‫كتابات مختارة - 5 كيف تمارسون الجنس المقدس والروحاني

‫كيف تمارسون الجنس المقدس والروحاني
تأليف: جولي بيات
ترجمة: رسلان جادالله

مقال : رسلان جادالله
 
الحوار المتمدن 2024 / 3 / 25 - 12:21
 

الجنس المقدس هو عكس الجنس في المجتمع الحديث؛ إنه طاقة قوية للغاية يمكنها أن تفتح مجالا من العلاقة الحميمة في علاقتكم مع من تحبون، لم تكونوا تعلمون بوجودها من قبل!

تأليف: جولي بيات
ترجمة: رسلان جادالله
*
تقديم من المترجم:
في هذه المقالة، وبناء على تجربتها الخاصة كما تقول هي نفسها، تقدم لنا جولي بيات صورة جد مختلفة عن الجنس، فهنا الجنس ليس عيبا ولا حراما ولا رجسا، ولا هو شر لا بد منه، ولا هو نشاط استهلاكي، وليس مجرد حاجة طبيعية أو متعة، بل، وبعيدا جدا عن كل ذلك، هو "مقدس" أو هو "الجنس المقدس" (Sacred Sexuality) أو "الجنس الروحاني" (Spiritual Sex)، وفيه يتم النظر إلى العلاقة الجنسية كميدان نشاط روحاني سماوي، وإلى الممارسة الجنسية كتواصل مع المقدس والإلهي (the divine)!
مثل هذه الرؤية قد تكون مفاجئة، أو مدهشة، أو حتى صادمة بالنسبة للكثيرين، ولكن في واقع الأمر ما تتحدث عنه جولي بيات ليس جديدا قطعا على مسرح التاريخ، فمثل هذا المنظور للعلاقة الجنسية عرفته بشكله العام ثقافات عديدة في العالم القديم، ولاسيما في ما يعرف بعقائد الخصب، ومثل هذه الثقافة مايزال لها امتدادها التاريخي المستمر حتى اليوم، ونجد ذلك على سبيل المثال في مذهب التانترا الهندي، وأيضا في الطاوية الصينية، وإن اختلفت المقاربات؛ واليوم مثل هذه الثقافة يعاد إحياؤها في العالم المعاصر، ولاسيما في المجتمعات المتقدمة الليبرالية، حيث تنمو وتتسع تقاليد جنسية تتعامل مع الجنس كمقدس، ومن أشهرها "النيوتانترا" (Neotantra)، أي "التانترا الجديدة".
هذا المقال نشرته جولي بيات في 25 أكتوبر-تشرين الأول 2022 بالإنكليزية على موقع "MindBodyGreen "، وما تقوله يصلح كخطاب لكل من الرجل والمرأة ويدعوهما لأن يختبرا مثل هذه التجربة المختلفة جذريا في الجنس.
وختاما، يجدر التنويه أن ترجمة ونشر هذا المقال لا تعتبر تبنيا لمضمونه بالضرورة، ولكنها تأتي في سياق المساهمة في تعريف القارئ العربي بالتنوعات المختلفة، والمثيرة جدا للاهتمام، في ميدان الجنس في العالم، وهي تترك لهذا القارئ أن يتخذ منها الموقف الذي يشاء، ولكن بشرط أن يتعامل مع ما تقدمه بتسامح ويقاربه بأسلوب تأملي مترو.
ومع ذلك فلا بد أيضا من القول أن مثل هذا المنظور للعلاقة الجنسية، أي اعتبارها علاقة مقدسة، هو في المحصلة منظور جد راق وجد جميل، إذا ما نظرنا إليه هو نفسه من منظور إنساني عقلاني تحرري، وهو يمكنه أن يكون دافعا أو عنصرا مساهما فعالا في تطوير ثقافة جنسية إنسانية عصرية رفيعة، تليق بمجتمع إنساني حضاري حديث.
*
من هي جولي بيات؟
في التعريف بجولي بيات (Julie Piatt)، المعروفة أيضا باسم "سريماتي" (SriMati)، وزوجها ريتش رول (Rich Roll) (وهما متزوجان منذ عام 2003)، كمؤلفـَي لكتاب "طريق الطاقة النباتية: وصفات طعام كاملة وإرشادات للعائلة بأكملها"، المنشور عام 2015، والرائج في مبيعاته، يرد في صفحة الكتاب على موقع "كتب غوغل":
ولدت جولي بيات في كولورادو ونشأت في ألاسكا، وأمضت عقودا من الزمن في العديد من الأسفار المختلفة ودراسة العديد من التقاليد؛ إنها فنانة نهضة حقيقية تعبر عن صوتها الإبداعي كشيف نباتي، ومغنية وكاتبة أغاني، ويوغية، ونحاتة، ورسامة، ومرشدة روحية، ووالدة تعليم منزلي لأربعة أطفال.
وعن ريتش رول:
هو خريج جامعة ستانفورد وكلية الحقوق بجامعة كورنيل، وهو رياضي معروف في ميدان القدرة الفائقة على التحمل القائمة على النظام النباتي، ومؤلف رائج المبيعات، ومتحدث تحفيزي، ومدافع دائم عن الصحة والتغذية النباتية.
ويعيش ريتش وجولي مع أبنائهما الأربعة في ماليبو كانيون خارج لوس أنجلوس.

