كلاكيت - كرة القدم / هل هي رياضة ؟!
كلاكيت - كرة القدم / هل هي رياضة ؟! ( ( المقال سبق نشره منذ 13 سنة . بموقع الحوار المتمدن بتاريخ 2010 / 1 / 30 )
صلاح الدين محسن
حتي سن 16 سنة من العمر. مارست لعبة كرة القدم و كنت اسجل أهدافا . ولكنني لم أكن في نبوغ صبية قرويين فقراء . أقول في نفسي كلما تذكرتهم : لو وجد هؤلاء من يلتقطهم ويرعاهم لخرج منهم " بيليه " ، او " بوشكاش " ، أو " مارادونا " ، أو " زين الدين زيدان " او ..الخ . اتذكر منهم " محمد عبد الحميد " – كانوا ينادونه " محمد ذرة " – الذي كان في لعبه بالكرة يجمع بين الرقص والهندسة والتخطيط وبراعة وخفة التسديد..! . ..
وكم حرصت علي مشاهدة المباريات ولكنني لا اتذكر ولا مرة تعصبت لنادي من النوادي . ولا دخلت مرة في لغط المناقشات البيزنطية حول – الأهلي والزمالك - التي طالما بين الصبية في مثل عمري وقتذاك . وكنت أتعجب مما يدور .. ولا أري له ثمة مبرر او فائدة ..
كرة القدم هي الوحيدة من بين الألعاب الرياضية التي تثير في الناس غريزة النعرة القبلية الفطرية الكامنة منذ بدائيات الانسان ...
عرفت مديرا كان يوقع بلا حساب علي تصاريح منح سلف للعاملين يوم فوز نادي الزمالك – المصري - . واذا انهزم النادي فان كل من له طلبا او مظلمة او التماسا لدي هذا المدير ينصحونه بالا يذهب اليه . لأن مزاجه معتكر – كانت شركة قطاع عام ! – ومثل ذاك المدير أعتقد أن كل مصري يعرف واحدا مثله وربما اكثر ..!
ماهي علاقة ذاك المدير بذاك النادي ؟
هل هو عضو به .. لا..
هل له ابن هو لاعب مهم به ؟ ابدا ..
هل له صديق بهذا النادي ؟ أبدا ..
اذا ماذا يكون الامر ؟
انه : هوس .. خبل كروي قدماوي .. .. لعب رياضة .. صارت كما الديانات . لها مذاهب وأتباع ومريدون ، وتشعل الحروب بين جماهير النوادي – وتكاد بين الشعوب والدول أيضا – تماما كما العقائد الدينية والسياسية – الي حد ما - ..! .
كان لي زملاء تلاميذ وجيران في ذاك الوقت – وأنا تلميذ بالمرحلتين الابتدائية والاعدادية - . يحفظون عن اللاعبين والألعاب والمباريات اكثر مما يحفظونه عن دروسهم المدرسية !. وكانوا يتصايحون ويتشاتمون بسبب كرة القدم .. و كنا نشاهد مباريات الشباب الأكبر منا يلعبون الكرة الطائرة .. وكان منا من يلعب بمهارة كرة تنس الطاولة .. وأحيانا كان التلميذ يفوز علي المدرس ..! ولكن لا صياح ولا مشاجرات ولا منابذات ولا معايرت ولا شتائم ولا عراك - وتبادل اللكم و الضرب . أحيانا - الا حول كرة القدم .
لن انسي وقتما كنت موظفا باحدي الوزارات بمصر . انه في صباح اليوم التالي لكل مباراة بين نادي الأهلي ونادي الزمالك . كنت ادخل غرفة المكتب فأجد الموظفين قد تركوا اعمالهم وراحوا يتجادلون ويتصايحون حول مباراة كرة القدم التي جرت باليوم السابق .. أهرب من ضجيجهم لغرفة المديرين الثلاثة .. فأجدهم بنفس الحال ..!
اعرف كيف أشير للاعب متميز ، أو لعبة عبقرية في كرة القدم أو غيرها ، ولكن بغض النظر عن اسم النادي أو الدولة – رياضة وفن آداء رياضي فحسب -.. و مهارات لاعبي الجمباز وكرة التنس وكرة الطاولة وكرة السلة . تسحرني أكثر ، وهي ارقي وارق و أنظف وألطف من كرة القدم ..
