من الارشيف / الحمار والبردعة

صلاح الدين محسن
21-8-2021

مقال كنا نشرناه منذ 16 سنة , في عام 2005 .. بعنوان " الحمار والبردعة " وبالصدفة اكتشفنا ان كاتباً فلسطينياً كريماً , كان قد نقله للاستعانة به - بعد 7 سنوات من نشره - ضمن مقال له , منشور في موقع فلسطيني " السبيل " حيث كتب :

" انتفضت الخليل اليوم وخرج ابناؤها إلى الشوارع؛ احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية في الضفة الغربية المحتلة ازدواجياً، رغم وعود الرخاء الاقتصادي والنعيم الأرضي ومؤسسات الدولة الجاهزة!
صور وشعارات وهتافات تثلج الصدور طال انتظارها، نرجو أن تستمر لتصويب وتصحيح هذا الوضع الشاذ، المسمى «سلطة وطنية» في ظل احتلال تعمل لخدمته، وتسهر على راحته.
رغم أننا كنا نتمنى أن يكون الحراك الشعبي ليس ضد الظروف المعيشية والغلاء، لكن احتجاجاً على التفريط والتنسيق مع المحتل، رفضاً للتهويد والاستيطان، معارضةً لاختطاف القرار الفلسطيني لتقديم المزيد من التنازلات المجانية، إلا أن ذلك لا يقلل من أهمية الحراك الشعبي وضرورته حتى وان كانت بدايته ضد الغلاء.
لكن ما لفت الانتباه هو توجيه الاحتجاجات ضد شخص بعينه، وحكومة بذاتها، لا ينفك عباس عن وصفها حكومته التي تطبق برنامجه التي لا ترفض له أمراً أو طلباً، وقد سبق أن صرّح أن فياض رئيس وزرائه هو عيّنه، ويحظى بدعمه المطلق، فكيف استثني عبّاس ورهطه من المعادلة؟
بعبارة أخرى.. ماذا لو غيّر عبّاس فيّاضاً، وعيّن غيره وبنفس البرنامج والأسلوب، هل سيتغير شيء؟ بالتأكيد لن يحدث أي تغيير؛ لأن مهمة السلطة اصلاً تدمير المجتمع الفلسطيني وتهجير أبناء الشعب الفلسطيني، وذلك بتحويل الحياة في الضفة الغربية المحتلة ازدواجياً إلى جحيم اقتصادي، مصحوب بقمع أمني وكبت للحريات، وديكتاتورية مطلقة مغلفة بشرعية مزعومة.
تذكروا أن عبّاس تبجح واستهزأ بالشعب الفلسطيني يوم قال لو خرج اثنين ضده لاستقال، ضعوه على المحك أيها الشعب الفلسطيني وطالبوه بتنفيذ وعده!
لذلك نقول ذكرتنا الهتافات والشعارات بقصة كنا قد قرأناها في مراحل الدراسة المبكرة من كتاب كليلة ودمنة تحت عنوان «الحمار والبردعة»، التي أسقطها الكاتب صلاح الدين محسن في 14/07/2005 على الواقع السياسي ليقول:
كانت القبيلة الهبيلة كلما أوقع الحمار، الأحمق المكار، أحد أفرادها، فأحدث الاصابات، وكب الزواد وأتلف الزاد انهالت جميعها ضربا في البردعة!
ويروح أفرادها ينفثون تبرما وتزمرا من سوء أفعال البردعة،
ويصبون جام غضبهم، وأكداس سخطهم على البردعة!
وبعد طول تشكي وهجاء يطالبون بضرورة تغيير البردعة،
ويظلوا لسنوات ينددون ويطالبون بوجوب تغيير البردعة،
وبعد لأي، وعلي مضض يتم تغيير البردعة، ويمضي الحمار كعادته في الرفس والعض وطرح أفراد القبيلة بالأرض، محدثا بها الاصابات، وموقعا فوقها النكسات، ولا يتواني الشجعان من أبناء القبيلة عن الضرب في البردعة، وبعد طول سنين معاناة، ونقد وتأفف، يكثفون طلبهم بضرورة تغيير البردعة، وتتغير البرادع، بردعة تلو بردعة تلو بردعة، وفي كل مرة تبقي ريما علي عادتها القديمة، ولا يأتيهم عيد، وفيه ثمة جديد.
وتجدهم دائما يتركون للحمار أمر تغيير البردعة، وبالطبع فإن الحمار لا يفهم في البرادع، وإنما في البرسيم والفول والنهيق والبرطعة، وتتغير البرادع، وتتبدل، والحمار هو الحمار، وتزداد الحماقات وتتفاقم الأضرار، وأهل القبيلة الهبيلة لا شغل لهم سوى الشكوى والضرب في البردعة، حتى صاروا عند باقي القبائل مضربا للمثل؛ لمن لا يعرف المصدر الحقيقي لمشاكله وبلاويه، فيطلق سهامه ويسدد ضرباته الى غير الهدف الصحيح الذي يفيده ويغنيه فيقال عنه: كمن يتركون الحمار، ويؤدبون البردعة!
ملاحظة: لا يذهب خيالكم بعيداً، فلا عبّاس هو المقصود الأول، ولا فيّاض هو المقصود الثاني.
ومع ذلك نقول إن ما شهدته شوارع الخليل اليوم أعاد لنا الأمل بأن من راهنوا على تدجين الشعب الفلسطيني واهمون واهمون.
ولا نامت أعين الجبناء.
DrHamami@Hotmail.com

رابط الممقال :
assabeel.net/293286
----------------------------
 

تعليقات