كتابات مختارة
نصف قرن يمر علي هزيمة 67
محمد حسين يونس
2017 / 5 / 5
موقع الحوار المتمدن
((الناس العاقلة تتعلم من هزائمها أكثر مما تتعلمة من إنتصاراتها .. لذلك نحن لا نتعلم أبدا .. فقد حولنا كل الهزائم لانتصارات)).
مدخل للحديث
في 20 اكتوبر 1827 امام خليج نفارين باليونان تمت هزيمة الاسطول العثماني ،المصرى، الجزائرى بقيادة ابراهيم باشا من اسطول فرنسي، انجليزى، روسي و تم تدمير الجزء الاكبر من القوات المصرية المشاركة.
منذ ذلك التاريخ أصبحت استراتيجية الاستعمار العالمي هو عدم السماح للجيش المصرى بان يصبح قوة مؤثرة في المنطقة .
بدأ باضعاف تدريجي (لمحمد علي) وهزيمة جيوشه و تصفيتها حتي رحيلة عام 1849 ، بالاضافة إلي فرض الوصاية علي الحكام من ابناءه و تحجيم جيوشهم واجهاض النهضة كلما لاحت مع اغراقهم في ديون أدى عجز سداد فوائدها لدخول القوات البريطاني مصر وهزيمة العرابيون في التل الكبير 15سبتمبرمن عام 1882 ودوام احتلالها لبلدنا حتي 18 يونيوعام 1956
الجيش المصرى بعد الاستقلال ..أصبح المستهلك الاكبر لثروات البلد والحائز علي أعلي مخصصات الميزانية .. و المتسبب الاساسي في أغلب ديون مصر ( بهدف شراء ال سلاح ، وتسديد تكاليف التدريب)...بل لقد أصبح (تابو) لا يمكن الاقتراب منه أو تفنيد أعمالة أو تقييم أداؤة أو مراقبة حساباتة بواسطة أجهزة الدولة و البرلمان أو توجيهه سياسيا .. هو فوق النقد هو فوق المناقشة هو الكامل الذى لا يخطيء و يضحي بأرواح أفرادة من أجل أن تحيا في مصر آمنا.
و مع ذلك فالجيش الذى ينفق علي تسليحة المليارات ، ترك سلاحة كغنيمة حرب للعدو عندما إنسحب من الميدان مرتين في 56 و في 67 و دمر في 73 فرقة مدرعة بغباء تكتيكي يندر حدوثه.
ثم أصبحت أسلحته ( التي إشتريناها بالدين )غير فاعلة .بعد تعديل عقيدته في القتال لتصبح أمريكية بدلا من السوفيتية.
الجيش خططوا له بعد أن أصبحت مصر عهدة بين يديه عام 2011 أن يكون المستهلك لأغلب مديونياتنا عن طريق شراء غواصات و حاملات هليوكوبتر وطائرات قتالية حديثه ثمن أى منها يقيم عشرات المستشفيات أو مئات المدارس أو يصلح الاف الافدنة
لماذا: تتحمل الاجيال القادمة كل هذه الديون ولماذا كل هذا البذخ في شراء العتاد ؟
الرد:للحفاظ علي أمننا القومي و الدفاع عن أراضينا ضد أى إعتداء أجنبي و ضمان خصوصية قرارنا بعيدا عن نفوذ الاقوياء ثم أن الاصدقاء و الاخوة في السعودية و الخليج يتحملون عبء هذا العتاد و هي أمورغير مؤكدة تم تسريبها عمدا في غياب الشفافية .
ومع ذلك هل يعني هذا ضمان عدم ضربنا بقنابل إسرائيل النووية ..أو صواريخ روسيا و إيران العابرة للقارات ..أو قنابل البحرية الامريكية المحتلة للبحرين الابيض و الاحمر ..أو تحفظ الافارقة خوفا عندما يمنعون عنا مياة النيل أو منع تفجيرات الاسلامجية لانفسهم بين الامنين أو السيطرة علي كامل الارض الحدودية في الشرق و الغرب دون أن يهاجم الخارجون علي القانون جنودنا و ينحروهم !!.
هذا السؤال البديهي .. يجد إندهاشا غريبا من 90% من المصريين الذين إستعذبوا التعمية و أناشيد الانتصار الزائفة ..
ولكن البعض منا ستكون ردودهم ب (لا.. طبعا ) .. فالعتاد محكوم برغبات مصادر توريده .. و سماحاتها .. و تيسير الحصول علي قطع غيارها و ذخيرتها .
هل تسليح الجيش هكذا لامور الوجاهه ؟ أم لاشاعة نوبه صحيان و وهم تحقيق حلم محمد علي و عبد الناصر و دور مصر القديم بالمنطقة الذى أصبح مع تغير القوى مستحيلا؟.
إذا لم يبق إلا أن المصريين يضحون بالغالي و النفيس ليصبح لهم جيشا يباهون به الامم .. ولكنهم حتي في ذلك لا ينجحون.. فمن يديرون العالم يعرفون كيف يعوقون تقدمه ويجعلونه قوة هامشية في الصراع ، معتمدا علي سلاح وذخيرة وقطع غيار ليست من صنع أهله و ييسرون أن تستدين الحكومة لتسدد نفقاته وتقبل المعونات والصدقات من أجل أن توفر له معدات الأحلام ، كما لو كان الابن المدلل (الذى لا يرفض له طلبا ).. و يجعل أهله يستدينون ليشترون له موبايل للمنظرة أو بلاى ستيشن لن يستخدمه.