لست ضد الرياضة بكل انواعها وفنونها .. ولكن كرة القدم هي اللعبة الوحيدة التي تخرج بها كل الشعوب عن صوابها – وبدرجات - فضلا علي استغلال تلك اللعبة من قبل النظم الديكتاتورية لالهاء شعوبهم وتخديرها .
مشجعو أحد نوادي القاهرة كانوا يسحبون كلبا أو حمارا ويلصقون عليه اسم وصورة كابتن النادي الآخر المنافس ..! – وهذا نادي مصري وذاك أيضا مصري ! .. ولكن الناس لا يجدون الا في كرة القدم ( كما العقيدتين الدينية أو السياسية .. ) وسيلة للتنفيس عما بالصدور من نزوع وصراع وطاقة غيظ وحب انتقام قبلي غريزي بدائي
أية لعبة رياضية ان كان هكذا حالها ، وهكذا تسبب للناس . مهما كانت بها من فنون وابداعات .فلتذهب الي الجحيم ..
في الستينيات من القرن الماضي . كان المصريون بنتظرون مشاهدة مباريات " محمد علي كلاي" الملاكم العالمي . وهم متعاطفون معه لاعتناقه الاسلام .. ولكن لم تخرج مظاهرات تهليل بفوزه كما يحدث بمباراة كرة القدم ..! ولا جروا كلبا او حمارا وعلقوا عليه اسم وصورة غريم كلاي . مثلما يحدث بكرة القدم .
.
كم مرة تتذكرون لاعبا ضرب زميله أو ضرب الحكم . أو جمهورا ضرب بعضه وسقط بينه قتلي وجرحي في مباراة لكرة اليد أو كرة الماء ، أو كرة التنس او كرة السلة أو الوثب العالي أو الوثب الطويل أو الوثب الطويل ، أو القفز بالزانة – تلك اللعبة الرائعة -.. أو أي من الالعاب الرياضية الاخري بخلاف اللعبة التي تضخ السفالة والعدوانية القبلية : كرة القدم ؟!
العقيدة الدينية والعقيدة السياسية والعقيدة الكرة قدمية : هذه العقائد الثلاثة هي التي يمكن ان تفاجا منها باناس كثيرين تعدهم عقلاء وعلماء ومحترمين ، ولكنهم يفقدون العقل والمنطق والرشد . تعصبا .. بمجرد أن يبدأ الحديث في احدي تلك المعتقدات الثلاثة ...وتجدهم كما لو كانوا قد تحولوا الي كائنات أخري .. والفم الذي كنت منذ دقائق تشم منه رائحة العلم والأدب والحكمة .. قد تشم منه رائحة البرسيم ..!
ان ما حدث بسبب مباراة في كرة القدم من قبل بين مصر والجزائر بين الجمهور ، وبين الشعبين والحكومتين .. لم يكن ينقصه سوي ان تعلن احدي الدولتين الحرب رسميا علي الدولة الاخري . وربما كان قد حدث ذلك بالفعل لو كانت هناك حدود مشتركة بين الدولتين ..
وربما لو كنا لا زلنا في عصر الحملات العسكرية – كأيام محمد علي باشا الكبير - حاكم مصر في النصف الاول من القرن التاسع عشر– لأعد حملة عسكرية من حملاته العسكرية الشهيرة . لاحتلال الجزائر ، أو لتاديب الجزائريين .. علي غرار حملاته لتاديب بدو الصحراء ... !
ما اكثر الالعاب الرياضية .. فتري : أية لعبة رياضية يمكن أن تؤدي لذلك بخلاف لعبة كرة القدم ؟؟
منذ سنوات . قام جمهور كرة القدم الانجليزي الذي ذهب لتشجيع بلده ببعض بلدان اوربا بارتكاب مخازي غير معقولة اذهلت العالم .. لمخالفتها غير المتوقعة لقيم وأعراف وآداب المجتمع الانجليزي .. فهل فعلها الجمهوري الانجليزي من قبل او يمكن أن يفعها . في اية لعبة رياضية أخري سوي في لعبة واحدة تلك التي اسمها : كرة القدم ؟؟؟؟؟
الالعاب الرياضية بالكرة كثيرة .. منها كرة اليد ، كرة السلة ، كرة التنس ، كرة الماء ، كرة تنس الطاولة ، الكرة الطائرة ، كرة القدم ..
