المؤامرة .. نظرياً وواقعياً
المؤامرة .. نظرياً وواقعياً
صلاح الدين محسن 22-6-2016
يتردد كثيراً السؤال " هل تومن بنظرية المؤامرة " ؟ , بنفس طريقة من يسأل : " هل تؤمن بوجود الجن والعفاريت" !؟
المؤامرة ليست شيئاً خرافياً , ولا هي بالضرورة وهماً نفسياً . او وسواساً قهرياً . ومن الممكن منع استخدامها كشماعة تعلق عليها الخطايا والأخطاء والآثام
قبل أن ندلي برأينا في موضوع السؤال عما اذا كانت توجد بالفعل مؤامرة دولية ضد دول وشعوب المنطقة الناطقة بالعربية , الواقعة تحت سيف ما يشبه " قضاء وقدر" خريطة شرق أوسطية جديدة لها , بتقسيمها , بعد تدميرها , واعمال القتل وتشريد الآلاف , والملايين من شعوبها
يهمنا في البداية نود التركيز علي شيء هام , هو :
في حالة وقوع كارثة فوق رأس أمة . واكتشاف وجود مؤامرة , تقف وراء ذلك , سواء جاءت من الخارج أم نبتت من الداخل . فعلي ولي أمر البلاد ان يستقيل من منصبه . لان من مهامه , الانتباه واليقظة لافشال وابطال اية مؤامرة قد تحاك ضد بلاده , وصدها صداً مبكراً من قبل وقوع الدمار أو الاذي .
فان أغفل المسؤول , أو تقاعس أو أهمل ... أو تواطأ .. فهنا يجب محاكمته ومجازاته علي قدر ما جري من الأضرار أو الدمار
ومن غير المعقول , أن يتنصل من المسؤولية بقوله : لقد كانت هناك مؤامرة ..
والرد عليه : وأين كنت !؟ يجب أن تتحمل المسؤولية ؟؟
أما عن صحة وجو المؤامرة – سابق الحديث عنها - فنقول :
المؤامرة بشكل عام , شيء طبيعي تماماً . قد يحدث في داخل الأسرة . وفي العائلة . بأن يتأمر بعضها أو غالبيتها , ضد البعض أو ضد فرد .
وكذلك قد تحدث مؤامرة علي مستوي قرية – من داخلها أو من خارجها - ,, وعلي مستوي ما هو أعلي من القرية , حتي نصل الي امكانية حدوث المؤامرة , داخل الدولة الواحدة . وبالطبع علي مستوي دول منطقة ما , وكذك علي مستوي العالم . مؤامرة تحيكها بضع دول ضد دولة معينة , أو ضد بعض الدول الأخري ..
هذا شيء طبيعي ...
ثم ياتي للسؤال : هل توجد مؤامرة ضد دول الشرق الاوسط ( ولاسيما الناطقة بالعربية ) !؟ .
لمن لا يدري , أو لمن يتظاهر ,أو يوهم الآخرين بان الاعتقاد في وجود مؤامرة هكذا , هو محض وسواس قهري . أو اصطناع شماعة , لتعليق الاعذار والتبريرات فوقها . لتبرئة أنفسنا أو لتبرئة أولي الامر فينا .
نذكر هؤلاء باحدث تاريخ المؤامرة علي دول وشعوب المنطقة الناطقة بالعربية . فمنذ النصف الأخير من القرن الماضي , وحتي أوائل هذا القرن . حدثت المؤامرات التالية :
1 – عندما وقعت هزيمة وكارثة 5 يونيه 1967 ببطولة الزعيم الراحل " عبد الناصر " . أعلن الرئيس الامريكا وقتذاك " ليندون جونسون " نجاح مؤامرته – خطة اصطياد الديك المختال بمنطقة الشرق الأوسط – لدحر عبد الناصر , وكسر أنفه - .
وعندما خف وفد من وجوه الزعماء الناطقين بالعربية . لمقابلة الرئيس الأمريكي " جونسون " . استقبلهم ومعه كلبه .. وعندما اقترب منهم بدأ المقابلة بالتحدث الي كلبه قائلاً له " من يهدد جيرانه الطيبين , ماذا يستحق !؟ " – ويقصد بذلك تهديد عبد الناصر لاسرائيل . التي تتعهد أمريكا بضمان بقائها . ( الواقعة رواها " محمد حسنين هيكل " باحدي مقالاته بجريدة الأهرام . بعد هزيمة يونيه 1967 ) .
2 – عندما أرادت أمريكا توريط " صدام " في حرب . أوعزت لسفيرتها في بغداد . بان توسوس للزعيم العراقي , بانه لا توجد اتفاقية دفاع مشترك بين أمريكا والكويت . أي أن الطريق مفتوح امامك لغزوالكويت ...
وابتلع " صدام حسين " الطعم , مثلما ابتلعه عبد الناصر في عام 1967 .. وأقدم " صدام " علي غزو الكويت , معتبراً ما قالته السفيرة الامريكية , هو ضؤ اخضر .. ! وكان ما كان .. دمر العراقيون الكويت , ثم شارك كويتيون في غزو وتدمير العراق بعد ذلك بمشاركة القوات الأمريكية في غزو العراق . في عهد جورج بوش الابن .. ولا يزال شعب العراق يدفع تعويضات للكويت .
3 – مؤامرة " صناعة شرق أوسط جديد " .. القاصي والداني يعرفون بوجود خريطة أعدتها امريكا وحلفاؤها ..