ومع ذلك وكما هي العادة عندما تكتمل ثقه الجيش في عتادة و سلاحة.. سنجدهم يجهزون له حروبا إقليمية لا ناقة لنا فيها و لا جمل خاضها من قبل محمد علي و عبد الناصر و السادات ... و سيخوضها من بيده الحل و الربط (إذا أراد من يمسكون خيوط تحريك الدمي هذا ) يدمرون له من خلالها سلاحة أو يستهلكونه .
لقد أصبح الجيش كما كان منذ 1952 .. المتسبب الاساسي للازمة الاقتصادية لضمان تزويدة بمعدات حديثة .. مهما ظهر للعامة أنه في خدمة ا لمجتمع سلما وحربا بواسطة شبكة أعمال تهيمن علي جزء واسع من حركة السوق.
فلنقرأ القصة و لكن أرجو الا تعتبرونها تأريخا فأنا لا أملك المعلومات التي تجعل هذا السرد تاريخا .. و لا تعتبرونها حقائق .. فأغلب ظنوننا عندما تسطع الاضواء تختفي .. و لا تعتبرونني متعاطفا و لا مضادا .. فكل من الحالتين رفاهية لا أطمع في تحقيقها في بلادنا ذات الانسان ذو البعد الواحد الذى تخرجة الات البث وأدوات الدعاية.
1- بداية الصراع ،عدوانا ثلاثىا .
بعد أن انقلب العسكر علي الملك فاروق و دان لهم حكم مصر ..لم يجد الصاغ عبد الحكيم معارضة تذكر ( من أعضاء مجلس قيادة الثورة ) عندما تم ترشيحه لمنصب القائد العام ، فلقد كان معروفا أنه أصغر من حصل علي اركان حرب بينهم من المحاولة الاولي دون رسوب أو اعادة .. وكان الزملاء خصوصا البكباشي جمال عبد الناصر يقدرون نبوغه العسكرى بالاضافه الي تصرفاته المتزنة اذا ما قورنت بانفعال و هوجه أعضاء مثل جمال او صلاح سالم.
القائد الجديد سرعان ما قام بتحويل عدد من الضباط ( العظام فوق رتبة بكباشي ) الي وظائف مدنية كذلك أغلب من كان لديهم ميولا راديكالية أو يسارية تفوق ريتم حركة مجلس قيادة الثورة و تسبب له الاضطراب
الضباط الذين تم التخلص منهم احتل عددا منهم وظائف في وزارة الخارجية ك سفراء أو ملحقين عسكريين ،البعض اصبح مديرا لمديرية ( محافظ ) أو في الصحافة ، الرقابة ،الاستعلامات ، المخابرات أو الاشراف علي مشاريع الثورة الجديدة مثل كورنيش النيل ، اصلاح شبكة المجارى في 100 يوم ، اقامة و ادارة الفنادق الخمسة نجوم ، تعمير الصحارى ( حتي لو لم تكن لديهم الخبرة الكافية).
كنت تجدهم في كل مكان بما في ذلك تأليف الاغاني والسينما و التمثيل الذى لم ينجو من أحمد مظهر و صلاح ذو الفقار ..و هكذا نالوا نفوذا و شهرة و دخلا مرتفعا و مميزات جعلت العديد منهم يفضل الوظيفة المدنيه و يسعي لها علي العسكرية
حرب 56 ( العدوان الثلاثي ) أظهرت كم تأ� �ر الجيش بغياب قادته .. فلقد تركت القوات سيناء دون قتال(الا قليلا) و لم يستطع المدافعون الصمود في بورسعيد ، و لولا انسحاب قوات الغزو لاسباب خارج قدرات الجيش القتالية لكان علي عبد الناصر ( لازالة اثار العدوان ) أن يغير من سياسته تجاه القوات المسلحة و قادتها.
صاحب انسحاب الغزاة دعاية و ضجة مذهلة و طفرة ثورية ( علي الورق و في الاذاعة ) غذتها الحان عبد الوهاب ، فريد الاطرش و مجموعة الشبان الصاعدين المتحمسين لانجازات جيش مصر من شعراء و ملحنين( مثل صلاح جاهين و كمال الطويل و اغنيتهم الشهيرة و لا زمان يا سلاحي ) فامتلكو الشارع و جعلوا من شعب بورسعيد أيقونات المقاومة ، ومن رجال الجيش و قادتة ابطالا...و من مصر قاهرة الامبراطوريات و مسقطتها .
الرئيس جمال عبد الناصر بعد جلاء القوات المعادية عن بورسعيد و سيناء فاقت شعبيته و حب الجماهير له ..شعبية و محبه أم كلثوم .. لقد جعلت الحرب منه بطلا يرتضيه الجميع زعيما من المحيط حتي الخليج وداعما للثوار و قضايا التحرر الوطني ليس في المنطقة فحسب بل بين سكان الاقطار التي كانت لا تزال تعاني من احتلال بريطاني أوفرنسي في طول العالم و عرضه .
