كُفار المهجر والدكتور وسيم السيسي

 كُفّار المهجر

كَتَبَ : صلاح الدين محسن

1-8-2021

علمتنا الأديان أن نحمد الله ولو بدون مناسبة . بلا دواعي وبدون أسباب ، ونشكره حتي علي المصائب !

فصرنا نفعل نفس الشيء مع الحكام . فجعلنا منهم ديكتاتوريين وطغاة  !!

علمتنا الأديان أن نتملق االله وأنبياءه المزعومين , كثيراً ، أملاً في عطايا وطلباً للسلامة وطمعاً في أشياء ، أو للنجاة من أشياء , وجودها غير مضمون !

فصرنا نفعل نفس التملق مع الحاكم ، أملًا في عطاياه ، أو حتي طلبا للسلامة من هوج وعشوائية بطش أجهزته الأمنية ! 

أقباط المهجر.  وكٌفار المهجر 

--- الوطن الذي لديه عالم موسوعي مثل الدكتور وسيم السيسي , يحق له أن يفخر به ويعتز . ( د. وسيم السيسي - عالم مصري موسوعي  من طراز نادر . وطبيب بروفيسور/ أستاذ جراحة الكلي  )

أحرص علي الاستماع لأي حديث فضائي معه , وعلي قراءة أي مقال له يصادفني بالانترنت . 

لكنني شاهدت له حديثاً فضائياً منذ أسبوع - اكتشفت انه يعود لخمس سنوات مضت ! - أحياناً تتغير الآراء .. وقد لا تتغير , ولاسيما عند عالم كبير كالدكتور وسيم السيسي , كما ان ما قاله يمكن أن نسمعه من آخرين لا يمكن مقارنتهم به , فهو فريد في موسوعية علمه وفكره .. 

الحديث جاء في الجزء 2 من حواره مع الاعلامي الكويتي " محمد الملا " . خرجت و عندي شعور بالحزن والأسف . رغم انني دائماً أخرج بفائدة ثقافية من أحاديث دكتور وسيم -  وكتاباته !

سأله الاعلامي الكويتي : أقباط المهجر ، لماذا يهاجمون مصر ؟

دكتور السيسي - يروي مثلاً شعبياً - : " الفأر شاف القط .. وقع  ، جري القط عليه ، وقالوا اسم الله عليك . الفار قال له : حل انت عني  وخلّي العفاريت تركبني " . احنا بنقول لهم حِلّوا إنتوا عننا مالكوش دعوة بينا ، ان كانوا هم أو الإنجليز أو الأمريكان ..  الخ .


ونعقب علي ذلك بمقولة لديستويفسكي :

" انتهي الزمن الذي كان فيه أهلنا يخافون علينا في الغربة.. وأصبحنا نحن في الغربة نخاف عليهم في الوطن "

---- أنا لا أدافع عن أقباط المهجر .. فكتاباتي الصريحة لم تترك لي سوي أعداء , لم تترك لي أصدقاء , لا وسط هؤلاء ولا أؤلئك .. إلا النذر القليل .. وكم من قليل هو خير من غثاء كثير .

--- ونواصل : 

إمتدح دكتور السيسي البابا تواضروس - بابا الأقباط الارثوذكس - علي مقولته - رغم تعرض 80 كنيسة للحرق , علي أيادي الارهابيين - اذ قال البابا :

 " وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن " ..

بصراحة لم أجد معناً لتلك المقولة . ولا طعم أو رائحة . فكيف فهمتها يا دكتور وسيم !؟ منك نستفيد ( لكن بدون تأويل كما تأويلات المشايخ والقسس - بل بكلام علماء كبار مثلك - )

ولماذا وطن بلا كنائس بالذات وفقط !؟ 

لعل وطن بلا كنائس ولا مساجد .. أعدل , وأفيد , وأكثر بركة .