*
وفي مقالها آنف الذكر تقول جولي:

أكبر مفهوم خاطئ عن الجنس هو أنه قذر أو حرام أو خطأ؛ في الحقيقة! الجنس مقدس! لكن ليس بالطريقة الدينية؛ (ورغم ذلك، وأرجو منكم ألا تفهموني خطأ، فإذا كان هذا هو ما تفضلونه، فهذا يحبطني)؛ ولكن باعتباره طاقة كونية خالصة، فالجنس كفعل جسدي يوفر اتصالا مباشرا بالإلوهية.
وأعتقد أننا كنا نتعامل معه بطريقة خاطئة لفترة طويلة جدا؛ وهذا ما تعنيه ممارسة الجنس الروحي المقدس.

الجنس والروحانية: كيف يرتبطان؟
بناء على تجربتي الشخصية، أقول أن الطاقة الجنسية والروحية والإبداعية هي في الواقع أجزاء من كل واحد؛ وإذا تم التعبير عنكم إبداعيا، فسيتم التعبير عنكم جنسيا.
وإن كنتم في تدفق الجنس التعبيري، فأنتم تعلمون أن الله يجب أن يكون له يد في ذلك؛ والإبداع يدور حول التواصل الروحي.
إن الجنس هو وظيفة أساسية للإنسانية، وله دور كبير في الصحة البدنية وحيوية الجسم؛ والجنس أيضا هو قوة كونية هائلة يمكنها دمج روحكم (جوهركم الإلهي) مع جسدكم؛ وهو ارتداد (هبوط بالروح) وارتقاء (صعود بالجسد) يلتقيان في القلب في انفجار الحب النقي.
ولكن لتجربة الجنس بشكل كامل بهذه الطريقة الإلهية، علينا أن ننخرط فيه في محفل إلهي.

ما هو الجنس المقدس؟
الجنس المقدس يتعارض تماما مع ما تقدمه ثقافتنا كتجربة جنسية في المجتمع الحديث، حيث يركز الجنس بالكامل على الخارج.
إنه تشييء لشكل العلاقة، غارق في الخيال، يُشاهد من الخطوط الجانبية كما يفعل "المتفرج" خلال عرض المواد الإباحية، ويتم فيه تناسي الجسد البشري الدافئ الذي نتواصل معه.
ومن المؤكد أن هذا المنهج المستخدم على نطاق واسع سينتج هزة الجماع، التي يمكنها أن تكون حيوانية وقصيرة (22 ثانية في المتوسط)؛ لكن تجربة الجنس بهذه الطريقة تأخذنا بعيدا عن الحاضر، الحاضر الذي هو الحقيقة الوحيدة الموجودة بالفعل، كما وتأخذنا خارج أنفسنا، في حين أن الكأس المقدسة -أي الجنس باعتباره شراكة مع الروح- هي إمكانية موجودة داخلنا في أي وقت، وفي كل وقت.
وفي الثقافة المعاصرة يعتبر الجنس أكثر التجارب المرغوبة، فلماذا؟ ذلك لأننا إلى نسعى إلى مثل هذا الارتباط مع الإلهي، ولأنه يسمح لنا بالتعالي بأنفسنا بطريقة لا تفعلها أي تجربة أخرى؛ ونحن نعلم أن هناك إمكانية أن يكون الجنس تحويليا ومغيّرا للحياة.
وقد كنا نتوقع فقط أن يعطينا الجنس ما هو قليل جدا لفترة طويلة جدا؛ لكنه طاقة قوية للغاية، ولديها إمكانات أكبر مما نعرف لتكون قوة مذهلة في حياتنا؛ فماذا لو أن الجنس، باعتباره مقدسا، يمكنه أن يفتح مجالا من العلاقة الحميمة في علاقتكم مع من تحبون لم تكونوا تعلمون بوجودها من قبل؟