الفرح و الحماس الزائد و المبالغه في التعبير و تحويل الهزيمة إلي نصر ( بواسطة المثقفين و الكتاب و الفنانين ) أقنعن ا كبارا و صغارا باننا قد حققنا نحن الامة المستضعفة الانتصار علي الامبرياليه والاستعمار وصنيعته اسرائيل
و كانت نتيجته ان أصبحت دماء المصابين و الام المضارين و جثث الشهداء هي درج المجد الذى ارتقي عليه سيادة المشير و رجاله ليحصل علي سلطات غير محدودة جعلته يتدخل في كل مناحي الحياة في مصر و تتحول العلاقة تدريجيا بين الشعب و الجيش الي علاقة الوصي (البالغ) علي المصريين الذين لازالوا في طورالطفولة.
ضباط جيش المشير عامر فاض عليهم الخير من كل اتجاه زادت المرتبات و البدلات ، استولوا علي المساكن التي تركها الاجانب بعد ترحيلهم ، استمتعوا بتسهيل� �ت الحصول علي سيارة بالتقسيط و أصبح لهم اولوية تركيب تليفون و من حقهم دخول اى نادى مصرى حتي لو كان الجزيرة او هليوبليس ليحلوا مكان الطبقه الارستقراطيه المزاحة أو يمتزجوا بها ..
و بسرعة شديدة التف حول القائد المنتصر شلة المنتفعين (بالانتصار المفترض) تتمتع بامتيازات تفوق اى مهنة اخرى بما في ذلك وضع اليد علي الفنانات و مصاحبتهن .
و زاد الانس و السهر و الحفلات و الاستئثار باستيراد الكماليات المحروم منها الشعب بما في ذلك الخمور الفاخرة التي كان مسموحا بتناولها في نوادى القوات المسلحة سواء في البار او حول حمامات السباحة.. حتي أصبح الالتحاق بالق وات المسلحة املا يسعي اليه الشباب طلبا لامان المستقبل و الحياة الرغدة.
لم تكن كل النتائج سلبية فلقد تغيرت توجهات الحصول علي السلاح و التدريب و الدعم الي المعسكر الشرقي الاشتراكي الذى كان يحاول أن يكسر طوق (الناتو) حولة .. و بدأت صفقات الاسلحة تتوالي باسعار رمزية وتسهيلات في الدفع ..وكان تتابع ورودها يرفع من روح القوات المعنوية و التدريب عليها يشغل القادة و الجنود بعد أن تغيرت اساليب القتال من العقيدة الغربيه التي تستخدم القوات المجمعه المتحركة الي العقيدة الروسية التي تعتمد علي القوات المستقره في تحصينات ثابته قويه .
الامور كانت شبه مثالية .. والانفاق رغم البغددة.. في حدود المسموح به مقارنة بحجم الانتاج القومي (وإن إستهلك انشاء التحصينات و مراكز القيادة في مسرح العمليات بسيناء جزء لا يستهان به من ميزانيات القوات المسلحة )..إلا أنه لم يكن يشكل حملا علي مجمل الاقتصاد الوطني .. في مقابل أن جيش مصر أصبح قادرا علي مواجهة العدو الصهيوني و الحد من خطورته في المنطقة .. رغم كل دعم الغرب له بكل إمكانياته ......حتي كانت حربنا في اليمن .
2- القومية العربية وحدة وإنفصال.
وهكذا لم تمر سنتين حتي كان الرئيس السورى شكرى القوتلي في القاهرة يطالب بوحدة فورية بين مصر و سوريا لتعلن الجمهورية ا لعربية المتحدة يوم 22 فبراير 1958بين الدولتين و في اطار يتسع لضم كل الشعوب الناطقة باللغة العربية و كان اول المنضمين بتلغراف خفيف الظل الامام احمد امام اليمن.
عندما زار عبد الناصر سوريا ما بعد الوحدة استقبل استقبالا اسطوريا لدرجة أن حملت الجماهير عربته بمن فيها علي أكتافها .. و لكن سرعان ما تحول هذا الشعوربسبب التعامل غير الحكيم من عبد الحكيم و مخابراته و رجال بوليسه الحربي و المظلات و الصاعقة الذين تصوروا انهم يحتلون الاقليم الشمالي.
لقد تصرفوا بتعالي المستعمر الاكثر تفوقا ناشرين المصريين في كل مكان فيما يشبه الاحتلال الاستيطاني.جيش الجمهورية العربية المتحدة الجديدة الذى كان يقودة عامر لم يكن متجانسا ففي سوريا لم تكن قد وصلتهم بعد العقيدة الشرقية في القتال و كانت القوات تعتمد علي أسلحة فرنسية قديمة و كان الضباط في أغلبهم لهم ميول سياسيه بعضها بعثي أو قومي و لم يكن قد تم تدجينهم بعد ويجدون دعما سياسيا و ماليا من اصحاب البنوك الخاصة و الشركات الصناعية .
أما قوات مصر فكانت ترى أن سوريا منفذا جديدا للامتيازات و بدلات السفر و تهريب البضائع خصوصا المكسرات و الفواكه و الاهم الحشيش الفاخر الذى كان تدخينه منتشرا بين بعض الضباط و السياسين .
