كتابات مختارة - الــمــوصــل قبل داعش.. وبعد داعش


الــمــوصــل قبل داعش.. وبعد داعش!!!...
           غسان صبور    
الحوار المتمدن 12-7-2017
الموصل.. هذه المدينة العراقية التي كان يعيش فيها مليون ونصف أنسان.. من جميع الأديان.. بــتــآخ طبيعي كامل.. لم يعد فيها بعد احتلال داعش لها بسنة 2014 لا يزيدي واحد.. قتلوا.. أو بيعوا عبيدا بأسوق النخاسة.. ولا مسيحي واحد.. قتلوا.. أو هجروا.. أو دفعوا فدية باهظة لخلافة داعش.. ومع هذا قتل الكثيرين منهم.. ولم يتبق فيها سوى النادر القليل من الشيعة الذين مات غالبهم من المرض.. وفقدان الماء وأبسط الغذاء... وأجبر من تبقى من السنة على اتباع شريعة البغدادي التي كانت تؤدي يوميا إلى عشرات الإعدامات يوميا... كما أدى تحريرها من مما يسمى (القوات العراقية) هذا الشهر, بعد معارك رهيبة وتفجيرات انتحارية إلى مقتل أكثر من ألفي مواطن بريء... ولم يتبق بهذه المدينة الأسيرة اليائسة البائسة المتفجرة بالكامل.. سوى أقل من عشر سكانها الذين عاشوا أرهب التجارب الداعشية اللاإنسانية... ولم يعد فيها أي أثر لأية عودة حياة ممكنة... رغم إعلانات ما تبقى من السلطات المركزية الحالية في بغداد.. أنها سوف تباشر إعادة الحياة والإعمار.. وباشرت بنقل بعض الشاحنات التي تحمل ماء (تقول أنها نقية) وبعض كرتونات الغذاء إلى من تبقى من السكان المختبئين الخائفين المرضى الجياع... عملية تشبه نقل مياه البحر بالقطارة...
الموصل مدينة شهيدة كاملة.. عاشت مذبحة لاإنسانية مفتوحة سائبة.. من هم مسببوها ومحرضي أسبابها ودوافعها.. أمــريــكــا وحكامها المختلفون.. بوش الأب والأبن وأوباما... داعش ومن خلق داعش وأبناء داعش وحلفاء داعش وقتلة داعش من أقطاع الأرض كلها.. من سوف يحاكمهم.. ومن سوف يعوض كل هذه الأضرار.. ومن سوف يعوض الأضرار الطبيعية والاقتصادية.. وخاصة الإنسانية.. وأيـة محكمة عالمية شريفة إنسانية حقيقية.. ســوف تهتم بالتحقيق بكل هذه الجرائم اللإنسانية التي حيكت ضد العراق.. ضد ســوريا وشعبها ومدنها.. ضد اليمن.. ضد ليبيا...وضد العديد من الدول بها البلدان العربية كلها.. ولماذا لا.. ضد لبنان أيضا وما تحاك ضده من مؤامرات داخلية.. تؤدي إلى تمزيقه طائفيا... نعم إثارة النعرات الطائفية التي استعملت خلال الخمسين سنة الأخيرة كأبغض وأشرس ســلاح كامل.. والذي حضنته واستعملته الدول الغربية الاستعمارية.. وسلحت بــه فصائل غبية من بلدان هذه الدول الجائعة المحرومة من الفكر وأبسط الحريات.. وجعلتها تقتل بعضها البعض.. بصمت من مفكريها وقبول من غباء حكامها المتعلقين المتعربشين بكراسي الحكم والممالك والإمارات.. وحلت اللعنة بهذه البلدان لأن جوفها يحتوي على نصف البترول والغاز في العالم... وبدلا من أن تؤدي هذه الثروات إلى هناء وغنى شعوبها.. وتبعدها وتخرجها من الجهل والجوع والظلم والغباء.. باعهم حكامهم إلى تجار الحروب ومافيات الرأسمالية العالمية.. مقابل حماية كراسيهم وولاياتهم وزعاماتهم العائلية الأبدية.. وتركوا شعوبهم بلا مقاومة تجاه الفقر والجوع والظلم والغباء المتفاقم... مدينة الموصل اليوم.. بالعراق.. وكما وصلت إليه حلب والرقة وإدلب ودير الزور بسوريا اليوم... مــدن مهدمة مهجورة مهملة حزينة بائسة فقيرة يائسة.. بلا ماء ولا كهرباء ولا أبسط غذاء أو دواء...عادت بسنوات وأشهر معدودة.. عشرات القرون إلى الوراء.. تحت قوانين (الشريعة والسيف الإسلاميين)!!!.....
