نجع الخبلان

نجع الخبلان 

قصة  صلاح الدين محسن

18-5-2015

في مبني دار المناسبات بالنجع  عقدوا مؤتمراً لبحث جريمة قتل الذئب البريء .

القاعة كانت مزدحمة . بينما سرادق العزاء في ضحية الذئب كان شبه فارغ
فالذي تم قتله دون تدقيق هو الذئب السمين البريء . بينما  الجاني كان شقيقه الذئب النحيل , وهو الأشرس والأسرع عدواً , 

والشهود موجودون  انهم أخوة الرجل الشهيد الذين سمعوا صياحه في الحقل , فهرعوا  وما ان رآهم الذئب حتي سارع بالفرار وسط أعواد القصب العالية . بعدما  نهش نصف رأس الضحية وجزء من رقبته   . شاهدوا الذئب وتأكدوا منه .
لذا عندما رأوا الذئب الذي سارع بقتله أحد أبناء النجع . ثأراً , أكدوا بانه ذئب بريء من دم شقيقهم , وقد قتل ظلماً .

في المؤتمر . قالت محامية حقوق الانسان " حنان الرهيف " : انها ضد القتل , حتي ولو كان المقتول ذئباً . فالقتل ضد الحياة التي يجب أن نحميها .
وقال الأستاذ سأيف الثقفان . وهو المثقف المرموق بالنجع : نعم , أتضامن مع الأستاذة حنان . فيما قالته . ان كنا نقتل الذئب , مثلما قتل شقيقنا . فما هو الفرق بيننا وبين الذئب !؟ لا لا أنا ضد القتل

فاعترض الشاب عقيل – وهو طالب ثانوي . بنجع الخبلان - :
عقيل – موجها كلامه للسيد " سأيف الثقفان " : يا أستاذ سأيف الثقفان . هل نسيت القول " تذأبوا كي لا تأكلكم الذئاب !؟
( بنصف ضحكة تعني السخرية من صغر سن الطالب عقيل  , ولكن بلهجة لا تخلو من الحنان  ) قالت المحامية
" حنان المرهف " للشاب عقيل : لا لا أنا ضد القتل , ولو  لا حتي الذئب , خاصة ان كان الذئب بريئاً . فالقتل شيء غير حضاري . ونبذته الدول المتحضرة

صحيان – فلاح مستنير معروف بحبه للقراءة - : يا ست حنان , هذا ترف حضاري . هو من حق الدول التي تحضرت . أما الدول التي لم تتحضر بعد ومتخلفة في كل شيء , فما دخلها بالترف !؟ , بينما  لا تزال  الثعالب تسرق دجاجها وأوزها , والذئاب تنهش وتصرع رجالها  وخرافها ونعاجها !؟ ,
الشاب عقيل   موجها حديثه للمحامية الحقوقية  حنان:  عما تدافعين يا سيدتي !؟ عن حقوق الانسان ؟ أم عن حقوق الذئبان ؟

الناشطة الحقوقية حنان المرهف : أنا ضد الظلم . فالذئب الذي قتلوه ليس هو الذي نهش لحم المرحوم وقتله . بشهادة الشهود . أي يوجد ذئب بريء قد تم قتله , دونما تبصر وبلا تحقيق أو تدقيق . وهذا ظلم . وأنا ضد الظلم , ولو كان المظلوم هو ذئب   
هراش - فراش مدرسة القرية  - : سواء كان الذئب المقتول بريئاً من دم المرحوم أو غير بريء . فهو ذئب , عايش وسط الحقول , لكنه لا ياكل خضار ولا فواكه ولا حبوب . يعني لازماً وحتماً انه غداً سيقتلني أو يقتلك يا أستاذة حنان . أو يقتل أي واحد من الموجودين , لأنه ذئب , فهل تنفين انه ذئب .. !؟

ناهض التقدماوي ( مخاطبا " هراش " ) : يا أخي ألم يتقطع قلبك لرؤية زوجة الذئب القتيل , هي وصغارها !؟ لقد شاهدتها تمر مسرعة وسط زراعات الحقل . فأصابني الحزن لأجلها ولأجل صغارها

هراش : رأيتها , زغاريدها عواء ذئاب , وشارتها شارات ذئاب مفترسة . وغطاء رأسها , يبريء قائل زوجها الذئب – فكل ما فيها ذئبوي . ذئبة زوجة ذئب , سواء كان الذئب زوجها هو الذي قتل أخانا المرحوم بالأمس   أم سيقتل رجلاً آخراً في الغد أو بعد الغد .. سيان .

طحان (  خفير خصوصي بالنجع )  - موجها كلامه ل" ناهض التقدماوي " : أنا لم 

أشاهد حزن زوجة الذئب الشهيد ..! بل شاهدت بنات وزوجة  صديقنا  المرحوم . 


الذي قتله الذئب القاتل , أخو الذئب البريء . فتقطع قلبي مثلك لكن علي آدميين لا 

علي الذئاب . فكيف لا يتقطع قلبك سوي اشفاقاً علي الذئاب !؟

في الناحية الأخري , كان سرادق العزاء في الرجل ضحية الذئب . بعدما طال انتظاره لمعزين لم يحضروا .. قد أوشكوا علي أن يفضوه
بينما مؤتمر مناقشة قتل ذئب بريء . ظل الحوار فيه مشتعلاً , ويتوافد اليه المزيد من الحضور . الذين لم يكن ينقصهم الا حضور عمدة – مختار –  قرية " نجع الخبلان " . شخصياً . والذي لم يذهب لا هو ولا مندوب عنه لسرادق العزاء في ضحية من فقراء الآدميين  , قتلة الذئب المفترس الذي حظيت عشيرته بالتضامن معها والدفاع عنها .

 

*****************

تعليقات