و هكذا لم تقدم الوحدة جديدا للقوات المسلحة السورية التي بدأ ينتشر بينها شعورا بعدم الرضي ثم عدم التعاطف أو التسامح مع أخطاء الاخر وعندما سارعبد الناصرفي طريق الثورة (استكمالا للفورة التي صاحبت مقاومة العدوان الثلاثي ) بعد خمس سنوات من خروج القوات المغيرة ويضع ملامح الدوله الجديدة من خلال ميثاق العمل الوطني في يوليو 1961 و تأميم البنوك و الشركات وجد من الاقليم الشمالي مقاومه عالجها المشير بالسجون و المعتقلات ثم انتهت الي انقلاب عسكرى قام في 28 سبتمبر 1961( بعد ثلاث سنوات من الوحدة )
الاطاحة بالجمهورية الجديدة والانفصال جرح مشاعر الرئيس و المشير و طرد سوريا للمهاجرين و ا� �قوات المصريه أحدث أثرا سلبيا لم يندمل حتي الان .و طمأن العدو الاسرائيلي الذى كان يرى هذه الوحدة حصار له و كماشة عربية حولة.
3- نجدة سريعة لثوار اليمن .
الانفصال السورى و خوف النظامين السعودى و الاردني من انتشار المد الثورى القادم مع اذاعة صوت العرب بالقاهرة.. وحد جبهة الاعداء الملكيين ضد الثوار الجمهوريين و أدى الي رد فعل انفعالي عاطفي مصرى مؤيدا لانقلاب عبد الله السلال في سبتمبر 1962 باليمن بعد وفاة الامام أحمد و بداية حكم الامام بدر.
كما انه ادى الي الاسراع باستكمال ملامح الدولة المركزية الجديدة و تكوين الاتحاد الاشتراكي( الذى يضم تحالف قوى الشعب العاملة ) و مقاومة الاقطاع وترسية اقتصاد رأسمالية الدولة ( الاشتراكية العربية ) معيدا للمصريين الامل في مستقبل ترفرف عليه ديموقراطية ذات ملامح محلية و عدالة اجتماعية مرجوة .
جيش المشير عبد الحكيم عامر في ذلك الزمن رغم هزيمتين( 56والانفصال ) تسبب فيهما بعدم احترافيته العمل السياسي أو العسكرى الا انه كان من حيث التدريب و التسليح في أفضل حالاته لقد كان يمتلك سلاحا حديثا للطيران و فرقة أو فرقتين مدرعتين مهابتين و ثلاثة فرق مشاة ميكانيكي و مدفعية مسلحة تسليحا جيدا بالاضافة الي وحدات الدفاع الجوى و التي يربطها جميعها تكتيك رو سي يوظف استخدام الاسلحة المشتركه في المعركة ..مع القوات الخاصة من صاعقة و مظلات تم الاعتناء بتدريبها و لها مغامرات يتم تداولها سرا في الكونغو و غيرها من اماكن الازمات الاقليمية..هذا بالاضافة الي وحدات الاسلحة المعاونه مثل الاشارة و المهندسين و الحرب الكيماوية و ورش الصيانة و الاصلاح و وحدات الامداد و التموين بالاحتياجات .. لقد كان جيشا اعد بعنايه مستمدة من خبرات المعسكر الشرقي الذى لم يبخل بشيء علي جيش مصر(موقع القدم لنفوذ السوفيت في المنطقة) ولا علي قيادتها السياسية ( مالكة ملامح التحرر الوطني) رغم معاداتها للشيوعية و اعتقالها للشيوعيين المصريين.
الانقلاب العسكرى الذى قادة السلال ضد الامام بدر تجاذبته قوتان اساسيتان
الاولي(ملكية ) تتكون من حلف سعودى اردني دعم الامام المخلوع الهارب بالقوات و الاموال و الخبرة و المرتزقة من كل مكان تساندة (اى التحالف ) امريكا و دول الغرب لضرب النفوذ السوفيتي المستحدث بالمنطقة .
و القوة الاخرى (الجمهوري )التي تدعم القوات المحدودة التي يسيطر عليها السلال كانت دول المعسكر الاشتراكي و مصر بعد أن تحول انقلاب العسكر خلال عقد من الزمان الي ثورة تحمل ملامح قوميه بعثيه بعد تعديل الاولويات الي (( حرية، اشتراكية، وحدة )).
وهكذا في ظرف شهور م حدودة كان علي جيش عبد الحكيم عامر خوض حرب استنزاف باليمن استخدم فيها العدو تكتيكات حروب العصابات التي طورها جيفارا و هوشي منه و لم تصمد لها امريكا في كوبا أو فرنسا في فيتنام .
حول هذا الزمن التحقت بجيش عامر .. لقد كانت مصر تزهو بأبناء جيل الثورة و تأمل أن يتقدموا بوطنهم عن طريق التعليم و البحوث و التفوق لقد كانت هناك مشاريع لاستخدام التكنولوجيا النوويه و تصنيع الصواريخ( القاهر و الظافر ) و كان جيلي الذى يعد ليخرج منه العلماء من خلال البعثات للاتحاد السوفيتي و الكلية العسكريه الفنية و المصانع الحربية بعد أن ازيحت من امامه الارستقراطية الاقطا عية و الطبقات المعوقة و أصبح يتمتع بنتائج تفوقة سواء عن طريق مكاتب تنسيق القبول بالجامعه او اوامر التكليف للمهندسين عصب تطور المجتمع و نهضته ..