ما غـد أو مستقبل هذه المدن.. ولو تحررت بعد سنة أو سنتين أو عشرة سنوات.. ولو انتهت وتحرر العراق وتحررت سوريا من داعش.. وماذا ستؤول إليه كل حاضنات داعش التي تشكلت وتكتلت وتنظمت.. بأشكال مختلفة.. بمزاريب وخنادق مدن العالم كله... وكيف يعود الأمن والأمان والثقة إلى من تبقى من سكان هذه المدن من مختلف الأعراق والأديان والذكريات والجراح وآلام من فقدوا.. وأية دولة.. وأية سلطة سوف تعيد لهم الأمل والثقة ببناء حياة مستقبلة جديدة لهم ولأولادهم... وجميع سبل الحياة الطبيعية مفقودة!!!...
*************
عـــلـــى الــــهــــامــــش :
ــ نظرة عن تحرير الموصل
شاهدت على قناة تلفزيون الميادين تظاهرات الابتهاج والغناء والرقص... وأنا أيضا سررت جدا من (تحرير) هذه المدينة التاريخية الأصيلة من قبضة إجـرام داعش وزبانيتها المحليين والمستوردين... ولكنني أفضل الانتظار لحين إيجاد مشروع دولي حقيقي لإعادة إعمار هذه المدينة المهدمة بالكامل.. وإعادة أهاليها المهجرين... وخاصة لإعادة جميع أسباب الأمل والأمن والأمان.. وجميع ضروريات وحاجات الحياة الإنسانية الطبيعية من غذاء وكهرياء وماء... وخاصة وسائل التعليم التي حرمتها منه جحافل البغدادي... أبو بكر البغدادي الذي أعلنت وفاته وسائل إعلام داعش نفسها... والتي أكدها اليوم " المرصد السوري لحقوق الإنسان من لندن " والذي يديره من سنوات تاجر سوري معارض اسمه رامي عبد الرحمن, والذي يغذي غالب الصحف المحلية المتخصصة إعلاميا بمحاربة السلطات السورية الشرعية منذ عشرة سنوات تقريبا... كما نشر الخبر ببعض الصحف الفرنسية وبعض المحطات.. مع مزيد من التحفظ.. كالعادة... حيث لم تعرض ولم تقدم أية ثبوتيات مؤكدة عن وفاة أبي بكر البغدادي.. سوى بعض النشرات على النت بعد معركة الموصل.. إعلانات من مسؤولي التنظيم نفسه.. من بحثهم عن خليفة جديد من بينهم.. ليحتل ولاية الخليفة المتوفي.........