هل تعتقد ان الارهابيين لو تُرِكوا حتي يجهزوا علي كل الكنائس حرقاً .. سوف تبرد قلوبهم . ويتوقفون عند ذاك الحد !؟

الجواب : كلا .. بلا سيبدأوا في حرق البشر الذين كانوا يصلون بها , ما لم يدخلوا في حظيرة الاسلام .. .. فهل لديك في هذا شك ؟؟

كان الأولي بك يا دكتور .. أن تسأل ويسأل معك صاحب تلك المقولة , عقب حرق أول كنيسة .. لماذا لم يتخذ المسؤولون إجراءً صارماً حازماً ورداً رادعاً صاعقاً .. يمنع حرق الكنيسة الثانية !؟ وأين كانت الحكومة .. بعد حرق الثانية , والثامنة , والثامنة عشر .. وحتي وصل العدد ل 80 كنيسة .. !؟

أنا لا أدافع عن كنائس , كما لا أدافع عن مساجد .. فكلها عندي سواء .. لكن العدل مطلوب - يقال ان المساواة في الظلم عدل ..

تذكرني مقولة البابا  تواضروس " وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن " , بمقولة فارغة المعني مثلها أيضاً , للإمام محمد عبده " رأيت في فرنسا اسلام بلا مسلمين . وفي مصر مسلمين بلا اسلام " .. ( كتبت من قبل أفند تلك المقولة الفارغة , والتي بكل أسف , تجد مثقفين يرددوها حتي يومنا هذا !! ( هامش ** )

ان كلاً من المقولتين عبارة عن تفلسف , وصوغ سبيكة لفظية انشائية , من يتأمل المقولتين بالعقل سيجدهما مثل : بيت جحا ... 

الذي يحرق الكنيسة , كالذي يحرق مبني مجلس الشوري , كالذي يحرق مبني الحزب الوطني , كالذي يحرق بيوت البهائيين , كما يحرقون كوخ أو عشة ..

لماذا حرق المباني !؟

أَشَدُّ الديكتاتوريين الذين يؤمنون بأن وجود الأديان في غير صالح تقدم الشعوب والأوطان , عندما وصلوا للسلطة , لم يكون أغبياء لدرجة إحراق المساجد والكنائس . بل استخدموها في المنفعة العامة .. فتلك المباني هي جزء من ثروة الوطن . 

فلماذا احراق الكنائس أو مبني مجلس الشوري المصري أو مقرات جماعة الاخوان , أو بيوت الهائيين ... الخ ؟؟

عزيزي دكتور السيسي .. ان الفزع والألم الذي يصيب المصريين بالمهجر عند وقوع أي مكروه لمصر أو لأية طائفة من شعبها .. ويجعلهم يصرخون ويزعقون , ليس قاصراً علي أقباط المهجر .. 

بل و " كُفّار المهجر " أيضاً نفس الشيء .. 

فأنا كواحد من كُفّار المهجر .. ( كرجل كافر - والحمدُ للعِلم , علي نعمة الكُفر ) أفزع وتتوتر أعصابي عند تصادم أو انقلاب القطارات بمصر , أو إحراق كنيسة , أو عند سقوط عمارة فوق رؤوس سكانها , أو قتل جنود وضباط جيش وشرطة في سيناء بالارهاب , أو أُحرِقت مساكن معتنقي الديانة البهائية , بقرية الشارونية بسوهاج . وعند قتل جنود وضباط في صحراء مصر الغربية , بمعية دواعش متسللين من ليبيا , أو طرد ناس من مساكنهم وأراضيهم بزعم المنفعة العامة بدون تسليمهم بدائل أولاً .. أو إرتفاع الأسعار , بما يزيد من معاناة الناس , أو عند ذبح مصري ينتمي للأقلية العقائدية بالشارع العام في وضح النهار , علي يد إرهابي متعصب دينياً - ليس لمرة واحدة أو مرتين فقط - ... , أو عند وقوع سيل أو أمطار غزيرة تدخل البيوت وتغرقها لعدم صلاحية البالوعات في مدن جديدة أسعار مساكنها غالية ! . أو تهديد اثيوبيا بجعل النيل بحيرة خاصة بها .. وبناء المزيد من السدود .. مما يظهر أمامي شبح الموت جوعاً وعطشاً يهلك الزرع والضرع بمصر , ويقتل ملايين البشر من المصريين بالجفاف .. و .. الخ . كلها أشياء تصيبني بالفزع

