من الارشيف - لحن فلسفي لفقيه القانون الدستوري
لحن فلسفي لفقيه القانون الدستوري
صلاح الدين محسن
23 -3 - 2012
اسمحوا لي . هذه المرة الأولي التي أسمع فيها مثل هذا الكلام , ومن أستاذ للقانون الدستوري . هو واحد من فقهاء هذا القانون في مصر
" دكتور ابراهيم درويش " :
شارك في وثائق الوحدة – دستور الوحدة -
شارك في وضع دستور مصر عام 1971
اشترك في وضع دستور تركيا
شاهدته وسمعته يتكلم , وهو الشيخ الجليل الطاعن في السن , وكأنه أحد الشباب الثائر . يتكلم في ميدان التحرير ..!
في حديثه لقناة الحياة قال ان الدستور يجب أن يضعه كُتاب ومفكرون وشعراء لأنهم يحلمون , والدستور حُلم ..
!!
هنا تملكتني نشوة الطرب , وصحت : أعد .. أعد , عظمة علي عظمة يا دكتووور .. عظمة علي عظمة يا أستاذ القانون الدستوري ..
طربت بحق , ليس لأنني أفلاطوني , انسان حالم بمدينة فاضلة . ويستهويني ويطربني مثل هذا الكلام الذي أسمعه ليس من شاعر هيمان , بل من أستاذ القانون الدستوري . وهو ليس حالما هيمانا مثلي .. كلا .. اذ لم يقل سوي حقيقة قامت بالفعل بعالمنا هذا وليست حلما يوتوبيا .. دعونا نكمل ما قاله :
" تونس أخذت نموذج أول مرة يجري في أمريكا عام 1977 , انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور , وينتهي عملها بانتهاء المهمة .. وقد ضعوا الدستور الأمريكي من 7 مواد , والذين كتبوه كُتاب ومفكرون ,, وليس من بينهم أستاذ قانون واحد ... ولا كانون نوابا في البرلمان الأمريكي .. " .
( عظمة علي عظمة يا دكتوووور , عظمة علي عظمممممة .. فليسمع من يحبون الثريد المحمدي , ومدمنو " الفتة " الصلعمية ) .
ذكرني ما قاله الدكتور , بمقال بعنوان " رؤية لدستور جديد في مصر " , نشرته بعد تردد كبير وباستحياء , خشية أن يقال لي " وما شأن الكتاب والمفكرين . بوضع الدستور ؟ ! هل تهزر ؟ ! , و بماذا يعمل أساتذة القانون المتخصصون , ان كان الدستور سيضعه كتاب ومفكرون وشعراء ؟! " ...
أما الآن .. فقد عرفت أن وضع الدستور هو شأن الكُتاب والمفكرين .. و الشعراء , وشأنهم وحدهم .. دون اشتراك أي واحد من ترزية القوانين ... هكذا فعلت الولايات المتحدة الأمريكية ... وقلدتها تونس – والكلام للفقيه الدستوري – أستاذ القانون - ...
- مقالنا المشار اليه كان عبارة عن سطور قليلة . نشرناه بعد الثورة ب 10 عشرة أيام فقط الحوار المتمدن - العدد: 3272 - 2011 / 2 / 9 – , وقد اقترحنا فيه 7 بنود لا أكثر . موجود علي هذا الرابط :
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=245170
----
وبعدما فرحت , لا أدري ماذ حدث برأسي , اذ خطر ببالي . انني لو حضرت الحديث مع دكتور درويش . في هذه اللحظة لكنت قد سألته : يعني قيام مفكرين وكتاب بوضع الدستور المصري , هذا عظيم , ولكن مثل من ؟ الأستاذ فهمي هويدي ؟ ودكتور زغلول النجار , والدكتور سليم العوا ...؟ انهم كُتاب ومفكرون .. ..
... ... ...
أم الدستور يضعه مفكرون وكتاب من خارج الاتجاهات الدينية , لكي يخرج الدستور غير مصبوغ بالطائفية , مبرأ من الانحياز لدين دون آخر , أو لجنس دون آخر ,, اختيار مفكرين وكُتاب , من خارج التكتلات الدينية التي تري الدين وطن والوطن طز فيه وفيمن هم فيه ! , ومفكرين وكتاب وشعراء من خارج الأحزاب والتجمعات العنصرية , المنادية باسم قومية معينة وبعينها ودون غيرها , والانتماء اليها – كخير أمة – حتي ولو كانت قومية وافدة علي مصر , ولا تربطها بها سوي مجرد لغة . قد تتغير , كما تغيرت لغات كثيرة عبر التاريخ , وذهبت . و بقي الوطن واسمه خالدا .. ؟
هل يمكن اختيار مفكرين وكُتاب من النوعية القادرة علي وضع دستور مصري , علي المستوي الأمريكي , يحترم جميع المواطنين ويحمي حقوقهم أيا كانت دياناتهم أو أجناسهم أو أعراقهم , أو لغاتهم ؟ ... أم كُتاب ومفكرين وشعراء , يفصلون لنا دستورا يسير علي شرائع القرون الوسطي ؟!