وهكذا عندما حصل المهندس الشاب حديث التخرج علي تقدير عام جيد جدا و امتياز في مشروع البكالوريوس كان يشعر لاول مرة برضاء من يجني ثمار سهره و جهده لخمس سنوات ففي ذلك الوقت كان علي الطالب أن يشقي و يبذل الجهد ليصبح متفوقا اذ لم تكن قد وجدت بعد مكاتب الاساتذة التي تبيع للطلاب مشاريع جاهزة للتخرج او دراسات الماجيستير و الدكتوراة لقاء اتعاب لا يقدر عليها الا متيسرى الحال و لم تكن ظاهرة احتكار المراكز ال اولي لابناء الاساتذة أو لرفقاء الجماعة قد استفحلت
4-- (حرية إشتراكية وحدة ) وجيل جديد
نحن الان في ربيع1962بعد أن أصبحت كلمات الميثاق في العقل و القلب و باليد..عن أن (( العمل حق، العمل واجب، العمل حياة )) أو (( الديموقراطية و الاشتراكيه جناحا الحرية )) لقد كانا الجيل الذى يحلم أبناؤه بمجتمع ينعم بعد طول استعمار بالحريه و العدالة الاجتماعية.
و لكن قناعات الفتي النظرية سقطت بعد أن وضع قدميه علي ارض الواقع الذى كان لازال متخلفا و غير متوافقا مع الطفرة الثورية التي بشرت بها الحان عبد الوهاب ، كمال الطويل ، الموجي .
لقد كان التعارض بين أ ساليب العمل و الادارة المتحفظة مع القيم الثورية لمسرحيات نعمان عاشور ، يوسف ادريس ، لطفي الخولى .. و مقالات الصحفيين و أشعار الفنانين و دراسات المثقفين في مجلتي الطليعة و الفكر المعاصر و منظمات الشباب تدفعه دفعا لنقد الواقع وعدم الاستسلام للتخلف .
بمعني لقد كان البناء الفوقي متقدما عن البناء التحتي الممثل في أساليب العمل و طرق الانتاج .. .. و هكذا انتفض الفتي و عصي و ذهب برجلية الي الكلية الحربية عسي أن يجد في حمي الجيش ما افتقدة بين المدنيين ليتخرج مع افتتاح 1964 ملازم أول مهندس و يبدأ رحلة (المرمطة ) في حب مصر.
بعد ستة شهور قضاها في مدرسة ا لمهندسين العسكريين بالحلمية كان علي الشاب الرحيل الي سيناء حيث كتيبة مهندسي الفرقه الثالثة.. وصل اليها بعد رحلة طويلة بالقطار للعريش ثم مع زملاء له في صندوق عربة زيل روسي الي جبل لبني من خلال مدق غير ممهد تسبب في ردمهم بالتراب
حياة الجيش ( في ذلك الزمن ) لم تكن سهلة فانت في وسط الصحراء عليك تأمين المياة و الطعام و اماكن المبيت لنفسك بالاضافة لهم كيف تمضي ايامك و لياليك بعيدا عن المدنية..
حياة الصحراء للفنانين تأمل للنجوم الواضحة بسبب عدم وجود تلوث المدن و احتكاك مباشر بالطبيعة ولكنها بالنسبة للجندى بيئة مستجدة علية التعامل معها بحشرات� �ا و ضواريها و ثعابينها و عقاربها .. عالم خاص خصوصا عند توقف مولدات الكهرباء بعد العاشرة توفيرا للوقود .
و مع ذلك فالاحتكاك بالبشر مختلفي الانتماءات الطبقيه متعة وخبرة غير محدودة .
جيش عبد الحكيم عامر لم يكن متزمتا لذلك كان من الممكن أن يجلس القائد تحت ضوء القمر البدر بين ضباطه حول زجاجة ويسكي قادمة من غزة يشربون (دون سكر ) و يتكلمون في كل شيء .. أو تقام حفلات ترفية تحضرها مغنيات و راقصات تسهر للصباح بالعريش رغم أن أغلب الضباط كانواحريصين علي الصلاة ..
علي الجانب الاخر كان الجنود و الصف ضباط لهم كانتين يبيعهم الشاى و القهوة و المشرو بات الغازية و يقضون وقتهم في الغناء أو تبادل النكات .. و لكن الجميع مع طابور الصباح يتحولون الي ضباط و جنود جيش مصر
جيش المشير عامر كما عاصرته كان مقسوما الي كتلتين رئيسيتين ..أحدهما في سيناء في مواجهه العدو الاسرائيلي تعد التحصينات و الملاجيء و حقول الالغام و تحبط اى محاولات اعتداء و قد تخوض معارك صغيرة فرعية ..
و الاخرى في اليمن في مواجهه العدو السعودى الذى يرسل جواسيسة و مرتزقته و الذين أغلبهم للاسف من الاخوان المسلمين الذين جندتهم المخابرات السعوديه لضرب مصر و ثورتها و شبابها علي الحدود اليمنية .
تجهيز ارض المعركة في سيناء ب عد تبني الجيش للعقيدة الشرقية التي تهتم بالتمسك بالارض عن طريق الخنادق و التحصينات استغرق كل جهد الوحدات الهندسيه هناك و استمر دون كلل لسنين طويلة .. حيث اشتركت شخصيا في انشاء تحصينات جبل لبني و ابو عجيلة و وادى خرم و الحسنه في سلسلة طويله من المعاناة و الصراع مع الصحراء ليست موضوعنا الان.