كيفية ممارسة الجنس المقدس
دعونا نخطو إلى الإثارة الجنسية (sexiness) بطريقة جديدة تماما؛ وتجدر الملاحظة أنه ليس من الضروري حكما أن يكون لديكم شريك لممارسة الجنس المقدس، إذ يمكنكم التحليق بمفردكم.
1- تواصلوا مع روحانياتكم
اعترفوا بأننا كائنات روحية ولدينا تجربة إنسانية، وأنكم خلقتم بمخطط إلهي!
واعترفوا بأن الجنس جزء من هذه الروحانية! هل تشعرون بالذنب أو الإحراج؟ من فضلكم لا تفعلوا ذلك؛ فالجنس رائع، مدهش، مذهل، طبيعي، جامح، مثير، ومهيب؛ وبموافقة الشريكين وضمن حدود عالمَي كلا منها، يجب أن تتم ممارسة الجنس بحرية.
2- قرروا أن تنظروا إلى شريك حياتكم على أنه إلهي
تقبلوا أنه إذا كنتم أنتم تعبيرا إلهيا عن هذه القوة، فإن شريككم هو كذلك أيضا؛ نعم، ذلك الشخص الذي يزعجكم ويتحداكم باستمرار؛ لذا قوموا بتوسيع فهمكم وتخلّوا عن كل أحكامكم حول ذلك الشخص الذي قدمه الله ليكون توأم روحكم.
واعتنوا بفعل الجنس كعبادة لشريككم وتمثيل مقدس للإله، وبصرف النظر عن اختلاف تصوراتكم حول هذه الأمور؛ فسوف تجنون ما تزرعونه، فقوِّموا عضلة التفاني الخاصة بكم، والعبوا هذا الدور إلى أن تنجحوا فيه.
ومن خلال حمل هذه الرؤية الأسمى لشريككم، فأنتم سوف تحبونه في أفضل تعبير عن تصميمه الإلهي، وهذا هو حقا المبدأ الإلهي في العمل؛ نعم، فأنتم الآن تقومون بدور المعالِج.
3- اخلقوا البيئة التي يمكن أن يزدهر فيها الجنس المقدس
أشركوا حواسكم؛ ابحثوا عن ملاءة ناعمة وجميلة مخصصة فقط للاتحاد مع من تحبون؛ رشوا بتلات الورد في جميع أنحاء المكان؛ أشعلوا الشموع؛ وشغلوا الموسيقى؛ وأنا أوصي بالحصول على صوت لحن مطرد من أحد التطبيقات لتأمين خلفية محايدة تشجع على الشفاء وتعزز الأجواء الروحانية.
4- جهزوا جسمكم
استحموا أو اغتسلوا، فالنظافة ضرورية للقاء الإلهي.
زينوا جسدكم بالزيوت، وصففوا شعركم، وارتدوا قطعة من الملابس المكرسة لهذا المكان، رداء أو ثوب داخلي مثلا، أو أي شيء آخر تشعرون أنه يهيئ جسدكم وروحكم للقاء؛ وبالنسبة للمرأة: ضعي المكياج الذي يجعلك تشعرين بأنك في أفضل حالاتك، وحتى ارتدي الحلي إذا كانت تجعلك تشعرين بمزيد من التركيز الروحي.
5- ابدؤوا ممارسة الجنس المقدس بطقوس الزيوت العطرية
عندما تكونان جاهزين، ادخلا دائرة البتلات الوردية.
ضما عيناكما الثالثتين (third eyes)(2) معا، وتنفسا ست مرات شهيقا وست مرات زفيرا.
وتناوبا على دهن بعضكما بالزيوت العطرية مثل أعواد الصندل والورد، وضعا الزيت على قمة رأسيكما، وعينيكما الثالثتين، ومكان القلب، والأعضاء التناسلية.
6- اتبعوا حدسكم الجنسي
افتحوا أنفسكم لاستكشاف الحميمية الجنسية بأي شكل تشعرون فيه بدافع للقيام بذلك، ودعوا كل جلسة تكون فريدة ومميزة بحد ذاتها.
وتذكروا أن التواجد بشكل كامل في اللحظة الحاضرة أثناء ممارسة الجنس يعني أن يكون لدينا وعي كامل بكينونتنا في هذه اللحظة بالضبط؛ وتدربوا مع شريككم على النظر في عيون بعضكما البعض، وابقيا في حالة شعور بكل لحظة، وانغمسا في الشعور العميق بهذه التجربة.
وإذا كنتم غير متأكدين من أين تبدؤون، فكروا بدمج ممارسات الجنس التانترية؛ فالتانترا (Tantra) هي ممارسة جنسية تجمع بشكل جميل بين الجنس والروحانية.
7- اختبروا النشوة الجنسية المقدسة
عندما تصلون إلى ذروة النشوة، تدربوا على سحب تلك الطاقة إلى قلبكم؛ واشعروا بتحرر النشوة الجنسية (الارتقاء) واسحبوا ذاك النعيم في نفس الوقت إلى قلبكم (الارتداد)، وتصوروا نفسكم وشريككم متصلين داخل نجمة سداسية ثلاثية الأبعاد؛ وبالنسبة لممارسي الجنس المقدس الأكثر خبرة، فقد ترغبون في تجربة الوصول إلى النشوة الطاقوية (energy orgasm)(2).
8- مارسوا الرعاية اللاحقة الفاخرة
في لحظات ما بعد الانتهاء شاركوا شريككم أفكاركم ومشاعركم حول تجربتكم، وهذه ممارسة تُعرف بالرعاية اللاحقة (aftercare)؛ استمتعوا ببعض الشوكولاتة الداكنة اللذيذة؛ اضحكوا على تحدياتكم مع هذا النهج الجديد، واستمتعوا بالتجربة الموسعة لعلاقتكما الحميمة.

