - الأقل شاناً من " سارتر "
لكن ديجول كان يحفظ لسارتر مكانته المحلية والعالمية كمفكر وأديب وفيلسوف فرنسي عالمي..
فعندما خرجت المظاهرات ضد ديجول - عام 1968 , فوجيء بوجود " سارتر " علي رأس المتظاهرين ! ومساعدو الرئيس , نصحوه باعتقال " سارتر " ..
فرد عليهم بالقول : أنا لا أعتقل فرنسا .. ... 
وفضل " ديجول " مغادرة الحكم . بعد استفتاء الشعب علي برنامجه الاقتصادي . دون أن يعتقل سارتر . دون اعتقال وتعذيب قيادة المظاهرات المعارضين له
 !!
أما عبد الناصر , فلم يتردد في اعتقال وضرب واهانة : محمود أمين العالم , ودكتور لويس عوض - أكبر عقول مصر ... !!
والسادات .. لم يتردد في اعتقال محمد حسنين هيكل , وصلاح عيسي , وفؤاد سراج الدين .. - من أكبر الصحفيين والسياسيين عامة - والمعارضين خاصة ( في زنزانة واحدة ) - . 
وتحديد اقامة البابا شنودة - بابا الأقباط المسيحيين . والعديد من قيادات الدعوة الاسلامية / كل هذا بضربة واحدة !!
وفي عهد مبارك .. حكم بقانون طواريء . من أول يوم لآخر يوم في حكمه الذي دام 30 سنة ! وهو قانون يمنح للسلطات حق اعتقال أي مواطن بدون سبب واضح , ولمدد مفتوحة .. !
هذا ما حدث في عهد الضباط الثلاثة الراحلين
أما في عهد الضابط الرابع - ربيبهم - " عبد الفتاح " فحدث لأول مرة كثرة الاختفاء القسري للمعارضين السياسيين .. وتعددت حوادث ذبح اناس من الأقلية الدينية - كما تذبح الخراف بالسكين -  نهاراً جهاراً بالشارع . ومن شمال البلاد - الاسكندرية , ووسطها - بالقاهرة والمنوفية والقليوبية - وحتي جنوبها - بأسيوط - بأيادي الارهابيين المنتمين للأغلبية الدينية .. ولعل هذا ما لم يحدث من قبل أبداً في كل العصور , وحدث في عصر الرئيس الحالي .

أري انه في الغالب .. باستطاعة الحاكم افساد المحكومين والبلاد .. وباستطاعته النهوض بهم .
فالحاكم يمتلك أدوات كثيرة فعاله وقوية .. 
باستطاعة الحاكم اشاعة الفساد في الدولة بأكملها ..  نشر واكثار المفسدين في سنوات قليلة باسم انفتاح اقتصادي - يستفيد منه أقاربه وأصدقاؤه , وزملاؤه .. ويكنزوا الملايين - . والحاكم في يده مفاتيح الزنازين بالمعتقلات والسجون . وامكانية قطع الأرزاق .
والعكس :
رجل من دولة في آسيا. تلقي تعليمه بالخارج . وعاد ليحكم بلده , فلم يحكمه بقوانين الفقر المدقع والجهل الذريع المخيم علي البلاد .. بل برؤية العلم والحضارة حسبما عاش وشاهد بالغرب .. وفي سنوات ليست بالكثيرة . نقل بلده وشعبه من العالم الثالث المتخلف للعالم الأول .. الرجل اسمه " مهاتير " والبلد : ماليزيا
وكذلك فعل الرجل الذي حكم سنجابور - سنغافورة .. وكانت الدولتان بلداً واحداً .. انفصلتا .. وتقدمت الدولتان .. لم تتقدم واحدة وتتخلف أخري .. بل تقدمت ماليزيا وأختها سنجابور .. 

وأقصي ما يمكن للمحكومين عمله هو الثورة . ولها شروط لنجاحها ومخاطر ومحاذير ومهالك قد يمكن تخطيها وقد لا يمكن .. / في الدول المتخلفة بالذات . أما الدول المتقدمة . فلها حديث آخر .. وظروف أخري . 
 
المفروض أن الحاكم - كما قلنا - يأتي من صفوة الصفوة من المحكومين .. وليس بلطجي في يده الدبابة والمصفحة والمدفع .. التي يجب عليه حماية حدود البلاد بها , فيستخدمها في الاستيلاء علي الحكم بالقوة . وهو من فئة آدمية  لا تفهم إلا في الحروب واستخدام الأسلحة . وعدا ذلك وبحكم اختيارهم من نخالة الحاصلين علي الثانوية العامة , فمستوي الذكاء ومستوي الوعي , ومستوي الانسانية عند تلك الفئة هو في الحضيض .. وبالجهل وبالغباء وبشح الاحساس وانعدام الانسانية . وباستخدام المدفع والدبابة يحكم الأمة .. !فيشيع فيها الفساد والارتجال والاعتباط المريع ..  والخراب . وكل انجاز فخم ضخم : تجد في مفاصله سوس الفساد .. يظهر فيما بعد وينهار الانجاز أو المبني ..
ويقال : " فساد الحاكم من فساد المحكوم ." .. ! .. أي : إلقاء الذنب علي الشعب !
--
كوميديا إلهية :
مقولة : " ( وكذلك نولّي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ) " - سورة الأنعام 129
اذا كان الإله نفسه هو الذي يولي ظالمين .. فماذا ذنب الظالمين فيما اقترفوه بعدما ولاهم ومكنهم من الحُكم او المُلك ؟! وما ذنب المحكومين المظلومين لمجرد أن الظالمين هم من أبنائهم , اذا كان الله شخصياً هو الذي رتب الظلم وقدره وقرره بأن أركب الظالمين فوق أكتاف أهلهم وقلدهم الولاية !؟ / كوميديا سوداء .. !
 (  أوليس في ذلك تهريج بكل معني الكلمة !؟ نعم انه تهريج واضح , لكن باستطاعة رجال الدين تبريره وتأويله وتجميله وتمريره علي عقول العامة .. وعقول كثيرين من الخاصة ! .. رجال الدين انهم بهلوانات , حواة , محترفون )

اثارة الفتن الشيطانية :
وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً / سورة الاسراء - آية 16
ولماذا تهلك القرية !؟ ولماذا الوسوسة لمترفيها بالفسق لتخلق لنفسك ذريعة لتدميرها - هذا تحريض علي الجريمة . المحرض هو نفسه مرتكب الجريمة / المدمر القاتل !؟ أهكذا يقول أو يفعل اله لطيف رحيم , أو حتي شيطان رجيم ؟ 
أوليست تلك بالفعل : آيات شيطانية ؟
------
كتابات مقترحة / ذات صلة :
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=775371

____________________________

تعليقات