فان كتبت أُعبِّر عن ألمي وأصرخ - كواحد من كُفار المهجر - . قد أجد شخصاً يقول لي : انتوا قاعدين برة . سيبونا في حالنا .. !! ( كما يقول دكتور وسيم , لأقباط المهجر .. ! ) .

وان سكتنا والتهينا بنعمة العيش بالخارج . دون الاهتمام بأحوال من هم في الداخل .. سنجد أيضاً من يلومنا ويقول : كيف لا تعبروا ولا ترفعوا أصواتكم بما نعانيه لتصل صرخاتنا المكتومة لآذان المسؤولين والي كل من يهمهم الأمر . , أوليست عندكم مساحة واسعة من حرية التعبير , لا يحظي بمثلها من هم بالداخل .!؟ . أهكذا بمجرد سفركم للخارج تنسون بلادكم , وتنسلخون عن قضايا وهموم الشعب !؟؟

عندما انعطف دكتور وسيم , أثناء حديثه - المشار اليه - نحو واجب - أو طقس أو تقليد امتداح رئيس الدولة والثناء عليه , كتعويذة مصرية تقليدية قديمة , يراها الغالبية , لازمة لجلب السلامة والأمان . عند الحديث في الاعلام ... هنا صدر من الاعلامي الكويتي الذي يجري معه الحوار , صوتاً خفيضاً ورقيقاً , له معني .. ( لعل المعني بلغة عامة المصريين , هو : أيوه .. حندخل بقي علي النفاق ومسخ الجوخ ) ..

أقول للعالم الجليل دكتور وسيم السيسي .. لكل جواد كبوة .. ولكل عالم هفوة .. 

أنا آسف وحزين .. ولكنني ساظل أتابع - بقدر امكاني - أحاديثك ومقالاتك . للإستفادة من علمك الغزير . ولنا معك لقاء آخر في موضوع آخر - .

وآسف لعدم اطلاعي علي الحوار إلا مؤخراً .. فان كانت تلك الأفكار قد تغيرت , فعذراً .. وحديثي أوجهه لآخرين أعرف انهم يرددون نفس الشيء ..

دمت بكل خير

-----

هوامش :

* موضوع ذو صلة " الحرق الحرق " - قصة قصيرة . لكاتب هذا المقال - :

https://salah48freedom.blogspot.com/2015/06/blog-post_88.html

**   وكان رائد وزارع اللجاجة التنويرية هو الفقيه الديني " الشيخ محمد عبده " . الذي عاد من باريس ليقول , مقولة مخادعة مراوغة . لا تزال براقة في أعين الكثيرين , حتي الآن .. ! انها مقولة " رأيت في فرنسا , اسلاماً بلا مسلمين , وهنا مسلمين بلا اسلام " ... !!! فتري : أي اسلام رآه ذاك الرجل في فرنسا ؟!؟  هل رأي الحجاب والنقاب , لهما ثمة وجود هناك وقتذاك ؟ هل رأي في فرنسا , قتل المرتد عن العقيدة الدينية ؟! هل رأي الفرنسيين ينطقون الشهادتين الاسلاميتين , ويكثرون من الصلاة علي النبي ؟  هل رأي جلد الزانية والزاني ؟ .. الخ . - منقول من مقالنا " تنوير ج 4 . 2/5 . المنشور باللينك التالي : https://salah48freedom.blogspot.com/2017/06/4-2.html

 ----------

تعليقات