وكيف يتأتي عدم اشراك مفكرين وكتاب يدينون بالولاء للأديان وللعرقيات بأكثر من الولاء للوطن والشعب ؟ كيف يمكن رفضهم أو منع اشتراكهم ؟!
لعل الفقيه الدستوري . لديه الاجابة الدستورية والقانونية علي هذا السؤال , لنعرف مدي امكانية ذلك , من عدمه - , ولضمان خروج دستور عصري , قويم مستقيم خالي من العوج ؟
حديث دكتور درويش مع قناة الحياة . جدير بالاستماع اليه لنهايته . ولكن نقتطف لكم , ما أمكننا اقتطافه - ولو أمكننا لنفلناه لكم مكتوبا بأكمله – فمما قاله :
* وجود الأخوان والسلفيين – في البرلمان المكون منهم كأغلبية . باطل , والمحكمة الدستورية ستحكم ببطلانه وحله أكيد .. لو كانت المحكمة سليمة .. فالمحكمة الدستورية تم تسييسها منذ " ممدوح مرعي " , وقد انتهت ( استقلاليتها ) من بعد " عوض المر" – المستشار عوض المر . الرئيس الأسبق لها - .
* الاستفتاء علي التعديلات الدستورية بعد الثورة . كان كارثة .. والتفكير فيها كان قبل الثورة . وصدر قرار , أثناء الثورة بالتعديل الدستوري الكارثة ..
* المادة 21 من الدستور تتصادم مع المادة 28
* اتصل بي دكتور سرور ( رئيس البرلمان . قبل الثورة , المحبوس حاليا ) لأجل تعديل الدستور , قلت له لا .. الدستور لا يجوز فيه الترقيع أو التعديل . لابد من دستور جديد
* الدساتير ذوات ال 100 مادة و500 مادة , موضة انتهت .
* في 20 يناير2011 – قبيل الثورة بخمسة أيام . أدليت بحديث لجريدة المصري اليوم , قلت فيه . لن يتم التوريث , وستقوم ثورة .
* بتأكيد مؤكد أنا مسؤول عنه وليست قناة الحياة : حدثت صفقات بين المجلس العسكري وجماعة الاخوان وقت الثورة , قبل تنحي الرئيس
الصفقة كانت مع مبارك : ألا ينزلوا مع الثورة , فكانوا آخر من نزلوا وأول من انسحبوا .
* الرئيس لم يتنح , الرئيس سقط .
* بموجب التعديلات الدستورية – التي كان وراءها الاخوان – يكون النظام الساقط هو نفسه القائم الآن . !
* منذ نشأة الاخوان من 80 عاما , سلوكهم صفقات : صفقة دستور 23 اسماعيل صدقي ( ونفاق ) حسن البنا . في وصفه له كما ( النبي ) "يوسف الصديق " ! وصفقة مع عبد الناصر عام 1954 وأخلوا بها فكانت نهايتهم . وصفقة مع أنور السادات فاغتالوه , وصفقة مع الوفد عام 1984 , وفي عام 2005 صفقة مع نظام مبارك . كان التوريث بدأ – 1995 – , وقداعتادوا الاخلال بالاتفاقيات – بالصفقات - . يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يقولون .
* لم ينجح الاخوان بجهودهم في أي انتخابات – ولا الأخيرة بالبرلمان ولا ما قبلها . الانتخابات مطعون في دستوريتها
* شيل الحزب الوطني وحط الاخوان والسلفيين ( أي : لا فرق )
* فاروق سلطان – رئيس المحكمة الدستورية حاليا – كان مقدما ( برتبة مقدم ) في الجيش ( ضابط عسكري )...! ويحتفظ بالطعن المقدم في دستورية مجلس الشعب , في الدرج , ولم يعرضه علي المفوضين !
* المجلس العسكري أخل بنظام اختيار رئيس المحكمة الدستورية – ليعين ضابط ! –
* رئيس المحكمة الدستورية يجب أن يكون أقدم واحد , ولكنه ( فاروق سلطان ) أحدث واحد ولا علاقة له بالدستور ( اذاًً من الذي أفسد القضاء في مصر , مثلما أفسد كل شيء ؟ انهم العسكر )
* انتخاب خمسين بالمائة من النواب .. للجمعية التأسيسية للدستور اجراء غير سليم بالمرة , لا يجوز للنواب .. الدستور هو الذي يخلق البرلمان وليس البرلمان هو الذي يخلق الدستور
* حكم صدر من المحكمة الدستورية – العظيم " عوض المر " - عام 1994 " لا يجوز للسلطة التشريعية أن تمس الدستور لأن الدستور هو الذي خلقها .
* أنا اقترحت علي المجلس العسكري في الاجتماع الذي تم في 16 مايو 2011 . لجنة محايدة من 10 عشرة لا أكثر من ذلك . منها ما لا يقل عن 8 أو 9 من الكتاب والمفكرين والشعراء , لانهم الأقدر علي الحلم ... الدستور هذا " حلم " .