كما استمعت مساء البارحة على برنامج Le Club de La Presse نادي الصحافة براديو Europe 1 الصحفية الفرنسية ـ السورية السيدة هالة قضماني, شقيقة المعارضة السورية المعروفة السيدة بسمة قضماني المقيمتين بالعاصمة الفرنسية باريس... سمعت السيدة هالة تتحدث عن تحرير الموصل ونبأ مقتل الخليفة البغدادي.. والتفاهم ما بين الرئيس الفرنسي الجديد وما بين الخط الروسي حول سوريا.. رغم الأسئلة المحرجة من خبراء هذا البرنامج المحترفين.. كانت تحلل المواضيع الثلاثة بالتزام حيادي كامل.. دون الدخول بأي من التفاصيل الديبلوماسية الفرنسية ــ الروسية الجديدة ولا التفاصيل الثابتة للعلاقات الفرنسية الأمريكية (الترامبية)... كما انها بقيت مع خط التحفظ الإعلامي المتعلق بالخليفة البغدادي.. دون أي انتقاد إنساني لشخصه أو لجماعته.. وما ارتكبوه بكل من سوريا والعراق.. وحامت بأشكال مغمغمة عديدة حول الأسئلة عن مستقبل الموصل والرقة.. وبقايا الجهاديين الإسلاميين... وانتقالات حركاتهم إلى العديد من البلدان بأسيا وأمريكا وأوروبا.. وانتقال أعداد هامة إلى منطقة بالفيليبين... مثلا...
كنت أنتظر من هذه السيدة رغم احترامي لحرية رأيها كمعارضة سورية (سابقة) أن تكون أكثر وضوحا ــ كإعلامية معروفة ناجحة ــ بأجوبتها على الأسئلة التي طرحت عليها, خلال العشرين دقيقة من ندوة هذا البرنامج الإعلامي مساء البارحة.....
هل بقيت معارضة شرعية سورية أو عراقية حقيقية يمكن أن تشارك حقيقة بمستقبل هذين البلدين.. وعودتهما إلى سيادة حقيقية تستطيع مقاومة ما وقعت بـه من تجزيء وخراب وأحقاد وضغينة مدفونة وتعصب ديني بين طبقات شعبه المختلفة.. وعودة ملايين اللاجئين.. وبناء وطن جديد.. وقوانين ودساتير جديدة تؤمن وتضمن الحريات الإنسانية للجميع.. مستأصلة كل مواخير الفساد التي هيمنت وخلقت بورجوازيات ومافيات فساد.. استبدلت وغيرت كل قواعد القوانين والنظام... هل تبقت قوى نزيهة شريفة حقيقية باستطاعتها محو كل آثار هذه الحروب الأثمة التي تغلغلت كالسرطان بجسم سوريا والعراق.. وغيرت خارطتهما التاريخية... ولم تنته حتى هذه الساعة.. رغم انكسارات داعش وحلفائها وحاضناتها... ولا يمكن أن ننس كل ما تركت من سرطانات وأمراض فكرية وعقائدية... تحتاج إلى عشرات السنين لمحو آثارها... بالإضافة إلى مئات مليارات الدولارات والأورويات.. لإعادة بناء آثار خرابها وتعويض وشفاء جراحها.. دون إعادة أصالتها التاريخية.. ولا التآخي الذي كان يوحد ــ ولو بقشور ظاهرية ــ فئات شعوبها المختلفة..........
قــرفـي من السياسة.. وصل إلى أقصى حدود ذروته.. ويـأسي من تطور إيجابي لها بالعالم كله.. محزن ومؤلم.. ولولا بعض القليل النادر من أصدقاء (أوروبيين) قلائل ما زالوا يؤمنون بالوفاء والصدق والصداقة والفلسفة التي تحمي فكر الإنسان.. لما استطعت مقاومة هذا اليأس الجامد.. ومتابعة الكتابة الحرة.. والتي تبقى آخر وسيلة للمقاومة...
بــــالانــــتــــظــــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم... هـــنـــاك و هـــنـــا... وبكل مكان بالعالم.. وخاصة للنادر القليل المتبقى من الأحرار الذين ما زالوا يقاومون ويناضلون ــ على حساب حياتهم وأمنهم ورزقهم ــ من أجل الكلمة الحقيقية الحرة والحريات الإنسانية والعلمانية والتآخي والسلام وحريات كل الشعوب والمساواة الكاملة بين المرأة والرجل... والدفاع عن المظلومين والمضطهدين.. وضد الحروب اللاإنسانية الآثمة... لــهــن و لــهــم كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي وتأييدي ووفائي وولائي... وأصدق وأطيب تحيات الــرفــاق المهذبة...
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا


تعليقات