5- اليمن هل كانت نزهة ؟؟
اما في اليمن فلقد زاول رجال الجيش هوايتهم في التحول من جيش محارب الي جيش متاجر و كأن دروس الانفصال لم تكن كافية .. فالمشير منح بدلات مرتفعه للغايه لمن يذهب هناك بالاضافة الي ان الطائرات الناقلة لهم كانت تهبط في مطارات مصر دون المرور علي الجمارك .. و عملت شركات صناعة السجائر علي انتاج انواع خاصة بجنود اليمن توزع بدون مقابل و أصبح لمقاتلي اليمن مميزات الحصول علي شقة او تركيب خط تليفون .. و لاسرهم ترتيبات مميزة عند التعيين او الترقي .
لقد تحول الضباط و الجنود العاملين باليمن الي طبقة خاصة بعيدة عن مجتمعها الذى بدأ يعاني من زيادة تكاليف الحرب و يفقد قدراته الاقتصادية و يهمل في المرافق و تتوقف المصانع عن الانتاج بسبب نقص العملة الحرة و قطع الغيار و مستلزمات الانتاج .. لتنحدر مصر خطوة خطوة بعيدا عن تلك التي كانته قبل حرب اليمن.
جيش عامر الذى انهك في جبال اليمن و تم تعرض جن ودة للاغتيال و الشراك الخداعية السعوديه و خونة الاخوانية ،فقد وحدته و قدراته القتالية بل و اسلحته التي زودة بها الاتحاد السوفيتي و أصبح يعاني من ازمة اقتصادية حادة .. بحيث عندما قرر الزعيم ان يهدد اسرائيل كي يخفف الضغط علي سوريا كان من الصعب تصور ان عبد الحكيم عامر كان مستعدا .. رغم انه وعد ضباطه أمامي شخصيا قائلا (( انا عبد الحكيم عامر بقول اني قادر علي حماية مصر و تحقيق نصر في اليمن و نصر في سيناء )) لقد كانت احلام المشير التي تبخرت بعد اول ست ساعات من 5 يونيو اللعين وانهت حياته و سيطرته علي مصر و بشرها و إقتصادها ومنح الجيش خلالها مميزات لازالت مستمرة دون مساس رغم كل المتغيرات التالية.
6- نصف قرن علي الهزيمة
نصف قرن يمر علي هزيمة 67 و مازلنا ( للاسف ) لم نستوعب بعد دروسها القاسية مكتفين بأطلاق صفة النكسة عليها أو اعتبارها جولة خاسرة في حرب ممتدة لا تنتهي.
هزيمة يونيو تم تجاوزها بالنسبة لاغلب المصريين( خصوصا الشباب منهم) علي اساس أن عبور القوات المصرية لقناة السويس شكل المعادل الموضوعي الكافي لمحو الاثار .
بل قام العديد منا باسقاطها من ذاكرته و تجاهلها و تجاهل ضحاياها و نتائجها كأنها لم تكن ..فيما عدا هؤلاء الذين يستخدمونها للتدليل علي مدى غضب الخالق سبحانه علي حكام المنطقة المستبدين بهدف اعلاء النبرة الوهابية السعودية علي حساب القومية المصرية ذات النزعة الوطنية.
و هكذا ظلت أسباب هذا الانكسار كامنة دون تعديل بحيث أنه اذا ما تكرر ( نظريا ) اشتعال الصراع مع نفس العدو لعشرات المرات فالاحتمال الاكبر الا تختلف النتيجة الا في درجة و زمن السقوط.
فلنعيد قراءة الاحداث بعد مرور خمسون عاما .
الحرب (( هي فرض ارادة بالقوة )) بمعني أن هناك ارادة أو هدف لجهه ما لا يتحقق سلما فيلزم استخدام القوة لفرضه علي الاخر
هدف الحرب الغالب و المستمر تأثيرة خلال القرون الخمسة الماضية ( كما حدده بول كنيدى في موسوعته صعود و سقو ط القوى العظمي ) كان تمكين طرف ما من استغلال ثروات طرف اخر ( طبيعية كانت أو بشرية ) أى أن محرك معظم الجيوش خلال الخمسة قرون كان في الغالب فرض إرادة اقتصادية .. جيوش ابناء عثمان ، نابليون ، هتلر ، بوش تحركت لنفس الاسباب التي غزت من اجلها جيوش العالم القديم الاقطار المجاورة الاسكندر، سيزر ، ابن الخطاب ، تيمورلنك ، و هولاكو غزوا جيرانهم من اجل الماء ، المواد الخام ، العمالة الرخيصة ، السوق المستوعب ، الطعام المتوفر .. بما في ذلك تلك الحملات العسكرية التي تسربلت برداء الصليب ، الاسلام أو دعاوى نشر الحضارة .. لقد انتهت جميعها الي ما يشبه قطع الطرق والا ستيلاء علي البشر لبيعهم في أسواق النخاسة , أو نهب الثروات من ذهب ، مجوهرات ، مصنوعات ، أو استغلال موقع جغرافي به اماكن تستثمرمن أجل الربح أو البترول .. القوات الغازية الفرنسية ، الانجليزية ، الالمانية ، الامريكية (من بلاد الواق الواق ) كانت دائما ما تتحرك للقتال من أجل مكاسب منظورة لشعوبها.
فيما عدا هؤلاء الجنود الذين كانوا يتحركون علي أرض سيناء يوم 5 يونيو 1967 فقد كانوا استثناء للقاعدة ..
بمعني أنه عدا محاولة فرض ارادة فتح خليج العقبة و قناة السويس أمام البواخر الاسرائيلية و ما ترتب علي احتلال سيناء من استنزاف و استغلال ثرواتها اثناء الا حتلال .. فان صراع الجيشين لم يكن بسبب محاولة طرف منهما فرض موقفا اقتصاديا استغلاليا لصالحه علي الطرف الاخر .