4 – مؤامرة داعش .. لدعش العراق وسوريا . بدأت تلك المؤامرة . بأن ترك جيش العراق , مواقعه في مدينة الموصل . وانسحب لأجل الدواعش القادمين من تركيا . بالاتفاق مع أمريكا واسرائيل , وبتمويل السعودية وقطر والكويت .
مؤامرات محلية :
1 - تآمر عبد الناصر مع ضابط يمني " عبد الله السلال " لاسقاط النظام في اليمن . ( بعدما أقام علاقات طيبة من نظام الامام اليمني ! . ودرّسوا لنا في بالمدارس المصرية , في الخمسينيات من القرن الماضي , عن علاقة إتحاد - اتحاد لا وحدة - بين مصر واليمن ) ! .
2 - تآمر عبد الناصر , مع البعث العراقي لاسقاط النظام لشيوعي غي العراق . بقيادة عبد الكريم قاسم . ( كان لدي عبد الناصر لاجيء سياسي بعثي اسمه " صدام حسين " هو الذي قاد العراق فيما بعد ’ علي طريق الدمار , كما قاد عبد الناصر , مصر , علي ذاك نفس الطريق مرتين , عام 1956 و 1967 ..
3 - تآمر عبد الناصر , مع ضابط سوداني إسمه " جعفر النميري " لعمل انقلاب , وقيام نظام موالي له . يوافقه علي مشروعه الوحدوي , وسياسته الجارية وقتذاك , في الانفتاح علي الاتحاد السوفييتي ومعاداة دول الغرب .
4 - تآمر عبد الناصر مع ضابط سوري لاسقاط نظام البعث , الذي انقلب علي الوحدة . وذاك الضابط عاش في مصر وتدرب فيها علي الطيران الحربي , ثم عاد لسوريا – كبعثي – وترقي حتي وصل لمنصب وزير الدفاع , ثم قلب نظام الحكم . ( كان قد تم نفيه إلى مصر (1959-1961) خلال فترة الوحدة بين سوريا ومصر التي لم تدم طويلاً . انه " حافظ الأسد " .
مؤامرات من الخارج بتواطؤ من الداخل :
1 - مؤامرة أمريكا مع الجيش . لادخال حزب ديني في انتخابات الرئاسة . وتزويرها ليفوز الحزب الديني . مقابل مبالغ سنوية تدفعها أمريكا للجيش تحت اسم مساعدات عسكرية ( تمويل أجنبي .. ) .
المؤامرة داخل الوطن الواحد :
1 - مؤامرة ابن أمير خليجي علي أبيه , فأطاح به , واستولي علي السلطة – 27 يونيو 1995 .. ثم تكرر سيناريو التآمر من ابنه ضده . بتخطيط من أمه الاميرة , ليتولي ابنها الحكم . فأطيح بزوجها الأمير , مثلما أطاح بأبيه من قبل ! , التآمر أخذ طابع الاكراه في بدايته , ثم تحول الي شكل التراضي وتنازل الأمير لابنه عن الحكم في 25 يونيو 2013 . : حدث هذا في قطر ..
2 - مؤامرة مجموعة رجال سُلطة عبد الناصر , بعد رحيله وتولي نائبه " السادات " خلفاً له . . باشاعة الفوضي ضده في أحد الاجتماعات . ولكن فريق آخر تآمر مع السادات وساعده علي أخذ زمام المبادرة والقبض عليهم واعتقالهم – ما سمي بحركة التصحيح 15 مايو 1971 , وتم تعديل الاسم لتكون " ثورة التصحيح ".
3 - عندما تتحالف انجلترا في بدايات القرن الماضي – وأمريكا من بعدها – مع عائلة , لتحكم تلك العائلة دولة , وتستأثر لنفسها بخيراتها دون باقي الشعب . وتصادر حقوق الانسان ببلدها , وتمول الارهاب في مختلف انحاء العالم .. وتتعهد أمريكا وانجلترا بحماية وبضمان بقائها نظام تلك العائلة .. رغم ذلك ! . بشرط أن تحفظ تلك العائلة مدخراتها في بنوك أمريكا وأوربا - عائلة أل سعود - .
تلك اسمها مؤامرة . مؤامرة علي أمن وامان العالم , ومؤامرة علي حقوق وحرية شعب بأكمله . انها أسوأ وأقبح مؤامرة .
كانت تلك نماذج سريعة من المؤامرة .
فهل سيستمر البعض في توجيه السؤال : هل تؤمن بنظرية المؤامرة !؟
علي هامش الموضوع : أما لماذا تتآمر أمريكا وأوربا . ضد الدول الناطقة بالعربية .. فهذا موضوع آخر . له مبرراته , التي لا تنحصر فقط في مصالح اقتصادية وامنية وسياسية , كلا .. بل وأيضاً للأخذ بأكثر من ثأر قديم جداً – ووسيط وقريب الحدوث - مستحق لاناس ضد اناس آخرين .. وذاك يرجع لما قبل التاريخ الميلادي . ومروراً ببدايات التاريخ الهجري . وتواصلاً حتي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي . وهذا موضوع طويل وشائك ( ثأر وثأر معاكس ) , يطول شرحه . ولعلنا قد أشرنا اليه من قبل - باختصار علي نحو ما – في بعض من مقالاتنا السابقة .
============
تعليقات
إرسال تعليق