تعليق : الاقتراح قدمه للمجلس العسكري . أي أن المجلس العسكري هو الذي سيختار - هو أو من يمل اليهم – ! وسوف يختار من يميل اليهم .. هكذا رجعنا للعسكري ! .. وهو المشكلة , بل هو كل المشاكل ..
ولماذا لا يكون الأعضاء جميعهم مفكرين وكتاب و شعراء ؟ وليس كما اقترح الدكتور - 8 : 9 أعضاء من 10.. ؟ لانه لو دخل بينهم ضابط واحد لأفسد الطبخة كلها – فالعضو الضابط مستند علي الدبابة والمدرعة والمدفع . لا علي رأي ورأي آخر , ولاديموقراطية ولا نقاش وحوار , لا لا هؤلاء لا دخل لهم الا بالدبابة والمدرعة والمدفع , ومكانهم ثكنات الجيش .
و طالما كان الأمر بيد العسكر – مجلس عسكري – فمثلا : أي الشعراء سيختار ؟
هل سيختار شعراء مثل فاروق جويدة ؟ أم مثل أحمد عبد المعطي حجازي ؟ وشتان بينهما ...
مثل " فاروق شوشة " ؟ أم مثل " أحمد فؤاد نجم ؟ - أوالشاعر الشاب " هشام الجخ " - ؟ وشتان ..
أم سيختار شعراء برتبة لواء – ألا يوجد شعراء قوات مسلحة , يقولون شعرا في عبور 1973 , ومدح المشير طنطاوي ؟!
ويوجد شعراء ضباط شرطة .. يقولون شعرا في اللواء حبيب العادلي ..
وشعراء أمن وطني - أمن دولة - يقولون شعرا في اللواء عمر سليمان , وفي الجواسيس الأبطال .. كرأفت الهجان , وجمعة الشوان ؟ أكيد يوجد .. ؟
وكذلك لدي الاخوان والسلفيين شعراء متخصصون في مدح الرسول الكريم ..
ولدي الصوفييين – الذين اختفي صوتهم تماما ! – شعراء في مديح السيد البدوي والامام البوصيري , والامام أبي العزائم , وسينا الحسين , ورئيسة الديوان " السيدة زينب "
أوليسوا كل هؤلاء شعراء ؟!
علي الأقل هم شعراء في رأي المجلس العسكري وفي رأي جهازي الشرطة والأمن , وفي رأي فضيلة المرشد العام ..
فلأي شعراء سيعطي المجلس العسكري الأولوية للاشتراك بالجمعية التأسيسية للدستور؟!
ان وجود المجلس العسكري , لا يطمئن علي سلامة أية خطوة من خطوات التغيير , والأفضل ارجاء الدستور .
ولو تم انتخاب رئيس حكومة مدنية , حتي وان كان باشراف دولي لعملية الانتخاب .. فان العسكر قبل تركهم للسلطة وبالتواطؤ مع الاخوان والسلفيين . سيوجهون الفرصة لصالح أحد دعاة الدولة الدينية أو أحد فلول الحزب الوطني وأعوان العسكر , ليكون رئيسا لمصر !
والحل هو القانون الدولي ..
القانون الدولي هو الحل .. لابد من اللجؤ للأمم المتحدة . والمحكمة الدولية . لتفرض فرضا دستور ونظاما علمانيا , لا ديني ولا عسكري , ومطالبة الأمم المتحدة بالتعهد بعدم الاعتراف بنظام غير علماني , حرصا علي سلام وأمن مصر والمنطقة , وسلام العالم .
والمظاهرات المليونية لا تكون الي ميدان التحرير , بل الي مكتب الأمم المتحدة بالعاصمة ..
وبعدها يعاد ترتيب وتنظيم كافة أجهزة الدولة – والمجتمع - وتنقيتها تماما , من كل مظاهر العسكرة , والبولسة , والأمننة , و الدروشة - الأخونة والسلفنة - .
فلعل الواجب علي كل ناشطي حقوق الانسان , والشخصيات السياسية الواعية . ألا تتوجه للنائب العام ولا للمحكمة دستورية ولا للقضاء الاداري .. فكل شيء بيد العسكر . وحلفائهم الاخوان والسلفيين . – كل هذه الأجهزة , ورغما عنها .. قد سُيست عسكريا وأخوانيا وسلفيا ..
بل علي كل ناشطي حقوق الانسان , والشخصيات السياسية الواعية , أن يتوجهوا للأمم المتحدة , والمحكمة الدولية ... فمصر , وباقي دول المنطقة الغائصة في مستنقع الأخونة والسلفنة , والغارقة في بركة العوربة .. لن تحل مشاكلها مع حكم الديكتاتوريات والفاشيستيات , الا بقانون دولي يفرض علمانية الدستور وديموقراطية ومدنية نظام الحكم فرضا , وجعله شرطا لاعتراف المنظمة الدولية بأي نظام ..
-- رابط الحديث مع دكتور درويش :
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=2UPsQYGdA6U
====
سبق النشر بموقع الحوار المنمدن 23-3-2012
تعليقات
إرسال تعليق