و انما كان المصريون يحاربون تحت رايات القومية العربية و شعار ابعاد الخطر عن الجولان .. و المزايدة بتحرير فلسطين .. و كان الاسرائيليون يحاربون خوفا من فقد وطن استولوا عليه غصبا عام 1947 يحركهم الامل لفرض امر واقع يسمح باستمرار ما أصبح عليه الحال عن طريق القوة المسلحة.
حروب العدوان الاستعمارية واجهتها الشعوب بما اصطلح علي تسميته بالحرب العادلة اى حرب التحرر الوطني و المقاومة الشعبية التي خاضها تيتو و رفاقه و ديجول و انصاره ضد الاستع مار النازى في اوروبا ، أو هوشي منه و الجنرال جياب في اسيا ، أو كاسترو وجيفارا في امريكا اللاتينية و شهدت الجزائر و تونس لمحات منها في مواجهة مع الاستعمار الفرنسي
جيوش عبد الحكيم عامر الجرارة التي ملأت سيناء اعتبارا من 15 مايو 1967 هل كانت تخوض واحدة من تلك الحروب العادلة أم كانت تعد لحرب عدوانية .. بمعني هل كانت تسعي لاحتلال اسرائيل و رمي سكانها في البحر أم لتحرير فلسطين و اقرار نظام عادل لحياة مشتركة بين مواطنيها ..!!
لقد كانت القوات تتحرك بتعليمات غامضة غير واضحة لذلك عندما هزمت لم يكن مفهوما من الذى هزم .. هل هو الشعب الذى يخوض معركة تحرير وطني.. أم الراسمالية التي تطمع في توسيع مجالها الحيوى.. أم القيادة التي تبحث عن مجد وهمي تغذى به احلام القومية العربية و تضحي في سبيل أوطان الاخرين بابناءه و ثروتها .
غياب الهدف و ارتباطه بمصالح الشعب الذى يضحي بأفضل الابناء كان العامل الحاسم في السقوط المتتالي للقوات المصرية في سيناء .. لقد خاض الضباط و الجنود المعركة قسرا كما لو كانت قدر احمق الخطي كتب عليهم ..لذلك فلا عجب أن هرب معظمهم تاركين اسلحتهم ومواقعهم خلفهم بما في ذلك كبار القادة.
الهدف و المصالح هي القوى الدافعة لان يخوض البشر حربا قد تؤدى لوفاتهم لذلك عندما أجد أحد المه ووسين يتاجر بتحرير فلسطين و جعل القدس عاصمة الامة الاسلامية التي يحكمها خليفة ..أعجب من هؤلاء الصم العمي الذين لم يستوعبوا الدرس الاول للهزيمة...
ان تحديد الهدف من الحرب بدقة و هل هي حرب عدوانية باغية أم عادلة تحريرية .. وربطها بمصالح من سيخوضها هي القاعدة الاستراتيجية الاولي التي علينا ان نتعلمها من هزيمة 67.
فرض الارادة بالقوة يستلزم وجود أدواتها ..في زمننا لم يعد حماس الرجال و الخطب الرنانة و الاحاديث المنسوخة عن السلف الصالح هو القوة.. فالرجل الجالس امام الكومبيوتر يضغط علي ازرار فتنطلق الصواريخ العابرة للقارت ( تضرب الهدف بدقة، وقد تصل اليه بفروق لاتزيد عن عدد من الامتار ) لا يحتاج الامر للشجاعة او القوة و لا يتهدده العدو الا بصاروخ مماثل . انها منظومة متكامله اقتصادية ، سياسية ، اجتماعية ، تكنولوجية أدت الي أن يجلس مستر جونس في قاعة مكيفة يجرع كأسا من البراندى و يطلق صواريخه فتصيب عبد الله و عبد العزيز و ام ايمن و ام مسعود و هم لا يعرفون لماذا أو كيف حدث هذا.
في امكاننا امتلاك منظومة صواريخ متطورة لو توفرت الرغبة لدى اصحاب الدولارات البترولية و لكن ماذا سنفعل بها عندما تتغير القياسات و تخرج الي الدنيا منظومة احدث تساوى بين ما نملكه من سلاح و السيوف الخردة المرسوم� � علي اعلام السعودية و شعار الاخوان غير المسالمين . انها منظومة القوة المتكاملة التي نفتقدها
ان هذا هو ما حدث يوم الصراع الاعظم لقد كنا الشعب المتخلف المطحون في حرب طويلة باليمن مرهقة و مكلفة لا نمتلك اختيار سلاحنا و انما نمنح ( فقط ) ما يراه السوفيت مناسبا لا ندفع ثمنه و لا نشترك في تصنيع حتي ذخيرته أو قطع غياره .. لدينا عجز في الوقود جيشنا غير مدرب علي خوض حروب طويلة ممتدة أغلبه من الاحتياط الذين جيء بهم علي عجل دون ترتيب للوحدات التي سيلحقون عليها .