*
حواشي من المترجم:
1 - العين الثالثة: في بعض التعاليم الروحية والميتافيزيقية، يُعتقد أن لدى الإنسان عين ثالثة تقع بين العينين العاديتين، وهي عين غير مرئية، وعادة ما يتم تصويرها على أنها تقع في منتصف الجبهة، أعلى بقليل من تقاطع الحاجبين، وهي تعتبر في هذه التعاليم مركزا للفهم الحدسي والمعرفة الروحية، وتوفر إدراكا يفوق الرؤية العادية؛ وهذه العين قد تسمى أيضا عين العقل أو العين الداخلية.
2 - النشوة الطاقية: وفقا لمذهب التانترا (Tantra) جميع النشوات هي انفجار أو إطلاق للطاقة المكبوتة؛ وتدل "النشوة الطاقية" أو "الأورغازم (orgasm) الطاقوي" على تجربة موجات مكثفة من المتعة والنعيم التي ليست جنسية موضعية فقط، ولكنها تنطوي أيضا على تدفق وانتشار الطاقة في جميع أنحاء الجسم، وهذا النوع من النشوة يتضمن فصل تجربة النشوة عن التلامس الجنسي، ويمكن للشخص تجربته مع شريكه أو بمفرده، ويعتقد أن هذا النوع من النشوة الجنسية أكثر شمولية ويمكن أن يؤدي إلى حالات عميقة من الاتصال والصحوة الروحية والتحول الشخصي، والأمر يتعلق بتجربة النطاق الكامل للطاقة الجنسية، بحيث تكون النشوة الجنسية أكثر من مجرد تجربة جسدية.

#رسلان_جادالله (هاشتاغ)   
    ------- 
تعليق صلاح الدين محسن , علي المقال : 
  العداء - الظاهري - للجنس , سواء في الشرق أو بالغرب .. مرجعه : العقائد الابراهيمية الثلاثة ..

____________________________

تعليقات