ولعبة الكرة الوحيدة التي نجد فيها سؤ أدب اللاعبين وسؤ أخلاق الجمهور وقلة عقل الشعوب وسؤ سلوك وتصاريف الحكام – احيانا- هي الكرة الوحيدة التي تلعب : ركلا بالحذاء ! ... ...
الذي اذاب الجليد بين الصين وأمريكا . وفتح الباب للمصالحة واقامة العلاقات واعتراف أمريكا بالصين وقبول دخولها عضوا بالأمم المتحدة .. مما يصب في صالح السلام العالمي .كان سبيله احدي الألعاب الرياضية . وهذه اللعبة لم تكن هي لعبة كرة القدم .. بل من خلال فريق " كرة تنس الطاولة " عام 1971..
أعتذر لمعتنقي الديانة الكرة قدمية . ان كنت قد جرحت او اسأت لمشاعرهم العقائدية . وارجو الا يعتبروا ذلك ازدراء عقائدي .. اذ لا زلت اعاني من آثار عقوبة 3 سنوات سجن - بمصر - بتهمة ازدراء عقيدة أخري ..
****** ******
من تعليقات القراء :
التسلسل: 1 العدد: 88221 - نسبية الأشياء
2010 / 1 / 30
تعليق : رعد الحافظ
كلامك يا إستاذنا صحيح وعلمي عموماً حول اللعبة الأكثر شعبية في العالم
نعم تحدث من جرائها المشاكل وتتحول المنافسة أحياناً الى نقمة على الطرفين وجمهورهم
لكن من جهة أخرى , لو نظرت لنصف الكأس المملوء
من هي اللعبة المفضلة الأولى في العالم والتي تُسعد الملايين ؟
كم ساعدت هذه اللعبة على نشر الرياضة عموماً والأندية والساحات ؟
الشباب طاقة وكرة القدم تمتص زخم كبير من طاقتهم في أوقات الفراغ , ممكن أن تتوجه الى الدين والصلاة وتعرف بعد ذلك , الخطب النارية والتحريض على القتل , ممكن ؟؟
في الدول المتقدمة وإهتمامهم بهذه اللعبة وإنشاء الملاعب بل المدن الرياضية , كم خلق من مجالات وفرص عمل ؟
ألم تقرّب هذه اللعبة أخيراً بين تركيا وجارتها المظلومة أرمينيا ؟
لا يوجد وجه أبيض ناصع لشيء في الدنيا...دائما النسبية تجعل إمكانية تحوّل ذلك الشيء الى أسود عند الآخرين
حتى في مصر اليوم / لو أحسن المسؤولين إستغلال تلك الحمى إيجابيا , لأصلحوا الدنيا بها وأقاموا الملاعب والساحات والأندية في كل منطقة بتظافر الجهود الشعبية المليونية , بدل الدشداشة القصيرة والزبيبة وسكب الحامض في وجه البنات
تحيّاتي لجهدك الكبير
التسلسل: 2 العدد: 88227 - تمدن وتصَحٌر
2010 / 1 / 30
تعليق : جحا القبطي
أعتذر لمعتنقي الديانة الكرة قدمية . ان كنت قد جرحت او اسأت لمشاعرهم العقائدية . وارجو الا يعتبروا ذلك ازدراء عقائدي .. وهذا قولك.. اذ لا زلت اعاني من آثار عقوبة 3 سنوات سجن بتهمة ازدراء عقيدة .. لا تخشي عزيزنا المفكر الأستاذ صلاح من وشاية ودفاع المغفلين فنحن بحرمة موقع التمدن , ولسنا تحت مظلة عقائد التصحر مع تحياتي
التسلسل: 3 للأسف رياضة و لكن
2010 / 1 / 30
تعليق : محمد حسين يونس
قبل أن تصبح كرة القدم تجارة رابحة تدر الملايين علي اللاعبين و الأندية والسماسرة و الفضائيات والجرائد والمجلات كانت رياضة جميلة.. ثم تحولت الي وسيلة تأثير تستخدمها السياسة والتجارة فأصابها ما أصاب السوق من عفن المضاربات.. وأصبحت الهدف والنجاة والأمل للفقراء أن يقفز أبنهم بهم الي أعلي السلم.. المشكلة الجديدة هو استخدامها من قبل الجماعات الدينية المتطرفة لنشر أسلوبها الرجعي.. وهنا بصراحة مكمن الداء وصفت هذا بالتفصيل في المقال السابق لمقالك اليوم علي الحوار المتمدن
التسلسل: 4 ردود
2010 / 1 / 30
كاتب المقال
- أ . رعد
شكرا لك .