السعودية و الاخوان الملاعين يخلقون لنا المشاكل في اليمن و يوقعون جنودنا في كمائن حرب منهكة ويخفضون الروح المعنوية بدعاوى مضادة للنظام القومي الناصرى .. ببساطة لم نكن نملك ادوات المعركة بمافي ذلك قيادة جاهلة محدودة القدرات والخبرات العسكرية لا تستطيع مواجهة عدوين متربصين في نفس الوقت (السعودية و اسرائيل ) ومع ذلك كان قائد الجيش من الغيبوبة الاستراتيجية لدرجة انه صرح في مؤتمر للضباط بسيناء انه قادر علي حماية مصر و تحقيق نصر في اليمن و سيناء ..
ما اشبه اليوم بالبارحة اننا لم نتغير و لم نستوعب معني دراسة توازنات القوى للطرفين المتصارعين لتحيا فهلوة و تضليل رجال السلفية و الاخوان و سخافات تحرير القدس وتحويلها الي عاصمة الخلافة الم رجوة.
قياسات القوة تبدأ بقدرة مجتمع ما علي الانتاج و الاستقلال بمنتجاته الاستراتيجيه ( الطعام ، الملبس ، السكن، الدواء ) خارج ضغوط الاخرين .. ثم كيف تتطور منظومته الانتاجية لتصبح جزء من المنظومة العالمية المتنافسة و هذا لا يتم الا بالتعليم و البحث العلمي و حرية التفكير .. و هي امور توقف مدها المتصاعد الذى بدأ مع نهضة بداية القرن الماضي بعد انغماس المجتمع في تحقيق رغبات و مغامرات القيادة و احلامها القومية. .
المجتمع الحديث الذى يتمتع بالقدرة علي فرض ارادته هو مجتمع ديموقراطي حر يستخدم كل امكانياته لبناء نظام عادل تتساوى فيه الفرص و يعيش فيه الانسان آمن علي حاضره ومستقبله من خلال عقد اجتماعي عصرى يحترمه الجميع و دستور يؤسس للمستقبل ويخطط لبناء اقتصادى حر تتفتح فية قدرات البشر دون ان يسرق ناتج عملهم لصالح مجتمع اخر مستعمر .
التنظيم و الادارة هي ابجديات الزمن المنتصر الذى يهدى السلامة النفسية لمواطنيه من خلال عدالة اجتماعية و شفافية اتخاذ القرار تكسب المجتمع حيويته و قدرته علي التصحيح
في يونيو 67 كانت حدود قدراتنا مسورة برغبة القيادة التي لم يشغلها الا مجد وهمي يدور حول القومية العربية و الدعوة لفعل ثورى يسقط ملوك الجاز و اباطرته الذين تحالفوا مع العدو الامريكي الصهيوني للخلاص من عبد الناصر ..
نتائج الحرب كانت ثقيلة .. عدو يربض علي حدود القناة يمنع الاستفادة منها و ثروات سيناء مستنزفة و مرافق مستهلكة ولا امل في اصلاحها و مصانع متوقفه بسبب ندرة العملة الحرة لشراء قطع غيار و مستلزمات الانتاج و شعب محبط مساق زهرة شبابه الي التجنيد ليحرم سوق العمل منهم و تقدم العالم حولنا يتسارع بوتائر لا يمكن اللحاق بها لتصبح مصر امة تضم شعب شديد التخلف شديد الرجعية لا امل له في اللحاق بالركب الانساني
ان قضايا الحرب و السلام لا تترك للضباط و انما هي عمل سياسي من الدرجة الاولي يجب الا ينفرد به العسكر المحترفين هذا هو درس الهزيمة الثاني الذى لم يستوعب بعد .
انظر حولي اليوم في الذكرى الخمسين لهزيمة مجتمعي و ضياع حلم التواجد بين الامم الصاعدة حول البحر الابيض المتوسط فأجد أن الاحداث المصاحبة للحدث و ما بعده من محاولات التغلب علي اثار الانكسارة قد فشلت بركود دام لاربعة عقود استسلمنا فيها لاستعمار ثلاثي الاطراف اسرائيلي ، سعودى ، امريكي .. و ان المستقبل لا ينبئ بان اهلي قد تعلموا من الحدث أو انهم في طريقهم الي مواجهة النفس بعيوبها و الحركة في اتجاه المعاصرة بل العكس لقد قرر المجتمع ان يستدير للخلف و يعود ادراجه الي منطقة هجرت منذ الف و اربعمائة سنة ليعا� �ي ظلمات الشريعة و انغلاق العقل ، و ديماجوجية خطابية تجعل الهبل و المتخلفين و سفلة القوم يخططون لانهاء تواجد مصر التاريخي لصالح اموال البترول القذرة.
إنه تماما ما خططت له اسرائيل وامريكا منذ أن صرح عبد الناصر انها جولة خسرناها من ضمن عدة جولات تالية ، وصرح السادات انها اخر الحروب مع اسرائيل ونام مبارك في حماية القوات الدولية الامريكية و قال المرشد وفيها اية لما اخوة لنا مسلمين يحتلون سيناء أو الشلاتين أو سيوة
كلما تصورت ان العربات المدرعة الاسرائيلية كان بامكانها انهاء حياتي و أن دمي لم يكن ليحجب الاستعمار السعودى للعقل المصرى و الا ستعمار الصهيوني لسيناء و الاستعمار الامريكي للارادة المصرية ..اكتشف أن عمرى قد ضاع هدرا و أن هزيمة 5 يونيو لازالت تعيش بيننا لم نتجاوزها .. ولن نتجاوزها في الغالب في القريب العاجل .
-----
تعليقات
إرسال تعليق