---
الأستاذ جحا القبطي - تعليق 2
شكرا علي مودتك وتواصلك
مع التحية
الأستاذ محمد حسين يونس - تعليق 3
قرات مقالك . الذي اشرت اليه . اعجبني جدا . ممتاز . لعل المقالين يكملان ويتممان صورة واحدة
التسلسل: 5 - مع مودتي
2010 / 1 / 30
تعليق السيد : afteem delavega
مقال رائع ومن المفروض لهذه الرياضه ذات الشعبيه الساحقه ان تكون جسر لتلاقي الشعوب الا ان طغاتنا استغلوها للتغطيه على جرائمهم وذلك بالهاء الشعوب المغلوب على امرها وزرع بذور التفرقه والعنصريه والغريب يااستاذ صلاح ان مباره في كرة القدم قادره على حشد الاف المصريين بينما لا تستطيع حركة كفايه ان تحشد المئات .. انا شخصيا اعشق جدا الباسكتبول والتنس وبعد ذلك كرة القدم ومتعصب للطليان ..مع مودتي لشخصكم الكريم
التسلسل: 6
ردود : كاتب المقال
السيد / afteem delavega- تعليق 5
شكرا علي تعليقك الهام .. جمهور الكرة . عقب هوجة مباراة مصر والجزائر - قبل الأخيرة- استغلت الحكومة الفرصة ورفعت الأسعار في الهوجة ! والغلاء من قبل رفعها هو نار وسعير يتلظي فيها الشعب . ولم يخرج جمهور كرة القدم ليحتج ولو بمنتهي السلمية ! وعندما يقتل مواطن بقسم الشرطة وتتكرر وتكرر هذه الجريمة . لا تسمع لجمهور كرة القدم ثم راي ولا حس ولا خبر .. وعندما اغتصبت الصحفيات امام باب النقابة لمنع كشفهن لتزوير الانتخابات . لم يسمع لجمهور كرة القدم ثمة صوت ولا صراخ
شكرا علي تعليقك الصائب
التسلسل: 7 هل قرأت مقال الأستاذه ياسمين يحيى
2010 / 1 / 31
....................
لم ينشر التعليق لمخالفته القواعد
التسلسل: 8 - نكت رهيبه
2010 / 1 / 31
التحكم: الحوار المتمدن ....................
لم ينشر التعليق لمخالفته القواعد
التسلسل: 9 - على الجرح
2010 / 2 / 1 - 17:20
تعليق : Wel3a
كعادتك دائما تشدنا اليك بكتاباتك الساحره
اتذكر كيف كانت القياده السياسيه والعسكريه المصريه غائبه ومغيبه ولاهيه الوطن كله باداره كرة القدم سنوات ١٩٦٥ وما بعدها. كان هم المشير والرئيس و المدير والغفير هو تعيين اللاعبين فى القوات المسلحه وقبل النكسه باربعة اشهر اصاب البلاد الشلل التام بسبب لاعب بفريق طنطا الرياضى.
عندما التقى موشى ديان بالصحافة سالوه عن سبب الفرق الشاسع بين اداء الجيشين فرد قائلا : بينما كان الرئيس ناصر و المشير عامر مشغولين بقضية الللاعب في فريق طنطا كنت
انا اعيش و اتدرب مع جنودى
لعن الله حكامنا العسكر القدامى والجدد
-----
ما حدث مؤخراً - هذا الشهر 2022 , في البرازيل بعد خسارة مباراة في المونديال المقام في دولة قطر :
------
بعدما خسرت فرنسا الكأس منذ ايام في ديسمبر 2022.. ماذا فعلوا باللاعبين من أصل افريقي ؟
https://fb.watch/hx7a2kt6T-/
------
تعليقات
إرسال تعليق